أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

معركة الوعي (103): 1) انتبه! إنهم يتجسسون عليك الآن…

حامد اغبارية

منذ الكشف عن فضيحة تجسس الشرطة الإسرائيلية على شخصيات رسمية وسياسية وإعلامية وموظفين كبار وناشطين على اختلاف أنواعهم يحاول المستوى السياسي الإسرائيلي الظهور بمظهر البريء الذي أصيب بصدمة، ولجأ إلى ذات اللعبة التي يتقن ممارستها دائما: هناك جهاز فشل وارتكب أخطاء وتجب محاسبته، وهناك ضرورة لتشكيل لجنة تحقيق… تلك السمفونية التي ما نفتأ نسمع صوتها النشاز، وكأن المستوى السياسي لا ذنب له، وكأنه لا يتحمل المسؤولية!! وكأنه يقطر براءة ونقاءً!        نذكّر من نسي أن نتنياهو شخصيا كان قد أعطى الشرطة، في يوم تنصيب القائد العام السابق للشرطة؛ روني ألشيخ، الضوء الأخضر لاستخدام كل الوسائل التكنولوجية للتجسس على خلق الله، بل حضّها حضًّا وخضّها خضًّا ودفعها دفعا، وشدد عليها تشديدا، كي تفعل ذلك دون تردد. فكان نتنياهو بصفته ممثلا للمستوى السياسي والمسؤول الرسمي الأول عن عمل الشرطة بصفته رئيسا للحكومة هو المسؤول الأكبر، دون أن يعلم أنه سيأتي يوم يكون فيه هو (وأسرته) الضحية الأكبر لعمليات التجسس الشرطية، تماما كما تفاخر كثيرا يوم نجح في تعيين مندلبليت مستشارا قضائيا للحكومة ووصفه بأنه أفضل اختيار، دون أن يعلم أنه هو- ولا أحد غيره- سيقدّم ضده لوائح اتهام.

وما شأننا نحن؟ قد يسأل سائل! دعهم يلتهم بعضهم بعضا، فالتجسس الشرطي لم يكن ضدنا كفلسطينيين في الداخل، بل ضد شخصيات إسرائيلية.

من السذاجة أن نفهم الأمر بهذه الصورة وبهذه السطحية.

أولا: ما خرج إلى العلن حتى الآن هو طرف كرة الثلج. معلومات قليلة جدا إذا ما قورنت بالحقيقة الكاملة. فنحن كمجتمع فلسطيني وُضعنا تحت مجهر المؤسسة الإسرائيلية منذ 1948 ولغاية هذه اللحظة دون أن تترك لنا متنفسا للحظة واحدة.

ثانيا: من الجيّد أن نتذكر ونذكّر أننا وُضعنا تحت سطوة الحكم العسكري قرابة 20 سنة، لكن رفع الحكم العسكري عنا لم يكن نهاية المطاف، فقد نُقلت مسؤولية التجسس علينا ومراقبتنا والتضييق علينا وعدّ أنفاسنا من يد الجيش إلى إيدي الشرطة والمخابرات.

ثالثا: بطبيعة الحال لم تمض سنوات طويلة تجعلنا ننسى- ربما- كيف أن الشرطة وأجهزة المخابرات تجسست لسنوات طويلة على أجهزة هاتف شخصيات قيادية وناشطين ومسؤولين على رأسهم الشيخ رائد صلاح والشيخ كمال خطيب والدكتور سليمان أحمد وناشطين في خدمة المسجد الأقصى، وقيادات من تيارات وأحزاب أخرى. فما الذي يجعلك تعتقد أن هذا الأمر توقف الآن؟! إطلاقا لم يتوقف… بل هو مستمر ومكثف…

إن كانت هذه الجولة من معركة التجسس تتركز (إعلاميا على الأقل) على شخصيات إسرائيلية فلا تتفاجأ غدا أن تُكشف ملفات أخرى يتضح منها أن التجسس علينا هو استراتيجية رسمية تُعتبر تفصيلات ملف التجسس الحالي مجرد بروفة إلى جانبها.

لقد تعاملت معنا المؤسسة الإسرائيلية منذ أنشئت عام 1948 على أننا حالة أمنية تشكل خطرا وجوديا عليها، ولذلك تأتي عمليات المراقبة والمتابعة والملاحقة والتجسس وعدّ الأنفاس من أكبر المهمات التي تقف على رأس سلم أولويات الحكومات الإسرائيلية بكافة أجهزتها.

 

2) وماذا بعد يا ….؟؟؟!

إن كنت لا تريد أن تصدّق أن الكنيست مجرد لعبة قذرة أورثتنا المذلة، حتى أنها هبطت (بالنسبة للعربي الفلسطيني في الداخل) من مجرد منبر احتجاجي إلى مسخرة يدفع شعبُنا ثمنها بتوقيع أعضاء الكنيست العرب، فلا تصدّق، أنت حرّ! عنَّك ما صدقت!! بعد كل هذه المشاهد العبثية والمهينة والمذلة، وبعد هذا المستوى الهابط من الأداء السياسي الذي يخجل منه مبتدئ في عالم السياسة، أظن أنه لا يوجد شيء يمكن أن يقنعك، ولكن- رجاء- لا تتصدر المشهد وتفرد عضلات فكَّيْك ضد المعارضين للكنيست واللي خلَّفوها.    ما حدث في جلسة الكنيست يوم الاثنين من هذا الأسبوع بخصوص التصويت على قانون منع لمّ الشمل، أو ما يسمونه هم “قانون المواطنة” فيه الكثير الكثير مما يجعلك تتمسك بأسنانك وأظافرك بالموقف الأصيل، حتى لو وضعوا السيف على عنقك.

وفي هذه الحالة لا فرق بين أعضاء الكنيست من الموحدة وزملائهم (اللزم) من المشتركة. فهم في المشهد سواء وفي الأداء أسوأ. إذ لا فرق بين الانسحاب من الجلسة بهدف تمرير القانون وحفاظا على الائتلاف، كما فعلت الموحدة، وبين اللعب بالبيضة والحجر والورقات الثلاث كما فعلت المشتركة.

لقد أشبعونا عنتريات يوم أوهموا السذج من أبناء مجتمعنا أن في إمكانهم تحصيل حقوق وشحشطة الذيب من ذيله! ولكنهم بدلا من ذلك ازدادوا غرقا في أوحال ملعب السياسة الإسرائيلية. وفي هذه لا صابون نابلس ولا شامبوهات دكتور فيشر ولا كريمات بنينا روزنبلوم يمكنها أن تنظفهم… جميعا…

ما زلت أؤمن أن أكبر خطيئة ارتكبها من تصدروا المشهد السياسي منذ 1948 ولغاية اليوم، من الذين صنعتهم آلة الدجل الإسرائيلية على عينها، هي دخول الكنيست الذي هو أشبه ما يكون بالدخول إلى عش الأفاعي الذي كلّما غرقوا فيه أكثر ازداد فحيحها علينا ونفثت سمومها في وجوهنا. ذلك أنه بعد الدخول في جحر الضب يكون ما بعده أسهل، سواء في مضمون الخطاب أو السلوك والأداء وامتلاك القدرة على الكذب والخداع وتجميل القبيح أو المشاركة في الائتلاف وما يتبع ذلك من إدخال مستقبلنا في مزاد علني على مذبح المشروع الصهيوني.

3) من يوم وقعت الفأس بالرأس

مُضحك مشهد عزام الأحمد وهو يتأتئ ببيان المجلس المركزي غير الشرعي الذي تلاه (بصعوبة) على الملأ بعد يومين من “المداولات” في رام الله المحتلة من سلطة دايتون.

ومضحكة بصورة مأساوية تلك “القرارات” التي تضمنت سحب الاعتراف بالمؤسسة الإسرائيلية إلا إذا… ومعه وقف التنسيق الأمني.

لقد سمعنا مثل هذا الكلام كثيرا. ونعلم أنكم تعلمون أننا نعلم أنكم كذابون بدرجة بروفسور. وتعلمون أننا نعلم أنكم تعلمون أن شعبنا لم تعد تنطلي عليه هذه المسرحيات التافهة التي لا هدف من ورائها إلا امتصاص الغضب الشعبي الذي يغلي كالبركان في الضفة الغربية الواقعة اليوم تحت احتلالين: احتلال صهيوني منذ 1967 واحتلال سلطة دايتون منذ 1993.

أنتم لا تملكون من أمركم شيئا. إن أحدكم لا يملك أن يعبر من حاجز عسكري صهيوني بكرامة، ولا يمكنه أن يفعل ذلك إلا بعد أن “يتشرشح”، فهل تملكون إلغاء اتفاقيات فرضت عليكم أصلا، وبعتم من خلالها القضية من أجل بقائكم جاثمين على صدور أبناء شعبنا؟

إن هذه “القرارات” لا تساوي الحبر الذي كتبت به، لأنها لن تخرج إلى حيّز التنفيذ، بل إلى حيّز التنفيس!! وتكفي مكالمة واحدة من غانتس أو رئيس الشاباك كي ينتهي كل شيء.. أتظنون أن شعبنا لا يعرف الحقيقة؟

الحقيقة الوحيدة أنكم تسببتم في كل هذا الذل لشعبكم (إن كنتم أصلا تعتبرونه شعبكم!!) طوال أكثر من ربع قرن. لقد وقعت الفأس بالرأس يوم وقّع كبيركم على صكوك الذل عام 93، ولم يعد في الإمكان فعل شيء.

أنتم عبء على الشعب والقضية. والشيء الوحيد الذي يمكنه أن يضع حدا لهذه اللعبة القذرة التي يدفع شعبنا ثمنا لها من دماء أبنائه هو أن ترحلوا… أن تختفوا من المشهد.. ووعد من فلسطيني حُر: إذا انقلعتم فإن الاحتلال الصهيوني سينقلع.. بل سيُقلع…

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى