أخبار رئيسيةأخبار عاجلةعرب ودولي

دير الزور… حراك شعبي لطرد الإيرانيين من شرق الفرات

يحاول أكثر من 50 ألف نازح سوري استعادة قراهم ومنازلهم التي تسيطر عليها مليشيات إيرانية في ريف دير الزور الشرقي، شمال نهر الفرات، في المنطقة التي باتت تُعرف بشرق الفرات، وتخضع معظمها لـ”قوات سورية الديمقراطية” (قسد) المدعومة من التحالف الدولي ضد الإرهاب.

وخرج، أمس السبت، أبناء سبع قرى قد هُجروا من بيوتهم، في تظاهرة حاشدة في بلدة العزبة، في ريف دير الزور الشرقي، للمطالبة بخروج المليشيات الإيرانية من قراهم، في خطوة تعيد الأوضاع في هذه القرى إلى واجهة مشهد المحافظة التي تتقاسم السيطرة عليها العديد من الأطراف الفاعلة في الملف السوري.

ريف دير الزور: رفض للوجود الإيراني

ونشرت شبكات إخبارية محلية مقاطع فيديو تظهر جانباً من هذه التظاهرات التي توجهت إلى قاعدة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في حقل كونيكو للغاز، لمطالبة التحالف بمساندة الأهالي لطرد المليشيات الإيرانية، وإعادة المهجرين إلى قراهم وإنهاء معاناة النازحين. كما نشرت مقاطع أظهرت عربات عسكرية للتحالف الدولي وسط المتظاهرين.

وأوضحت مصادر محلية، أن القرى التي تسيطر عليها المليشيات الإيرانية شمال نهر الفرات، هي: حطلة، الزغيّر، مرّاط، الحسينية، مظلوم، طابية جزيرة، وخشام.

وأشارت المصادر إلى أنّ سكان هذه القرى نزحوا إلى مناطق تحت سيطرة “قسد”، خشية قيام قوات النظام السوري بتنفيذ عمليات انتقامية بحقهم، بعد استعادة القرى السبع من تنظيم “داعش” أواخر عام 2017.

ولفتت المصادر إلى أنّ الشعارات التي رفعت في التظاهرة “تدعو كلّها إلى خروج الإيرانيين، ليس من هذه القرى فحسب، بل من سورية كلّها”.

وقالت المصادر إنّ المليشيات الإيرانية “تعبث بهوية محافظة دير الزور بأكملها”، مضيفة: “إنهم (الإيرانيين) يحاولون، ترهيباً وترغيباً، فرض عقيدة دينية طارئة على الناس. نريد العودة إلى قرانا خالية من أي وجود إيراني. نريد من التحالف الدولي مساعدتنا في ذلك”.

أهمية استراتيجية للإيرانيين والنظام

وتعليقاً على هذا الحراك، لفت الباحث السياسي فراس علاوي، في تصريحات صحفية، إلى أنّ للقرى السبع “أهمية كبيرة، كونها تقع على المدخل الشمالي من مدينة دير الزور مركز المحافظة”، مشيراً أيضاً إلى قربها من حقل كونيكو للغاز الذي تسيطر عليه قوات أميركية.

ورأى علاوي أنّ قوات “قسد”، وإن كانت لا تحرك النازحين عن هذه القرى للخروج بتظاهرات مطالبة بطرد النظام والإيرانيين منها، لكنّها لا تمنعهم من التظاهر، مبيناً أنّ هذه القرى “تعتبر رأس حربة لأي محاولة تقدم مستقبلية للسيطرة على المنطقة، سواء من قبل الروس أو النظام والإيرانيين، وقد حدثت محاولات سابقة للتقدم لكنها فشلت جميعها بسبب الوجود الأميركي”.

وذكّر الباحث السياسي بأنّ هذه القرى السبع “استراتيجية للإيرانيين” الذين “لن يخرجوا منها بسبب تظاهرات، على الرغم من أهمية ما يقوم به الأهالي للتذكير بحقهم في العودة إلى منازلهم” بحسب رأيه.

وسبقت التظاهرات في ريف دير الزور تظاهرات أخرى كانت خرجت في بلدات تحت سيطرة “قسد” في محافظة الرقة غربي دير الزور، لأسباب تتعلق بتردّي الحالة المعيشية.

وشرح الناشط الإعلامي أبو عمر البوكمالي، الموجود في ريف دير الزور الشرقي، أن تنظيم “داعش” الذي كان قد سيطر على أغلب محافظة دير الزور في عام 2014 “قام بتسليم القرى السبع لقوات النظام والمليشيات الإيرانية قبل أن تصل قسد إليها”، مؤكداً “عدم حصول مواجهات (بين داعش وقوات النظام والمليشيات الداعمة لها)، بل تسليم واضح”.

وأوضح البوكمالي أنّ المليشيات الإيرانية تسيطر على كامل ريف دير الزور جنوب نهر الفرات، أو يُعرف محلياً بـ “الشامية”، مشيراً إلى أنّ 40 بلدة ومئات القرى تقع تحت سيطرة هذه المليشيات أو مليشيات تابعة للنظام، من البوكمال على الحدود السورية العراقية شرقاً، إلى منطقة التبني غرباً عند الحدود الإدارية بين دير الزور والرقة.

وأكد الناشط الإعلامي أنّ السيطرة الإيرانية كاملة على مدينة البوكمال وريفها جنوب النهر، بدءاً من بلدة الصالحية غرباً وحتى الحدود السورية العراقية، معتبراً أنّ هذه المنطقة التي تضم 11 قرية كبيرة وقرى صغيرة “هي معقل المليشيات الإيرانية الأبرز والأهم” في المنطقة.

وبيّن البوكمالي أنّ هناك نفوذاً مختلطاً بين الروس والإيرانيين في ريف دير الزور الغربي، في بلدات المسرب والتبني وعياش والبغيلية، مشيراً إلى أنّ مدينة الميادين وقلعة الرحبة ومزارع عين علي والبوكمال هي منطقة نفوذ إيراني بلا منافس، موضحاً أنّ أبرز المليشيات الإيرانية الموجودة في هذه المنطقة هي: ألوية “فاطميون” و”زينبيون” و”أبو الفضل العباس”.

أما عن عدد السكّان الذين لا يزالون يعيشون في ريف دير الزور، فأشار البوكمالي إلى أنهم كانوا يبلغون أكثر من مليون نسمة قبل عام 2011، موضحاً أنّ عددهم اليوم لا يتجاوز 200 ألف نسمة في القرى والبلدات التي تقع تحت سيطرة المليشيات الإيرانية.

نفوذ مختلط

وتضم محافظة دير الزور، ثاني أكبر المحافظات السورية مساحة (33 ألف كيلومتر مربع)، أغلب الفاعلين في الملف السوري، كالإيرانيين والروس والأميركيين والنظام وقوات “قسد” وتنظيم “داعش”. وتخوض هذه الأطراف صراعاً على المحافظة التي تضم كبريات حقول وآبار النفط والغاز في سورية.

وتتواجد القوات الأميركية في ريف دير الزور الشرقي، حيث تحرس حقول النفط من قواعد لها، خصوصاً في حقل العمر، وهو أكبر وأهم حقول النفط في سورية، وحقل كونيكو للغاز، وحقل التنك، فيما يتواجد الروس في مدينة دير الزور وفي مطارها العسكري، وفي بعض المناطق في ريفها الغربي.

وللنظام وجود رمزي وخدمي في مدينة دير الزور، بينما الحضور الإيراني طاغٍ في المنطقة الممتدة من مدينتي الميادين التي تضم مركزاً ثقافياً ينشط في نشر التشيّع بين السكان، إلى مدينة البوكمال على الحدود السورية العراقية.

من جهته، ينشط تنظيم “داعش” في بادية المحافظة مترامية الأطراف، والتي تصل إلى الحدود الإدارية مع محافظة حمص، وتتصل مع بادية الأنبار العراقية. وينفذ التنظيم في هذه المنطقة عمليات تصل أحياناً إلى عمق المناطق الخاضعة للمليشيات الإيرانية، والتي تتعرض مواقعها بشكل دائم أيضاً لقصف جوي من طيران التحالف الدولي.

أما قوات “قسد”، فتسيطر على جلّ ريف دير الزور شرقي نهر الفرات، والذي يتصل جغرافياً مع ريف الرقة الشرقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى