أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

لنحذر (لعبة السيد)!!

الشيخ رائد صلاح

(لعبة السيد) هو مصطلح معروف كان ولا يزال رهينًا لكل حالة صراع بين الظالم والمظلوم، سواء كان هذا الصراع على خلفية استعمار أو احتلال أو سلب حقوق، وفي كل هذه الحالات حرص الظالم على اختراق دائرة المظلوم، وحرص على تجنيد فئة من المظلومين بلغة الإغراء كي يكونوا صوته الذي يدافع عنه بين المظلومين، بهدف أن ينقل الصراع بينه وبين المظلومين إلى صراع داخلي بين المظلومين، وبذلك يستنزف وقت المظلومين في هذا الصراع الداخلي بينهم، ويستنزف إراداتهم وقدراتهم، ويفكك إرادة المظلومين الجماعية التي يجب أن تبقى صفًا واحدًا لمواجهة الظالم، وهكذا يربح الظالم أطول عمر لظلمه، الذي لا محالة سيزول، ولكن بدل أن يزول بعد عقود فإن الظالم بناء على هذه المكيدة التي عُرفت بإسم (لعبة السيد) يطمع لنفسه أن يمتد ظلمه إلى قرن من الزمان أو أكثر. هكذا حاول التمييز العنصري الأمريكي الظالم أن يخترق دائرة السود المظلومين، لينقل الصراع بينه وبينهم إلى صراع داخلي بين السود المظلومين!! وهكذا حاول نظام التمييز العنصري في جنوب أفريقيا!! وهكذا حاول الاحتلال البريطاني في الهند، والإحتلال الفرنسي في الشام، والاحتلال الأمريكي في العراق، والاحتلال الروسي في أفغانستان.. والقائمة طويلة.

وما يشاهده كل عاقل اليوم أن المؤسسة الإسرائيلية الظالمة تحاول اليوم نقل الصراع بينها كمؤسسة ظالمة وبين جماهيرنا في الداخل الفلسطيني كجماهير مظلومة، من صراع بين الظالم والمظلوم، إلى صراع داخلي بين المظلومين، بمعنى نقل الصراع على حقوقنا المسلوبة بين المؤسسة الإسرائيلية الظالمة التي سلبت ولا تزال تسلب هذه الحقوق إلى صراع داخلي بين جماهيرنا المظلومة في الداخل الفلسطيني، ولذلك فقد رأيت من الواجب أن أسجّل هذه الملاحظات:

1- إن سياسة غض الطرف عن آفة العنف التي عصفت بنا والتي تبنتها المؤسسة الإسرائيلية، وإنّ غض طرفها عن انتشار السلاح الأعمى بيننا، كان يهدف من ضمن ما كان يهدف إلى نقل الصراع من صراع بين المؤسسة الإسرائيلية الظالمة وبين جماهيرنا المظلومة في الداخل الفلسطيني إلى صراع داخلي بين هذه الجماهير الصّابرة المظلومة المنهكة وفق جدلية (لعبة السيد).

2- (القائمة المشتركة) قائمة معروفة اختارت لنفسها الانخراط في انتخابات الكنيست، وهي قائمة تجمع بين ممثلين عن الجبهة والتجمع والحركة العربية للتغيير، ومن الواضح أن لهذه القائمة أقوالها وأعمالها ومواقفها، والذي يحكم هذه القائمة في الأساس أنها ليست (معصومة) وبما أنها ليست (معصومة) فليس من المُحرم دينيًا ولا وطنيًا نقدها بشرط أن يقوم هذا النقد على أدب النقد، وأن يتجنب هذا النقد محاذير التكفير والتخوين والتجريح، ثم بشرط ألا يقود نقدها إلى أن نورط أنفسنا في (لعبة السيد)، بمعنى أن ننقل- نحن المظلومين- الصراع بيننا وبين المؤسسة الإسرائيلية الظالمة إلى صراع داخلي بين المظلومين. ولذلك يجب أن يتسع صدر (القائمة المشتركة) لأدب النقد، ويجب أن ينضبط الناقد بأدب النقد، ويجب أن تحرص (القائمة المشتركة) وكل من ينتقدها على عدم التورط في (لعبة السيد) وفق دلالة هذه اللعبة التي شرحتها في الأسطر السابقة، وهكذا يمكن أن نهضم أي نقد للقائمة المشتركة سواء وافقت عليه هذه القائمة أو عارضته. وهكذا يجب أن نستمع بأريحية إلى الناقد الذي يقول: تعثّرت (القائمة المشتركة) عندما أوصت بالجنرال غانتس رئيسًا للحكومة الإسرائيلية، أو عندما شارك عضو الكنيست أيمن عودة في المؤتمر الصهيوني في أمريكيا… إلخ والأمثلة كثيرة ومعروفة!! ولكن مرة أخرى أقول بشرط أن نحافظ على أدب النقد، وأن نحرص على عدم توريط أنفسنا وتوريط جماهيرنا في (لعبة السيد).

3- ما ينطبق على (القائمة المشتركة) ينطبق على (القائمة الموحدة) التي تمثل مندوبين عن الحركة الإسلامية الجنوبية وبعض المستقلين، فهي قائمة غير (معصومة) وما دامت كذلك فهي قابلة لنقدها ونقد أقوالها وأعمالها ومواقفها، ولكن بشرط أن نحافظ على أدب النقد، وأن نحرص على عدم توريط أنفسنا وتوريط جماهيرنا في (لعبة السيد). ولذلك يجب أن نتقبّل بأريحية قول الناقد إذا قال أو كتب: إن (القائمة الموحدة) تعثّرت عندما شاركت في ائتلاف حكومي إسرائيلي يقف على رأسه بينت. أو أن د. منصور عباس تعثّر عندما أدلى بتصريحه الذي وافق فيه رواية يهودية الدولة!! وتعثر عندما أدلى بتصريحه الذي وافق فيه للمجتمع الإسرائيلي أن يصلي عند حائط البراق لأن حائط البراق جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك!!… إلخ والأمثلة كثيرة ومعروفة!! ولكن مرة أخرى أقول بشرط أن نحافظ على أدب النقد، وأن نحرص على عدم توريط أنفسنا وتوريط جماهيرنا في (لعبة السيد).

4- إن ما ينطبق على (القائمة المشتركة) و (القائمة الموحّدة) ينطبق على سائر الحركات والأحزاب في الداخل الفلسطيني، فكلها ليست (معصومة) ولذلك هي قابلة للنقد وفق أدب النقد، ويجب أن تتسع صدورها لمن ينتقدها مع الحرص على ألا نورط أنفسنا ولا جماهيرنا في (لعبة السيد).

5- إن ما شاهدته من مشادّات كلامية ساخنة، عندما شاركت في اجتماع (لجنة المتابعة) الأخير في النقب، وإن ما أفرزه انتخاب جمعة الزبارقة مركّزًا للجنة التوجيه (الذراع الرسمي للجنة المتابعة في النقب) من مشادّات كلامية ساخنة، وإن ما باتت تشهده مواقع التواصل من تراشقات كلامية ساخنة، بين مؤيدي هذه القائمة وتلك، أو بين مؤيدي هذا الحركة وتلك، أو بين مؤيدي هذا الحزب وذاك، إن كل هذه التراشقات الكلامية الساخنة تجعلني أصرخ من قحف قلبي وأقول: على رسلكم يا كل جماهيرنا في الداخل الفلسطيني!! على رسلكم يا كل الأحزاب والحركات والمواقع ووسائل الإعلام المختلفة في الداخل الفلسطيني، لتتسع صدورنا لبعضنا، وفق شرط (أدب النقد)، ووفق الحرص على ألا نورط أنفسنا وألا نورط جماهيرنا في (لعبة السيد)!!

6- ما أكثر همومنا، وما أكثر حقوقنا المسلوبة، وما أكثر أوجاعنا، فلنرحم أنفسنا.

7- اللهم إني بلغت اللهم فإشهد.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى