أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

النجاح للجميع والفشل ليس يتيمًا

ساهر غزاوي

في الحديث عن الانتصار البطولي الذي حققه الأسير الفلسطيني، هشام أبو هواش بعد 141 يومًا من الإضراب عن الطعام، رفضًا لاعتقاله الإداري، فإنه في واقع الأمر لا تستطيع أي جهة رسمية أو حزبية أو شعبية كانت أن تنسب الانتصار لنفسها، كما لا يحق لأي جهة أن تنفي أي دور مهما كان صغيرًا ومتواضعًا لأي شخص أو جهة ما، أو تقلل من أي جهد بُذل لنصرة قضية الأسير الهواش، ففي حقيقة الأمر كل الجهود مُقلة في نصرة قضايا أسرى الحرية أمام صمود وبقاء الأسير هواش على موقفه خلال فترة اضرابه عن الطعام حتى أجبر الاحتلال على الرضوخ لمطالبه بنيل حريته ليكمل انتصارات سابقة حققها أسرى آخرون في مواجهة سياسة الاعتقال الإداري التعسفيّة.

ما كشفته صحيفة “يديعوت أحرونوت” مساء الأربعاء، أن الاحتلال الإسرائيلي اختار تجنب المواجهة مع قطاع غزة في قضية الأسير هشام أبو هواش، بعدما تأكد أن الفصائل المقاومة في القطاع لديها نية حقيقة للدخول في مواجهة انتصارًا للأسير هشام أبو هواش الذي كان يصارع الموت من أجل نيل حريته، له دلالة واضحة على أن قواعد اللعبة قد تغيرت ولم يعد الاحتلال الإسرائيلي يتحكم فيها كيفما يشاء وبحسب رغبته، مع الإشارة المهمة هنا إلى أن تحركات مكوكية سبقت اعلان انتصار الأسير الهواش في معركة الأمعاء الخاوية، من المخابرات المصرية ورئيس المخابرات الفلسطينية اللواء ماجد فرج مع السلطات الإسرائيلية كلها تصب في اتجاه تجنب دخول أي مواجهة تتحول بشكل شبه مؤكد إلى جولة عسكرية عنيفة في مع قطاع غزة والضفة المشتعلة منذ أسابيع التي من شأنها أن تنهي المستقبل الوظيفي لـ “سلطة أوسلو”.

وفي العودة إلى أصل الموضوع، فإنه من غير المستحسن أن يبقى منا من يكرر مقولات مستهلكة مثل “النجاح له ألف أب أما الفشل فهو طفل يتيم”.. فهذه المقولات وإن كانت تصف أحيانا واقع الحال، فإن التعامل معها يفرق صف ما يخدم مصالح شعبنا وقضاياه المصرية، ويضعف الموقف الحق ويشتت الجهود المبذولة للنهوض في نصرة سائر قضايانا العادلة وعلى رأسها قضية أسرى الحرية، وإن كانت متواضعة جدًا، في وقت يحتاج فيه شعبنا إلى المزيد من الوحدة أمام تحديات جسّام تستهدف وجودنا وقيّمنا وثوابتنا الإسلامية العروبية الفلسطينية، ويحتاج إلى المزيد من رصّ الصفوف والالتفاف حول نصرة القضايا المصيرية التي لا يختلف عليها إلا من اختار نهجًا وسلوكًا سياسيًا مخالفًا لا يصب إلا في مصلحة مشاريع الأسرلة والاندماج والانسلاخ عن هويتنا وعن شعبنا القابع خلف جدار الفصل العنصري وعن امتدادنا العربي والإسلامي.

لا ننسى أيضا في هذا السياق، أن اعتداء قوات الشرطة الإسرائيلية السافر على شبان متظاهرين في مدخل مدينة أم الفحم، مساء الأحد الماضي، خلال تظاهرة مساندة للأسير هشام أبو هواش وضد سياسة الاعتقالات الإدارية واعتقال عددًا منهم من ضمنهم قاصرين، إلا لمنع تنامي وانتشار ظاهرة التضامن الشعوري لدى فلسطيني الداخل مع أبناء شعبهم الفلسطيني القابعين خلف جدار الفصل العنصري ومع القضايا العادلة التي تعبر عن الرفض القاطع لنهج الأسرلة والتدجين والاعتراف بيهودية الدولة!!

إن الصوت الوحدوي الجامع غير المتنكر أو النافي لأي جهد يبذل نصرة لقضية أسرى الحرية أو أي قضية مصيرية عادلة لا يختلف عليها إلى من انحرفت بوصلته الوطنية وتنكر لثوابته الفلسطينية العروبية الإسلامية، قد عبّر عنه الشيخ كمال خطيب؛ رئيس لجنة الحريات بقوله: “بورك كل نشاط، كل موقف وكل وقفة أيًا كانت الجهة التي تقف وراءها نصرة لأسرى شعبنا عمومًا والمعتقلين الإداريين خصوصًا”.

نعم بوركت كل الجهود لأن ظاهرة التنامي والاسناد الفلسطيني وغير الفلسطيني لأسير الحرية هشام الهواش كانت بمثابة الزاد الكبير الذي يمده بالصمود والصلابة والبقاء على موقفه بقوة وصبر، ومكنت إرادته الحرة أمام قسوة الإضراب عن الطعام لمدة 141 يومًا أن يحقق هدفه ومطلبه التي هي مطالب كل أسرى الحرية والتي أعادت قضية الحركة الأسيرة، وتحديدًا قضية الاعتقالات الإدارية إلى الواجهة رغم كل التحديات.

ختاما، فإن تحريك قضية الأسير هشام أبو هواش والمساهمة بمده بالجهد المعنوي من أجل تحقيق انتصاره على السّجان الإسرائيلي لا يقتصر على جهة معينة ولا يحق لأي أحد أن ينسب الانتصار لنفسه وينفي أي جهد عن غيره في نفس الوقت، فهي نقاط قوة تضاف لصالح قضايا شعبنا العادلة والمنتصرة، والنجاح والانتصار للجميع والفشل ليس يتيمًا أيضًا والكل يتحمل مسؤوليته، وليكن حرصنا جميعا دون استثناء على ألا نسجل في الحاضر والمستقبل نقاط الخذلان والتواطؤ والتراجع في مسيرة شعبنا الفلسطيني.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى