أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

العباسان وسياسة التهوّر والتواطؤ.. عباس الفتحاوي وعباس الإسلامي

الإعلامي أحمد حازم

بعد خروجه من سجون النظام العنصري السابق في جنوب افريقيا واستلامه رئاسة الدولة بصورة سلمية من البيض، قام المناضل الكبير نلسون مانديلا بزيارة للسلطة الفلسطينية، وبالتحديد لمدينة غزة وذلك في التاسع عشر من شهر أكتوبر/تشرين أول عام 1999. وقتها أخبرني قائد فلسطيني معروف جدًا، أن مانديلا لم يكن مرتاحًا لسلوكيات القيادة ولما رآه منها، حيث أعرب عن ذلك للرئيس الراحل عرفات. وقد طلب مني القائد الفلسطيني أن لا أذكر اسمه، لذلك لن أبوح باسمه احترامًا للمصداقية والأمانة الصحفية. مانديلا على حق فيما قاله، فما يجري اليوم على الساحة الفلسطينية في رام الله من ممارسة كمّ الأفواه الناقدة لسياسة الرئيس الفلسطيني وحتى إسكاتها إلى الأبد إذا أمكن، والتواطؤ مع قيادات إسرائيلية إن كان ذلك من خلال لقاءات علنية أو سرية، يعطي صورة قاتمة عن الوضع في السلطة. تصوروا أنه لا يوجد إعلامي داخل حكم السلطة يتجرأ على توجيه انتقاد للرئيس محمود عباس، لأنه سيضع حياته في خطر وستكون للأجهزة الأمنية القمعية مهمة تأديبية أو إسكاته. ولذلك فإن عباس بنظر نفسه ونظر المنتفعين من حوله أكبر من أن توجه إليه انتقادات. هكذا كان يحكم الكمبودي بول بوت، والآن لدينا محمود بول بوت.

اللقاءات التي جرت بين وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس مع عباس ومع أعضاء من حركة ميرتس، تدل بوضوح على وجود طبخة تطبخ على نار هادئة وبالتأكيد ليس للصالح الفلسطيني الشعبي. قناة “كان” العبرية، نقلت مقتطفات من لقاء محمود عباس، بوزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس، والذي جرى في منزل الأخير في “روش هاعين” قرب (تل أبيب). تصوروا أنّ عباس المحمود ذهب شخصيًا إلى بيت غانتس للتملق له. فماذا دار بين الإثنين؟ القناة العبرية نفسها اعترفت بأن محمود عباس طمأن وزير الحرب الإسرائيلي غانتس بقوله: “لن أسمح بالعنف والإرهاب واستخدام السلاح ضد الإسرائيليين طالما أنا في الحكم” (ما شاء الله على الرئيس الفلسطيني “قديش” حنون على الإسرائيليين. أين هذه الحنية من الفلسطينيين؟ كان المفروض به أن يدافع عن أبناء جلدته ويحميهم وليس عن الإسرائيليين). وبالعكس من ذلك، وعد عباس مضيفه غانتس، بأن لا يشغل باله في هذا الموضوع لأن أجهزة الأمن الفلسطينية ستواصل عملها في هذا الشأن. وقد أحدث لقاء عباس وغانتس الأخير، استهجانا فصائليا وشعبيا، وتم اعتباره استفزازًا للشعب الفلسطيني، وقد سبق لعباس أن التقى غانتس في رام الله في شهر أغسطس/آب الماضي. منصور عباس الإسلامي (الجنوبي)، هو أيضًا من نفس الطينة. ولو أجرينا تقييما لما فعله عباس في العام المنصرم 2021 لوجدنا مجموعة من القوانين التي وافق عليها عباس والتي تعتبر وصمة عار في تاريخ الموحدة: التصويت مع قانون المواطنة، التصويت مع قانون الكنابس، التصويت ضد إقامة مشفى في سخنين، إسقاط مشروع تعليم اللغة العربية في المدارس الإسرائيلية، التصويت مع قانون يعزز سلطات السجون والشرطة، إسقاط قانون شمل المستقلين بمخصصات البطالة، التصويت ضد قانون مدّ البيوت العربية بالكهرباء، الاعتراف بيهودية الدولة وأخيرًا التصويت مع قانون تمويل مركز إحياء ذكرى بن غوريون. وأنا أسال مازن غنايم الذي وافق على قانون تمويل مركز إحياء ذكرى بن غوريون كونه ابن سخنين المعروفة بمواقفها الوطنية: هل هذا القانون يخدم المواطن العربي؟ وبغض النظر عن “الحركة القرعة” التي فعلها عباس، حين صوّت هو ومازن مع القانون، ووليد طه وإيمان الخطيب تغيبا من أجل إعطاء انطباع بوجود ديمقراطية، لكن هذه اللعبة لا تنطلي على أحد. ولو أن غياب طه والخطيب كان سيؤثر سلبًا على القانون لما تغيبا، لكن هذه هي أحد ألاعيب السياسة القذرة. على كل حال نحن الآن أمام مشهد لعباسين: عباس المحمود المتمسك بالتنسيق الأمني المعادي للشعب الفلسطيني، وعباس المنصور المتمسك بيهودية الدولة (إلى الأبد) والناكر للنكبة والهوية الفلسطينية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى