أخبار رئيسيةأخبار عاجلةأخبار وتقاريرمحليات

الشيخ كمال خطيب في حوار مع “المدينة”: منصور عباس يعطي الضوء الأخضر للاحتلال لفعل ما يريد في الأقصى

**عندما أسمع الرجل إياه (منصور) يقول إن من حق المسلمين الصلاة في الأقصى، ومن حق اليهود الصلاة عند حائط البراق (سمّاه المبكى “هكوتل”) في هذه المرحلة، فما المقصود! هل المقصود أن هناك مرحلة قادمة ستكون فيها الصلاة ليس فقط عند حائط البراق وإنما في أماكن أخرى؟!

**أوسلو نكبة ثانية لشعبنا وعرفات يتحمل مسؤوليتها ومسؤولية طرح الأقصى على طاولة المفاوضات لكن منصور عباس الذي يحمل الفكر الإسلامي يجمّل بصنيعه الوجه القبيح للمؤسسة الإسرائيلية

**أعتز أنني أحد بناة المشروع الإسلامي، ويعز عليّ أن يأتي من يشوهه وكأنه الوصي عليه

**من لا يريدنا أن نتحدث أو نناقش منصور بأخطائه الكارثية، سرعان ما يقول لنا أين البديل؟! وهو يريد طمس حقيقة أنّ الحركة الإسلامية التي حُظرت، حظرت معها كذلك أكثر من 30 مؤسسة قطرية، كانت بصماتها تخدم كل شعبنا، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب الفلسطيني، صودرت مكاتبنا ومُنعنا من العمل ونمنع إلى الآن من العمل، تحت أي اعتبار أو مؤسسة، في حين تقدّم كل التسهيلات لمن يريد أن يشوّه هوية القدس والمسجد الأقصى المبارك

 

طه اغبارية

يظنّ مؤيدو الدكتور منصور عباس والقائمة العربية والموحدة، الشريكة في ائتلاف الحكومة الإسرائيلية، أن المنشورات والانتقادات التي يوجهها الشيخ كمال خطيب، رئيس لجنة الحريات في الداخل الفلسطيني لرئيس الموحدة تنطوي على “إساءات” لشخص الدكتور منصور عباس! في تسطيح يتجاهل حقيقة واضحة أن منصور عباس المثير للجدل بنهجه وتصريحاته يسيء لثوابت شعبنا الفلسطيني وفي مقدمتها ثابت الحق الخالص للمسلمين في المسجد الأقصى المبارك إلى جانب نهجه وخطابه “التجديدي” الذي اعتبره الشيخ كمال خطيب في حوارنا معه بصحيفة “المدينة”، مشوّها للنهج والمشروع الإسلامي في الداخل الفلسطيني.

فهل حقا “يتحامل” الشيخ كمال خطيب على منصور عباس بصفته الشخصية؟! أم أن المسألة مرتبطة بشكل مباشر بنهج مغاير وخطير يقوده عباس؟! هذا سؤال من عدة أسئلة ذات صلة وجّهتها “المدينة” لرئيس لجنة الحريات وإمام مسجد عمر بن الخطاب في كًفر كنا وأحد المؤسسين الأوائل للمشروع الإسلامي في البلاد ونائب رئيس الحركة الإسلامية قبل حظرها إسرائيليا يوم 17/11/2015.

فيما يلي نصّ المقابلة:

 

المدينة: قراءتك للقاء الملك عبد الله بمنصور عباس وتصريحاته الأخيرة حول السماح لليهود بالصلاة عند حائط البراق الذي عرّفه (منصور) بحسب المسمى الاحتلالي (هكوتل- المبكى)؟

 

خطيب: لا يمكن الفصل بين هذه الزيارة والزيارات التي قام بها باقي ممثلي الحكومة الإسرائيلية إلى الملك الأردني، وبين ما يجري في ساحات المسجد الأقصى المبارك، أو ما يجري من مخاض لواقع سياسي جديد يراد تجسيده على أرض الواقع. أعتقد أن حالة الصلف الإسرائيلية وممارساتها في المسجد الأقصى التي يشرعنها منصور عباس في هذه الأيام، مردّها إلى ثلاثة أسباب:

الأول: هو التطبيع وتهافت الأنظمة العربية لتوقيع اتفاقيات سلام مع إسرائيل، وحتى الاتفاقيات القديمة، نراها الآن تفعّل بشكل متقدم جدا، هذا التطبيع يشجّع الجانب الإسرائيلي على إحداث بصمات جديدة لوجوده في الأقصى وهو مطمئن إلى أن هؤلاء المطبعين لن يكون منهم أي رد فعل.

السبب الثاني: هو التنسيق الأمني الذي تقوم به سلطة رام الله وخدمتها المباشرة للاحتلال، وكأنها ميليشيا وتنظيمات عسكرية تقوم على خدمة المحتل الإسرائيلي.

أمّا السبب الثالث: فهو التطبيع الداخلي أو ما يمكن أن نسميه “الخطاب الجديد” الذي يرفع لواءه منصور عباس رئيس القائمة العربية الموحدة، والذي بشكل واضح من خلال أفعاله وتصريحاته يعطي الضوء الأخضر للاحتلال لأن يفعل ما يريد في الأقصى، ولا أدلّ وأكثر وضوحا وصدمة من أن يسمي المسجد الأقصى المبارك باسمه العبري (هار هبايت) وأن يوافق الإسرائيليين على صلاتهم عند حائط البراق ويسميه كذلك باسمه العبري (حائط المبكى) بدل حائط البراق، والأخطر أنّه يقول إن الصلاة هناك مسموحة لهم (لليهود) في هذه المرحلة، وكأن هناك مرحلة قادمة عندما تتهيأ الظروف لتكون الصلاة مسموحة ليس عند حائط البراق، وإنما عند باب الرحمة وكل ساحات المسجد الأقصى المبارك. هنا انا لا أفصل بين التطبيع الخارجي والتطبيع الداخلي والتنسيق الأمني، وما بين الزيارة التي كانت للأردن، باعتبار أن الأردن هي صاحبة الوصاية في الأصل على المسجد الأقصى المبارك، وذهاب شخص يحمل هذه القناعات عن المسجد الأقصى إلى العنوان الرئيس في قضية الوصاية وهو الملك الأردني، له دلالات خطيرة جدا، وهذا ما يجعل كل عاقل يتحسس من القادم، ويضع يده على صدره خوفًا على الأقصى من مخططات خطيرة تجري بحقه.

 

المدينة: برأيك ما هو الأخطر القادم على الأقصى؟

 

خطيب: عندما أسمع الرجل إياه (منصور) يقول إن من حق المسلمين الصلاة في الأقصى، ومن حق اليهود الصلاة عند حائط البراق (سمّاه المبكى “هكوتل”) في هذه المرحلة، فما المقصود إذًا؟! هل المقصود أن هناك مرحلة قادمة ستكون فيها الصلاة ليس فقط عند حائط البراق وإنما في أماكن أخرى؟! هذا الكلام يحمل في طيّاته معان أخرى، ولا يمكن فصل هذا الكلام عن نصوص “اتفاقية ابراهام” والتي يدور الحديث فيها عن جواز الصلاة في الأقصى لكل من ينتمي إلى سلالة إبراهيم عليه السلام، وحيث انه لا توجد للمسيحيين مطالب بأي حق في الأقصى فهذه إشارة واضحة إلى حق مزعوم لليهود في الصلاة بالأقصى؟

 

المدينة: ولكن نهج التفريط والتفاوض على الأقصى بدأه الراحل عرفات من خلال “أوسلو” وملحقاتها وأكمل محمود عباس هذا النهج، لماذا تحمل منصور عباس المسؤولية؟

 

خطيب: كل شخص يتحمل مسؤولية الدور الذي يقوم به، وقد اعتبرت قبل أكثر من 25 عاما في أحد مهرجانات الأقصى، يوم المفاوضات مع الفلسطينيين في “واي بلانتيشن”، أنّ مجرد وضع الأقصى على طاولة المفاوضات، يعتبر تآمرا عليه. صحيح أن عرفات لم يوافق على المشروع الأمريكي حينها، ولكن مجرد قبوله بالتفاوض والمساومة على الأقصى جعل آخرون مثل منصور يتجرؤون ويواصلون هذا النهج المدمر. “أوسلو” كلها موبقات ونكبة ثانية في تاريخ شعبنا، وستظل تسجل بأحرف العار سواء لعرفات أو مهندسها الأول محمود عباس أو من يأتون الآن بمشاريع جديدة ضد الأقصى. ما فعله عرفات أو محمود عباس ليس مبررا على الإطلاق للسير على طريقهم. هناك فارق بين عرفات ومحمود عباس وحتى أيمن عودة وبين منصور عباس، لأن الحديث يدور عن شخص له فكر إسلامي، فحين يأتي بكلام ومواقف كما ذكرتها فهو يمثل “الماكياج” الناجع جدا الذي لطالما بحثت عنه المؤسسة الإسرائيلية لتجمل وجهها القبيح؟

 

المدينة: يدّعي منتقدوك أنك متحامل على منصور عباس والقائمة الموحدة في حين أنك لا تكاد تذكر الآخرين مثل القائمة المشتركة؟

 

خطيب: الكل يعلم أنّ موقف كمال خطيب من أي خطأ سواء كان خطأ سياسيا أو اجتماعيا، هو مواجهة هذا الخطأ والنهي عن هذا المنكر الاجتماعي أو السياسي، وكنت دائما في طليعة المواجهين الذين تصدوا لسياسات الحزب الشيوعي والجبهة، والأرشيف يزدحم بمواقفي بهذا الخصوص مع المرحوم توفيق زياد وسالم جبران وغيرهما، لكن من قال إن الضرر الكبير الذي ألحقه هؤلاء أو يلحقه نظراؤهم، يوازي الضرر الأكبر الذي يلحقه منصور عباس، ذلك لأنه يتحدث باسم الدين والمشروع الإسلامي والحركة الإسلامية. وسبق وقلت إن الحركة رغم الحظر ليست ملكه حتى يتحدث باسمها، ولو أن منصور يتعامل ضمن عنوان ولافتة اسمها القائمة الموحدة كحزب فقط، سأتعامل معه مثل أي حزب آخر، ولكن حين يظل يتحدث باسم الحركة الإسلامية وأنه حامل للوائها يجعلني هذا الأمر أرفض مواقفه وممارساته بشكل جلي بدون مجاملة، وقد صارحته بذلك في أحد اجتماعات المتابعة- أثناء هبة الكرامة- قلت له: لا تتحدث باسم الحركة الإسلامية والمشروع الإسلامي تحدث باسم القائمة الموحدة. لا يوجد عندي موقف شخصي من منصور ولا من غيره، أعتز أنني أحد بناة هذا المشروع الإسلامي والحركة الإسلامية، ويعز عليّ أن يأتي من يشوهها وكأنه الوصي عليها وكأنه يريد طمس تاريخ لحركة إسلامية حظرت بفعل الظلم، وهو الآن يساهم في مشروع الحظر عبر الإساءة إليها والإساءة للمشروع الإسلامي.

 

المدينة: تصوّبون على منصور دون تقديم بديل من خارج الكنيست؟! هكذا يقول خصومكم؟! 

 

خطيب: يبدو أن من لا يريدنا أن نتحدث أو نناقش منصور بأخطائه الكارثية، سرعان ما يقول لنا أين البديل؟! وهو يريد طمس حقيقة أنّ الحركة الإسلامية التي حُظرت، حظرت معها كذلك أكثر من 30 مؤسسة قطرية، كانت بصماتها تخدم كل شعبنا، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب الفلسطيني، صودرت مكاتبنا ومُنعنا من العمل ونمنع إلى الآن من العمل، تحت أي اعتبار أو مؤسسة، بالتالي ليس صحيحا أننا لا نملك البديل، بل يتم منعنا من تقديم البديل، في الوقت الذي تقدّم فيه كل التسهيلات لمن يريد أن يشوّه في مشروع هوية القدس والمسجد الأقصى المبارك.

 

المدينة: ما بعد الحظر موقفكم كقوى ممثلة داخل لجنة المتابعة وترفض العمل من خلال الكنيست يبدو ضعيفا؟

 

خطيب: لا أقبل لنفسي أن أكون في نفس الخانة والقائمة مع القوى الأخرى. صحيح أنا عضو في لجنة المتابعة وعندي الكثير من الكلام بحقها، ولكن لا يمكن أن أوضع بنفس الحزمة مع باقي المركبات في المتابعة، فهي قوى لديها أحزاب معترف بها وميزانياتها وقدرتها على العمل وعندها من يمثّلها في الكنيست، ومع ذلك فهي لا تعمل ولا تؤدي دورها. قبل سنة فقط كان منصور عباس والقائمة المشتركة في قارب واحد، وعليه فأنا أفرّق بين كوني في المتابعة وبينهم، لأنني أحمل فكرا مختلفا عنهم. ومع الأسف لا يوجد مشروع مشترك أصلا بين كل مركبات المتابعة، لذلك هي تعاني، فكل حزب يعمل لذاته ويريد تسجيل النقاط لصالحه، بعيدًا عن خيمة المتابعة. هذا ما يجعلني أؤكد على ضرورة تغيير كل منهجية لجنة المتابعة، ابتداء من أن تكون منتخبة وصاحبة صوت عالي، لا أن تتكئ على الأحزاب القائمة. تخيل أن بعض رؤساء الأحزاب لم يصل إلى مكاتب لجنة المتابعة من سنوات ويرسل مبعوثين- مع كامل الاحترام لهم- ما يعني أنه لا يعير أي احترام للجنة.

 

المدينة: هل يشكل منصور عباس وأحزاب الكنيست عموما خطرا على المشروع الذي تؤمن به بالعمل من خارج الكنيست؟

 

خطيب: لست في صراع مع أحد لشخصه، أنا اختلف مع قناعات الآخرين ورؤاهم لخدمة شعبنا. نؤمن أن الأحزاب في الكنيست لم تحقق شيئا، بل على العكس تسببت بضرب مجمل مشروعنا الوطني في الداخل وما دخول القائمة الموحدة إلى الائتلاف الحكومي إلا استمرار لنهج الإضرار بمشروعنا الوطني. منصور وقائمته يتحدثون عن تحقيق إنجازات وتحصيل ميزانيات وهي في الحقيقة أشبه بإنسان محروم من الطعام من سنوات ثم يُعطى فتات و”لقيمات”، هذه اللقيمات بالنسبة للجائع حققت شيئا لكنها لا تسمن ولا تغني من جوع. ما يعطى من ميزانيات هي لقيمات لشعبنا الذي حُرم ويحارب منذ النكبة، لكن الخطورة تكمن في المقايضة، فمثلا في مسألة الاعتراف بثلاث قرى في النقب وما أثير من شروط مجحفة في هذا الشأن، لكن تم مقايضة هذا الاعتراف المنقوص، ببناء مستوطنات ومدينة لليهود في الجولان والنقب!! كذلك تصمت القائمة الموحدة على ما يجري من تغول في الاستيطان بالضفة، فهل يجوز أن نصمت على ذلك مقابل ميزانيات وعلى حساب الموقف العام من قضية شعبنا، لا سيما قضية المسجد الأقصى المبارك!! هذا خطير جدا.

 

المدينة: بماذا تنصح الدكتور منصور عباس لو كان أمامك الآن؟

 

خطيب: بالتأكيد لن أبخل عليه وعلى قائمته بالنصيحة، ولكن ما يجري الآن ليست اجتهادات من منصور، فهذا نهج ومشروع بدأ عام 1995 عبر تهيئة الظروف للزج بالحركة الإسلامية إلى الكنيست، وقد نجحوا بذلك عام 1996، واكتشفنا حينها انعقاد جلسات من وراء ظهورنا مع رجالات في المؤسسة الإسرائيلية من بينهم شمعون بيرس وغيره عملوا على الزجّ بالحركة إلى مستنقع الكنيست ونجحوا بذلك. والآن هذا النهج تمادى في ممارساته حتى دخل إلى ائتلاف الحكومة الإسرائيلية، بالأمس حزنت كثيرا وأنا أستمع لمنصور عباس وهو يقول إن اليمين يريد إفشال الحكومة!! عن أي يمين يتحدث؟! إن لم يكن بينيت وشاكيد وغانتس وليبرمان وساعر وغيرهم، هم اليمين بأمّه وأبيه فمن هو اليمين الذي يتحدث عنه الأخ منصور عباس؟!

بالعودة إلى النصيحة، فقد سبق أن نصحنا وصوّبنا ووصلنا عام 2012 إلى اتفاق وتحديد موعد للوحدة بين شقي الحركة الإسلامية كان مقررا إعلانه في احتفال عام أوائل عام 2013، وشهد على الاتفاق كل من: الشيخ رائد صلاح- فك الله أسره، والشيخ كمال خطيب، والشيخ عبد الرحيم خليل والمحامي زاهي نجيدات ومن الطرف الآخر: الشيخ حماد أبو دعابس والدكتور منصور والشيخ صفوت فريج وغيرهم. ولكن تمّ التراجع عن هذا الاتفاق الذي اشتمل على رفض المشاركة في انتخابات الكنيست. جرى التراجع عنه بعد أن تم تقديم الانتخابات للكنيست حينها.

أقول للأخ منصور عباس: عليك ألا تستمر في هذا الطريق، لأنه يقود إلى حرق الشخصية وخسارة المصداقية، هل تذكر ماذا فعلت قبل سنة! أقمت الدنيا ولم تقعدها حين خرجت من المشتركة بسبب موقف باقي مركبات المشتركة من “الشواذ جنسيا” ولكنك الآن تجلس مع “شاذ جنسيا” في الحكومة، هو وزير الصحة. أين هي المواقف المبدئية والمصداقية؟ إسرائيل وعدت عرفات بشهادة كلينتون ورؤساء العالم أيام “أوسلو” ولكنها لم تنفذ وعودها. لا تغرينك وعودهم وأوهامهم، حتى لو أعطوا بعض الفتات. أنا وأنت لسنا في معرض مناكفات شخصية وكذلك أنا وغيرك من الموحدة أو المشتركة، نحن هنا لا نملك جيشا ولسنا مطالبين بالتحرير، لكن علينا ألا نساهم كما تفعل أنت للأسف، في إضعاف موقفنا من قضايا شعبنا عموما وخاصة قضية المسجد الأقصى المبارك.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى