أخبار رئيسيةأخبار عاجلةعرب ودولي

أجندة شكري في واشنطن: “دمج إسرائيل” وسد النهضة أولًا

توجّه وزير خارجية سلطات الانقلاب المصرية، سامح شكري، مساء أول من أمس الجمعة، إلى واشنطن، لعقد لقاءات الحوار الاستراتيجي المصري الأميركي، مع عدد من مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وعلى رأسهم أنتوني بلينكن، ومجموعات مختلفة من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، وممثلي مراكز الأبحاث والفكر وروابط رجال الأعمال والمستثمرين. على الورق سيخصّص هذا الحوار للتباحث حول علاقات التعاون الثنائي ومجالات العمل المستهدف تعزيزها خلال الفترة المقبلة على ضوء العلاقات القوية والمتشعبة بين البلدين، وحول أبرز القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المتبادل، وذلك في إطار مواصلة التشاور بشأن أبرز ملفات التعاون المشترك والتنسيق بين البلدين خلال الفترة المقبلة. عمليًا، وفي إطار تقسيم العمل بين أذرع النظام المصري في فتح قنوات التواصل المختلفة مع الإدارة الأميركية لإعادة رسم صورة النظام وتقديمه بشكل جديد يبتعد عن تصنيفه كنظام غير متعاون، سيركز شكري خلال الزيارة على القضايا الإقليمية التي تهم مصر استراتيجيًا، وعلى رأسها الدور المصري، والاتصالات مع الحكومة الإسرائيلية الخاصة بالقضية الفلسطينية، ومتابعة الأوضاع في إثيوبيا وارتباط ذلك بقضية سد النهضة.

وحول المداولات المرتقبة في زيارة شكري، أفادت مصادر دبلوماسية مصرية بأن الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقضية السلام يأتيان على رأس أولويات الوزير المصري في الحوار المرتقب. واعتبرت المصادر أن لمصر رغبة في تحريك الموقف الأميركي “المتكاسل” تجاه هذه القضية والحصول على دعم مباشر لمبادرة التهدئة، بما تتضمنه من بنود خاصة بتبادل الأسرى ووقف الأعمال التصعيدية بين الاحتلال والفلسطينيين. وتسعى مصر للبناء على التفاهمات المستقرة منذ عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بين الولايات المتحدة والاحتلال ومصر، عبر بذل جهود أوسع لدمج إسرائيل في محيطها وتوسيع الأطراف المشاركة بفاعلية في الحل النهائي للقضية الفلسطينية، خصوصًا عبر الشق الاقتصادي، المفترض أن تؤدي مصر دورًا أساسيًا في تطبيقه بدعم أميركي وخليجي.

وتسعى مصر من خلال طرح أهمية هذا الحراك خلال زيارة شكري إلى تأكيد الأهمية الاستراتيجية الاستثنائية لها، والتي تأكدت في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في مايو/ أيار الماضي، التي أجبرت واشنطن على فتح قناة اتصال مباشرة مع القاهرة. وهو ما اعتبره رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي انتصارًا له، لكنه لم يستطع البناء بشكل كبير عليه، مع عدم تمكنه من عقد لقاء مباشر مع بايدن حتى الآن.

وأوضحت المصادر أن نتائج زيارة شكري في هذا الملف ستنعكس على الزيارة المقرر أن يقوم بها رئيس المخابرات العامة عباس كامل إلى القدس المحتلة ورام الله في الشهر الحالي. ومن المفترض أن تشهد جولة كامل بلورة المبادرة المصرية، التي ما زالت تواجه عرقلة وشروطًا مجحفة من الحكومة الاسرائيلية، بدعم من بايدن، رغم أن الإسرائيليين يخشون التسرّع في تأييد المبادرة، خشية من سقوطها. وهي النقطة التي ترغب مصر في حلحلتها مع الجانب الأميركي.

وارتباطًا بهذه النقطة، تسعى مصر إلى حثّ الولايات المتحدة على رعاية التوصل إلى اتفاق عاجل، وتطرح في هذا الصدد مقترحات باستضافة قمة إقليمية في واشنطن أو في شرم الشيخ بحضور أميركي. وبحسب المصادر فإن مثل هذه المقترحات ذات البعد المشهدي، باتت محل تنافس بين اللاعبين الدوليين والإقليميين، خصوصًا بعد دعوة روسيا لاستضافة قمة مماثلة بحضور الرباعية الدولية (تضمّ الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة).

ومع التأكيد الأميركي الدائم على دور مصر كمساعد محوري في القضايا الأمنية والسياسية الكبرى بالمنطقة، سيُخصص قسم من المباحثات للتطورات في السودان والتعرف إلى موقف مصر منها، في ظلّ الخلاف الواضح بين واشنطن والقاهرة على دعم المجلس العسكري في الخرطوم. إلا أن المشكلة الأهم حاليًا لمصر والتي يرغب شكري في سماع موقف واضح من الأميركيين بشأنها، هي تلك المتعلقة بالأوضاع في إثيوبيا ومدى تأثيرها على مستقبل ملف سد النهضة، وما إذا كان الدعم الأميركي الواضح لقومية “تيغراي” والدعم المصري القديم لقومية “أورومو” قد يساهمان في إعادة صياغة أولويات السياسة الإثيوبية في مرحلة ما بعد رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، الذي لم يعد من المقبول أميركيًا وأوروبيًا استمراره في السلطة، ويعتبر هذا نقطة خلاف كبرى وساحة لحرب جديدة بالوكالة بين أميركا والصين.

وذكرت المصادر أنه ولو كان ما يحدث في إثيوبيا ويضعف من سلطة أبي أحمد ويستنزف مقومات الدولة الإثيوبية وقدراتها يصبّ في مصلحة مصر، إلا أن القاهرة تترقّب ما يمكن أن يأتي بعد ذلك، لأنه يصعب تصور اتجاهات أي قيادة إثيوبية جديدة تجاه مشروع سد النهضة تحديدًا، في ظل عدم اكتمال المشروع ووجود العديد من الجزئيات العالقة في مجالات المقاولة والاستشارات الفنية وحتى التعاون مع المستثمرين. كما أن المواقف السابقة لقيادات “تيغراي” من سد النهضة لا تبشّر بالخير لمصر، فضلًا عن كون المشروع بشكل عام مصدرًا للفخر القومي ومحلًا للمزايدات السياسية السهلة لدعم الشعبية في الداخل الإثيوبي والمجتمعات الإثيوبية في المهجر، والتي تتمتع بسطوة دعائية كبيرة، تحديدًا في المجتمع السياسي الأميركي.

وكل هذه الاعتبارات المتقاطعة تجعل مصر حريصة على دفع الولايات المتحدة للتدخل لتحقيق مصالحها ومصالح السودان على المدى البعيد، في الوقت الذي تحاول فيه واشنطن مقاربة القضية بحرص، بعدما ساءت علاقاتها بأديس أبابا بشدة خلال العام الحالي. ولن تحجب أسبقية هذه القضايا على الأجندة المصرية لهذه الزيارة الدبلوماسية الاهتمام الطبيعي بملفات مهمة سبق أن كانت محل تباحث مستمر بين البلدين خلال زيارات عباس كامل وسامح شكري والوفد الحقوقي الرسمي المصري في العام الحالي. وأبرز هذه الملفات، أوضاع حقوق الإنسان التي تسبّبت في تعليق 130 مليون دولار من المعونة الأميركية السنوية لمصر من أصل 300 مليون، إذ سبق أن تمّ إبلاغ القاهرة بالشروط الأميركية الخاصة بتحرير هذا المبلغ، والتي يبدو أيضًا أنها مقترنة أيضًا بدعوة السيسي لزيارة واشنطن أو عقد لقاء له مع بايدن في أي مكان آخر.

وبحسب المصادر، فإن الأولوية من بين هذه الشروط بعد إلغاء حالة الطوارئ في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي للإغلاق النهائي لقضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني 173 لسنة 2011، والمضي قدمًا بخطى أسرع في رفع القيود المفروضة على الحقوقيين المتهمين في هذه القضية، مثل المنع من السفر وتجميد الأموال، وتخفيف الإجراءات العقابية ضد 16 مواطنًا مصريًا يحملون الجنسية الأميركية، المعتقلين والممنوعين من السفر.

وتتابع واشنطن وغيرها من العواصم عن كثب توابع إلغاء حالة الطوارئ وتأثير ذلك على المعتقلين البارزين الحاليين، بالتالي فإن تصرف محاكم النظام في هذه الحالات قبل نهاية العام الحالي سيحدد إلى حد كبير كيفية التعاطي مع المطالبات المصرية والمخططات التي يرسمها السيسي لتقديم نفسه من جديد للمجتمع الدولي.

وإلى جانب هذا الملف، من المتوقع أيضًا أن يهتم المسؤولون الأميركيون بملف اقتصاد الجيش، الذي تم فتحه مع شكري خلال لقاءاته المحدودة في نيويورك في سبتمبر/ أيلول الماضي على هامش حضوره اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. ومن الملاحظات التي يسجلها الأميركيون في هذا الملف تأخر النظام فيما وعد به في نهاية عام 2019، من طرح شركات القوات المسلحة في البورصة ضمن برنامج الطروحات الحكومية المقتصرة حتى الآن على شركات قطاع الأعمال العام وبعض الشركات المملوكة للهيئات الاقتصادية، واستمرار الهيكلية الغامضة لجميع شركات الجيش فهي ليست مؤسسة كشركات مساهمة من الأصل وغير خاضعة لأي نوع من الرقابة الفعلية. كذلك تغاضى النظام المصري أيضًا، وفقًا للأميركيين، عن إشراك القطاع الخاص المحلي والدولي في المشروعات المرفقية المختلفة التي ينفذها الجيش والشركات الحكومية، واقتصار أعمال المستثمرين على المقاولات الصغيرة والتوريدات وغيرها من الأنشطة غير الإنتاجية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى