أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

عن الاحتباس الحراري والحروب

عائشة حجار

افتتحت بداية هذا الاسبوع “قمة المناخ” في غلاسكو تحت رعاية الأمم المتحدة. لماذا يجب أن نهتم بمثل هذا الخبر؟ لأن الحديث عن التلوث البيئي والتغييرات المناخية هو حديث عن الهواء الذي نتنفسه (حرفيًا)، عن الأمراض التي قد نصاب بها أو أُصبنا بها، عن متوسط عمرنا وعمر أبنائنا، وعن الحروب القادمة علينا، والتي يرى الخبراء أنها ستكون إثر نزاع على الغذاء والماء.

هذه ليست أوّل مرة يتحدث فيها أقوى زعماء العالم عن التغييرات المناخية وخطر التلوث، حقيقة أن كوكبنا متسخ جدًا ليست معلومة جديدة. تحت رعاية الأمم المتحدة تدار مثل هذه الاجتماعات كل فترة وتطرح الحلول التي يقضي معظمها بمراقبة المصانع الملوثة وتعهد الدول باستخدام الحلول كالمصافي والطاقة البديلة للحد من وصول السموم إلى هوائنا ومياهنا.

كل هذا يبدو لطيفًا وجميلًا، أين المشكلة في كل هذا؟ المشكلة هي أنّ من يجتمع ليجد حلًا لأزمة تخص كل سكان الكوكب يتعامل مع نصف كوكب فقط، عندما يتحدث قادة الأمم المتحدة عن “رفاهية العالم” وصحة “سكانه” فهم يقصدون مجموعة تشكل أقل من نصف سكان الكوكب بالفعل. أيّ شخص يحجب دماغه نصف البشر سيطرح حلولًا تلائم “جماعته” وتنسى الباقي. فالدول التي يقود بعضها أبشع الحروب في سبيل الانفراد بالماء والغذاء تتحدث عن الحفاظ على المناخ بدون التطرق إلى الحل الحقيقي لمشكلة المناخ، وهي إحقاق العدل بحق الشعوب التي ظلمتهم هذه “الأمم المتحدة” بتدخلاتها الفاشلة في الحروب التي لم تكن نتائجها لصالح الشعوب ولو لمرة واحدة. توزيع الموارد بشكل عادل ليس فقط أمرًا عادلًا سيجعل العالم أقل ظلامًا وظلمًا، بل هو وسيلة لتقليل التلوث الناتج عن الاستهلاك المهول في بعض دول العالم مقابل المجاعات في أماكن اخرى، لتوضيح الأمر فإن تبذير الطعام، خاصة اللحوم، في دول أوروبا هو ظاهرة مقلقة كون الطعام الذي يلقيه الأوروبيون في قمامتهم كافٍ لسد معظم المجاعات العالمية وإلغاء سبب الكثير من الحروب، زد على ذلك أنّ صناعة اللحوم تسبب تلوثًا خطيرًا بسبب تربية الدواجن والبهائم التجارية، لو استهلك كل من سكان العالم على قدر معدته، فإن عالمنا سيصبح أكثر تلوثًا حتى لو بدت هذه جملة غريبة (يمكنك القراءة أكثر عن علاقة الابقار والاحتباس الحراري، سيبدو الأمر منطقيًا). لو كفّت دول الأمم المتحدة عن شرعنة الفقر والظلم لدى باقي العالم الذي تراها فناءً خلفيًا ومصدرًا لبعض المواد الخام، وكفت عن التدخل في الحروب وتدمير الأرض باسم العدالة والسلام فإن العالم سيبدو أفضل.

في موعد متأخر فهم العالم أننا جميعًا تستنشق نفس الهواء وأن نفث السموم ليس في صالح أي منّا، لكن المشكلة الآن أنّ العنصرية والظلم يرتدان على الظالمين وكل من يعتقد أنّ النور يشع من فكره الذي يلغي كل آخر حوله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى