أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

بين “شغل عرب” و”كوبا راشيت”.. ما الذي تغير؟

عائشة حجّار

قبل أكثر من عقد، عرضت القناة الاسرائيلية الثانية مسلسلًا ساخرًا من بطولة بعض أبرز الممثلين العرب في الداخل الفلسطيني، مثل نورمان عيسى، سليم ضو وميرا عوض، ومن تأليف سيد قشوع. عرض المسلسل (بمواسمه الثلاثة) العرب في الداخل الفلسطيني على أنهم أشخاص أفقهم محدود (عدا شخصية واحدة لعربية متزوجة من يهودي)، يخالفون القانون، صاخبون، يحاولون الاندماج في المجتمع الاسرائيلي بلا فائدة. بطل القصة الصحفي أمجد عليان، يحاول طوال الوقت الاندماج في المجتمع الإسرائيلي عبر تبني أفكار تخالف أفكار “بيئته” ويبدو أنّه يخالف “قواعد” المجتمع العربي عبر تصرفات إيجابية، كأن يضع حزام الأمان خلال قيادة السيارة داخل القرية. أثار المسلسل الجدل لأنه عرض العرب بطريقة سلبية وسخيفة وسطحية، وهذه حقيقة، فالشخصيات العربية في المسلسل لم تعكس الواقع، وحاول طاقم المسلسل الدفاع عنه بدعوى أنّه مسلسل هزلي هدفه الضحك فقط. هنا لا بد أن نتذكر جيدًا أنّ الاعلام لا يعرض لنا اي شيء بهدف الضحك أو التسلية فقط.

لماذا أذكر “شغل عرب”؟ لأننا الآن، بعد 14 عامًا نجد أنّ هذا العربي ما زال موجودًا على الشاشة الاسرائيلية. أحد أكثر المسلسلات مشاهدة اليوم في الاعلام الإسرائيلي، هو “كوبا راشيت/ صندوق رئيسي”، وهو مسلسل تدور قصته في أحد فروع شبكة حوانيت يعمل فيه كذلك رمزي، شاب عربي من “جسر” يتحدث العبرية بطلاقة تتفوق على اليهود أنفسهم. رمزي يكرر شخصية أمجد من شغل عرب بشكل متطرف، فرمزي يعرض ولاءً منقطع النظير وسذاجة رهيبة تعرض على أنّها طيبة قلب، حين لا يعادي أي شخص ولا يقصر في عمله أبدًا. وبينما مثّل في “شغل عرب” ممثلون يتحدثون العربية فعلًا، فالممثل الذي يتقمص شخصية العربي في “الصندوق الرئيسي” هو أمير رشرش، والذي لا يجيد اللغة العربية على الرغم من أصوله ولهجته. أمر آخر يلفت الانتباه في شخصية رمزي، هو كونه خارجًا عن القاعدة، ففي كل مرة يذكر العامل المتفوق أحد افراد عائلته يضيف له صفة أو مهنة متعلقة بالجريمة، مثل تجارة المخدرات، لذا فحتى لو فكّرنا بسذاجة أن عرض رمزي الطيب هو بادرة حسن نية من منتجي المسلسل تجاه مجتمعنا، نجد أنّهم يثبتون قانونًا عبر إظهار الخارج عنه.

مثل هذه المسلسلات والأفلام الهزلية، تعرض عادة ما تتوقع “المجموعة القوية” التي أنتجت القصة من “المجموعة الضعيفة” التي يحكي المسلسل قصتها. مثل هذا المثال يرينا كيف يبدو “العربي المثالي” مقابل “العربي العادي”، ونجد أنّ البلاهة ضرورية للرضى عن هذا العربي، فبدون بعض البلاهة لا يمكن أن يتجاهل كم العنصرية الذي يعرض كجزء من حياته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى