أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةأخبار وتقاريرمحليات

النَوَيات التوراتية: تسيطر على عشرات الأحياء في المدن وتحارب الوجود العربي بدعم مباشر من الحكومة الإسرائيلية

طه اغبارية

نشرت صحيفة إسرائيلية، تقريرا موسّعا عن “النَوَيّات التوراتية” (جماعات يهودية متدينة وصهيونية متطرفة) بيّنت فيه حجم تغلغل هذه المجموعات في المجتمعات السكانية اليهودية ذات الطابع العلماني وسعيها إلى تمرير أجنداتها التوراتية والقومية المتطرفة داخل هذه المجتمعات فضلا عن معاداتها للوجود العربي في المدن الفلسطينية (عكا، حيفا، الرملة، اللد ويافا) التي يسكنها يهود.

وجاء في التقرير الذي نشرته صحيفة (TheMarker) العبرية المتخصصة في الشؤون الاقتصادية، والصادرة عن مجموعة صحيفة “هآرتس”، أن ما تسمى “النَوَيّات (جمع نواة) التوراتية”، تسيطر على عشرات الأحياء في المدن والبلدات بالبلاد، وتدفع باتجاه استجلاب أنصارها بشكل منظّم للسكن والاستيطان في بلدات يسكنها يهود علمانيون، ثم تعمل على التغلغل داخل هذه المجموعات والتأثير على طابع حياتها في مختلف المجالات ودفعها للتدين وتبني أيديلوجية متطرفة معادية للعرب والفلسطينيين.

وكشفت الصحيفة عن تلقي هذه “النويات” دعما اقتصاديا هائلا من مختلف الوزارات واستفادتها من الموارد بالسيطرة على المرافق العامة في عشرات المدن ونفوذها داخل السلطات المحلية والبلديات في هذه البلدات.

بحسب الصحيفة، فإن “النويات التوراتية” تعمل تحت أسماء متعددة وتملك مئات الجمعيات والمؤسسات وتوظفها لتجنيد الأموال والدعم بكافة أشكاله بالرغم من عدة تقارير أصدرها “مراقب الدولة” على مدار سنوات والتي حذّرت من نشاطات مالية غامضة ومشبوهة لهذه المجموعات وأوصت بتوحيد مصادر تمويلها لتكون تابعة لجهة حكومية واحدة.

الباحثة ياعيل شمرياهو والتي بحثت ظاهرة “النويات التوراتية” في رسالتها للدكتوراة بكلية الإدارة في جامعة “بن غوريون” بمدينة بئر السبع، تقول لـ “TheMarker” إن النواة التوراتية الأولى أقيمت في كريات شمونة في نهاية الستينيات. وبعدها بسنوات وتحديدا بعد مقتل رئيس الحكومة، إسحاق رابين أقيمت نويات أخرى. أمّا تبلورها الجدي فكان بعد الخروج من قطاع غزة عام 2005. في أوساط الجمهور اليهودي المتدين-القومي، خرجت أصوات تطالب بترجمة عملية لمصطلح “الاستيطان في القلوب”. أصل هذا المصطلح مرتبط بمقولة الحاخام يوآل بن نون: الاستيطان نجح على التلال لكنه لم يستوطن في قلوب الإسرائيليين”. (يوآل بن نون: حاخام صهيوني من مؤسسي جماعة “غوش ايمونيم” الاستيطانية وتدعو إلى طرد العرب بالقوة. المحرر).

يشير التقرير كذلك إلى اقتحام النويات التوراتية للمدن الفلسطينية التي يسكنها يهود في عكا وحيفا ويافا واللد والرملة والتواطؤ مع ما يسمى “دائرة أراضي إسرائيل” ووزارة الإسكان والشركات المسوّقة للوحدات السكنية مثل “عميدار” وذلك بهدف السيطرة على الحيز العام والأراضي والتضييق على الوجود العربي في هذه المدن.

ونقل التقرير عن عدد من اليهود العلمانيين في بلدات تنشط فيها هذه المجموعات التوراتية تخوفهم من تغلغلها في أوساطهم وفرض أنماطهم على حياتهم الاجتماعية والتربوية، علما أن العديد من العلمانيين اليهود-بحسب التقرير- يرحّبون بنشاط “النويات التوراتية” بزعم تحسين الأحياء التي ينشطون فيها في مختلف المجالات فضلا عن كونهم يشكّلون سدًا أمام التمدد العربي!!

واعتبر التقرير، أن مدير عام بلدية اللد، أهارون آتياس، أحد أبرز قادة “النوريات التوراتية” في البلاد ومن مؤسسي “النواة التوراتية” في اللد، وقال للصحيفة إن “ظاهرة النويات التوراتية مباركة. حين يترك مواطن مكان سكنه وبيئته ويأتي إليك ليقول أريد أن أكون شريكا في الحراك الاجتماعي والمشروع الأيديولوجي فلا يمكن إلا أن ترحّب به”.

وتطرق التقرير إلى عدد من البلدات التي تنشط فيها تلك المجموعات المتطرفة وتلقى “حذرا” من قبل اليهود أنفسهم نظرا لأساليبهم في فرض أفكارهم ورؤاهم الاجتماعية والفكرية إلى جانب ترسيخهم للفجوات الاقتصادية والاجتماعية بين السكان بسبب الحجم الهائل للموارد والميزانيات التي يتمتعون بها. من هذه البلدات “متسبيه رامون” و”ديمونا” و”سديروت” و”رمات هشارون” وبلدات منطقة “غوش دان” وغيرها. واتهم مواطنون الحكومة وأذرعها بدعم هذه المجموعات الطارئة على السكان وتوفير الموارد لهم للسيطرة على الحيز العام وبناء مرافقهم و”كنسهم” وفرض تصوراتهم وسلوكياتهم على السكان.

وكشف التقرير عن تلقي هذه المجموعات في مختلف البلاد، بجمعياتها المختلفة مئات الملايين من الشواقل، سنويا، إضافة إلى استفادتها من الموارد العامة والوحدات السكانية التي تبنيها الشركات الحكومية.

الأجندة: طرد العرب

يعتبر تقرير صحيفة (TheMarker) “النواة التوراتية” في مدينة اللد واحدة من أقوى النويات في البلاد، وبحسب التقديرات تسكن اللد أكثر من ألف عائلة محسوبة على النواة التوراتية. وقالت الصحيفة “كما في عكا، أيضا في مدينة اللد ساهم رجال النواة التوراتية في إقامة حارة للمتدينين اليهود فقط- رمات اليشيف-، وحين جرى تسويق الأرض عام 2000 كان سعر الأرض بحساب 7 شيقل للشقة، بمعنى أنه كان مجانا، ومن فازت بالمناقصة حينها هي إحدى جمعيات النواة التوراتية، وتقدّمت وحدها لتلك المناقصة التي خصّصت للجمعيات، وجرى إخلاء السكان العرب في تلك المنطقة التي أقيمت عليها حارة “رمات إليشيف”. كذلك تطرق التقرير إلى التغيرات الديموغرافية التي طرأت على حي “رمات اشكول” بسبب سطوة النواة التوراتية عليها قبل نحو 10 سنوات. عن هذه الجزئية تقول د. ياعيل شمرياهو: “من غير المعقول حجم الفجوة القائم في رمات اشكول بين السكان وفق كل المعايير، لا سيّما التعليم وسعر العقارات، على جانب من الرصيف، هناك مبان متداعية وفي الجانب الآخر: مبان شاهقة ونظيفة وجديدة. النواة التوراتية صدّرت مجموعة منها إلى الحي من أجل التأثير، خلال بحثي “تقول الباحثة” سألت أحد قادة النواة التوراتية في اللد ماذا تعتقد يمكن أن يحدث حين تدخلون إلى حي فيه أغلبية عربية؟ إلى أين تتوقع أن يذهبوا؟ أجابني قائلا: “نريد أن تكون هناك أغلبية يهودية في كل مكان، لا يمكن للعرب أن يكون أغلبية”.

لذلك يشكك المواطنون العرب بكل المبادرات التي تطرحها بلدية اللد لبناء وحدات سكنية وأعمال تطوير في “رمات اشكول”، ويقول أحد المواطنين العرب ويدعى فواز (لم تذكر الصحيفة اسمه الكامل بحسب رغبته) للصحيفة “منذ سنوات تقوم البلدية بإهمالنا وتجاهل متطلباتنا، ومع ذلك كنا نسكن العرب واليهود معا، ولكن ما تريده النواة التوراتية هو الفصل العنصري بعينه. يتحدثون الآن عن بناء عمارات مكونة من 15-25 طابقا في الوقت الذي يتجاهلون فيه طبيعة وشكل السكن للمواطنين العرب ويتجاهلون احتياجاتنا فحتى مسجد أو مدرسة عربية لا يوجد ضمن مخططهم الجديد، هذا المخطط لا يلبي متطلباتنا، بل بالعكس هدفه القضاء على الوجود العربي في “رمات اشكول” وطردنا منها”.

وأضاف: “في غضون ذلك تقوم النواة التوراتية بالتنقل بين المواطنين في الحي وتعرض اسعارا لشققهم أعلى من أسعار السوق. في النهاية سيخرج المواطنون العرب إلى الشوارع ضد هذه المخططات التي تريد طردنا، وضد إهمال ممنهج منذ سنوات تقوم به البلدية بحقنا، يتم هدم بيوتنا وإفقارنا من حيث الموارد في كل المجالات، وفي المقابل يتم تقوية النواة التوراتية وضخها بكل أشكال الدعم”.

 

حملة “مش خاتم”

للتعقيب على تقرير صحيفة وموقع (TheMarker)، تحدثت صحيفة “المدينة” إلى الناشط في اللجنة الشعبية أكرم ساق الله، عضو بلدية اللد، ورئيس “المنتدى الإسلامي الرملاوي”، وأكد مطامع النواة التوراتية وأهدافها الاستيطانية التهويدية في المدينة، وكشف عن إطلاق حملة “مش خاتم” لتوعية المواطنين العرب لا سيّما في حي “رمات اشكول” (البلدية القديمة) حول أهداف النواة التوراتية المعادية للوجود العربي في الحي والتحذير من الاغراءات المتعلقة بمخطط “بناء وإخلاء” في حي “رمات اشكول”.

يقول ساق الله: “لا شك أن أهداف ما يسمى النواة التوراتية، استيطانية تهويدية ومعادية للوجود العربي في مدينة اللد، وهذا تأكد بوضوح خلال أحداث شهر أيار/مايو المنصرم. وللتفصيل حول مخططات النواة التوراتية، علينا معرفة ما تقوم به هذه الجماعة داخل البلدة القديمة أو ما يعرف باسم حي “رمات اشكول”، فقبل سنوات طُرح مخطط من قبل البلدية “بناء وإخلاء” في البلدة القديمة “رمات اشكول”، ويدور الحديث عن مخطط على مرحلتين لهدم المباني القديمة المتهالكة وإخراج الأهالي العرب (نسبة العرب في الحي 80%) منها وتعويضهم أو إبقائهم لحين إقامة مبان عالية (حتى 25 طابقا) ونقلهم إليها. للوهلة الأولى يبدو المخطط جيدا، ولكنه يخفي أهدافا خبيثة فالسكان العرب يعانون في هذا الحي من أوضاع اقتصادية صعبة للغاية وبالتالي لا يمكن أن يتحملوا الأعباء المترتبة على إدارة المباني الجديدة. وبعد أن دخلت النواة التوراتية على الخط وبدأت باقتناء مباني قديمة في الحي وعرض إسعار مغرية على السكان العرب تأكد أن الأهداف التي تقف خلف هذا المخطط خطيرة جدا، وتهدف إلى: استجلاب آلاف المستوطنين للسكن والاستيطان في الحي وإخلائه من سكانه العرب، ومن ثم تهويد البلدة القديمة (حي رمات اشكول) ومعالمها العربية الإسلامية إلى جانب الأهداف والمنافع الاقتصادية المترتبة”

وأضاف ساق الله: “نحن لا نكره اليهود كيهود، ولكن نقف ضد هذه الجماعة “النواة التوراتية” التي تريد إحلال أفكارها المتطرفة المعادية للعرب وهذا تبين جيدا خلال الهبة الشعبية في أيار. كذلك تريد هذه الجماعة القضاء على الأغلبية العربية في اللد، لكل ذلك نقوم في اللجنة الشعبية والمنتدى الإسلامي الرملاوي بتوعية أهلنا من مخاطر بيع عقاراتهم لهذه الجماعة وغيرها من الجماعات اليهودية المتطرفة، وقد أطلقنا مؤخرا حملة “مش خاتم” من أجل التوعية والتحذير من مخاطر بيع البيوت العربية في حي “رمات اشكول”، وسنقوم بتوزيع لافتات على سكان الحي تحمل شعار “مش خاتم” كلافتات توعوية تؤكد للمتطرفين والنواة التوراتية أن أصحاب المباني القائمة لن يبيعوا ولن يفرطوا ببيوتهم”.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى