أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

لماذا زكريا؟

عائشة حجار

ما زال ستة أسرى تمكنوا من الخروج من سجنهم وكشف سلسلة من الفشل والإهمال في مصلحة السجون الإسرائيلية، حديث الساعة لدى الفلسطينيين والاسرائيليين على السواء. هي فعلًا حادثة نادرة تجذب الانتباه وتثير الخيال، خاصة لدى جيل الشباب الذي ربط الأمر مباشرةً بمسلسلات الهروب من السجون الامريكية، خاصة مسلسل “الهروب من السجن” الذي تتحدث قصته عن مجموعة مساجين يهربون عبر الانفاق أسفل السجن. الشبكات الاجتماعية تعج بالقصص عن هؤلاء الاسرى، وكذلك بالمعلومات المغلوطة التي وصلت حد نشر إشاعة وفاة أحدهم تحت التعذيب. لكن الملفت للانتباه بروز واحد من هؤلاء الستة في الإعلام وتصويره على أنه الشخصية المركزية في هذه القصة.

المراقب لحديث الإعلام والشبكة، يعتقد أنّ زكريا زبيدي، هو زعيم هذه المجموعة ولديه ما يجعله أكثر أهمية من الباقين، مع أن الوقائع تشير إلى دور جانبي له، فهو انضم إلى المجموعة في مرحلة متأخرة، ولم يكن من المخططين أو الحافرين والصابرين قرابة السنة. إذًا لماذا، قبل أن تتضح أية حقائق أصلًا، كان الزبيدي هو النجم والأهم؟ هناك سببان لهذا التصرف في الإعلام والشبكات، الأول هو شخص الزبيدي، والثاني رواية الإعلام الاسرائيلي.

بالنسبة للشخص، فهو أكثر الستة ظهورًا للإعلام، عندما يعرف الإعلام شخصًا ما يتحدث عنه أكثر لأنه ببساطة يجد ما يقوله. علاقة الزبيدي بالكاميرا علاقة جيدة ولديه قاعدة من المحبين يمكن أن تتولى إطلاق حملة لدعمه. كما أن لديه سجلًا واضحًا وماضٍ يجعله “مشتبهًا مؤكدًا” بقيادة مجموعة كهذه. طبعًا كونه اعتقل عام 2019 ووجود صور جديدة جيدة له لعب دورًا في ظهوره، فهذا يجعل إعداد مادة إعلامية عنه ونسج قصة بطولية قبل معرفة اية حقائق مهمة سهلةً نسبيًا.

لنفس الأسباب التي ذكرتها سابقًا قرر الإعلام الإسرائيلي ايضًا، تسليط الضوء على الزبيدي. فبعد أن تجاهل كل الحدث تقريبًا إلى نهاية عيد رأس السنة العبرية، وهذا بحد ذاته رسالة إعلامية يمكن التطرق إليها، كانت لدى المراسلين الاسرائيليين مادة أكثر حول الزبيدي خاصة كونه ذو ظهور ايضًا في الإعلام العبري ومتحدث بالعبرية. ببساطة أيضًا الصحفي الاسرائيلي اليهودي لم يكن لديه من المعلومات الكثير ولذلك بدأ في نسج قصة حول خلية من ستة أسرى يقودها زكريا زبيدي.

طرح الإعلام الاسرائيلي رواية تلقفها الكثيرون من المشاهدين والإعلاميين العرب، لأنه كما ذكرت عدة مرات فإن لدينا نزعة لتصديق الرواية الإعلامية الإسرائيلية والاعتقاد بأنها أكثر مهنية من غيرها. ولشح مصادر المعلومات باتت هذه الرواية متّبعة. حاليًا ما زالت الأضواء مسلطة على الزبيدي دون غيره، والسبب ليس شح الحقائق بل ببساطة ميلنا لتصديق أول قصة تروى لنا. المشكلة هنا ليست في الإعجاب الجماهيري بشخص أو غيره، بل بتبعات مثل هذا التفاضل الذي قد يترجم إلى أفعال سواء بمعاقبة أو مكافأة أحدهم على حساب الآخر، لأن دورهما في القصة التي رويت لم يكن متكافئًا. لذلك مهما كان موقفك من فعلهم والقصة التي تختار أن تصدقها عنهم، تذكر أنهم ستة، وأنّ الواقع ليس قصة فهو يحتمل وجود أكثر من شخصية مركزية واحدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى