أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةعرب ودولي

النظام السوري يضغط لفرض سيناريو درعا البلد على الأرياف

مع تواصل تطبيق بنود اتفاق درعا البلد، جنوبي سورية، تتجه الأنظار مرحلياً إلى منطقتي المخيم وطريق السدّ، المحاذيتين لدرعا البلد. حول هاتين المنطقتين يقول النظام إنه يريد تطبيق الاتفاق عليهما، فيما يتوقع مراقبون أن تكون خططه أبعد من ذلك، باتجاه شمول الاتفاق مجمل أرياف درعا، التي احتفظ فيها المقاتلون السابقون بسلاحهم الخفيف بموجب تسويات 2018، وصولاً إلى ريف دمشق الغربي، تحديداً بلدة كناكر.

وفي التطورات الميدانية، ذكر الناشط محمد الشلبي، في حديثٍ مع “العربي الجديد”، أن قوات النظام السوري واصلت عمليات التفتيش برفقة الشرطة العسكرية الروسية، مع تواصل عودة الأهالي الذين أجبروا على النزوح من مناطقهم. ووفق الشلبي، من المتوقع أن تسعى قوات النظام إلى شمول الاتفاق منطقتي المخيم وطريق السد، وعلى أن يُخيّر النظام رافضي الاتفاق بين تسليم سلاحهم أو الترحيل أو مواجهة عملية عسكرية. وكانت قوات النظام قد انسحبت، أول من أمس الخميس، من حواجز ونقاط النخلة والشياح والمزارع، التي كانت تحاصر درعا البلد، بعد انسحابها من حاجز السرايا، وبذلك ينتهي حصار المنطقة الذي دام نحو 80 يوماً.

من جهتها، ذكرت وكالة “سانا” التابعة للنظام أن محافظة درعا سيّرت، أمس الجمعة، حافلتين لنقل الأهالي العائدين إلى أحياء درعا البلد. وقال رئيس مجلس المدينة أمين العمري، للوكالة، إن هذه المبادرة “تساهم في تخفيف الأعباء المالية على المواطنين الذين أمضوا قرابة شهر ونصف الشهر في مراكز الإقامة المؤقتة وعند أقاربهم”. وبعد عودة جزء من الأهالي إلى درعا البلد، اتضح حجم الدمار الذي لحق بالمنطقة جراء القصف المكثف لها من جانب قوات النظام خلال الأسابيع الماضية. وتسبّب القصف في تدمير كبير بالبنية التحتية للمدينة، خصوصاً المدارس والمنازل، ودمّرت مدارس العصماء والحديثة والدرة والبحار بشكل كامل، فيما تضررت مدارس أخرى بشكل جزئي.

وتعرّضت دور العبادة لقصف ممنهج أدى إلى وقوع أضرار كبيرة فيها، ومنها المسجد العمري التاريخي، ومسجد الدكتور غسان ومسجد القبة ومسجد المنصور ومسجد الحمزة والعباس ومسجد سعد بن أبي وقاص ومسجد أبو هريرة ومسجد الحسين. كما استهدفت قوات النظام نقطة طبية بالرشاشات الثقيلة، ما أدى إلى إخلائها. وأُصيب ثلاثة أطفال على الأقل، إثر قصف مدفعي لقوات النظام، قبيل منتصف ليل الخميس ـ الجمعة، على بلدة تسيل، غربي درعا، فضلاً عن حصول دمار أصاب الأماكن المستهدفة. وقصفت قوات النظام بالمدفعية بلدة نافعة، التي تبعد خمسة كيلومترات عن بلدة تسيل، من دون ورود أنباء عن وقوع إصابات. وسبق القصف بساعات قليلة، سحب عناصر من حاجزين عسكريين لقوات النظام، أحدهما قرب تسيل، والآخر قرب نافعة، وفق شبكات محلية.

وأفاد موقع “تجمع أحرار حوران” (تجمع لصحافيين وناشطين ينقل أحداث الجنوب السوري)، بأن قوات النظام المتمركزة في اللواء 12 بمنطقة ازرع، قصفت فجر أمس، الجمعة، بقذائف المدفعية، محيط بلدة مليحة العطش بريف درعا الشرقي. وأضاف “التجمع” أن قوات تابعة لفرع أمن الدولة داهمت، فجر أمس الجمعة، سبعة منازل لمنشقين عن قوات النظام في بلدة محجة بريف درعا الشمالي، مشيراً إلى أن المنازل عائدة لأفراد انشقوا عن تشكيلات عسكرية تابعة لنظام الأسد عقب التسوية، موضحاً أنه لم تسجل أي حالة اعتقال لعدم وجود الشبان في منازلهم.

من جهته، أشار مدير مكتب توثيق الانتهاكات في “تجمع أحرار حوران” عاصم الزعبي أن قوات النظام صعّدت عمليات الاعتقال بحق أبناء درعا، خلال الثلث الأول من شهر سبتمبر/ أيلول الحالي، بالتزامن مع الحملة العسكرية التي شنتها على عدة أحياء في مدينة درعا. وأضاف في تصريحات صحافية، أنه “من خلال مقارنة أعداد المعتقلين في الشهر الحالي مع عددهم خلال الشهر الماضي، نلاحظ أن هناك زيادة كبيرة في الاعتقالات التي تنفذها الأجهزة الأمنية. ووصل عدد المعتقلين خلال ثمانية أيام من شهر سبتمبر إلى 40 معتقلاً، ما زاد من مخاوف الأهالي في المحافظة”. وأشار إلى أن معظم الاعتقالات تمت خلال عمليات دهم للمنازل في عدد من مدن وبلدات المحافظة، خصوصاً في مدينة الشيخ مسكين، التي بلغ عدد المعتقلين فيها 15 معتقلاً، إضافة إلى الاعتقالات التي تنفذها حواجز النظام الأمنية المنتشرة داخل المحافظة وعلى مداخلها.

بدوره، رأى الناشط محمد الحامدي أنه مع دخول قوات النظام لأحياء درعا البلد، التي انطلقت منها الشرارة الأولى للثورة ضد النظام عام 2011، سوف تتجه بالتأكيد إلى بقية مناطق درعا في الأرياف الغربية والشمالية، بل وحتى الريف الشرقي، حيث تسيطر قوات “اللواء الثامن” التابع لـ”الفيلق الخامس” المدعوم من روسيا بقيادة أحمد العودة. وتوقع الحامدي، في حديث مع “العربي الجديد”، أن تكون بلدة طفس في الريف الغربي ومدينة بصرى الشام ومحيطها، هما الهدف التالي لقوات النظام.

وحول هذه التطورات، اعتبر نقيب “نقابة المحامين الأحرار” سليمان القرفان أن “المؤشرات تدل على أن النظام والمليشيات الإيرانية يخططون لتطبيق سيناريو درعا البلد على مناطق الريف الغربي، وعلى الأغلب ستكون وجهتهم المقبلة مدينتي جاسم وطفس”. وأضاف في حديث مع “العربي الجديد”، أن النظام يحاول عبر سحب السلاح ونشر النقاط العسكرية القضاء “على النفس الثوري ومنع التظاهر واستمرار الأهالي بالمطالبة برحيل رأس النظام”. لكنه شدّد على أن التجارب السابقة “أثبتت أن الثورة ما زالت حية في قلوب أهل حوران، ولن تستطيع قوة في العالم كسر إرادتهم ومنعهم من الاستمرار بثورتهم، والمطالبة بإسقاط النظام بكل رموزه والانتقال بالمجتمع نحو الديمقراطية”.

لكن للواء المنشق عن قوات النظام محمد الحاج علي رأياً آخر، مستبعداً في حديثٍ مع “العربي الجديد”، أن يقوم النظام بحملة عسكرية كبيرة في أرياف درعا مماثلة من ناحية الحجم لما جرى في درعا البلد. ورأى أنه ستكون هناك “حملات صغيرة على المناطق الغربية الشرقية، مرتبطة بالتفاعلات التي قد تحدث مستقبلاً إذا كانت هناك بعض الاحتجاجات أو الهجمات المناهضة للنظام”.

وتأتي هذه التطورات عقب البدء في تطبيق بنود الاتفاق النهائي منذ الأسبوع الماضي، وأبرزها دخول الشرطة العسكرية الروسية إلى درعا البلد وانتشار حواجز عسكرية لقوات النظام، وبدء المئات من الراغبين بالبقاء في درعا من مقاتلين أو شبان متخلفين عن الخدمة العسكرية بتقديم طلبات لتسوية أوضاعهم. وقدّرت مصادر مقربة من النظام عدد المتقدمين لتسوية أوضاعهم في درعا البلد بنحو 900 شخص، بينما من المقرر لاحقاً تهجير رافضي التسوية إلى مناطق سيطرة المعارضة، شمالي سورية، خصوصاً من منطقتي المخيم وطريق السد.

ولا يستبعد مراقبون أن يحاول النظام أيضاً استنساخ التسوية، التي صيغت وفق شروطه مجبراً أهالي درعا البلد على القبول بها تحت تهديد السلاح وانحياز الضامن الروسي، من أجل إحكام سيطرته على مناطق أخرى تهدده، لا سيما في ريف دمشق الغربي. وكانت أجهزة استخبارات النظام في ريف دمشق قد أصدرت قرارات تفرض إجراء تسوية أمنية جديدة لأبناء بلدة كناكر في ريف العاصمة الغربي. ووجه الفرع 220 التابع للمخابرات العسكرية بتحضير قوائم الشبان الراغبين بإجراء التسوية مع النظام من أهالي بلدة كناكر، وفق الاتفاق المبرم في مطلع شهر يونيو/ حزيران الماضي. وطلبت تلك الأجهزة من بعض الشبان تسجيل أسمائهم في الفرقة الحزبية التابعة للنظام والموجودة في بلدة كناكر، لينضموا إلى تسوية أخرى يعمل النظام على إتمامها في محافظة القنيطرة خلال الفترة المقبلة.

(العربي الجديد)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى