أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

عدتم والعود أحمد

ليلى غليون

بداية خير بإذن الله ودفعة نحو النجاح والتوفيق لجميع طلابنا وطالباتنا في أول خطوة لهم في مشوار السنة الدراسية الجديدة، والذين نأمل فيهم الخير كله في تحديد ورسم صورة خلابة لمستقبل واعد مشرق تسطع فيه شمس الرقي والنهضة، لنعود كما كنا شامة بين الأمم بتقدمنا الحضاري وبعزتنا الإسلامية وبهيبتنا الأصيلة، وبهذه المناسبة نتوجه إلى طلابنا وطالباتنا ومعلمينا ومعلماتنا ومديرينا وأولياء الأمور كل في مجال مسؤوليته تجاه هذه المهمة العظيمة والرسالة السامية، رسالة العلم التي عندما تصدرت سلم أولوياتنا كنا أساتذة الدنيا وسادتها بل حصدنا من سنابل العلم والمعرفة عزا ومجدا وحضارة ردحا طويلا من الزمن، ولا تزال بصماتنا غائرة في كل ميادين العلم الحديثة لا ينكرها إلا من في عينيه رمد.

نتوجه إليهم بهمسات تحمل في ثناياها الحذر والتنبه والحرص على مستقبل هذا الجيل الذي تتقاذفه رياح الشر والسموم والانحراف من كل جانب تريد أن تخلع عنه كل رداء فضيلة وتلبس عليه كل رذيلة، وأبدأها بهمسة إلى الأهل وأولياء الأمور:

إن رسالة المدرسة من أسمى الرسائل وأجلها بل وأخطرها، فالمدرسة بدورها المفترض تعلم وتربي لتقدم للمجتمع انتاجا طيبا ومحصولا وافرا يعم خيره كل القطاعات الاجتماعية، لذا فإن تعاون الأهل مع المدرسة ضرورة حتمية في مسيرة نجاح الطالب، كذلك فإن متابعتهم وتواصلهم من خلال الاتصال بالمدرسة أو الزيارات المدرسية المستمرة، سيعزز هذا النجاح بإذن الله ويجعل الأهل مطلعين ومتابعين لكل شؤون أبنائهم وأخلاقياتهم وسلوكياتهم، فلا يعقل أن يكون الطلاب في واد والأهل في واد آخر لا يعلمون من أمرهم شيئا، فقد ذكر الاختصاصيون التربويون أن الفشل الدراسي المتكرر للطالب مع انعدام اتصال أولياء الأمور بالمدرسة من الأسباب المهمة التي تقود الطالب إلى الانحراف، لذلك فمن الضروري جدا تفعيل دور مجالس الآباء والأمهات في المدرسة لتقوية الصلة بين البيت والمدرسة.

وأمّا الهمسة الثانية فهي إليك أخي المربي، فالطالب أمانة بين يديك وهو فلذة كبد أبويه وهم على ثقة بأنك ستحفظ هذه الأمانة وستكون عند حسن ظنهما.

أرأيت أخي المربي أن المهمة ليست سهلة بل هي من أخطر ما يكون، وأن التفريط فيها أو حتى التقصير في أدائها ستكون له انعكاسات سلبية وخطيرة على الأجيال حاضرا ومستقبلا أقلها أن هذه الاجيال ستسحق تحت وطأة الفساد والانحراف، فأنت تتعامل مع الانسانية، مع بشر، ولا تتعامل مع آلات صماء، وها هو الإمام الغزالي في إحيائه يوجه إليك أخي المربي رسالته ويقول: (ومن اشتغل بالتعليم فقد تقلد أمرا عظيما وخطرا جسيما فليحفظ آدابه ووظائفه) فأنت أخي المربي لست مجرد ناقل للمعلومة أو ملقن يلقن مادة جافة بل دورك يمتد لأكثر من ذلك، فبالإضافة لدورك في تنمية القدرات الابداعية عند الطالب والسلوكيات الحميدة وتنمية الذكاء ومهارات التفكير، فإن رسالتك مكملة لرسالة البيت ودورك مكمل لدور الأب في العملية التربوية الأمر الذي يتوجب عليك بل أجده فرضا عليك خصوصا في زماننا هذا الذي سادت فيه عناصر فساد كثيرة ومتنوعة أنت تعلمها ومطلع عليها، أن تحرص كل الحرص على تربية وتوعية الطالب قبل تعليمه لكل المخاطر التي تحيط به، والتي كما تعلم تسعى وتستهدف نزع كل القيم الحميدة والثوابت الأصيلة من قاموس حياته، مثل الفضائيات والانترنت والهواتف الذكية والالعاب الالكترونية والاعلام الفاسد بكل قنواته ومنصاته التي اتقنت فن مخاطبة الغرائز ونشر ثقافة التفاهة ليعم الانحلال والفوضى الأخلاقية في المجتمعات وتحديدا مجتمعاتنا الإسلامية، فمن يتصدى لهذه الحرب المسعورة؟ ومن يقوي جهاز المناعة التربوي والوعي في نفوس الطلاب غيرك أنت أيها المربي الغيور على هذه الأجيال!

والهمسة الثالثة إليكم أحبابنا الطلاب، أنتم يا حبات العيون ومهج القلوب، أرأيتم كيف يكد آباؤكم ويتعبون بل ويضحون في سبيل توفير وتحصيل كل ما تطلبونه وتحتاجونه من غير أن ينقصكم شيء ولو أدى ذلك بهم إلى حرمان أنفسهم من الراحة والسعادة من أجل عيونكم ومن أجل راحتكم وسعادتكم، كيف لا وكل ما يتمنونه ويأملونه فيكم أن تكونوا أبناء صالحين متعلمين ناجحين تخدمون مجتمعكم بتخصصاتكم العلمية وشهاداتكم الأكاديمية في مختلف التخصصات.

فلا تخيبوا آمالهم فيكم وانظروا كم تكون فرحتهم والتي لا تسعها الدنيا بأسرها عند نهاية كل فصل وأنتم تعودون إليهم بتحصيلكم العلمي المتفوق، فحافظوا على هذه الفرحة ولا تحرموهم منها واجعلوا طلبكم للعلم طاعة لله أولا، وليكن أسمى أهدافكم ومراميكم الوصول إلى قمم النجاح والتفوق، فلا تضيعوا أوقاتكم الغالية بما سفه وما تفه، فما أكثر مضيعات الوقت في هذا الزمان، بل ما أكثر المدمرات التي تغتال أوقاتكم وأنتم لا تشعرون.

فلا تتنازلوا عن القمم فهذا وقتكم، وأروا الجميع منكم كل خير، واجعلوا من نجاحكم هدية تقدمونها إلى آبائكم وأمهاتكم أولا، ثم هدية تسخرونها في خدمة مجتمعاتكم وأوطانكم ثانيا، وإياكم أن تكونوا غير ذلك، فجدوا واجتهدوا وواصلوا الليل بالنهار في مشواركم العلمي المبارك والله معكم ودعاؤنا لكم بالتوفيق والنجاح والسداد فانطلقوا على بركة الله.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى