مجزرة شفاعمرو، لا ننسى
عائشة حجار
عام 2005 صعد جندي اسرائيلي حافلة تتبع لشركة العفيفي، وحين وصلت الى قلب بلدة شفاعمرو بدأ بإطلاق النار وقتل أربعة من ابناء البلدة، خلال ثوان كان آلاف الشفاعمريين حول الحافلة ليوقفوا المجزرة والارهابي، ونجحوا في منع كارثة أكبر تحصد أرواح عشرات الأبرياء.
ذاكرتي من هذه المجزرة هي الصورة الايقونية لحافلة يحيطها الناس من كل جانب، شبان تبدو الصدمة واضحة على وجوههم والغضب كذلك يدخلون الحافلة لوقف هذا القتل الذي سيحفر في ذاكرة الشفاعمريين والفلسطينيين إلى الأبد.
في النهاية مرت السنوات على المجزرة كما مرّت على غيرها، واليوم بعد ستة عشر عامًا يطالب الاهالي بحقهم في إقامة نصب تذكاري في المكان، ولا يسمح لهم بذلك لأننا شعب يُعرًّف عن طريق المجازر والنكبات وتدور كل هويته حولها. وضع نصب تذكاري يعني أن المجزرة ستبقى حاضرة ليس فقط في ذاكرة الناس بل في المكان نفسه، سيكون هناك أثر منها يراه من لم يشهدها وبهذا تصبح أيضًا جزءًا من ذكرياته.
في ام الفحم ثلاثة نصب تذكارية لشهداء هبة القدس والأقصى، كل واحد على دوار في الشارع الرئيسي، يجعل الانتفاضة جزءًا من رحلة ذهابك إلى العمل أو المدرسة، من مشوار التسوق، من زينة رمضان والعيد ومن شرح طريق الوصول إلى بيتك للقادم من خارج المدينة.
في عصر المعلومة السريعة لا بد من الاهتمام بهذه المباني والمجسمات التي يمكن ليدك أن تلمسها ولعينك أن تراها طوال الوقت، لأن الكتب والصور والتقارير الإخبارية لم تعد كافية، حديث اليوم يتبدل بسرعة لا تسمح بتجذير قصة فهناك أكثر من حديث كل يوم، وعصر فيه نلتقط لكل حدثٍ خمسين صورةً أو يزيد يصعب فيه إبقاء صورة واحدة رمزًا لعلاقة الشعب بمكانه والثمن الذي يدفعه لقاء وجوده في هذا المكان.
في عصر الصور والإعلام الحديث بالذات، نحن بحاجة إلى التعبير عن الماضي بطرق ملموسة، معسكرات العمل كما اعتدنا مناداتها واللافتات وأسماء الشوارع مهمة أكثر من أي وقت سابق، لأننا في زمن التدريس الافتراضي، والتواصل الافتراضي، والعمل الافتراضي، لا يمكننا أن نخاطر بالماضي الافتراضي كيلا يضيع في بحر من البيانات والرموز.



