أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

“روني دانييل” والجيل الجديد

عائشة حجار

هذا الأسبوع، توفي أبرز المحللين العسكريين على الشاشة المتلفزة الإسرائيلية، وأحد أعتى الصحفيين اليمينيين الذي لم يرتدع عن استعراض آرائه حتى حين كان زملاؤه يحاولون اصطناع الحيادية. روني دانييل، المحلل العسكري للقناة 12 العبرية، حظي بنعي طويل من كافة زملائه ليس لقدرته على رصد التغييرات وتوقع الأحداث العسكرية، بل لكونه أيقونة لجيل من الصحفيين الاسرائيليين الذي أسس “السمعة الحسنة” للصحافة الاسرائيلية التي نجد صداها اليوم مع جيل أضعف بكثير من الصحفيين الذين يتسابقون على جمع أكبر عدد ممكن من المتابعين وجذب المشاهدين. هذا ليس مقال نعي، طبعًا، بل استعراض لحالة الصحافة العبرية التي تعاني أزمة مهنية لا يستهان بها.

في البداية أخذ الصحفي الاسرائيلي عمله على محمل الجد، أيضًا عند تزييف الحقائق وتحويل نشرة الأخبار إلى حملة سياسية كان يفعل ذلك بمهنة وحذر خشية ضياع مصداقيته. الأمر ليس أنهم أرادوا نقل الحقائق قدر الإمكان، الصحافة العبرية صحافة مجندة حتى النخاع، لكن حقيقة أن الكثيرين منا، القراء والكاتبين على السواء، يستدلون بالصحافة العبرية إذا ما أرادوا الإشارة إلى معلومة ما على أنها حقيقة قاطعة. الصحافة العبرية، بفضل جيل مثل دانييل وحاييم يافين وغيرهم من أصحاب “وجه البوكر” الذي لا يحمل أية تعابير خلال نقلهم لدعاية سياسية بحتة، وعرض الآراء على أنها حقائق، حظيت بصيت يتمنى الكثير من الاجسام الصحفية الحصول عليه. حاليًا استطاع الجيل الثاني من الصحفيين، جيل “المواهب” الذي تم توظيفه بناء على شكله الخارجي ومقولاته المستفزة التي تجذب الجمهور لضمان الإبقاء على الموارد المادية، استطاع زعزعة هذه المصداقية في الشارع الاسرائيلي الذي يرى في صحافته جسمًا نخبويًا يساريًا. إلا أن النظرة العربية للصحافة العبرية لم تتغير بعد بشكلٍ كاف، ليس لأن العرب لا يرون الأخطاء المتكررة بل والزيف في الصحافة العبرية، بل لافتقارهم لمصدر معلومات كبير يعوضهم عن المصدر العبري. نحن نفتقر إلى جسم إعلامي كبير وشامل، لا سياسي، يتسم طاقمه بالمهنية العالية، ليكون هو مصدر المعلومات الموثوق لشعبنا ولغيره، ليكون هو من ينقل صورة الأحداث في شوارع بلداننا ليس فقط بيننا بل باتجاه العالم العربي والعالم عامةً، فتوجه الإعلام العالمي، أيضا الموالي للقضية الفلسطينية، يثبت أننا يتامى إعلاميًا ويتم نسياننا طالما لم يحصل انفجار حقيقي ذو طابع سياسي. ربما حان الوقت لتشكيل جسم إعلامي حيادي مبني قبل كل شيء على المهارات الصحفية والقدرة على تخطي النزاعات الداخلية التي تفسد علينا الكثير خارج الصحافة وداخلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى