أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

مقاهي الأرجيلة أكثر من المكتبات والأندية الشبابية.. فهل هذه ثقافتنا؟

الإعلامي أحمد حازم

المتجول في أحياء المجتمع العربي، يتوصل لنتيجة مؤسفة وهي أن عدد مقاهي الأرجيلة فيها يفوق (ما شاء الله) عدد المكتبات. وهذا يعني إهمال الكتاب واعتماد الأرجيلة بدلاً عنه. ويبدو أن مجتمعاتنا العربية تعاني من تفشي مقاهي الأرجيلة وقلة وجود نوادي للشبيبة لدرجة الافتقار إليها. تصوروا إلى أي مرحلة اجتماعية وصلنا، في غياب التوعية من المسؤولين وأولياء الأمور.

كان الأب والزوجة والابن يجلسون مع بعض في الوقت الذي كان الابن منهمكا في “الأرجيلة” التي يعتبرها شريكة حياته ولا غنى له عنها. وبينما كانت الأم تنظر إليه كيف يتلذذ في “النفس”، قالت لابنها الشاب بصوت يوحي للشفقة: “الله يرضى عليك يما أعطيني النربيج أخدلي نفس”. فرفض الابن في البداية على اعتبار أن الأم كانت تشكو من ألم في الصدر، لكن محبة الابن للأم كانت أقوى من الرفض، وبدأ دخان الأرجيلة يتصاعد من فم الأم مثل دخان قطار يسير على الفحم الحجري.

المشكلة في مجتمعنا العربي ليس في المدمنين فقط بل في المدمنات أيضاً، حيث أن المدمنات على “نفس الأرجيلة” يتكاثر عددهن باستمرار لدرجة أن النساء الفلسطينيات كما تقول التقارير، هن أكثر نساء العالم العربي إدمانا على “الأرجيلة”. وتقول التقارير أيضاً انه منذ مطلع القرن الماضي وحتى يومنا هذا تعتبر الأرجيلة جزءاً لا يتجزأ من عادات النساء الفلسطينيات في مدينة نابلس حيث يلتقين مرة أو أكثر في الشهر عند صديقة ما للتمتع بنفس الأرجيلة. وقد كان “التنباك العجمي” الأكثر شعبية بين كبيرات السن. لكن الجيل الجديد يفضل “المعسل” بنكهاته المختلفة.

لكن هؤلاء النساء لا يعلمن كما يبدو أن تدخين (الأركيلة) لمدة نصف ساعة من شأنه أن يدمر الجسم حيث تعادل نسبة القطران في تدخين رأس أرجيلة 10 سجائر، بينما تعادل نسبة السموم فيه نحو 100 سيجارة. وظاهرة تدخين الأرجيلة بدأت تنتشر في أوساط الشباب بشكل كبير في العالم العربي ويعتقد هؤلاء الشباب بأن أضرارها أقل كثيراً من أضرار السجائر. وتزداد شعبية الأرجيلة يوماً بعد يوم، بين الشابات والشباب، في الشرق الأوسط يجذبهم إليها الجو الخاص الذي يتوفر في المقاهي الخاصة بها، بحيث أصبح المقهى الشرقي مرتبطاً بالقهوة العربية والأركيلة التي يرتفع دخانها بالروائح المختلفة، مختلطاً بنكهات الفواكه والنعناع وتفيد معلومات مركز أبحاث السرطان في جامعة هايدلبرج بألمانيا أن 70 مادة كيماوية تنتج عن تدخين الأرجيلة. كما يعتقد الأطباء أنها مسببة للسرطان، ليس فقط لسرطان الرئة ولكن أيضاً سرطان الفم وتجويف الفم، بالإضافة إلى البثور والأورام المختلفة التي تسببها في الشفاه.

وقد أثبتت دراسة قام بها المعهد الألماني الاتحادي حول تقدير مخاطر الأرجيلة أنها تحتوي على نسبة من القار وأكسيد الكربون الأحادي الناتج عن حرق الفحم، بالإضافة إلى ذلك يمتص الجسم أثناء تدخين الأرجيلة مواد مثل الزرنيخ والنيكل والكروم بكثافة عالية. هذه المواد تدمر وظائف الرئة وتسهل إصابتها بالسرطان. وتقول الدراسة أيضاً ان مادة القار، هي المسؤول الأول عن البقعة السوداء التي تتكون في الرئة، وهي المسببة لرفع خطر الإصابة بسرطان الرئة ثلاثين مرة، وعادة ما يؤدي سرطان الرئة إلى الوفاة. وقد كشف تقرير حديث صادر عن منظمة الصحة العالمية WHO أن خطورة الأركيلة لا تقل بأي حال من الأحوال عن خطورة السجائر، بل ثبت أنها تعرض الشخص لقدر أكبر من الدخان المنبعث عن السجائر.

وبالرغم من أن بعض المؤرخين يرى أن تدخين الأرجيلة هي عادة شامية يعتقد آخرون أنها عثمانية أو فارسية. ويقول المؤرخ محمد عزت دروزة، من مدينة نابلس إن مقاهي الأرجيلة انتشرت في هذه المدينة منذ القرن الثامن عشر، وإن تدخين الأرجيلة عادة اجتماعية يومية في نابلس وغيرها من المدن الفلسطينية، وانتشرت في المنازل لدرجة أنه يكاد لا يخلو بيت نابلسي منها منذ نهايات القرن الثامن العشر، إلى يومنا هذا.

واستنتاجاً مما تقدم فإن الأركيلة هي من العادات الخطيرة التي لا تفرق بين الشباب والفتيات والنساء والرجال، وانتشر مؤخراً الكثير من أنواع المعسل الخادعة مثل التفاحة والمستكة والخوخ وغيرها من المسميات التي تعتبر في الواقع مثل “السم في العسل”. تذكروا أيها المدمنون على “الأركيلة” أنها موت بطيء فتجنبوها.

بقي علينا القول، إن طريقة استعمال الأرجيلة (من فم لفم) تؤدي إلى نقل الأمراض المعدية من خلال نقل الفيروسات. فهل يستوعب الناس ذلك؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى