مقالاتومضات

بولندا تنتقض ضد ابتزاز إسرائيل… وتعلن الخروج عن الطاعة الصهيونية

الإعلامي أحمد حازم

العلاقات البولندية الإسرائيلية تشهد هذه الأيام توترًا ملحوظًا بين البلدين، بسبب رفع الصوت البولندي عاليًا بوجه إسرائيل وقولها: كفى للابتزاز. والمعروف أن أوروبا بشكل عام لديها عقدة ذنب تجاه اليهود بسبب المحرقة النازية، حتى أن ألمانيا لا تزال لغاية الآن وستظل على مدى الحياة مجبرة على دفع مبالغ معينة لإسرائيل ثمنا لما ارتكبه النازيون بحق اليهود.

بولندا المتهمة من قبل إسرائيل بأنها ساعدت النازية في قتل اليهود، انتفضت في وجه الصهيونية وتمردت على ابتزازها لأوروبا من قبل منظمة التعويض اليهودية العالمية. ففي خطوة جديدة تعكس الطابع البولندي التمردي، صوّت البرلمان البولندي في الرابع والعشرين من شهر حزيران/ يونيو الماضي بأغلبية ساحقة لصالح تعديل القوانين المتعلقة باستعادة ممتلكات اليهود في بولندا.

وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لبيد، هدّد وتوعّد ووصف القانون بأنه “غير أخلاقي، وأن إسرائيل تنظر بخطورة إلى محاولة منع استعادة الأملاك، التي نُهبت من اليهود من جانب النازيين خلال المحرقة في دول أوروبية، إلى أيدي أصحابها الحقيقيين”.

تعالوا نقيّم ما قاله لبيد بالتفصيل: وزير الخارجية لبيد الذي أتى باليميني العنصري بينيت رئيسًا للحكومة الإسرائيلية، يتحدث عن الأخلاق فيما يتعلق بممتلكات اليهود في بولندا. لبيد زمجر وثار على قرار دولة يتعلق بمواطنيها. فاليهود البولنديين في اسرائيل هم بالأساس مواطنون بولنديون، والدولة البولندية هي المسؤولة عنهم. لبيد يريد استرجاع ممتلكات يهود، ويقر بحقهم في ذلك، بينما هو وغيره من قادة إسرائيل والصهيونية العالمية يرفضان حق الفلسطيني في استرجاع أرضه. أليس هذا تناقضًا في الفكر والممارسة؟ أم أن اليهود يجب التعامل معهم بقفازات من حرير وممنوع الحديث عن الممتلكات الفلسطينية؟

بعد تأسيس إسرائيل في شهر مايو/أيار عام 1948 بقرار من الأمم المتحدة التي وافقت على قيام إسرائيل على أرض فلسطين بعد تهجير غالبية أهلها واحتلالها، قامت قوات من الجيش الإسرائيلي بطرد سكان قريتي اقرث وكفر برعم في 31/10/1948 وقالوا آنذاك إن طردهم كان لأغراض عسكرية ولمدة أسبوعين فقط، وبعد انتهاء المدة لم يسمح لهم بالعودة، مما أدى إلى رفع الأمر إلى المحاكم الإسرائيلية. لم يكتفوا باحتلال معظم أراضي الوطن الفلسطيني، وطردوا أهالي القريتين.

في سنة 1952 أصدرت المحكمة العليا الاسرائيلية قرارًا جاء فيه: “أن كون المنطقة عسكرية لا يحول دون عودة السكان إلى أراضيهم، ولذلك فمن حقهم العودة إلى بيوتهم طالما لم تصدر بحقهم قرارات رسمية بالإبعاد”. ثم عمدت قوات الجيش في العام نفسه إلى نسف بيوت القريتين وتدميرها دون الحصول على إذن من الحكومة الإسرائيلية. ألم يقرأ لبيد تاريخ البلاد، أم أن التاريخ الإسرائيلي يهم اليهود ولا يعير اهتمامًا لتاريخ الفلسطينيين في وطنهم؟!

أليس من حق أهالي القريتين العودة إلى أراضيهم والاحتفاظ بممتلكاتهم؟ يبحثون عن مصالحهم ويرفضون الاعتراف بحق الغير في استرجاع ممتلكاته. يقول لبيد، وأنا أوافقه الرأي في موقفه هذا: “لا يوجد أي قانون بإمكانه تغيير التاريخ”.

نعم صدقت يا يئير، فإذا كان القانون البولندي مخزٍ، كما تقول، فماذا عن رفض الحكام في إسرائيل لقرار المحكمة بعودة مهجري كفر برعم واقرث، أليس هذا القرار أكثر خزيًا وعارا؟ أنت تقول “إن إسرائيل ستقف كسور واق لحماية ذاكرة المحرقة وكرامة الناجين من المحرقة وأملاكهم، وتعلم بولندا، ما هو الأمر الصائب الذي ينبغي القيام به”. من حق لبيد أن يدافع عن اليهود، ومن حق الفلسطيني أن يدافع عن كرامة الفلسطيني والأرض الفلسطينية، وأن إسرائيل (ولبيد) يعرفان ما ينبغي فعله.

وزارة الخارجية البولندية، لم تهتم بما قاله لبيد واكتفت بإدانة أقوال لبيد الذي اتهمه مصدر في الخارجية البولندية بأنه “أظهر عدم معرفة”. ويبدو واضحًا أن موافقة البرلمان البولندي على القانون تعني حسب رأي محلل سياسي عربي، رفض الآليات المعمول بها سابقا بشأن ما يسمى ممتلكات اليهود زمن الهولوكست في الحرب العالمية الثانية، وبالتالي وقف كل عمليات الابتزاز الصهيونية للدول الأوروبية من قبل منظمة التعويض اليهودية العالمية.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى