أخبار رئيسيةأخبار وتقاريرتقارير ومقابلاتومضات

 د. إسراء شرقية من جت… عالمة شابّة حدودها السماء وقدوة مشرفة لأبنائنا

عائشة حجار

يثبت أبناء الداخل الفلسطيني كل مرة من جديد، توجههم نحو العلم وقدرتهم على الوصول إلى مستويات عالمية، كل في مجال تخصصه، فاليوم يفخر مجتمعنا بقرابة ألف طالب وطالبة دكتوراة، أكثر من نصفهم من الإناث، ويبدو أن هذه ليست ظاهرة لحظية، فكلما حاورنا أحد العلماء الجدد في مجتمعنا، نجد بعده كثيرين يحلمون ويطمحون ويحققون مجدهم ومجد مجتمعهم.

هذه المرة حاورت صحيفة “المدينة” عالمةً متميزة يساعد بحثها ملايين مرضى السرطان حول العالم، بالرغم من سنّها الصغيرة، فقبل أن تصل الثلاثين من العمر، تعمل د. اسراء شرقية من قرية جت في المثلث الشمالي، اليوم، ضمن بحث ما بعد الدكتوراة في الجامعة العبرية في القدس، كعضو في طاقم باحثين ضمن شركة “سنسيرا” يطورون طريقة جديدة لتشخيص مجموعة متنوعة من الأمراض والعمليات في الجسم عن طريق فحص دم بسيط وغير مكلف، والذي يمكن- في كثير من الحالات- تفادي الحاجة إلى الخزعة والاختبارات المعقدة الأخرى، فتتيح هذه الطريقة إمكانية الكشف عن موت الخلايا بشكل فريد وحساس في أنسجة مختلفة في الجسم وبمساعدة عينة دم واحدة، يمكن تحديد مجموعة متنوعة من الحالات المرضية، بما في ذلك أنواع مختلفة من السرطان وأمراض الكبد والقلب. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاختبار المبتكر قادر على تحديد الاختلافات بين المرضى الذين يعانون من نفس النمو السرطاني، مما قد يساعد في المستقبل في اتخاذ قرارات علاجية مصممة بشكل فردي لكل مريض.

بخصوص سيرة د. إسراء شرقية وكيف وصلت الى ما هي عليه كان لنا معها هذا الحوار:

 

من هي اسراء؟

شرقية: أنا من مواليد عام 1992، درست في المدرسة الثانوية الأهلية في أم الفحم ثم بدأت مباشرة بدراسة اللقب الاول، كنت أفكر في دراسة البيولوجيا لمدة سنة حتى استوفي شروط قبول الطب وفعلًا في نهاية اللقب الاول كنت على قائمة الانتظار لدراسة الطب، الا أنني تلقيت رسالة بالرفض بعد بداية السنة الدراسية بأسبوع واحد، فقررت اكمال اللقب الثاني في الجامعة العبرية ايضًا. انضممت إلى مسار مباشر للدكتوراة، وفي إطاره أنهيت اللقب الثاني خلال سنة واحدة وبدأت الدكتوراة. عندما بدأت بالبحث شعرت أن هذا الموضوع مناسب لشخصيتي فهو يهمني ويشعرني بالرضى. صدقًا لم اكن اعلم أن هذه الامكانية موجودة، فقبل اللقب الثاني لم اكن اعلم شيئًا عن البحث الاكاديمي، وكذلك خلال اللقب الاول لم يكن هذا امرًا مطروحًا، لكنني فهمت أن الطلاب اليهود الذين يدرسون معنا كانوا قد بدأوا بالفعل بالعمل في المختبرات، ولكن نحن لم يكن لدينا توعية كافية حول هذه الامكانية. وعندما بدأت البحث وجدت أن هذا ما اريد فعله ومنذ ذلك الحين بقيت في عالم البحث.

 

اي انك لم تتوقفي ابدًا عن الدراسة؟

 شرقية: نعم، يسألونني احيانًا كيف انهيت الدراسة بسن مبكرة كهذه، لكنني اجيب ان هذا هو الامر المركزي في حياتي ولم اتوقف عنه ابدًا، لذلك تمكنت من التركيز في الدراسة والتقدم بها.

 

من يقف وراء اسراء؟

شرقية: اهلي. لا اعلم كم هذا الامر مفهوم ضمنًا، لكن مجتمعنا يعلم كم هو مهم ان تكمل الفتاة دراستها، لكن الطرف الآخر، أي اليهود ينظرون الينا على اننا مظلومات والى اخره. لذلك اعتقد انني لو كنت في عائلة اخرى او مجتمع اخر لم اكن لأتمكن من التفرغ لدراستي بهذه الطريقة. انا لا اتحمل مسؤوليات أخرى.

 

لكن انت تعملين على بحث يمس بحياة الملايين من الناس، وكذلك فالكثيرون ينظرون اليك كقدوة، اليس هذا نوعًا من المسؤولية؟

شرقية: بصراحة هذا هو السبب الوحيد الذي دفعني للموافقة على هذه المقابلة! انا لا أحب الظهور لكن من ناحية أخرى انظر الى المشهورات اليوم والمؤثرات، لا يعقل أن يكون رمز النجاح اللباس والزينة، فقررت أن اضغط على نفسي لكي أساعد فتيات لترى انك كفتاة محجبة يمكن أن تصلي الى الانجازات وهناك طرق أخرى للنجاح غير التيكتوك ومثله من الامور السطحية.

هل كان لديك قدوة كهذه؟

شرقية: خلال اللقب الأول كانت هناك ورشة تشجيعية للطلاب العرب للتقدم الى اللقب الثاني، وكان الاشتراك مقابل منحة اذا وصل الطالب الى اللقب الثاني، ففكرت أن هذه خطوة جيدة. خلال هذه الورشة تعرفنا على فتاة هي ياسمين أبو فول، ايضا من جت، كانت تدرس وقتها اللقب الثالث في علم النفس وتعمل معيدة في الجامعة. معرفة ياسمين ابو فول ألهمتني لأنها تبدو مثلي، تلبس الحجاب وهذا الامر أكد لي أن هذا الامر ممكن. واعتقد انني عدت الى ذلك المكان عندما كنت معيدة في الجامعة حتى ترى الفتيات أن بإمكانهن أن يكن في مقدمة البحث العلمي.

 

هل كان هناك صعوبات في طريقك الاكاديمي؟

شرقية: طبعًا فالبحث العلمي حافل بالصعوبات. فمعظم اعمالنا لا تنجح، نحن نجري عشرات التجارب حتى نصل الى تجربة ناجحة واحدة. والامر ايضًا يستولي على تفكيرك فأحيانًا لم اتمكن من النوم لأنني لم اترك العمل ورائي، بل استمر في التفكير به حتى افهم ما حصل. اعتقد ان هذا اسلوب حياة غير سهل ابدًا. لكن من ناحية أخرى هذا المشروع هو امر مهم يخصني.

 

أين ترين نفسك بعد عشر سنوات؟

شرقية: حاليًا أنوي الاستمرار في مشروع بحث فحص الدم واتأمل أن يصل الفحص إلى المرضى وأن يتم اجراؤه بشكل اعتيادي ويومي، فهذا الفحص مهم ويمكن حتى أن يريح المرضى من التعرض للإشعاع والخزعات.

 

ماذا عن اسراء كشخص؟

شرقية: في الواقع قبل البدء بمشروع البحث كنت احلم بافتتاح مختبر خاص بي، واكون أول باحثة محجبة تدير مختبرها الخاص. لكنني أجد نفسي في تقدم مستمر ضمن المشروع البحثي الحالي وانوي الاستمرار فيه بكل قوتي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى