أخبار رئيسية إضافيةرياضةمنوعات

“دوري السوبر” ينهار ويُسقط معه مشروع “أمركة” الكرة الأوروبية

عاشت أوروبا بأكملها أياما ربما تكون الأكثر درامية في تاريخ القارة الكروي.. 12 ناديا الأكبر والأكثر جماهيرية حول العالم أعلنوا تمردهم وانفصالهم عن مظلة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم “اليويفا” بإطلاقهم بطولة منفصلة.

وتتوزع أسماء الأندية الـ12، التي أطلقت “دوري السوبر الأوروبي”، على 3 بطولات أوروبية، وتضم كلا من: ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيكو مدريد، (من إسبانيا)، ومانشيستير سيتي وليفربول، وتشيلسي، ومانشيستير يونايتيد، وأرسنال، وتوتنهام (انجلترا)، وميلان وإنتر ميلان ويوفنتوس (من إيطاليا)

قالت الأندية الـ12 إن مشروعها، المستنسخ عن دوري الـNBA الأمريكي لكرة السلة، هدفه تطوير الكرة الأوروبية والذهاب بها إلى مستوى آخر، يضمن بقاءها في القمة من خلال “توليد موارد إضافية لهرم كرة القدم بأكمله”.

وسيوَزع مبلغ 3,5 ملايين يورو على الأندية المؤسِّسة، وهي مكاسب تم التفاوض عليها مع بنك “JP Morgan”، الذي سيكون الراعي والمموّل الرئيسي للبطولة، بحسب ما أكّده متحدث باسمه من لندن الإثنين الماضي.

** أحلام وردية بددتها عصا العقوبات

يهدف “السوبر ليغ” إلى تأمين موارد إضافية للأندية المؤسِسة، من خلال توقيع عقود خيالية مع الشركات الناقلة لمباريات البطولة، ما سيؤدي إلى زيادة العائدات الحالية من النقل التلفزيوني، خاصة في ظل تراجع مداخيلها بسبب تداعيات فيروس كورونا.

وتوقع المؤسسون للبطولة أن تتجاوز إيرادات دوري السوبر الأوروبي على المدى الطويل حدود الـ 10 مليارات يورو، بشرط أن تلتزم الأندية المشاركة باحترام “إطار الإنفاق المُنَظَم”.

الحلم الوردي لفلورنتينو بيريز، رئيس نادي ريال مدريد، وزعماء الأندية المؤسِّسة دام 48 ساعة فقط، بعدما أعلنت الأندية الإنجليزية انسحابها، ما أدخل دوري السوبر الأوروبي لكرة القدم في موت سريري أكده خروج أتلتيكو مدريد وإنتر ميلان.

المشروع المثير للجدل أصبح في مهب الانهيار حتى مع بقاء أندية بحجم ريال مدريد وبرشلونة ويوفنتوس وميلان، متمسكين بحلمهم، خصوصا وأن ردود الفعل الغاضبة من الحكومات والاتحادات الأوروبية إلى جانب الجماهير ما زالت مستمرة، وسط تهديدات قد تُقيّض أي محاولة مشابهة في المستقبل.

الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) و”يويفا”، لم يترددا في التلويح بفرض عقوبات على الأندية المشاركة في البطولة الجديدة، مثل استبعاد اللاعبين المشاركين من المنافسات الدولية من كأس أمم أوروبا وكأس العالم.

وهذا الإجراء يحمل كل أشكال القانونية نظرا لوجود السلطة التنظيمية لدى “فيفا” و”يويفا” للقيام بذلك، إذ تنص لوائحهم وأنظمتهم الأساسية على فرض عقوبات على الفرق إذا لم تحصل على موافقة أولية للمشاركة في مسابقة جديدة.

كما أن الاتحادات الأوروبية المحلية المنضوية تحت مظلة “يويفا”، لمحت إلى استبعاد أندية “السوبر ليغ” من المشاركة في مسابقتها، مستندة على مواقف أندية صف الوسط وما دونها.

أبدت عدة أندية اعتراضها الشديد على إقامة البطولة الجديدة لما ستوفره من مداخيل مالية خيالية للأندية الكبيرة، وتعزيز قوتها الشرائية والتطويرية، ما يعني انعدام أي فرصة للأندية الفقيرة في المنافسة على الألقاب.

** ضغوط حكومية كبيرة

استمرار الأندية الـ12 في موقفها باستكمال مشروع دوري السوبر الأوروبي لو حدث، فإن هذا يعني لجوء “يويفا” والاتحادات المحلية إلى تطبيق عقوباتها بصيغة أو بأخرى، وبالتالي فإن خروج أندية كبيرة من مركز قاعدتها الجماهيرية سيؤثر حتما على تلك الأندية والبطولات المحلية أيضا.

وبالنظر إلى حجم الدوري الإنجليزي الممتاز وتأثيره في الحياة الاقتصادية لبريطانيا، وحدت حكومة بوريس جونسون، نفسها مضطرة أن تتدخل لوقف المشروع “الانفصالي” للأندية الـ12، والاصطفاف إلى جانب “يويفا” في موقفها.

فمسابقة “البريميرليغ” توفر مداخيل لإنجلترا بـ 8 مليارات إسترليني ( أكثر من 11 مليار دولار)، وتوفر 100 ألف فرصة عمل بشكل مُباشر وغير مباشر، لما يُمثله الدوري من منتج فاخر مطلوب في جميع أنحاء العالم، ويأتي لمشاهدته كل عام أكثر من 700 ألف زائر.

ورغم قانونيته وصدور قرار من محكمة مدريد يمنع أي قرار يُعرقل إقامة “السوبر ليغ” على الأراضي الأوروبية، إلا أن رئيس الوزراء البريطاني، هدد الأندية الإنجليزية بفرض ضرائب مرتفعة عليها إذا مضت في طريقها، نظرا لحجم المداخيل الكبيرة التي من المتوقع أن تدخلها.

ولوّح جونسون، بفرض قيود على الفرق المشاركة في دوري السوبر، شملت التهديد بإلغاء تراخيص عمل كل اللاعبين الأجانب، وهو ما يشكل ضربة قوية لتلك الأندية.

ضغوطات الحكومة البريطانية على أنديتها جاءت بثمارها سريعا بعدما أعلن كل من: مانشستر سيتي، واليونايتد، وأرسنال، وتوتنهام هوتسبير، مع ليفربول وتشيلسي، خروجهم من مشروع دوري السوبر.

وانسحاب 6 فرق انجليزية من إجمالي 12 ناديا أوروبيا من مشروع “السوبر” كان كافيا لإيقافه، على الأقل في الوقت الحالي.

** رفض رياضي وجماهيري

الإسباني بيب غوارديولا، المدير الفني لنادي مانشستر سيتي، أحد الأندية المؤسسة لدوري السوبر الأوروبي، لم يتردّد في انتقاد الخطوة وعبر عن رفضه لها مع تحميل اتحاد اللعبة القاري لبعض المسؤولية فيما يحدث.

وقال غوارديولا، إن النظام المغلق للبطولة الجديدة “لا يمت الى الرياضة عندما تنعدم العلاقة بين الجهود والمكافأة. ليست رياضة عندما تكون ضامنًا للنجاح، ليست رياضة عندما لا يكون مهمًا إذا خسرت”.

وتحدثَت عدة أخبار عن دخول المدرب الألماني يورغن كلوب، في خلاف مع إدارة ليفربول، بعد انضمام النادي للمشروع الجديد.

ونقلت صحيفة ميرور، تصريحات لكلوب، قال فيها: “أتمنى ألا يقام دوري السوبر الأوروبي أبدا، وحسب الطريقة التي يسير بها دوري الأبطال الآن، فإن كرة القدم تتمتع بمنتج رائع حتى مع الدوري الأوروبي”.

وأضاف: “بالنسبة لي دوري الأبطال هو الدوري الممتاز، حيث لا ينتهي بك الأمر دائما باللعب ضد نفس الفرق”.

موقف كلوب، سانده لاعبو الفريق بالإجماع بعد إصدارهم بيانا قالوا فيه: “نحن لا نحبه (دوري السوبر)، ولا نفضله، ولا نريده أن يقام، لا نحب ما يحدث ولا نريد حدوثه وهذا موقفنا الجماعي، الانتماء إلى ليفربول غير مشروط، ولن نتركه يسير وحيدا أبدا”.

ردود الفعل الغاضبة من “السوبر ليغ” توالت وصدرت عدة تصريحات من نجوم ولاعبين سابقين رافضة للفكرة ومطالبة بتطبيق عقوبات قاسية على الأندية المؤسسة.

ومن أبرز التعليقات التي صدرت، حديث النجم البرتغالي لويس فيغو، الذي قال فيه: “هذه الخطوة جشعة وقاسية، وستؤدي إلى كارثة محققة”.

وهناك من ذهب إلى حد وصف دوري السوبر الأوروبي بـ “العار”، كما قال غاري نيفيل، ومنهم من اعتبر “إقامة تلك البطولة بمثابة جريمة في حق كرة القدم”، وفقا لتصريحات رودي فولر نجم المنتخب الألماني سابقا.

كما كان لجماهير المستديرة موقف مؤثر حول المشروع “الانشقاقي” كما وصفه بعضهم بعبارات ولافتات خرجوا بها إلى الشوارع وأمام مقرات أنديتهم.

ووضع قرابة ألف مشجع لأندية إنجليزية خصوماتهم في الدوري الممتاز جانباً، وشاركوا في تظاهرة احتجاجية خارج ملعب “ستامفورد بريدج” خلال مباراة تشيلسي وبرايتون، تبعها خروج جماهير من مشجعي يوفنتوس وميلان وأرسنال وغيرها من أندية لم تكن ضمن المشروع.

وكما يبدو في الوقت الحالي، فإن الكفة مالت في معركة دوري السوبر الأوروبي إلى جانب الاتحادات والحكومات والجماهير، لكن ذلك لا يعني نهاية “حرب الأندية الأوروبية الممتازة”، التي قد تندلع مرة أخرى بأسماء وبطولات جديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى