أخبار رئيسيةأخبار عاجلةعرب ودولي

جورج فلويد جديدًا: عنف الشرطة الأميركية ينفجر في وجه بايدن

فيما تقترب الذكرى السنوية الأولى لمقتل المواطن من أصول أفريقية جورج فلويد اختناقًا بعدما ضغط الشرطي ديريك شوفين بركبته على عنقه لأكثر من ثماني دقائق، عادت مدينة مينيابوليس، أكبر مدن ولاية مينيسوتا، شمال الولايات المتحدة، إلى المشهد المرتبط بالحراك ضد العنصرية في هذا البلد، وعنف الشرطة، ليس فقط بسبب المحاكمة “التاريخية” التي تجري فيها لشوفين، ولكن أيضاً مع عودة الاحتجاجات التي أجّجها مقتل مواطن أسود آخر بعنف الشرطة ذاتها. ويعد مقتل داونت رايت، أول من أمس الأحد، في مينيابوليس، عملية القتل الثالثة في المدينة التي تحصل على يد الشرطة، بعد مقتل فلويد، حيث كان تلاه مقتل المواطن من أصول صومالية دولال إيد، بداية العام الحالي. وكان مقتل إيد قد مرّ من دون صخب كثير، بعدما بادرت شرطة مينيابوليس، بشكل غير مسبوق، إلى نشر فيديو بعد 24 ساعة من مقتله، يظهر أنه بادر أولًا لإطلاق النار على عناصرها، رغم ما أثاره ذلك من علامات استفهام من ناشطين ومشككين. ويعيد اليوم مقتل رايت فتح تساؤلات كثيرة، بغض النظر عن حجم الاحتجاجات ومدى إمكانية اتساعها، حول مطالب إصلاح الشرطة في المدينة، التي تحمل خصوصية محددة، حيث أصبحت رمزًا للعنف الشرطي الممنهج ضد المواطنين من الأقليات، كما يعيد التذكير بأن الرئيس الأميركي جو بايدن لن يكون أكثر شجاعة من سلفه دونالد ترامب في ما خصّ هذه الأزمة المتجذرة في البلاد. ويأتي ذلك لا سيما أن بايدن معروف بمناصرته للشرطة الأميركية، وغير مستعد لفتح جبهة تشريعية في الكونغرس مع الجمهوريين أو الجناح المعتدل في الحزب الديمقراطي. بهذا المعنى، قد تكون محاكمة شوفين و”قانون جورج فلويد لإصلاح الشرطة”، بالإضافة إلى تعويض عائلة فلويد، أكثر الممكن الذي قد تحصل عليه جولة تصعيد الحراك ضد العنصرية الجديدة، والتي كانت قد بدأت منذ مقتل فلويد في 25 مايو/ أيار الماضي.

وانضمت احتجاجات اندلعت ليل الأحد – الإثنين، إلى أخرى متواصلة منذ أيام في مينيابوليس، تزامناً مع محاكمة شوفين، بعدما قتلت الشرطة الشاب من أصول أفريقية داونت رايت (20 عاماً)، بإطلاق النار عليه في أحد أحياء المدينة. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية باتجاه المئات الذين تجمعوا خارج مركز للشرطة في بروكلين سنتر، شمال غرب مينيابوليس، تنديدًا بمقتل رايت. وبعد نحو ساعة، تراجع وجود الشرطة، وتحول الحشد إلى إضاءة الشموع، وكتابة رسائل على نحو “العدالة لداونت رايت” في الشارع، لتعود الاحتجاجات وتندلع مجدداً، ما دفع سلطات المدينة لفرض حظر تجول حتى صباح أمس، الإثنين. وروت والدة رايت، كاتي، أن ابنها اتصل بها لإبلاغها بأنه تمّ توقيفه من قبل الشرطة، مضيفة أنها سمعت عناصر الأمن يطلبون منه ترك هاتفه المحمول قبل أن ينهي أحدهم المكالمة، لتعود صديقته وتبلغها بأنه قتل بالرصاص.

من جهته، فتح مكتب التوقيف الجنائي التابع لمينيسوتا تحقيقاً في الحادثة. ووفق بيان لدائرة شرطة بروكلين سنتر، فإن العناصر طلبوا من سائق التوقف بسبب مخالفة مرورية، وعندما اكتشفوا وجود مذكرة بإلقاء القبض عليه أساسًا، حاولوا توقيفه، لكنه عاد إلى سيارته وأطلق أحد العناصر النار فأصيب السائق وتوفي فورًا. وجاء في البيان أن راكبة كانت مع رايت في السيارة، تعرّضت “لإصابات لا تشكّل خطراً على حياتها” ونقلت إلى مستشفى في المكان، وكذلك شرطي. ووصف رئيس بلدية مدينة بروكلين مايك إليوت إطلاق النار بأنه “مأساوي”، مطالباً المتظاهرين بالحفاظ على السلمية، وعدم تعامل (الشرطة) مع الاحتجاجات بالقوة.
وجاء مقتل رايت، على بعد نحو 16 كيلومتراً فقط من موقع وفاة جورج فلويد في العام الماضي، في وقت تتواصل فيه محاكمة الشرطي السابق ديريك شوفين، المتهم بقتله، مع ثلاثة شرطيين آخرين لم تبدأ محاكمتهم بعد. وفيما تسلط الأضواء على محاكمة شوفين، باعتبارها مناسبة لتعرية الشرطة الأميركية ومحاسبتها، وبعد شهادة زملائه وشرطيين قدامى ضده، إلا أن العنف الممنهج لشرطة مينيابوليس لا يزال يشكل أحد النماذج الأكثر وضوحاً لفشل سلطات هذه المدينة، والسلطات المحلية في ولايات أميركية عدة، في معالجة هذه الأزمة المتجذرة. وبينما يصل مستوى الحراك إلى المطالبة بـ”وقف تمويل” الشرطة الأميركية، فإن مستوى التعاطي الرسمي مع الأزمة في المدينة يبقى في حدوده الدنيا، على الرغم من أن البيانات الرسمية كانت قد أشارت لدى مقتل فلويد إلى أن 60 في المائة من ضحايا العنف الشرطي فيها هم من المواطنين السود، الذين يشكلون 20 في المائة من سكانها. كما أنه لا يجري التحقيق في أي حادثة من هذا النوع سوى بعد شكوى من أحد ذوي الضحايا، علماً أن معظم عمليات المحاسبة لا تتخطى “التوبيخ”، بحسب معطيات جمعها موقع “مينيسوتا ريفورمر”. ويعزو متابعون ذلك إلى قوة لوبي الشرطة في المدينة، اتحاد نقابة الشرطيين فيها، التي بنت قوتها منذ عام 1970.

وكان مقتل فلويد قد أشعل شهوراً من الاحتجاجات في البلاد ضد العنصرية وعنف الشرطة، لكنه لم يدفع الإدارة الأميركية السابقة إلى التحرك لاتخاذ أي إجراء لتنفيس الغضب. بل على العكس، فإن دونالد ترامب، الذي كان قد بدأ حملته للسعي لولاية رئاسية ثانية، مارس العديد من أشكال الاستفزاز للحراك ضد العنصرية، كما دعم بشكل غير مباشر ممارسات الشرطة العنفية ضد المتظاهرين، ووجه رسائل اعتبرت داعمة أيضاً لحراكات نفذها يمينيون متطرفون بحجة “حماية” أحياء من “عنف” المتظاهرين ضد العنصرية. وذهب ترامب إلى الدفاع عن رموز من عهد العبودية، ورفض إزالة أسماء قادة الكونفيدرالية من قواعد أميركية.

ولم تخرج إدارة بايدن بعد بأي تحرك يمكن إحداث تغيير كبير في المعادلة. إذ أكد بايدن بعد تسلمه السلطة، في يناير/ كانون الثاني الماضي، معارضته بشكل قاطع “إنهاء تمويل الشرطة”. ومرّر مجلس النواب الأميركي، في مارس/ آذار الماضي، قانون جورج فلويد لإصلاح الشرطة، بانتظار تمريره أيضاً في مجلس الشيوخ، لكن حركة “حياة السود مهمة” اعتبرت أنه يراكم “استراتيجيات إصلاح أخفقت في تصحيح أوضاع المجتمعات المهمشة وتصحيح ظاهرة عنف الشرطة وطنياً”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى