أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

“سلطة أوسلو” ودورها في تعزيز مشاركة العرب في الكنيست

ساهر غزاوي

عملت اتفاقيات أوسلو التي عُقدت في 13 سبتمبر/ أيلول لعام 1993، وما يسمى “مفاوضات السلام” التي أعقبتها، على إقصاء وإهمال فلسطينيي الداخل (48) وابقائهم خارج المعادلة، كما كانوا قبل الاتفاقيات والمفاوضات، بحيث لا تتناول قضاياهم في أي مفاوضات تُجرى بين الإسرائيليين والسلطة الفلسطينية في إطار ما يسمى “عملية السلام”، على اعتبار أن مصير الفلسطينيين في الداخل، سيتقرر في سياق مكانتهم كمواطنين إسرائيليين، وبالتالي لن يكونوا طرفًا من أي حل دائم للصراع، فضلًا أن اتفاقية أوسلو تُلغي حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى بيوتهم.

على الرغم مما ذكر، فإن “سلطة أوسلو” قامت بصورة مباشرة أو غير مباشرة عبر مسيرة طويلة بلعب أدوار سياسية في أوساط الفلسطينيين في الداخل، من خلال تشجعيهم على تعزيز أثرهم بواسطة المشاركة في الكنيست الإسرائيلي، حيث ترى فيهم لاعبًا مركزيًا في تحقيق أحلامها وآمالها بنجاح اتفاقية أوسلو. فـ “سلطة أوسلو” كانت ولا تزال تؤمن بإمكان تحقيق السلام من خلال الاتفاقية بدعم مما يسمى “معسكر السلام في اليسار الصهيوني” ومن الأحزاب داخل المجموعة الفلسطينية (48) التي أيّدت “أوسلو” و “حل الدولتين” مثل: الحزب الشيوعي الإسرائيلي والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والحزب الديمقراطي العربي والحركة الإسلامية الجنوبية الممثلة في الكنيست، بينما أدّت الحركة الإسلامية بقيادة الشيخ رائد صلاح دورًا مركزيًا في نقد اتفاقية أوسلو بالإضافة إلى حركة أبناء البلد وأوساط ثقافية ووطنية أخرى.

الأحزاب العربية المشاركة في الكنيست الإسرائيلي والمؤيدة لاتفاق “أوسلو” و “حل الدولتين”، ربطت مسألة “السلام” الموهوم بمستقبلها الخاص ومن هذا المنطلق تموضعت خارج حدود “الشرعية” لما يسمى “معسكر يسار السلام الصهيوني”. في الوقت الذي لم تدرِك به أن “سلطة أوسلو” قضت على حظها في أي عملية سلمية ممكنة في المستقبل. وكما قيل في سياق ذلك: دُعُوا للاحتفاء والاحتفال بعملية سلام لم يكونوا جزءًا منها.

لذلك، وحتى تحقق “سلطة أوسلو” أحلامها وآمالها في مشاريع “التسوية السلمية” التي ولدت ميتة بانهيار حل الدولتين، وتحول السلطة الوطنية الفلسطينية لمجرد كيان وظيفي يخدم الاحتلال الإسرائيلي أكثر من الدولة الفلسطينية، وفشل هذا المسار على الأرض مهما تم من محاولات لتسويقه، حملت “سلطة أوسلو” للأحزاب العربية رسائل تؤكد على تشجيعهم على تعزيز وجودهم ومكانتهم في الكنيست الإسرائيلي، حتى وإن كان ذلك من خلال مشاريع التدجين والاندماج والأسرلة تحت مسميات مختلفة، من خلال فتح قنوات اتصالات وإجراء مداولات ومحادثات معهم في وقت مبكر جدًا، حتى أنها بعثت مُمثليها لحضور المؤتمرات واللقاءات الجماهيرية التي تعقدها الأحزاب العربية. وفي أحد المؤتمرات، الذي عقد عام 1995 في بلدة كفر قرع، قال أحد ممثلي “سلطة أوسلو”: “نرغب كفلسطينيين في رؤية المزيد من النواب العرب في الكنيست، من المهم جدا أن تتحد الأحزاب العربية ضمن حزب واحد”، كما يُبين الباحث د. منصور نصاصرة في أحد مقالاته البحثية.

ووفقا لهذا المنظور، فقد دعا رئيس السلطة الفلسطينية “سلطة أوسلو” محمود عباس، رئيس بلدية الناصرة علي سلام، إلى مقر الرئاسة الفلسطينية في المقاطعة برام الله في شباط من العام 2019، وحثّه على العمل حفاظا على “القائمة المشتركة”، “باعتبارها مكسبًا لفلسطينيي الداخل وذات تأثير قوي على الساحة السياسية في إسرائيل مما قد يفيد القضية الفلسطينية”.

وعندما أبدت “سلطة أوسلو” عدم رضاها وخيبة أملها وآمالها وضياع أحلامها من نجاح مشاريع “التسوية السلمية” بسبب سلوك الأحزاب العربية بعد تفكيكها “القائمة المشتركة”، التقى مسؤول في القائمة المشتركة الرئيس أبو مازن ووضعه في صورة الأوضاع داخل القائمة “التي يحاول رئيس الحكومة الإسرائيلية ورئيس “الليكود” بنيامين نتنياهو شقها ويواظب على التحريض ضدها كي لا تبقى عاملا فاعلا في منعه من تشكيل حكومة مستقرة في العامين الأخيرين رغم ثلاث جولات انتخابية متتالية”. بحسب ما أكده مصدر فلسطيني في السلطة الفلسطينية لـ “القدس العربي”.

إلى جانب ما ذكر، فإن “سلطة أوسلو” سعت لإقناع أوساط يهودية وفلسطينية من الداخل لتأسيس حزب مشترك يخوض انتخابات الكنيست القادمة أو لتعزيز حزب “ميرتس” عبر تجنيد المزيد من الداعمين والمتحالفين العرب له. فقد نقلت صحيفة “هآرتس” العبرية في شهر حزيران من العام 2019، أن السلطة الفلسطينية تجري مداولات ومحادثات مع بعض الناشطين ورؤساء الحكم المحلي من فلسطينيي الداخل ضمن معاينتها إمكانية تشكيل تحالف عربي – يهودي جديد أو زيادة تعزيز “ميرتس” وهو حزب يساري صهيوني ليبرالي يعمل من أجل المساواة المدنية ويؤيد إنهاء الاحتلال وتسوية الصراع على أساس إقامة دولة فلسطينية مستقلة في الأرض المحتلة عام 1967 وعاصمتها الشطر الشرقي من القدس، بحسب “هآرتس”.

كما ونشرت “القدس العربي” في هذا السياق، أن “السلطة الفلسطينية ومن خلال “لجنة التواصل” التي يرأسها محمد المدني تعتقد في السنوات الأخيرة أن هناك قيمة استراتيجية لعمل سياسي عربي – يهودي مشترك يتجاوز موضوع الانتخابات العامة ويفترض أن يدوم على مدار العام. ويؤكد هؤلاء أن السلطة الفلسطينية تتطلع من خلال التحالف المقترح زيادة فرص التغيير والتأثير على السياسات والقرارات الإسرائيلية في قضيتي السلام وتسوية الصراع مع الشعب الفلسطيني والمساواة المدنية للمواطنين العرب الفلسطينيين في الدولة اليهودية”.

ختامًا، هذا فيض من غيض الدور الذي لعبته ولا تزال “سلطة أوسلو” عبر مسيرة طويلة، في بذل المساعي والجهود عبر تشجيع أحزاب عربية وأوساط سياسية بالمشاركة في الكنيست الإسرائيلي وتقديم جميع أنواع الدعم السياسي والمادي والإعلامي على اعتبار أنه بمقدورهم جنبًا إلى جنب مع ما يسمى “معسكر يسار السلام الصهيوني” من تحقيق أحلامها وآمالها بنجاح إقامة وَهْم “دولة أوسلو” عبر مشاريع التصفية “التسوية” الميتة قبل أن تولد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى