أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

أبناؤنا والطوفان التكنولوجي…هل من قارب للنجاة

ليلى محمد غليون
إن المتطلع على تربية الابناء وأخلاقهم قديما وحديثا، خاصة بعد الثورة التكنلوجية العارمة، يجد البون الشاسع فيما كانوا عليه وما آلوا إليه. فالتربية في الماضي والتي كانت تعتمد بالدرجة على الأهل، رغم أن العديد منهم كانوا أميين وغير مطلعين على أساليب التربية الحديثة، إلا أنه كان شغلهم الشاغل إنشاء أبناء وبنات على مستوى مرموق من الرقي الفكري والاجتماعي والعلمي والمهني، كذلك لا يمكننا أن ننسى دور المدرسة الذي ساهم بشكل كبير في انشاء مثل هذا الجيل، يوم كان للمعلم قيمته الحقيقية وهيبته ووقاره عند الطلاب وعند الأسرة وعند المجتمع برمته.
نعم، لقد كان للأهل الدور المباشر في ترسيخ المبادئ الاخلاقية السامية في شخصيات أبنائهم، ساعدهم على ذلك عدم وجود الوسائل الترفيهية المنتشرة اليوم، بدون تكنولوجيا، بدون فضائيات، بدون بليستيشن، بدون نت ولا أجهزة ذكية ولا فيسبوك ولا وتسأب، فقد كان للأهل حضور ومساحة شاسعة في حياة وتربية الأبناء، ما انعكس بصورة إيجابية على أخلاقهم وشخصياتهم ومستقبلهم.
واليوم وبعد ثورة التكنولوجيا وكثرة وكلاء التربية حيث لم يعد الأهل هم الوحيدون في العملية التربوية حيث يشترك معهم العديد من وكلاء التربية، فإننا نجد الفرق الشاسع بين أبناء اليوم وأبناء ما قبل الثورة التكنولوجية، والتي أفرزت جيلا مرفهًا يحصل على كل شيء ولا يعجبه أي شيء ويريد الاستقلالية في كل شيء ويكاد لا يتحمل مسؤولية شيء، جيل أصبح همّه في الغالب ليس التعليم والمستقبل، بقدر ما أصبح همه، كيف يقتني آخر صرخة من الهواتف الذكية ليباهي بها أصحابه، ومغامراته مع الجنس الآخر.
وفي هذا المقام، لا يمكننا أن نغض الطرف عن الأهل وأنهم مسؤولون بالدرجة الأولى عن هذا الانحدار التربوي، رغم الصعوبات التي يواجهونها في تربية أبنائهم بسبب الطوفان التكنولوجي الجارف كما أسلفنا، لأننا بتنا نرى في الغالب أن العديد من الآباء والأمهات أصبحوا مشغولين عن تربية أبنائهم في عالمهم الخاص، فالأب مشغول حتى الدقيقة التسعين في أعماله ومشاغله، وربما لا يعلم في أي مدرسة يتعلم ابنه، كذلك الأم نجدها مطحونة في أعمالها المنزلية وعملها خارج البيت، ولا تجد الوقت للجلوس مع أبنائها وبناتها والاستماع إليهم ولمشاكلهم والدخول إلى عوالمهم ومعرفة ما يجري ويدور فيها. فماذا نتوقع من هذا الجيل الذي تحيطه المخاطر والأشواك التربوية من كل جانب؟
ولأن الثورة التكنلوجية قد فرضت نفسها فرضا على واقع الكبار والصغار، إلا أننا يجب أن نكون واقعيين وموضوعيين في هذا الأمر، فليس من المعقول ولا هو من الحكمة أن نسعى جاهدين لإلغائها من حياة الأبناء لأننا لن نفلح أبدا، كما لا بد لنا أن نتذكر أن هناك العديد من الجوانب الايجابية العديدة لهذه التقنيات وليست كلها سلبية، ولكن المشكلة تكمن في سوء استخدامها، والمطلوب من الأهل والمربين مساعدة الابناء والأخذ بأيديهم لخلق الموازنة والتوسط في الانغماس بالتقنيات الحديثة وبث الوعي والارشاد في كيفية تعاملهم معها من خلال النقاط التالية:
1. يجب بداية على الأهل أن يكونوا واعين ومدركين أنهم ليسوا لوحدهم في العملية التربوية، بل هناك من يتسلل ليشاركهم هذه المهمة، وهذا المتسلل في الغالب ليس مؤتمنا على تربية الأبناء.
2. حضور الأهل الايجابي في حياة الأبناء وتخصيص أوقات للاجتماع العائلي ومدّ جسور الحوار والصراحة بين الأهل والأبناء والثقة المتبادلة بينهم، ليكون الأهل مطلعين على خبايا وخفايا أبنائهم.
3. عند تخصيص وقت محدد لاجتماع العائلة، على الآباء والأمهات العمل على إغلاق التلفزيون، وكل ما يمكن أن يشغلهم عن أبنائهم في هذه الساعة تحديدا، وإن استطاعوا إغلاق هواتفهم فهذا أفضل، حتى يتفرغوا بصورة فعلية لأبنائهم لا يشغلهم عنهم شاغل.
4. العمل على إشغال الأبناء بأنشطة رياضية أو دورات ثقافية أو رحلات ترفيهية.
5. إشباع الأبناء عاطفيا وخلق جو حميمي في الأسرة والابتعاد عن المشاكل الأسرية خصوصا أمام الابناء.
6. توعية الأبناء بالمخاطر الصحية والاجتماعية جراء الاستعمال المتواصل للأجهزة التقنية مع سرد قصص حدثت للعبرة.
7. العمل على تقنين استخدام الأجهزة التقنية بحيث يحدد الاهل والمربون وقتا محددا للأبناء لاستخدامها أو اللعب من خلالها ويكون للأهل سلطة في ذلك ولا يضعفوا أمام رغبة أو إلحاح الأبناء.
8. توفير أمور جاذبة ومقنعة للأبناء بديلة عن التي يجدونها في العالم الافتراضي في هذه التقنيات والعمل على جعلها مكونات أساسية محببة في واقعهم.
9. الاستعانة بالله سبحانه قبل كل شيء، وتكثيف الدعاء أن يحفظ الله عز وجلّ الابناء من كل شرّ وأن يعين الأهل على تربيتهم خاصة في هذا الزمن الصعب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى