أخبار رئيسيةأخبار عاجلةمحلياتومضات

شارع “التفافي الطيبة”: مخطط سلطوي يهدد بمصادرة مئات الدونمات لأهالي الطيبة والبلدات المجاورة

ساهر غزاوي
تسير الدولة الإسرائيلية وحكوماتها المتعاقبة منذ قيامها، وفق مخطط ممنهج وشامل لتضييق الخناق على التجمعات السكانية العربية، عبر مصادرة الأراضي والسياسات التخطيطية التمييزية التي تحشر العرب في أماكن مكتظة، بينما تمنح أراضٍ واسعة للبلدات اليهودية والتي جرت العادة أن تتخطاها المخططات والمشاريع السلطوية.
اقتراح مخطط سلطوي جديد بما يسمى “التفافي الطيبة”، يهدد مئات الدونمات لأراضٍ تعود معظم ملكيتها لأهالي مدينة الطيبة، وعشرات الدونمات الأخرى لأهالي مدينة قلنسوة، يرمي المخطط إلى نقل شارع 444 الالتفافي من مفرق “تسور يتسحاق” جنوبي الطيبة، إلى غربي (شارع 6) مرورًا بأراض خاصة.
لمواجهة هذا المخطط السلطوي، أقرّت اللجنة الشعبية في مدينة الطيبة عدة خطوات، منها: تشكيل لجنة قانونية لمتابعة المسار القضائي، والتواصل مع المركز العربي للتخطيط البديل، بالإضافة إلى مشاركة المسار البرلماني في هذا النضال على الصعيد السياسي. في الوقت الذي ناشدت فيه اللجنة الشعبية أهالي الطيبة والمنطقة الالتفاف حولها كي تستطيع التصدي لمصادرة الأراضي.

سياسة فرّق تسد وإغراءات مالية
للوقوف على تفاصيل هذا المخطط، التقت صحيفة “المدينة” رئيس اللجنة الشعبية في الطيبة، المحامي شاكر بلعوم، وقال إنه “على مدار عقود طويلة تعرضت مدينة الطيبة مثل غيرها من البلدات العربية إلى مخططات عديدة لمصادرة أراضينا، لكن في الفترات الأخيرة، وتحديدا قبل ما يقارب 25 سنة، طلعت علينا مخططات قطرية، أكثر توسعية وبتنا نرى أنها بدأت في مخطط (شارع 6) ومخطط الكهرباء وبعدها بدأت كل هذه المخططات تستهدف أراضينا الخاصة”.
ويتابع: “عندما نتحدث عن أراضٍ فإنما نتحدث عن أراض خاصة، ولا نتحدث عمّا يسمى (أراضي دولة)، كل أراضينا الموجودة غربي (شارع 444) بدأ تحويلها إلى أراض لمصلحة الدولة!! ورأينا مصادرة الأراضي لصالح (شارع 6) ومن خلاله نفّذوا مخططا لخط الكهرباء، ثم خط الغاز، وفي نهاية الأمر تمت مصادرة أراض و (قصقصة الأراضي) من أجل بناء سكة الحديد تمر من أراضي الطيبة خاصة ومن بلدات عربية مجاورة أخرى”.
يضيف المحامي بلعوم: “وصلنا لمرحلة صادرت فيها الدولة الأراضي لصالح مشروع سكة الحديد، وصادروا ما يقارب من 650 من الدونمات في الفترة الأخيرة. وأصحاب الأراضي لم يجدوا مفرًا إلا أن يقبلوا بأموال التعويضات، لأن الدولة لم تترك لهم مجالًا أن يقبلوا تبديل أرض مقابل أرض مقسمة على المئات من الأهالي مالكي الأراضي”.

المحامي شاكر بلعوم
المحامي شاكر بلعوم

وبخصوص الحراك النضالي، يقول رئيس اللجنة الشعبية: “واكبنا القضية من بدايتها على أساس أن نمشي في طريق الحراك النضالي، ويكون من منطلق أن نطالب بأرض مقابل أرض فقط ولا نريد أموالا ولا أية تعويضات، والتعويض يكون فقط بأرض، وخاصة أن هناك إمكانية لدى الدولة التي تسيطر مباشرة على 93% من الأراضي. لكنها مارست سياسة فرّق تسد على أصحاب الأراضي من خلال استهداف فردي لأصحاب الأراضي للقبول بالتعويضات والإغراءات المالية بدل المطالبة بأرض مقابل أرض”.
ويشير بلعوم إلى أن اللجنة الشعبية التقت مع وزيرة المواصلات “ميري ريغف” ومع مسؤولين رسميين آخرين في الحكومة، لوقف هذه المخططات ومن أجل توسيع الأراضي الزراعية”. وفي هذا الإطار، ينوه “نحن نفتخر كلجنة شعبية أننا حققنا بعض الإنجازات بفضل الاعتصام والحراك الشعبي والنضال الجماهيري على جميع الأصعدة واستجيب لبعض مطالبنا بفضل ذلك”.
عن تفاصيل مخطط شارع 444 الالتفافي يقول المحامي شارك بلعوم: “بعدما رأينا سيناريوهات عديدة على مدار السنين في الطيبة، الآن نحن في مواجهة مخطط جديد اسمه شارع “التفافي الطيبة” أو ما يسمى 444 الجديد، وهو شارع يجرون به تطويرات جديدة من الجهتين لتوسيعه، والمتضرر الأكبر من هذا المخطط، الأهالي الذين لهم أراض بمحاذاة هذا الشارع القديم، إذ أنهم بدأوا ببناية عمارات ومشاريع على أمل أن تتحول المنطقة إلى منطقة تجارية مفتوحة، لكن في الحقيقة هذا المخطط سيعبر من أراضي الطيبة ويبتلع مساحات كبيرة منها لا تقل عن 400 دونم. على أساس انهم سيفتحون شارع التفافي لكي يخدم مصلحة المستوطنات المحيطة في مدينة الطيبة وبالقرب منها والمستوطنات في منطقة الضفة”.
إذا نظرنا إلى هذا المخطط فهناك خسارة من الجهتين، خسارة أولا بمصادرة الأراضي والخسارة الأخرى بإغلاق مدينة الطيبة من ناحية اقتصادية، يعني نحن نتحدث عن مشاريع تقام على شارع 444 الأساسي، مشاريع بملايين الشواكل وضعت هناك من منطلق ومن أمل انه سيكون منطقة تجارية واقتصادية للمنطقة، يقول بلعوم.

وتطرق المحامي شاكر بلعوم في حديثه إلى دور بلدية الطيبة وقال: “البلدية هي المؤسسة الأساسية والعنوان لكل المواطنين وعندما نتحدث عن تقديم خرائط لا تقدم إلا من خلال البلدية وفي إطارها. ومن هذا المنطلق يجب أن نعرف أن المخططات التي تأتي من التنظيم إن كان في اللوائية أو القطرية يجب أن تمر على لجنة التنظيم المحلية، ومن المفترض أن يكون لها دور فعال في إعلام الناس في كل مخطط يصير هنا وهناك، وللأسف لما نسمع مثلا بأن مخطط شارع 444 موجود ومتواجد في مكاتب لجنة التنظيم ومكاتب البلدية منذ أكثر من سنة، فهذا الشيء غير صحي أبدا ألا نعرف فيه نحن على الأقل كلجنة الشعبية وأصحاب أراضي، يجب أن يكون لنا دور فعال ولا نعرف فقط الا بعد أن يقع علينا الخبر بشكل نهائي وفي وقت تنفيذ المخطط”.

لم يتركوا لنا مجالًا للاعتراض
الحاج أحمد محمد ناشف (85 عاما) من الطيبة يملك مع عائلته نحو 60 دونما يهددها شبح المصادرة أو تجزئتها حتى تصبح غير صالحة، يقول: “يتحدثون الآن عن مخطط (شارع 444)، هذه المشاريع والمخططات القطرية هي جيدة، لكنها تستهدف أراضينا بشكل خاص وهذا ضرر علينا كأصحاب أراضي ومزارعين، نحن 11 من الأخوة، نعمل في الزراعة ونعتاش منها وبالمناسبة هي أراضينا وطابو لنا قبل قيام الدولة”.
ويضيف: “بالنسبة لتمرير خط الكهرباء، لم يعطوا مجالا للناس أن يعترضوا ناهيك أن قسم من هذه المشاريع كانت تمر بالسر دون علم أصحاب الأراضي، وقسم يعرف والباقي لا يعرف والناس لم يقدموا اعتراضات كما يجب، لكن حتى لو اعترضوا فهم يقولون هذا مشروع قطري ويجب أن يمر. هم يحاولون أن يمتصوا قدر الإمكان من الأرض ويحاولون أن يقللوا نسبة التعويضات، أنا كمزارع وشريك مع اخوتي أريد تعويض أرض مقابل أرض ولا أريد تعويض مالي”.

الحاج أحمد محمد ناشف
الحاج أحمد محمد ناشف

ويشير ناشف: “شارع 6 وخط وسكة الحديد مرّت من أرضنا وكلهم ابتعلوا مساحات كبيرة من أراضينا، الأرض انتهت وتشرذمت، لكن ممنوع علينا أن نترك أراضينا ويجب التمسك والتشبث بها. أما التخطيط فلا يجب أن يكون مركزا فقط على حساب أراضينا وأراضي أهالي الطيبة والقرى المجاورة فقط”.
ويرى الحاج أحمد ناشف: “تصوري مع الوقت لن يبقى لدينا أرض لأنهم يحددون لنا استعمال الأراضي التي تحدها هذه المشاريع، وهذا يؤثر على مستقبل أبنائنا واحفادنا. أنا لست راضيا بالحراك الشعبي وأطالب بأن يكون تركيز ويبقى أوسع مثلا انا املك 60 دونما لم يسألني أحد ولم يتصل بي أحد، اصحاب الأراضي مفروض أن يكونوا على اطلاع بكل المستجدات. إذا توحدنا كبلد وبلدية ولجنة شعبية، ممكن أن نصل لنتائج”.

مخطط يستهدف قلنسوة أيضا

ولأن اقتراح مخطط سلطوي جديد بما يسمى “الالتفافي الطيبة”، يستهدف عشرات الدونمات تعود مليكتها أيضا لأهالي مدينة قلنسوة، تحدثت “المدينة” إلى المحامي أحمد غزاوي، رئيس اللجنة الشعبية للأرض والمسكن في قلنسوة التي هي عمليا قائمة منذ أكثر من 13 سنة ونشيطة فيما يخص هدم البيوت ومصادرة الأراضي وقضايا محلية في مجتمعنا العربي وفي قلنسوة بالأخص، كما يقول.
ويوضح غزاوي أنه “لا شك أن أحد المخططات التي تم الموافقة عليها منذ مطلع سنوات الـ 2000 هو (شارع 444) وهو مشترك بين قلنسوة والطيبة، وهو عمليا يأتي استمرارا للخط الذي يأتي من الطيبة، ونحن نتحدث عن شارع، وقد جرى مصادرة ما لا يقل عن 85 من الدونمات من أراضي قلنسوة، بينما لم تستهدف هذه المصادرة إلا بضع دونمات من البلدات اليهودية في المنطقة”.

المحامي أحمد غزاوي
المحامي أحمد غزاوي

ويُبين: “للأسف الدولة الإسرائيلية سكتت أو نامت عن الموضوع، لكن ونتيجة الموافقة على الخارطة الهيكلية التي تم المواقفة عليها بشهر 10 من العام 2017 عمليا الخريطة الهيكلية ثبتت هذا الشارع كونه موجود في طريق مدينة قلنسوة وأكدت على تنفيذه”.
ويختم المحامي أحمد غزاوي، رئيس اللجنة الشعبية للأرض والمسكن في قلنسوة حديثه بالقول: “ممنوع أن نيأس، يجب أن نستمر في عملنا ونشاطنا ونضالنا الشعبي بالإضافة إلى نضالنا القضائي والسياسي وحتى لا نعول كثيرا على النضال القضائي، لكن المهم ألا نيأس، وقوتنا هي بوحدتنا وندعو الجميع للالتفاف حول العمل الجماهيري وعدم الاستهتار بالنضال الشعبي حتى نتصدى لهذه المخططات السلطوية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى