أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

نحو إحياء ذاكرة شعبنا

د. أنس سليمان أحمد
تخوض الشعوب كل الطرق في سبيل كرامتها، وعزّتها، وخلاصها من الظلم، والعنصرية، والجهل، وتشحذ من أجل ذلك كل الهمم، وتستثمر كل الطاقات، من أجل إبقاء جذوة الوعي مشتعلة في ذاكرة وسلوك أبنائها، وتحصين دينها وتراث الأمة وتاريخها ضد التحريف، والإلغاء.
الحركة الصهيونية تنبّهت عند احتلالها لأرضنا بأن أسماء الشوارع، والمدن، والأحياء، والقرى، والساحات العامة، في فلسطين، هي جزء من هوية شعبنا، وذاكرته الحية، فانتهجت، كل الوسائل لطمس عروبة الأرض، واستبدال ذاكرة أهل الأرض الأصليين، بذاكرة الغزاة الطارئين، عبر تغيير أسمائها العربية، واستبدالها بأسماء عبرية، وحتى ذات توجه ديني تلمودي، لحسم الصراع على فلسطين سياسياً وتاريخياً ودينياً، وهذا لا يخفى على أحد منا، مثلا يطلقون “يورشلايم” بدلا من القدس، “بيتح- تيكفا” بدلا من ملبس، “حائط المبكى” بدلا من حائط البراق، والقائمة تطول. والناظر المتتبع يجد أن المؤسسة الإسرائيلية طمست الوجه الفلسطيني، عبر إطلاق أسماء دينية عبرية، أو أسماء قادة الحركة الصهيونية عليها.
والمتتبع لحال مدننا وقرانا العربية في الداخل، واقتراحات البعض بتسمية أسماء لشوارع مدننا بأسماء دخيلة، وبأسماء هي كانت نقمة على مشروع الثوابت الإسلامية والوطنية وحتى الفلسطينية، ممن لا يوجد لها بصمات حقيقية في خدمة مجتمعنا وقضيتنا وأرضنا وديننا الذي ندين به، مما أحدثت هذه المقترحات حالة شرخ مجتمعي، بين أغلبية معارضة، خوفا من الدخول في جدلية تحديد معايير الوطنية والدينية، والإيجابية، الخاضعة للاجتهاد، الذي قد يخلق صراعات اجتماعية نحن بغنى عنها، وعليه فإنني أرى أن نمنح للشوارع بهائها، وللحجارة عبقها، وللأبنية عطرها، وللتراب رائحته الشذية، وللساحات العامة حياة، بإطلاق أسماء شخصيات وطنية محلية بارزة لها قبول مجتمعي، وإجماع مجتمعي، من شهداء، وثوار، وأدباء، وشعراء، وفنانين، وشخصيات نسوية فاعلة من مجتمعنا، وأصحاب بصمات جليلة في خدمة مجتمعنا المحلي من رؤساء مجالس وأعضاء مجالس، أو أحداث هامة في تاريخ الشعب الفلسطيني، أو أسماء قرى مهجرة، ترتبط بنضال شعبنا، بدلا من أسماء لا رصيد لها، وكأننا شعب بلا جذور في هذه الأرض.
علّ هذه الأسماء تكون قادرة على اختراق ما تعجز عنه الخطابات والمسيرات، نعم لوحة اسم شارع قادرة على استقطاب القلوب!! أكثر من مئات الخطابات للسياسيين، وعلى الحفاظ على الحق الفلسطيني، والحق التاريخي، والحق الديني، والدفاع عنه أمام كل محاولات الطمس والإلغاء.
عندما أسير في شوارع بلدتي مع أبني وابنتي ونرى لوحات باسم الشارع الذي نسير به، حتماً سيسألني ولدي: مَن ولِمَن هذا الاسم؟ عندها سأسرد له واقعنا المرير، وأفعال صاحب اللوحة الإسمية، ذاكراً له خدمته لمجتمعه ولقضيته ولثوابته الوطنية والإسلامية، عندها سأحفر في عمق فكره تشبثه بأرضه وبلده ووطنه.
أتمنى أن يكون لهذه السطور تأثير لدى أصحاب القرار بهذا الشأن، لا سيما المجالس المحلية والبلديات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى