الراحل الحاج علي أحمد واكد من الناصرة.. حمل راية الدعوة ونافح عنها بكل ما أوتي من قوة
من الرعيل الأول في الصحوة الإسلامية في الناصرة

ساهر غزاوي
انتقل الحاج علي أحمد واكد (أبو أحمد) من الرعيل الأول في الصحوة الإسلامية في الناصرة إلى جوار ربه صابرا مؤمنا يوم الثلاثاء الماضي، بعد مرض أقعده في البيت ومنعه من الحركة لسنوات. وشيعت جنازته من مسجد الهدى (حي جبل الدولة – بئر الأمير) إلى المقبرة الجديدة في المدينة.
ويعد الراحل الحاج أبو أحمد (80 عاما) من أبناء الرعيل الأول في الدعوة إلى الله تعالى، وهو أحد فرسان أواخر السبعينات ومطلع الثمانيات من القرن الماضي الذين حملوا راية الدعوة ونافحوا عنها بكل ما أوتوا من قوة.
وكان المرحوم من ذلك الجيل النادر الذي فرّغ نفسه ووقته وبذل ماله من أجل بناء البنات الأولى للصحوة الإسلامية سوية مع ثلة من إخوانه الذين رحل من رحل منهم، وما يزال الأحياء منهم على ذات العهد. كما قال عنه اخوانه ورفقاء دربه من أبناء الدعوة الإسلامية في الناصرة.
سباقا للخير والعمل الصالح
ونعى المربي والقيادي الإسلامي في الناصرة، الشيخ إيهاب خليل الراحل قائلاً: “لقد فقدنا رجلا طيبا من الرعيل الأول في الدعوة إلى الله، إنه الحاج الفاضل علي أحمد واكد (أبو أحمد). والذي كان سباقا للخير والعمل الصالح من المحافظين على صلواتهم وعباداتهم وأخلاقهم”.
وأضاف الشيخ خليل في نعيه للراحل أبو أحمد: “كان متمسكا بدينه وبدعوته ناشرا للخير ومذكرا بدين الله سبحانه وتعالى ويتنقل بين حِلق الذكر والعلم وبيوت الله تعالى. كان يحب العمل الدعوي ومشاريع الخير ورعاية الايتام والفقراء وأهل العلم الدين وخدمة دين الله عز وجل. رحمة الله عليك ايها الحاج الفاضل أسال الله أن يكون قبرك روضة من رياض الجنة وأن يغفر لك وأن تكون من أهل الجنة. رحم الله أبا أحمد وألهم أسرته وذويه ومحبيه حسن العزاء.
لم يكن يتخلف إلا لظرف طارئ
بدوره، نعى الشيخ حسام أبو ليل الذي كان مسؤولا للعمل الدعوي الإسلامي في الناصرة الراحل الحاج أبو أحمد بالقول: “تشرفت في سنوات خدمتي إماما لمسجد السلام في مدينة الناصرة في تسعينيات القرن الماضي ومن خلال مسؤوليتي الدعوية، بالعمل سويا برفقة ثلة طيبة من أبناء المدينة، وبرز من بينهم الحاج أبو أحمد واكد، الذي كان مخلصا ودؤوبا في أعمال الدعوة والتطوع داخل مدينة الناصرة وخارجها، ولم يكن يتخلف إلا لظرف طارئ، ولطالما فتح بيته في استقبال ومواكبة العمل الدعوي والدروس الشرعية”.
وأشار الشيخ أبو ليل في حديثه لـ “المدينة” إلى أن الراحل “قد تميز مع عمله باللطف والتواضع والنقاش الهاديء مع ما أوتي من أدب مع الجميع، فلا يكاد أحد يحمل عليه أو يغضب منه. وعلى الصعيد الشخصي، مع أني كنت بجيل أولاده، إلا أنه كان يعطيني احتراما خاصا، ويشارك في دروس العلم الشرعي والتربية التي كنت أقدمها لمجموعة من جيله، يحفظ ويحضّر للدرس. نعزي أنفسنا وأهله وأبناء المشروع الإسلامي بوفاته، رحمك الله أيها الوالد وجعل مأواك الفردوس الأعلى برفقة حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم”.
عزاؤنا في سيرته ومسيرته الدعوية
وتحدث الحاج أحمد سعيفان (أبو محمد) الذي رافق الراحل لأكثر من 40 عاما لـ “المدينة” مبينا أن الحاج أبو أحمد كان ملتزما بدينه ومحافظا على الصلوات والعبادات من قبل بزوغ فجر الدعوة الإسلامية في الناصرة، وعندما انطلقت الصحوة الإسلامية أواخر السبعينات من القرن الماضي، كان من أوائل المنضمين إلى ركب هذه الدعوة المباركة، بل كان شديد الحماس وسباقا في خدمة الدعوة ونشاطاتها والمشروع الإسلامي، مع الإشارة أيضا إلى أنه كان عضوا في بلدية الناصرة بين الأعوام 1989- 1993 عن قائمة “ياسين” الإسلامية. كما يقول.
وكان له الفضل على مستوى الحي (حي جبل الدولة – بئر الأمير) في العمل على إحياء الدعوة الإسلامية ونشرها. وكان مندوب لجنة الزكاة في حارته ونشط في توزيع النشرات الدعوية وصحيفة صوت الحق والحرية وبقي مواظبا على ذلك رغم تقدمه في السن إلا أن أقعده المرض وأعجزه عن الحركة. يُبين الحاج أبو سعيفان.
بالإضافة إلى ذلك يتابع: كان مبادرا لحل النزاعات والمشاكل بين الناس ويشارك في الإصلاح ورأب الصدع في مدينة الناصرة والمنطقة ويعمل على ذلك ليلا ونهارا دون كل أو ملل. إلى جانب ذلك كان يحفظ القرآن الكريم كاملا، ومحافظا على صلاة الجماعة ويؤم المصلين في مسجد الهدى في الحي في غياب الامام. هذا عدا على أنه مثقفا وملماً ومتحدثا لبقا يعطي الدروس والمواعظ في بيوت الأجر وفي كل مكان يجد فيه الفرصة ليبلغ دعوة الله إلى الناس بالحكمة والموعظة الطيبة.
ولفت الحاج أحمد سعيفان إلى أن الراحل أبو احمد واكد كان ميكانيكي سيارات وعنده كراج لتصليح السيارات ولم يكن أحد يقصده إلا ويهب لمساعدته وتصليح سيارته في أي مكان وفي أي وقت وحتى لو في منتصف الليل، “رحمه الله كان صاحب نخوه وصاحب قلب طيب”.
ويختم الحاج أحمد سعيفان (أبو محمد) حديثه بالقول: “يعز علينا فقدان وفراق أخ عزيز ورفيق درب في الدعوة والحياة، لكن الله أعز وأرحم منا بعباده والانسان لا يجد إلا عمله الصالح، وهذا عزاؤنا بالمرحوم الحاج علي واكد (أبو أحمد) وعزاؤنا أن سيرته ومسيرته الدعوية كان مليئة بالمواقف التي تبين أثر دعوته وسعيه لعمل الخير لنيل الأجر والثواب من عند الله عز وجل.
يحب الناس والناس تحبه
من جهته أكد أيضا الحاج وليد سعيفان (أبو عامر) في حديثه لـ “المدينة” على ما سبقه غيره بالحديث عن الراحل أبو أحمد واكد، وهو الذي عايشه عن قرب وعايش سيرته ومسيرته وقال: “إن بدايته كانت طيبة في السبعينات من القرن الماضي وملتزما بدينه هو وبيته في ذلك الوقت الذي قلّما تجد فيه انسانا أو بيتا ملتزما، وله الدور البارز والباع الطويل في إحياء الدعوة إلى الله في مدينة الناصرة والأثر الطيب في كل نشاط وفعالية دعوية وصاحب مواقف مشرفه، حيث نشط في بدايات العمل الإسلامي في معسكرات العمل الإسلامي وقد كان رحمه الله لا يكل ولا يمل حتى ننجز المشاريع.
وقال: “إن المرحوم أبو احمد كان محباً لدين الله وصلبا في الحق، لا يداهن ولا يجامل أحدا على حساب دينه وعقديته، لكنه في نفس الوقت لا يقطع العلاقة مع أحد ولا يغلق الأبواب في وجه أحد ممن يخالفون طريقه وقناعته إن كانت جهات إسلامية من خارج إطار المشروع الإسلامي أو من جهات فكرية وحزبية أخرى، كان يحافظ على الود والألفة مع الجميع ويردد دائما مقولة “يبقون أهلنا واخواننا”.
وعن علاقته بالناس بين الحاج أبو عامر في ختام حديثه أن الراحل أبو أحمد كان يحب الناس والناس تحبه وله مكانة اجتماعية، إضافة إلى تواضعه الجم وحبه للدعاة ولقيادات العمل الإسلامي في البلاد. وكان حريصا على توزيع صحيفة صوت الحق والحرية في مسجد الحي (مسجد الهدى) رغم كبر سنه حتى أقعده المرض.