أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

التحالف الإستراتيجي الإماراتي مع إيران.. البحث عن مكيدة جديدة

ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي
في لقاء له مع قناة الجزيرة خلال الأسبوع الماضي، كان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار قد استعمل عبارات لاذعة في معرض حديثه عن دولة الإمارات العربية المتحدة، فيما يمكن اعتباره الموقف الأكثر حدة الذي يصدر عن مسؤول تركي تجاه هذا البلد.
فقد أشار وزير الدفاع التركي إلى المؤامرات الإماراتية في ليبيا وسوريا، وتعاونها مع منظمات إرهابية عندما اقتضى الأمر، وأنشطتها الرامية لتقويض الاستقرار في الدول الإسلامية من خلال استخدام المنظمات الإرهابية والمرتزقة، إلى جانب تخطيطها لتنفيذ انقلابات.
هذه السياسة الإماراتية العدائية تجاه تركيا كانت معروفة من قبل، إلا أن ذلك الموقف ظل أحادي الجانب، بحسب رأي أكار الذي يرى أن الإمارات هي من اختارت هذا الطريق.
وفي الواقع فإن العبارات الحادة التي استخدمها أكار لم تتوقف عند هذا الحد، إذ إنه في إجابة عن سؤال حول مصدر الخلافات بين أنقرة وأبو ظبي، قال إن هذا السؤال يجب توجيهه لولي عهد أبو ظبي، لمعرفة سبب هذا الموقف العدائي تجاه تركيا، وكانت السياسة الخارجية التركية دائما تميل إلى حل الخلافات من خلال الحوار، ولكن هذا الأسلوب لا معنى له في مواجهة الإمارات التي تسعى باستمرار لحبك مؤامرات خطيرة ضد أنقرة.
وأكد أكار أن أبو ظبي في النهاية هي المتضررة من السياسات التي تقوم بها، لأنها تسير في طريق خطير. وقد أصبح الآن واضحا جدا أن مؤامرات الإمارات لا تحاك فقط ضد تركيا، بل ضد الاستقرار في كافة العالم الإسلامي، وهي تتدخل للقضاء على أي فرص لإقامة الديمقراطية.
وفي هذا الإطار تخلق أبو ظبي لنفسها حلفاء وأعداء. ولكن المشكل هو أن هؤلاء الحلفاء الذين يحاربون معها ضد أعدائها، تخطط هي للتخلص منهم في يوم من الأيام. فهذه الدولة لا تعرف معنى الولاء حتى مع حلفائها، وبالتالي فإن هذه السياسة التي تقوم بها لا تستند إلى أي منطق.
ومؤخرا كان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان قد عقد لقاء بتقنية الاتصال بالفيديو مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف. وقد أعلنت وكالة الأنباء الإماراتية في بيان رسمي أن هذا اللقاء نوقشت خلاله مسائل متعلقة بالتطورات السياسية في المنطقة، والأزمة التي سببها فيروس كورونا المستجد.
ولكن هذا اللقاء يكشف أيضا عن وجود قرار بإقامة تحالف إستراتيجي مع إيران. وقد يبدو من المستغرب أن يسعى البلدان للبحث عن هذه العلاقة الإستراتيجية، رغم الخطاب العدائي أمام الجميع، والشرخ العميق الذي يسببه احتلال إيران لـ٣ جزر إماراتية.
ويجب عدم إساءة فهم هذا الكلام، فالأتراك يعتبرون أن كل العلاقات بين الدول الإسلامية يجب أن تكون إستراتيجية وجيدة، دون أي تفريق بينها، ويجب أن تتمكن هذه البلدان الإسلامية من تحقيق الوحدة والاستقرار في ما بينها من خلال حل مشاكلها داخليا، وتجاوز حالة التخلف وضعف التعليم والجوع والبطالة التي تعاني منها هذه الدول، وتحقيق الحوكمة الرشيدة والحريات.
ولهذا فإننا لا يسعنا إلا أن نشعر بالارتياح عندما نرى أن حالة العداء بين بلدين إسلاميين قد تم تجاوزها. ولكن إذا كان البلدان يقيمان هذه العلاقة بحثا عن مؤامرات جديدة وتحالفات شيطانية ضد دول أخرى إسلامية، فمن غير المعقول أن ننتظر شيئا من هذه العلاقة.
ودعونا نتذكر أن قائمة الشروط التي طرحها تحالف الدول الأربعة بقيادة الإمارات والسعودية ضد قطر، قد تضمنت 13 مطلبا، على رأسها قطع العلاقات القطرية مع إيران.
أما فيما يتعلق بالعلاقات التجارية، فإن حجم المبادلات بين الإمارات وإيران تجاوز 13.5 مليار دولار بحسب بيانات الجمارك الإيرانية، في وقت تتذرع فيه دول الحصار بالعلاقات التجارية بين الدوحة وطهران عند فرضها للحصار. ونحن نأمل أن تتطور هذه العلاقات أكثر، ولا مانع لدينا من هذا، فالعلاقات التجارية بين البلدان الإسلامية يجب أن تزداد أكثر فأكثر.
ولكن لماذا يوجه اللوم إلى قطر، في وقت تواصل فيه الإمارات مبادلاتها التجارية مع الشريك نفسه، رغم أنها تتهم قطر بهذا الأمر وتجعله ذريعة لفرض عقوبات عليها، وذريعة أيضا لمهاجمة عمان عندما كان وزير خارجية السلطنة قد التقى نظيره الإيراني. فعبد الخالق عبد الله، المستشار السابق لمحمد بن زايد، نشر تغريدة على تويتر قال فيها إن هذا اللقاء لن تكون له نتائج إيجابية على دول المنطقة.

هذه التناقضات في العلاقات الإماراتية قد توحي بأن لها نوعا من الولاء تجاه السعودية حليفها الرئيسي. ولكن بالنظر إلى العلاقة الإستراتيجية التي تقيمها مع إيران العدو اللدود للمملكة، فإن السؤال يدور حول ما إذا كان الطرف القادم المستهدف من الإمارات سيكون السعودية نفسها.
ففي اليمن كان الحوثيون المدعومون إيرانيا قد أداروا صواريخهم التي اشتروها من طهران نحو الأراضي السعودية، وهم يواصلون استهداف الرياض باستمرار. وفي المقابل لم يحدث أبدا أن تم إطلاق صاروخ حوثي واحد نحو الأراضي الإماراتية رغم أنها على مقربة منهم.
والسؤال المطروح هو هل سيتضمن هذا التقارب والتعاون الإستراتيجي بين طهران وأبو ظبي التقارب أيضا مع الحوثيين الذين يستهدفون السعودية باستمرار؟ في هذه الحالة من الذي سيحمي السعودية، الحليف الأقرب والأهم لأبو ظبي، من هذه الاستهدافات والمؤامرات الإماراتية؟ وبعد ذلك من سيحمي الإمارات نفسها في ظل تلك الأوضاع الخطرة في مياه الخليج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى