أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

عبد الحكيم مفيد… مرّ الرجل وهذا الأثر..

صالح لطفي باحث ومحلل سياسي

الموت نهاية كل كائن حي، بيدَّ أنه بالنسبة للإنسان المسلم هو بداية ومنطلق رحلة  أبدية سرمدية  .. فالإنسان  في حياته كما نعتقد نحن أهل  الاسلام من سنة وشيعة وخوارج اباضية يمر في مراحل خمس: ظهر الغيب، الذرية في ظهور الاباء، النطفة وتخلقاتها في أرحام الامهات، البرزخ، الشهود الاخير “يوم القيامة”.. ولذلك يجتهد المسلم المدرك لهذه الحقيقة أن يعمل ويسدد ويقارب في حياته الدنيا بعدئذ عَلِمَ أنه في حياته الدنيا لا يعيش فيها سوى لحظات مقارنة مع زمن الغيب وكثافته وسرمديته، ومع كثافة الغيب السابق واللاحق المحيط به. ولأنَّ الدنيا دار ابتلاء لا محالة ودار نصب وتعب، فقد أجهدَّ أهل الاسلام أنفسهم لأنهم يعلمون أنهم  قادمون على رب كريم كبير عظيم يحاسب الانسان على كل شاردة وواردة وعفوه اكبر من غضبه، تبارك الله ربنا أحسن الخالقين.

وعلى هذا الاساس يسعى أهل السير الى الله ، كل على طريقته ، لنيل رضا الرحيم الرحمن وقد كان من نصيب دعوتنا أن زاوجت عديد الاعمال لنيل هذا الرضا فجمعت بين العبادة المفروضة والمسنونة بمعانيها الواسعة فكان القيام على خدمة الخلق جزء من هذا الفهم وكان سلوك دروب العمل السياسي بناء على قواعدنا العقدية والشرعية والفقهية من غير إفراط ولا مغالة ولا تفريط، وكان تأسيس جمع من المؤسسات والجمعيات الخادمة لمجتمعنا الذي نعيش فيه يستفيد منها كل الناس . وكان من أقدار الحق مع الخلق أن سخر منهم عدد يسيرون في تلكم الدروب، وكان الشيخ الاستاذ عبد الحكيم مفيد من هذه القافلة المباركة التي واصلت الليل بالنهار تعمل لخدمة دينها ودعوتها ومجتمعها في تناغم وتناسق وتسديد ومقاربة  تصيب أحيانا كثيرة وتخطيء حينا فتحوز الاجور من جنباتها جمعا  كاملا ونصفا بيدَّ أنه لا سقوط ولا خسران فهذه القافلة ومن مضى في ركبها يتعاملون مع رب كريم يعطي الكثير على القليل ويعفو عن الزلات ويهب الحسنات تكرما منه وإحسانا.

عبد الحكيم يفجعنا جميعا..

نعلم أنَّ موت الفجأة مما أخبرنا به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم يكثر يوم يتقارب الزمان، ونحن قوم لا نجزع من الموت قط  فهو حق، لكنها الأشواق الانسانية في أجسادنا الفانية وارواحنا التي لا تتآلف الا من كان على مثالها، وقد كان موته سريعا تماما كما صفحات حياته  فهو سريع يطمع دائما ان ينهي بأسرع وقت ممكن كل قضية آمن بها وعمل عليها كما قضية شفاعمرو وأوقاف القسام في حيفا.

توفي  مساء يوم الاحد المنصرم -19-11-017- الشيخ  الاستاذ عبد الحكيم مفيد وهو ماض في حمل هموم مجتمعه الفلسطيني الكبير فكانت وفاته شهادة واستشهاد، شهادة “الأمة الوسط على الناس” وشهادة الاستشهاد لأنّ أبواب الشهادة في الاسلام كثيرة .. غادرنا فجأة دون أن يستأذن أحدا منا فهو كعادته رحمه الله تعالى يطرق الابواب ويدخلها مباشرة ويبدأ بالمشاركة ويتصدر الاحداث، يطرح، يعلق، يمزح كعادته ودائما في جلساتنا السياسة  يحمل مزاحه معان يود أن تصل بشكل لبق وذكي الى جلسائه. فيه من الزعامة ما فيه وفيه من التواضع والحياء ما فيه كما أنَّ فيه من صرامة الموقف وحدته ما فيه، جمع رحمه الله بين متناقضات نحسبها كذلك للوهلة الاولى ولكنها في الحقيقة فسيفساء هوية الانسان في عبد الحكيم, شجاعا في مواقفه لا يتلعثم ولا يتردد يعرب عن سخطه عن بعض الامور بغيابه عنها أو بالإعلان عن رفضه المشاركة فيها  يصارح في كل القضايا ذات الصلة في مجتمعنا، الا في قضاياه الخاصة فهو خجل لا يتحدث الا  قليل لا يتأوه مما يصيبه شخصيا او ما يصيب أهل بيته بل يتأوه من شدة ما يعانيه مجتمعنا من آلام ومآسي ونكبات تكاد تقسم ظهره المثخن بالجراح، ومع ذلك فإن آهاته لا تكون إلا بالغرف المغلقة، إلا لإخوانه ممن يشاطرونه الهموم فهو يؤمن أنَّ الاحاديث السلبية في مجتمعنا تعني مزيدا من ارهاقه وإحباطه وكسر ظهره.

مرَّ الرجل وهذا الأثر..

عرفت الشيخ الاستاذ عبد الحكيم وهو لا يزال في حركة ابناء البلد ولكن تعمقت علاقاتنا منذ مطلع تسعينات القرن الماضي يوم التحق بركب الدعوة .. فيما يلي بعض من مواقف الشيخ الاستاذ عبد الحكيم مفيد تكشف عن قسماته السياسية والاعلامية والانسانية، وأنا هنا أستعرض بعضا من تلكم المواقف من خلال عملنا السياسي  المجتمعي الاصلاحي المشترك في اكثر من دائرة وعلى أكثر من صعيد متجاوزا السنوات وترتيب الاحداث..

الأثر الاول ..

في مطلع عام 2002 جاءنا الاستاذ الشيخ عبد الحكيم وقال لي معي مواضيع أود ان تطلع عليها أنت والدكتور ابراهيم ابو جابر ثم تدلوا برأيكم فيما كتبت … كان ما كتبه الاستاذ الراحل مجموعة من المقالات تصب في  الوعي السياسي والمجتمعي.. الدكتور ابراهيم قال يومئذ للأستاذ رحمه الله إن هذه المقالات تصلح لئن تكون اوراق داخلية للتوعية السياسية لأبناء الحركة الاسلامية، واذا ما تم تطوير هذه الاوراق فأن كل ورقة تصلح ان تكون بحثا مستقلا ويمكن ان تصدر مجتمعة في كتاب مستقل ..

كثرت مشاغل الاستاذ عبد الحكيم وانهمك بهموم شعبه ليعود اليَّ قبل أشهر قليلة ويبادر الى طرح موضوع تلكم الاوراق التي كانت وبحق أوراق تأسيسية في فهم كثير من قضايا الداخل الفلسطيني .. قلت له الاوراق بقيت عندك، يمكننا تطويرها وإخراجها الى النور كأبحاث في كتاب  كبير .. كان الالم مشتركا أننا  شعب يعيش أزمة القراءة ولكننا اتفقنا ان يعاد كتابتها وان نتواصل مع دور نشر عربية تهتم بهذا الباب.. رحل الرجل وبقيت تلكم الاثار تنتظر همام يخرجها الى النور…

الأثر الثاني…

في الثالث من اكتوبر من عام 2006 تناول المكتب السياسي للحركة الاسلامية المحظورة اسرائيليا موضوعات شتى كان من بينها  سبل إحياء ذكرى شهداء الداخل الفلسطيني منذ عام 1948 والى تلكم اللحظات .. وكان من ضمن طروحات الشيخ الاستاذ عبد الحكيم مفيد العمل على تأسيس وتشكيل هيئة وطنية عليا تتبنى موضوع الشهداء، كل الشهداء، توثق سيرتهم وتحفظها، وتعمل على تعريف الناس بهم، وتتابع قضاياهم على كافة المحافل المحلية والدولية…وذلك عبر مخطط شمولي وتفصيلي وهو كما قال آنذاك رحمه الله “هناك أبناء قتلوا وهناك مؤسسة من وراء قتلهم ووزراء، وهذا الأمر يجب متابعته بشكل تفصيلي، وهذا يحتاج الى مشروع بكل ما تحمله الكلمة من معنى”…بقيت الفكرة وإن خرج قسم منها الى حيز الوجود تنتظر أن تكتمل.

الأثر الثالث…

كان الاستاذ عبد الحكيم من المشتغلين مبكرا في العولمة وتداعياتها السياسية والفكرية والمجتمعية على الاقليات في العالم وتحديدا على الاقلية العربية في البلاد، وقد كتب رحمه الله عشرات المقالات وألف كتابا ضخما لم يخرج الى النور ولا أدري اين استقر به المقام، كما انه ألف كتابا في الجمعيات والمؤسسات المدنية في الداخل الفلسطيني فقد آمن رحمه الله أن هذه المؤسسات ليست الا  أداة من أدوات بسط النفوذ واعادة هندسة مجتمعنا العربي الفلسطيني لصالح المؤسسة الاسرائيلية وكان الاستاذ عبد الحكيم قد طرح في جلسة للمكتب السياسي عقدت يوم 20-3-2007 التداعيات الاخلاقية والفكرية والسياسية لهذه الجمعيات ولجمعيات تناصر المثليين في مجتمعنا العربي الفلسطيني، وقد  كتب رحمه الله تعالى  العديد من المقالات في كشف اللثام عن هذه الجمعيات والمؤسسات وكان من ضمنها تكليفه رحمه الله في كشف وفضح ستار ما اطلق عليه جمعية اصوات المناصرة للمثليين والمثليات وعقد مؤتمر صحفي في 28-3- لفضح هذه الجمعيات وبيان خطورتها على مجتمعنا.

الأثر الرابع…

في عام 2002 كتب الشيخ كتابه ” قصة لاجئ” وثق فيها قصص للاجئين فلسطينيين من مخيم جنين الذي تعرض آنذاك لمذبحة شارونية بعد وقفته التاريخية ، وكان احد المواقع العبرية قد علق على هذا الكتاب بأنه شهادة توثيقية مباشرة جاءت فورا بعد خروج الجيش الاسرائيلي من المخيم.

وفي عام 2012  أصدر الاستاذ الراحل ابو عمر كتابه “الارض الملثمة ” كتاب سرد فيه قصص التشرد واللجوء مما كتبه ووثقه من خلال عمله في صحيفة صوت الحق والحرية، وفيه نفثات مكلوم إذ يقول في فصل “الأرض الملثمة“: “فإنه يبقى الوطن مع الناس يطاردهم وينتقي اللحظات الأكثر حرجا ليوجه لهم سؤالا: من أين أنت ؟؟ ويضيف: كنت دائما أشتاق إلى الماضي وكنت أحب الصور بالأسود والأبيض إلى هذه اللحظة، فقط عندما صارت الصورة تلتقط بالألوان صارت معالم الوطن أقل وضوحا وأصبحت الأرض الملثمة شيئا من اللامعقول”.

الأثر الخامس…

في فبراير \شباط من عام 2016 يممت وجهي شطر  مدينة عمان مشاركا في مؤتمر دعيت إليه من قبل مركز ابحاث وقد استمر هذا المؤتمر عدة أيام شاركت بورقتي فيه في يومه الثاني.

عند الاستراحة في ذاك اليوم -اليوم الثاني من المؤتمر – توجه إليّ شاب عرفت من لهجته انه من بلاد المغرب العربي، فقال لي يا استاذ هل تعرف الاستاذ مفيد، فقلت له نعم إن كنت تقصد الاستاذ الاعلامي عبد الحكيم مفيد، قال: نعم … فأثنى عليه ثناء عطرا حسنا وقال بأنَّ  مجموعة من طلبة الاعلام والسياسة الدراسين في  جامعة الرباط  يتابعون مقالاته بشغف وانه ممن استمع الى محاضراته التي ألقاها في مدينة الرباط والدار البيضاء عام 2008  وأنه التقى به وتحدث معه في مدينة مكناس وهو يتابع في الجامعة التي يدرس -أستاذ جامعي- فيها مقالاته ويعرضها على الطلاب كتبيان عملي للأدب السياسي الاعلامي الساخر اللاذع وكما قال “لمقالته مذاق خاص” لأنها قادمة من فلسطينيي الداخل وللعلم فأنَّ أهل المغرب يحبون الشعب الفلسطيني حبا جما.

الأثر السادس..

في أوائل عام 2013 اتصل بيَّ الاستاذ عبد الحكيم مفيد رحمه الله وقال “حَضِر حالك بدنا نروح على البلد -الفلانية- .. قلت له خير ان شاء الله.. قال: أخوك أبو عمر .. أي فضيلة الشيخ رائد صلاح فك الله أسره، كلفني وإياك في هذه المهمة.. خرجت معه واثناء  السفر اخبرني بتلكم المهمة، فقلت له .. معقول الشيخ يودينا على هيك مهمة.. قال: نعم .. المهمة كانت إصلاح بين أطراف من غير المسلمين. تعجبت، قال رحمه الله لا تتعجب ثم قال ممازحا كعادته: ناقص الشيخ بس  ييجوا عنده  ناس من خارج البلاد للإصلاح ويودينا عندهم .. الجماعة بثقوا بالشيخ وبالحركة الاسلامية وبقولوا إنو ممكن نحلها”.. ذهبنا الى تلكم البلدة وكنت اثناء سفري أهمهم وأقول من أي الابواب سندخل اليهم وكيف سنتعامل معهم ونحن لا نعرف عن الامر الا النزر القليل  .. دخلنا ذاك البيت الكريم وبخفته المعهودة وأسلوبه الدمث وأخلاقه العالية دخل الى الموضوع وشرعنا نعمل عليه عدة أسابيع حتى اكرمنا الله تعالى وقمنا برأب الصدع وإعادة المياه الى مجارييها وذاك كله بفضل أسلوبه ونجاحه في التربع على قلوب اصحاب القضية،  وإشعارهم ان لا قضية عندنا الا قضيتهم .. رحمه الله تعالى رحمة واسعة..

الأثر السابع…

كان الشيخ الاستاذ أبو عمر يؤمن بأن من مهماته في عمله الاعلامي والسياسي في الحركة الاسلامية توريث جيل من العاملين يقودون ويطورون الاداء والعمل الاعلامي والسياسي ولذلك  طالب في اكثر من مرة تخصيص لقاءات مفتوحة مع شباب وبنات الحركة الاسلامية لتعزيز وعيهم الثقافي والسياسي والاعلامي والحق ان ابا عمر درج على سياسة اللقاءات مع جمع غفير من طلاب وشباب الحركة الاسلامية يقدم لهم العون والمشورة والدعم اللا-محدود ويلقي المحاضرات في العديد من المحافل والبلدان والنجوع مؤمنا أنَّ الوعي السياسي وتعزيزه عمليا سيحقق نتائج كبيرة لصالح الداخل الفلسطيني.. وقد استضافته العديد من البلدان في اعمال متكاملة عرض فيها خلاصة تجربته السياسية والاعلامية  وأخال أنه نجح ولو جزئيا بهذه المهمة.

الأثر الثامن….

في صيف عام 2003 داهمت قوات الامن الاسرائيلية مقار  ومؤسسات الحركة الاسلامية واعتقلت عددا من كبار صفها القيادي كان في مقدمتهم فضيلة الشيخ رائد صلاح. في تلكم الاثناء كلفني المكتب السياسي والاستاذ عبد الحكيم رحمه الله بمتابعة هذا الملف مع كافة القوى والفعاليات السياسية في الداخل الفلسطيني وتشكلت طواقم عمل من أجل هذه القضية عملت على أتَمَّ وجه ونجحت في جعلها قضية الداخل الفلسطيني والعربي عموما ..  في تلكم الاثناء كنا بحاجة الى لقاءات مع إعلاميين وصحافيين من مختلف الاطر والهيئات والطيف السياسي. وكان من المفترض ان نلتقي مع بعضهم في إحدى مدن الداخل الفلسطيني .. في ذلك اليوم رافقنا اخ عزيز ثالث وكان أحد تلكم الشخصيات المركزية التي سنلتقي بها  في مكان آخر … في أحد الاماكن التي لا ندخلها نحن أبناء التيار الاسلامي .. قال ثالثنا ونحن متوجهين الى ذاك المكان  متعجبا، كيف ستدخلون الى هذا المكان.. فقال له رحمة الله عليه.. أنت حبيبي بتظلك في الخارج تدعو الله لنا وانا وصالح بندخل باجرنا الشمال ونقرأ المعوذات ونتوكل على الله ربنا. التقينا بذاك الرجل الاعلامي وخرجنا وحققنا ما كنا نرجوه من تلكم الجلسة.

كتابات الشيخ الاستاذ  أبو عمر..

تلكم هي بعض من مآثر هذا الرجل وهي جد كثيرة لا يسعها هذا المقال فأنا لم اتطرق الى سفره الى البوسنة ولا الى دوره التأسيسي الكبير في ملف العلاقات مع الداخل الفلسطيني فقد كان مسؤوله الاول ولم اتطرق الى دوره في كثير من الهيئات أو في مواقف جمعتني واياه منذ مطلع تسعينات القرن الماضي الى الامس القريب ونحن نخدم سوية فكرتنا الاسلامية في اكثر من موقع وصعيد  وحالة، ولا عن الهيئات القطرية وفي مقدمتها لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية التي آمن بضرورة تعزيزها وإعادة بنائها وتمكينها لتكون بحق ممثلا شرعيا – وهي كذلك- للداخل الفلسطيني بكل هوياته ومركباته السياسية ..

طمعي اليوم أن يقوم همام بجمع كل ما كتب الشيخ سواء صدر أو بقي في مكتبته ويخرج الى النور.. ذاك أقلُّ الواجب الذي يمكننا أن نقدمه لشخص كأبي عمر.

عزائي لأختي الفاضلة أم عمر ولابنه عمر ولابنتيه رجاء ومريم، ولوالده الصابر الحاج مفيد ولإخوانه وأخواته وعموم أهله.

تغمد الله فقيدنا وفقيد الداخل الفلسطيني برحمته وتجاوز عن سيئاته وتقبل أعماله وحشره مع النبيين والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

لا أقول أخي ابا عمر وداعا… ولكنني أقول إلى لقاء …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى