أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةأدب ولغة

71 عاما على احتلال صفورية… شاهد عيّان: لم تقدّم الدول العربية أي شيء والمساعدات طلعت كلها خيانات بخيانات س

ساهر غزاوي
صفورية، القرية الفلسطينية التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي عام 1948، وأقام على أنقاضها مستوطنة “تسيبوري”، قال مصطفى مراد الدباغ في موسوعته “بلادنا فلسطين” أنها من أهم قرى قضاء الناصرة وأكبرها.
تقع صفورية، إلى الشمال الغربي من الناصرة، على بعد 7 كيلومترات. وهذه البلدة كما يقول الدباغ “عامرة غنية ببساتينها وخضرتها المشهورة وفيها من السكان ما يقرب من ثلاثة آلاف وكلهم مسلمون، وبينهم عائلة من الشرفاء، وفيها مدرسة للمعارف وقد كانت مدينة ذات شأن في التاريخ وتنازعها المسلمون والصليبيون. واشتهرت بنزول جيوش الصليبيين عند القسطل وهو يدعى بعيون صفوري. وفيها كنيسة القديسة حنة بنيت في آخر القرن التاسع عشر على أنقاض كنيسة عظيمة في آخر القرن السادس”.
وذكر أيضا أن القلعة التي أقيمت فوق تلة صفورية تعود بتاريخها إلى عام 1745م، بناها الشيخ ظاهر العمر الزيداني الزعيم الفلسطيني المعروف. وصفورية موقع أثري به “تل أنقاض تحت القرية، كنيسة مهدمة، قلعة، مسرح، وجدار روماني، بقايا أبنية بيزنطية، مدافن، نواويس، صهاريج، قناة فسيفساء”.
ويشير باحثون إلى أن قرية صفورية فتحها المسلمون على يد شرحبيل بن حسنة عام 13 هجرية، لافتين إلى أن صفورية احتلت مكانة بارزة في التاريخ الإسلامي خلال عهد المماليك، حيث شهدت ازدهاراً كمركز استراتيجي على منتصف الطريق بين عكا وطبريا.
وفي الإحصائيات لعام 1945، كان عدد السكان 4,330 نسمة، منهم 4,320 مسلمًا وحوالي عشرة مسيحيين. وشكلت مساحة الأرض الإجمالية حوالي 55,378 دونمًا. في عام 1944 وعام 1945، تم استخدام حوالي 21,841 دونم من أراضي القرية للحبوب، وحوالي 5,310 دونم تم ريها أو استخدامها في البساتين، ومعظمها من أشجار الزيتون، في حين تم تصنيف 102 دونم كأراضي مبنية. وبحلول عام 1948، كانت صفورية أكبر قرية في منطقة الجليل من حيث حجم الأرض وعدد السكان.

احتلال القرية
جاء احتلال صفورية بعد انهيار خطوط الدفاع التي أقامها جيش الانقاذ في قطاع شفاعمرو حيث كان احتلالها مقدمة لاحتلال مدينة الناصرة عاصمة القضاء. كان يوم احتلال صفورية يوما قائظا حارا وقد صادف يوم السابع عشر من رمضان وقد قصفت القرية قصفا جويا مركزا تمهيدا للاقتحام البري أثناء تناول الناس لطعام الإفطار الرمضاني.
ويقول مؤرخون إنه بعد احتلال شفاعمرو، أصبحت الطريق إلى الناصرة مفتوحة لحملة “ديكل”، حيث تقرر أن تستمر الحملة فتصل الناصرة من الناحية الشمالية، بعد أن يتم احتلال بلدة صفورية الكبيرة الواقعة في الناحية الشمالية لطريق شفاعمرو -الناصرة، واحتلال قرية عيلوط الواقعة في الناحية الجنوبية لنفس الطريق. ولكن قبل أن يتم ذلك، تقرر أن تقوم الحملة بتمويه للحامية العربية في الناصرة، بحيث تنطلق قوتان من لواء “چولاني”، في 15 تموز/ يوليو 1948، للهجوم على الناصرة من الجهة الجنوبية، تنطلق الأولى من مستعمرة “نهلال”، وتحتل قرية معلول، أما الثانية فتخرج من مستعمرة “سريد” وتحتل قرية المجيدل.
واستمرت حملة “ديكل” في تنفيذ خطتها الأساسية، وهي مهاجمة الناصرة من الناحية الشمالية الغربية، ومفاجأة جيش الإنقاذ، ولكن كان عليها أن تتخلص من بلدة صفورية وقرية عيلوط الواقعتين في طريقها إلى المدينة المقدسة.
تشدد الروايات الإسرائيلية المتعلقة باحتلال صفورية على شهرتها بمقاومة القوات الصهيونية. وجاء أول ذكر لهجوم على صفورية في صحيفة (نيويورك تايمز)، إذ أوردت بلاغا أصدره سلاح الجو الإسرائيلي يزعم فيه أن إصابات مباشرة سجلت في القرية يوم 30 أيار (مايو) 1948. وقد احتلت بعد أسبوعين من ذلك التاريخ تمهيدا للهجوم على الناصرة، في سياق عملية “ديكل” على يد كتيبة مدرعة من اللواء “شيفع” (السابع) وكتيبتي مشاة من لواء كرملي. ويذكر (تاريخ حرب الاستقلال) أن القوة المختلطة انطلقت مساء 15 تموز/ يوليو 1948 إلى مهمتها ووصلت الى ضواحي تسيبوري ـ صفورية ـ بعد أن قطعت في تلك الليلة مسافة 15 كلم تقريبا داخل منطقة العدو. وعلى الفور نظمت صفوفها لشن الهجوم. كان عرب صفورية معروفين دائما في الجليل بأنهم محاربون أشداء، لكن القرية سقطت من دون قتال تقريبا من جرّاء هول المفاجأة. وقد أنجز الاستيلاء على القرية عند الفجر. إلا إن المؤرخ الإسرائيلي بن موريس يشير الى أن القرية (قاومت تقدم الجيش الإسرائيلي مقاومة شديدة)، ولذلك سويت القرية بالأرض وطرد سكانها. وهو يذكر أيضا أن القرية (كانت تساند بقوة جنود القاوقجي) أي جيش الإنقاذ العربي، وكان لها تاريخ حافل بالسلوك المناوئ للييشوف (1936-1939).
روى سكان صفورية، لاحقا الحوادث بصورة لا تطابق الروايتين الإسرائيليتين. فقد أخبروا المؤرخ الفلسطيني نافذ نزال أن ثلاث طائرات إسرائيلية قصفت القرية ليل 15 تموز (يوليو)، ملقية (براميل مشحونة بالمتفجرات والشظايا المعدنية والمسامير والزجاج). وقد قتلت القنابل نفرا من سكان القرية وجرحت عدداً آخر، وهرب كثيرون غيرهم الى البساتين طلبا للأمان. وصمد المجاهدون وقاتلوا كيفما اتفق. وقاتل كل منهم بمفرده ودفاعا عن نفسه ولم يكن هناك ثمة أي اتصال أو تنسيق فيما بينهم. وقد انتهت المعركة سريعا. وعند الصباح، قرر كثيرون من الذين اختبأوا في البساتين أن يغادروا صوب الشمال، أو صوب الشرق.
وروى سكان القرية أن نفرا قليلا مكث فيها، وأن أفرادا قليلين فحسب استطاعوا أن يعودوا إلى القرية لأخذ متاعهم. لكن المصادر الإسرائيلية تذهب الى غير ذلك فمثلا، يقول موريس إن الذين مكثوا طردوا في أيلول/ سبتمبر 1948، و(تسلل مئات منهم عائدين) في الأشهر اللاحقة، بحيث أن (السلطات اليهودية خشيت أن يؤدي بقاء المتسللين في مواضعهم إلى أن يرجع عدد سكان القرية إلى ما كان عليه قبل الحرب، أي إلى 4000 نسمة. يضاف الى ذلك أن المستعمرات اليهودية المجاورة لصفورية كانت تطمح في أراضي صفورية). وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 1948، صرح أحد كبار المسؤولين عن الاستيطان قائلاً: (ثمة في جوار الناصرة قرية… تحتاج مستعمراتنا إلى أراضيها البعيدة. ربما في الامكان إعطاؤهم مكانا آخر). لذلك كما يقول موريس، وضع السكان بشاحنات في كانون الثاني (يناير) 1949، وطردوا ثانية إلى قرى عيلوط والرينة وكفر كنا. وفي بداية شباط/ فبراير، منح بعض أراضي القرية لكيبوتس هسوليليم.
ويقول موريس إن مستعمرتي سدي ناحوم وحفتسية – باه حصلتا أيضا على أجزاء من أراضي القرية. كان فيها أثناء القتال ما يقارب (300) من المناضلين تابعين للجهاد المقدس وربوا على القتال، لكن سلاحهم كان عبارة عن بنادق اعتيادية، ينقصها العتاد، وقد هاجمها اليهود بمصفحاتهم بعد أن قذفها بقنابل طائرة من طائراتهم وما كادت الساعة تدق الواحدة بعد منتصف الليل حتى كانت القرية قد سقطت بأيديهم (16 تموز 1948).
وفيما ذكر أن أهل صفورية قاوموا القوات المحتلة في معركة لا يمكن وصفها بالحامية، إذ أن اليهود كانوا من السرعة بحيث تمكنوا من احتلال هضبات أعلى من الهضبة التي احتلها العرب الذين جاءوا للنجدة. وكانوا أكثر عدداً وسلاحاً وأقوى معنوية.
والأنكى من ذلك، أن المدافع والمصفحات العربية كانت ترابط في شارع ضيق بعضها لاصق بالبعض الآخر. فما كاد الفريقان يشرعان في تبادل النار حتى اخترقت رصاصة يهودية إحدى المصفحات وهي الثانية فأصابت خزان وقودها فعطلتها وانفجرت ذخيرتها، ولم تستطع المصفحة الأولى التي كانت أمام المصفحة المحترقة، ولا المدفعان اللذان كانا في المقدمة أن ينسحبا. فكانت خسارة العرب في ذلك الاشتباك القصير عبارة عن مصفحتين ومدفعيتين وجنديين أحدهما أحترق في المصفحة والثاني استشهد وهو يقاتل على الهضبة. وواصل اليهود زحفهم إلى أن وصلوا الهضبة المطلة على الناصرة من ناحيتها الشرقية على طريق بري، ثم احتلوا من الجهة الثانية عمارة البوليس على طريق حيفا.
وروى سكان القرية أن نفراً قليلاً، وإن أفراداً قليلين فحسب استطاعوا أن يعودوا إلى القرية لأخذ متاعهم. وهناك من انتظر منهم حتى انتظر شهر ومنهم من انتظر سنة ومنهم من انتظر عشر سنوات ما زال ينتظر. وعندما كان جميعهم ينتظر الفرج بالعودة غادروا إلى الجنوب وإلى الشمال وإلى الشرق، ومنهم من عبر ومنهم لم يعبر ومنهم من لقي حتفه في الطريق. وعندما كان الايتسيل والهاغاناة والليحي والبلماخ يمشطون القرى كما تمشط المرأة شعرات طفلتها كان هناك من ينتظر في القلعة في صفورية.
“استبسل من استبسل ولم يسلم، وفي القلعة في صفورية صمد من صمد عندما كان جيش الإنقاذ يسير باتجاه الشرق والشمال والجنوب بالضبط مع الذين تركوا بيوتهم وبيادرهم ومعهم دلات القهوة، ومخزون الزيت والدجاجات والأغنام ومع انسحاب جيش الإنقاذ طارت أحلام العودة. عندما أتت الطيارة كانوا يدرسون على البيدر وكان رمضان وهوجمت بـ (18) دبابة، القرية احتلت في 24 آيار/مايو 1948 وأطفال صفورية كما كان في كل قرية أطفال يذهبون إلى المدارس حفاة، تركوها في حزيران (1948) يغطيهم سقف السماء ولا تحميهم إلا رحمة الله”.

أحداث صفورية كما يرويها الشاهد
الحاج سليمان سليم سليمان رشيد كان عمره عندما وقعت المجزرة 28 عاما ويسكن في حي الصفافرة في الناصرة من سكان البلد الاصلية صفورية (توفي لاحقا)، يسرد أحداث صفورية فيقول: (دخلت طيارة بالأول، ضربت البلد بالليل، وطلعت الناس من الخوف برية البلد. تخبيت تحت الزيتون على بين ما تروح الطيارة، وكان معنا بالبلد قياده تتألف من أبو توبه وأبو غُز (محمود الغُز). كانوا مع أولاد البلد، شوية من كفر مندا لما ضربت الطيارة الناس. مقاومة الجيش كانت عند عرب الحجيرات معهن باروده أما اليهود معهم دبابات وجيش الإنقاذ كمان كان معه (مصفحات) إنهزموا، أجا اليهود دخلوا على صفورية والناصرة، بتذكر إنوا انقتل من أهل البلد كثير منهم: حسن الحافظ، صالح عرابه، إبراهيم أبو رجب.
بذكر أنه بدوا ينسفوا البلد نهار الجمعة 9/7/1948 في شهر تموز يعني. ظل قسم من أهالي صفورية حوالي (40) عائلة. وأخذوا هويات زرقاء لم يكن عليها صورة. كان موسم الصبر والتين والمهم ردوا طردوهم من البلد وقسم تشتت (هج) على عيلوط، الرينة، الناصرة، أما هنا قعدوا حوالي أقل من سنة بشوية بعد ما هجت صفورية يعني صمدوا أكثر).
ويتابع: (أنا كمان بتذكر أنو امرأة عبد المجيد وهي حامل انقتلت وكمان امو وهو تصاوب. لم يكن من الدول العربية اية مساعدات أو أي شيء، كان الانجليز وهي سلمت، والمساعدات طلعت كلها خيانات بخيانات. أجه واحد نهار الجمعة الصبح بقول يا ولداه راحت البلد، احتلوا البلد والقلعة. طلعنا من عندو أنا وعباس المصطفى تنا نفوت على البلد، وطخوا عباس وارتمى قدامي. أنا فكرتو مات وهجيت على كفر مندا وقلتلهن انو مات مهي مرتو بنت عمي بس طلع انو عايش بس تصاوب).
ويضيف الحاج سليمان رشيد: (كنت عند محمد الشيخ إبراهيم قال انو أهالي البلد هجت وسقطت صفورية، وكان معاي باردوه ألمانية وهو باروده كندية قلتلو تبادل، قلي لأ، “أمين وخاين مع بعض ما بصير”، يعني اعترف انو خاين، اجو عليه اليهود وهو يصلي هو كان هيك يُغز الصلاة تنو يفرجي الناس انه بصلي، مسكوه اثنين من الجيش بفهموا عربي نزلوا على القيادة وأخذوا من أخبار وغمضوا عيني (عينيه) وعلى سجن عكا، هو حكالي لما طلع من السجن والله. واحنا اليوم زي ما انت شايف كل واحد ببلد، الرينة، المشهد، الناصرة… كان عدد السكان وقتها (5000-6000) أكثر شوية أو أقل شوية).
قائمة شهداء صفورية:
حسن الحاظم، أحمد عبد القادر، الشيخ سليمان أحمد الشريف، فاطمة الطيب، كنة محمد الجراد، صالح عرابه، محمد سالم، أحمد أسهد شحادة، محمد الجراد، الشيخ عمران، إبراهيم أبو رجب، صبحي سليم عبد المعطي، أمينة الطيب، زوجة محمد الجراد، حسن أبو طبله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى