أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةالقدس والأقصى

هل يستغل الاحتلال كورونا للسيطرة على الأقصى؟

ما إن بدأت أزمة انتشار وباء كورونا في البلاد، حتى بدأت السلطات الإسرائيلية والمنظمات اليهودية المتطرفة محاولات استخدام هذه الجائحة وتطويعها لخدمتها بأشكال متعددة ضد المسجد الأقصى المبارك.
وبدأت شرطة الاحتلال إغلاق بعض أبواب الأقصى، في محاولة منها لاستغلال موضوع الفيروس من أجل تشديد إجراءاتها على الأقصى والمصلين.

دعوات استغلالية
ففي منتصف فبراير/شباط الفاضي دعت جماعات الهيكل إلى حظر صلاة الفجر العظيم باعتبارها سببًا في انتشار الوباء.
ومع إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو منع التجمهر لأكثر من 100 شخص، كانت هناك دعوات لتطبيق القرار على صلوات المسلمين في الأقصى.
كما دعا وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان مجلس الأمن القومي إلى منع فلسطينيي الضفة الغربية من دخول الأقصى حتى لا ينقلوا الفيروس، بعد اكتشاف الحالات الأولى في بيت لحم.
وحول استغلال أذرع الاحتلال المختلفة وجماعات المستوطنين لإغلاق المسجد الأقصى بسبب وباء كورونا، أكد المحامي خالد زبارقة، المختص في قضايا القدس والأقصى، أن “استمرار احتلال القدس والأقصى هو جريمة كبرى لا تغتفر، تتحملها كل الأمة الإسلامية”.
وأوضح في حديث معه أن “واقع وموضوع إغلاق الأقصى في هذا التوقيت معقد ومركب، ونحن نثق في تقدير وفتوى العلماء، التي قضت بإغلاقه منعا لتفشي كورونا، وهذا سبب وجيه من طرفنا نحن المسلمين”.
ونوه زبارقة بأن “الظروف متغيرة بحسب مدى انتشار الوباء والصحة العامة للجماهير، وكما نحرص نحن على وصول وفود المرابطين والمرابطات والمصلين والمعتكفين، نحرص أيضا على حياة وصحة الناس”.
ومن جانب آخر، قال إنه “من الواضح أن الاحتلال منذ اللحظة الأولى لإغلاق الأقصى يحاول استغلال الظرف لتثبيت وضعه في المسجد، وهنا أسجل عدة ملاحظات، أولها؛ أن المملكة الأردنية الهاشمية هي صاحبة الولاية والسيادة والإدارة في المسجد الأقصى، لذا هي التي تقرر متى تفتح أو تغلق بوابات الأقصى، بحسب تقديرات علماء المسلمين”.
وأعرب زبارقة عن تخوفه الكبير من أن “يقوم الاحتلال بفرض إرادته على الأوقاف والمملكة الهاشمية في موضوع إغلاق الأقصى أو عدمه، أو التحكم بمن يسمح أو لا يسمح له بالدخول إلى الأقصى، وهذه قضية غاية في الأهمية، في موضوع تثبيت السيادة الإسلامية على المسجد، أمام سعي الاحتلال فرض السيادة الإسرائيلية اليهودية على الأقصى بقوة السلاح والسلطة، التي يستخدمها ضد أهلنا في القدس”.
وأشار إلى أنه “منذ قرار إغلاق الأقصى، تم إغلاق باب المغاربة الذي من خلاله يتم اقتحام الأقصى من قبل المتطرفين اليهود والسياح، وعليه أغلق الأقصى أمام الاقتحامات والسياحة التهويدية”.

المحامي خالد زبارقة
المحامي خالد زبارقة

وأفاد زبارقة بأن المتابعة الحثيثة لتطورات الأحداث في القدس والمسجد الأقصى “تؤكد أن الاحتلال يريد أن يفرض واقعا جديدا في الأقصى، في الوقت الذي يمتنع المسلمون عن الدخول للأقصى بسبب كورونا، وبحسب ظن الاحتلال، يستطيع أن يدخل المستوطنين لاقتحام الأقصى، بحجة أنها تتلاءم مع تعليمات الصحة العامة التي نشرتها وزارة الصحة التابعة للاحتلال”.
وأضاف: “هذا تعد خطير على السيادة الإسلامية في الأقصى وعلى السيادة الرسمية الأردنية بالأقصى، وعلينا كمسلمين”، مشيرا في هذا الصدد إلى حديث رئيس الهيئة الإسلامية العليا في مدينة القدس المحتلة، وخطيب المسجد الأقصى، الشيخ عكرمة صبري، الذي أكد فيه أنه في حال تم فتح باب المغاربة لاقتحامات المستوطنين للأقصى، سيتم فتح بوابات الأقصى للمصلين، لأن هذا الأمر إن تم فهو “اعتداء على قدسية الأقصى وفرض واقع جديد”. في شهر رمضان.
يذكر أن قوات الاحتلال بسبب هذا التصريح للشيخ صبري، قامت باقتحام منزله بالقدس وتهديده، “دون أي مسوغ قانوني”، بحسب المحامي زبارقة الذي أكد أن “ما تقوم به شرطة ومخابرات الاحتلال من استدعاءات للتحقيق بسبب التعاطف مع الأقصى، أوصلني لقناعة أن الاحتلال يضمر شرا للأقصى، ويريد أن يستغل هذا الظرف وانشغال العالم بكورونا، لفرض واقع تهويدي جديد على الأقصى، يتعلق بتهويد الهوية العامة للمكان، من هوية إسلامية حصرية إلى هوية يهودية”.
وبين أن “الاحتلال يستغل التهافت العربي للتطبيع، لفرض واقع جديد على الأقصى والقدس، ورغم ذلك يبقى الأقصى هو القضية التي تجتمع عليها كل الأمة، وهي مطالبة اليوم أن تقوم بدورها في نصرة الأقصى على كافة المستويات، خاصة في هذه الأيام التي نلمس فيها محاولة إسرائيلية لطمس هذه القضية، وتحييدها عن اهتمام الشعوب”.
وشدد على أهمية أن “تبقى قضية القدس والأقصى هي القضية الأولى التي تتفاعل معها الشعوب بشكل يومي، ولتبقى العيون شاخصة نحو الأقصى، كي يقتنع الاحتلال أنه لا يستطيع في هذه الظروف أن يقدم على أي عمل جبان من الممكن أن يغير خارطة المنطقة بأكملها”.
وحول الحاجة في ظل هذا الواقع الصعب لإعادة تقييم الوضع من قبل الأردن والعلماء، قال: “الأمر بحاجة لدراسة معمقة من عدة أطراف، وفي مقدمتها موقف ورأي علماء المسلمين، مع الأخذ بعين الاعتبار نوايا وخطط وإجراءات الاحتلال، التي يستغل هذه الظروف لتمريرها، إضافة للوضع السياسي العام”.
وتابع: “صحيح أن الأردن هي صاحبة الوصاية الرسمية على الأقصى، وفي حال كانت جادة في الأخذ بها، يجب على الأمة أن تلتف حولها، وتسند هذه الوصاية لمواجهة إغراءات وتهديدات الاحتلال والأمريكان، حيث تمارس الإدارة الأمريكية ضغوطا هائلة على عمان لتمرير صفقة القرن، التي تستهدف بشكل أساسي القدس والأقصى”.
ورأى المحامي خالد زبارقة أنه “في حال لم تكن الأردن جادة في الأخذ بهذه الوصاية على الأوقاف الإسلامية والمسيحية في القدس اليوم، فعليها أن تقول ذلك، وتسجله أمام الرأي العام، كي تقوم الأمة بالدور المطلوب منها”، لافتا أن “الموقف غير الواضح في الموقف الأردني يضعف موقف المملكة”.
وفي هذا السياق أكد أيمن زيدان نائب رئيس مؤسسة القدس الدولية، أن الاحتلال يحاول باستمرار استغلال الظروف كحلقة مستمرة من مخططاته ومشروعه في تكريس سيادته على المسجد الأقصى المبارك.
واشار زيدان في حديث معه أن الاحتلال حاول توظيف جائحة كورونا في اتجاهات مختلفة، أبرزها أن دخول هذه الجائحة أدت لتوقف فعاليات الفجر العظيم التي تنامت وانتشرت في الضفة الغربية والقدس.
وأوضح أن مصدر القلق الهائل منذ بداية إغلاق المسجد الأقصى هو سعي الاحتلال لاستغلال هذا الإغلاق بالتحكم في إدارة المسجد الأقصى المبارك، خاصة في ظل بُعد المصلين والمرابطين الذين يعتبرون الغطاء الأهم في حماية المسجد الأقصى.

أيمن زيدان نائب رئيس مؤسسة القدس الدولية

إجراءات متشددة

وحول أبرز الإجراءات التي قام بها الاحتلال خلال فترة إغلاق المسجد الأُقصى، بيّن زيدان أن الاحتلال قرر إغلاق جميع الأبواب أمام الحراس وموظفي الأوقاف باستثناء بابين وهما الأسباط والسلسلة، مشيرًا إلى أنهم اختاروا هذين البابين للانتشار الواسع للشرطة الإسرائيلية عندهما.
وأشار إلى أنه تم إغلاق باب المجلس لعزل دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس والمتمثلة في المدرسة المنجكية، الأمر الذي شكل نوعًا من العزل لدائرة الأوقاف داخل المسجد الأقصى، لافتاً إلى أن الاحتلال يسعى منذ عام 1967 عزل الأوقاف عن المسجد الأقصى والمكاتب.
وذكر أن الاحتلال سعى لاستدراج معلومات من الأوقاف تكرس حالته الإدارية وتضبط الداخلين والخارجين، ليكون هو الآمر الناهي في المسجد الأقصى، مؤكداً أن الشرطة الإسرائيلية حافظت على كثافة وجودها في الأقصى رغم خلوه من المصلين.
وأشار إلى أن الاحتلال بات لديه ارتياح كبير لدى أجهزته الأمنية تجاه إغلاق المسجد الأقصى المبارك، خاصة أن شهر رمضان حافل في تدفق الناس والاحتكاك مع الشرطة والمصلين ومحاولة ضبط الأعمار والأوقاف والاعتكاف ما كان يستنزف الشرطة الإسرائيلية.
ونوه أن شرطة الاحتلال تصدت لكل من يدعون لإعادة فتح المسجد الأقصى؛ حيث قامت باقتحام بيت المرابطة هنادي الحلاوني والشيخ عكرمة صبري وحرر العديد من المخالفات للمصلين الذين يصلون على أبواب المسجد الأقصى.

فرصة لجماعات الهيكل

ولفت إلى أن بعض جماعات الهيكل يعتبرون إغلاق الأقصى فرصة تاريخية لهم لا بد من اغتنامها والدفع باتجاه فتحه أمام المستوطنين خلال الأعياد، ما يضمن فرصة استفرادهم بالمسجد الأقصى.
وأفاد أن الاحتلال وجماعات الهيكل المتطرفة يتطلعون إلى إنجاز اقتحام لهم للمسجد الأقصى في تاريخ (22-5) في مناسبة دينية لهم وهو ذكرى استكمال المدينة حسب التقويم العبري الخاص بهم، حيث تسعى إلى استباحة المسجد الأقصى المبارك في هذا التاريخ.
وأضاف: “نحن قلقون من فرض وقائع جديدة على الأرض واستدامة هذه الوقائع رغمًا عن الأوقاف من خلال الضغط على ممثليها أمام تراجع الغطاء السياسي العربي”.
وكان الخبير بالشأن الإسرائيلي صالح النعامي قد حذر في تغريدات له عبر حسابه على “تويتر”، من توجهات إسرائيلية خطيرة، لتكريس سيادتها على المسجد الأقصى المبارك، مستغلة إغلاق المسجد الأقصى أمام المصلين، بحجة منع تفشي فيروس “كورونا”.
ونقل النعامي في تغريدته، تصريحات للمستشار القانوني لمنظمات “الهيكل” اليمينية أفيعاد فيسولي -والتي تسعى إلى بناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى- اعتبر فيها “إغلاق المسجد الأقصى في رمضان بحجة كورونا فرصة لتكريس السيادة الصهيونية عليه”.
وعلّق النعامي بالقول: “التيار الديني اليهودي الخلاصي الذي تعاظم تأثيره في الكيان الإسرائيلي يعتقد أنه بلغ من القوة ما يؤهله للدفع نحو فرض السيادة الصهيونية على المسجد الأقصى”.
وأضاف محذرا: “لذا ترك المسجد الأقصى تحديدا فارغا بحجة كورونا سيوفر بيئة مناسبة لهم (لمنظمات “الهيكل” اليهودية)”.
وشدد في تغريدته: على “وجوب عدم منح الإسرائيليين الحق في إغلاق المسجد الأقصى المبارك بأي صورة كانت”.
وأكد الخبير الفلسطيني، أنه “يتوجب على أوقاف القدس والأردن مقاربة مختلفة، وفحص عودة المصلين تحديدًا في رمضان مع كل إجراءات السلامة المطلوبة”.

الخبير بالشأن الإسرائيلي صالح النعامي
الخبير بالشأن الإسرائيلي صالح النعامي

ويشرف الأردن على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، بموجب اتفاقية التسوية الموقعة مع الاحتلال الإسرائيلي عام 1994، وهو وضع تعزز بتوقيع اتفاقية أخرى بين المملكة والسلطة الفلسطينية عام 2013.
يشار إلى أنه في 22 آذار/مارس الماضي، أغلقت الأوقاف الإسلامية بالقدس المسجد الأقصى، تحسبًا لتفشي “كورونا”، قبل أن تمدده خلال شهر رمضان، ضمن تدابير منع تفشي الفيروس.
وهذه المرّة الأولى التي يغلق فيها المسجد الأقصى لهذه الفترة من الزمن.
وقبل ذلك أغلق المسجد ليوم واحد، بعد إحراقه عام 1969، ثم أغلقته شرطة الاحتلال، أكثر من مرة في السنوات الأخيرة الماضية، بداعي تنفيذ عمليات طعن وإطلاق نار قرب بواباته، ولكن هذه الإغلاقات كانت لساعات أو يومين على الأكثر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى