أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

بصماتك الواضحة لا بصماتك الفاضحة

الشيخ كمال خطيب

يقول الدكتور محمد موسى الشريف الطيار السابق والداعية المعتقل في سجون آل سعود، في مقدمة كتابه – أثر المرء في دنياه: “يعيش معظم الناس على هذه الأرض مُددًا متفاوتة ثم يغادرونها، ولئن سألت عنهم وعن آثارهم وأعمالهم لوجدت أنهم كانوا كسحابه صيف سرعان ما انقشعت ولم تمطر، وأنهم كانوا كظلّ سرعان ما زال، عاشوا سنوات طويلات ثم ماتوا، عاشوا ولم يشعر بهم أحد، وماتوا ولم يدر بهم أحد، ولعمر الحق ما هكذا يعيش العظماء ولا هكذا يموت الأبطال”.
فليس عن الذين يرحلون من هذه الدنيا دون أن يتركوا فيها بصمات سأتحدث، وإنما عن الذين تركوا فيها آثارًا وبصمات ولكن بفارق أن تكون هي بصمات واضحة أو بصمات فاضحة، بصمات وأعمال يفتخر أنه عملها أو بصمات وأفعال تمنى لو أنه مات قبل أن يفعلها.
فعن سعيد بن جبير رحمه الله أنه قال في تفسير قوله تعالى {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} آية 12 سورة يس “إن الله سيكتب ما سنّوا من سنّة فعمل بها قوم من بعد موتهم، فإن كان خيرًا فله مثل أجورهم لا ينقص من أجر من عمله شيئ. وإن كانت شرًا فعليه مثل أوزارهم ولا ينقص من أوزار من عمله شيئ”. وفي قول آخر له: “إن المراد بذلك آثار خطاهم إلى الطاعة أو المعصية”.
وإن مما يشير إلى تلك الآثار والبصمات كذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له”. وفي رواية أخرى أكثر تفصيلًا في بيان فضل ما يتركه العبد بعد موته من آثار وبصمات ينتفع بها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علمًا علّمه ونشره، وولدًا صالحًا تركه، ومصحفًا ورثه، أو مسجدًا بناه، أو بيتًا لابن السبيل بناه، أو نهرًا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه من بعد موته”.
ولا يشترط أن يعيش الإنسان عمرًا طويلًا حتى يترك بصمات واضحة. فكم هم الذين لم يعمّروا طويلًا، ولكن بصماتهم محفورة في جبين بل في قلب التاريخ، فهذا عيسى بن مريم عليه السلام فقد رفعه الله إليه ولم يكن له من العمر إلا ثلاثًا وثلاثين، وترك أثرًا ملأ الدنيا وكان أصغر الرسل عمرًا، ولكنه كان من أولي العزم. وهذا الصحابي الجليل سعد بن معاذ الذي مات وهو ابن 37 سنة لكنه الذي نزل جبريل عند موته يقول للرسول الله صلى الله عليه وسلم: “من هذا الذي مات فاهتزّ عرش الرحمن لموته”. وهذا عمر بن عبد العزيز وقد توفى وهو ابن أربع وأربعين سنة. وهذا سيبويه عملاق النحو العربي وإمام النحويين فقد مات ابن ثلاث وثلاثين. وهذا الإمام النووي صاحب كتاب رياض الصالحين فقد مات وله من العمر خمس وأربعون سنة. وهذا الإمام الشهيد حسن البنا فقد قتل ورحل من دنيانا وهو ابن اثنين وأربعين سنة، لكن أثره في الأمة بقى ويزداد كل يوم ذكره وخلود اسمه وفكره وجماعته في خدمة الإسلام والمسلمين رحمه الله.
نعم قد تكون البصمة الواضحة للإنسان بعد موته في نفع ينفع به الناس فيكتبون اسمه على شارع أو مطار أو جامعة أو مدرسة، لكن الأهم أين سيذكر اسم هذا الشخص يوم القيامة، ولذلك قال الله على لسان إبراهيم أنه كان يدعو الله بقوله {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ*وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ} آية 83-84 سورة الشعراء. أي اجعل لي يا رب من يذكرونني بألسنتهم خيرًا بعد موتى، ثم اجعلني من أهل الجنة يا رب. وكذلك قال الله لرسوله صلى الله عليه وسلم {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ، وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ، الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ، وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} سورة الشرح. إنه الذكر الحسن لرسول الله فما يذكر اسم الله سبحانه إلا ويقرن به اسم محمد صلى الله عليه وسلم.
وإن من البصمات الواضحة التي للإنسان أن يتركها بعد موته هو سلوك وممارسة كان يمارسها مثل بث الأمل بين الناس وتجديد الثقة بانتصار الإسلام، صحيح أن مِن الناس مَن يستطيع بناء مسجد أو جامعة يجري نفعها من مال كثير رزقه الله إياه. وأن من الناس من قد يكون قادرًا على إدخال عشرات الآلاف في الإسلام كما نجح بذلك دعاة كثيرون منهم الدكتور الكويتي عبد الرحمن السميط رحمه الله. ولكن أن تساهم في بعث الأمل والثقة ورفع الحالة المعنوية عند المسلمين بأن الإسلام يمكن أن يمرض لكنه لن يموت، وأنه قد يكبو ولكنه سينهض، وأنه قد مرّت علينا كمسلمين مثل هذه الظروف ولكننا تجاوزناها. إن السباحة بعكس تيار اليأس والتشاؤم والتجديف بمجداف الأمل والثقة في زمن الإحباط واليأس، فإن لهذا أثر عظيم بين المسلمين، وإن هذا من صميم هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو سيد المتفائلين، ومقدّم الواثقين لا تزحزحه أعاصير الأحداث العظام ولا تؤثر من ثقته المحن والزلازل. فها هو يبشر بإسواريّ كسرى بينما هو مهاجر مطارد ومهدد. وها هو يبشّر بفتح بلاد فارس والروم واليمن بينما هو محاصر من كل جهات المدينة، بل هو يبشر أصحابه وهم تحت سياط العذاب في مكة يعذبون لأنهم يقولون ربي الله، وإذا به يبشرهم بفتح مشارق الأرض ومغاربها فقال: “لقد كان من قبلكم ليمشط بأمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنين ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمنّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله والذئب على غنمه”. فلقد أمرنا صلى الله عليه وسلم بالتفاؤل ونهانا عن عكسه لمّا قال:” من قال هلك المسلمون فهو أهلكهم”.
وإن من أعظم البصمات الواضحة التي يتركها الإنسان ما قاله ابن عباس في تفسير قول الله تعالى {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} آية 3 سورة النساء، فقال ابن عباس “اذكروه سبحانه بالليل والنهار، في البر والبحر، في السفر والحضر، في الغنى والفقر، في الصحة والمرض، في السر والعلانية”.
إن الذكر الحسن منك لله تعالى في أي مكان فإنه يعطّر ذلك المكان ويطهّره ويزكّيه، فها هي وصية أبي مسلم الخولاني، وقد أتاه رجل فقال له أوصني يا أبا مسلم، فقال: “اذكر الله تحت كل شجرة وحجر. قال: زدني. فقال: اذكر الله حتى يحسبك الناس من ذكر الله مجنونًا. قال: فكان أبو مسلم يكثر من ذكر الله، فرآه رجل وهو يذكر الله فقال: أمجنون صاحبكم هذا؟ فسمعه أبو مسلم فقال: ليس هذا بالجنون يا أخي ولكن هذا دواء الجنون”.
أرأيت الفارق بين البصمات الواضحة التي يتركها الإنسان فيرفع الله ذكره في الدنيا وفي الآخرة ويفاخر بهذه البصمات أبناؤه وذريته في الدنيا ويفاخر بها هو يوم القيامة ولسان حاله يقول {هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ، إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ، فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ، فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ، قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ، كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} آية 19 -24 سورة الحاقة.
إنه الفارق بين هذه البصمات وبين البصمات الفاضحة بأعمال وممارسات وسلوكيات يود لو أنها محيت من قاموسه ونسيها الملكان الموكلان {يَا وَيلَتَنَا مَالِ هذَا الْكِتَابِ لا يُغَادرُ صَغِيرَةً وَلا كبيرَةً إلَّا أَحصَاهَا، وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} آية 49 سورة الكهف.
إنه الفارق الكبير بين أن يقول الناس عن صاحب البصمات الواضحة هذا ابن فلان المحسن الكبير، هذا ابن فلان العالم الجليل، هذا ابن فلان الشهيد البطل، هذا ابن فلان الوطني الأصيل الذي ما ساوم ولا فرّط في أرضه وعرضه ودينه، وبين أن يقال هذا ابن فلان تاجر المخدرات، وهذا ابن فلان العميل والخائن، وهذا ابن فلان السمسار القذر، وهذا ابن فلان الشيخ والعالم الذي داهن الملوك وباع دينه بدنيا الزعماء.
نعم إن البصمة الواضحة ليس فقط في أن تكون أنت الأب الذي يفاخر به أبناؤه وليست البصمة الفاضحة أن تكون أنت لا سمح الله الأب الذي يخجل بأفعاله أبناؤه، وإنما أن نترك خلفنا بصمة بأبناء نحسن تربيتهم فيكونوا بصمتك الواضحة مصدر فخرك أو تقصّر في تربيتهم فيكونوا بصمتك الفاضحة ومصدر خزيك. أليس الله قد قال {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} آية 74 سورة الفرقان.
يقول المرحوم محمد إقبال فيلسوف وشاعر الإسلام العظيم في قصة كتبها بعنوان “لا تفضح أباك أمام مولاه” وفيها يحكي عن أثر تربية أبيه له فقال: “جاء سائل فطرق بابنا بعنف، فضربته بعصا على رأسه فتناثر ما جمعه، فتألّم والدي وسال الدمع من عينيه وقال: يا بني غدًا تجتمع أمة خير البشر صلى الله عليه وسلم أمام مولاها، ويحشر أهل الملة البيضاء حكماؤها والشهداء والعلماء والعصاة ويأتي هذا السائل المسكين صائحًا شاكيًا، فماذا سأقول إذا ما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله أودعك شابًا مسلمًا فلم لم تأدبه بأدبي، بل إنك لم تستطع أن تجعله إنسانًا، فانظر يا ولدي عتاب النبي ومقامي في خجلي بين الخوف والرجاء. أتفضح أباك أمام مولاه؟ يا ولدي كن برعمًا في غصن المصطفى، وكن كما وردة في نسيم ربيعه، وخذ من خلقه الطيّب بنصيب”.
وها هو المرحوم الشيخ محمد الغزالي يقول في قصة عن أثر وبصمة تربية أبيه له في تعظيم الخالق سبحانه: “سألني مدرس النحو وأنا طالب في المرحلة الابتدائية: أعرب يا ولد “رأيت الله أكبر كل شيء” فقلت على عجل رأيت فعلٌ وفاعلٌ، والله منصوب على العظيم!! فحدثت ضجة بين الطلبة يظنون أنني أخطأت. نظرت مذعورًا إلى الاستاذ فرأيت عينيه تذرفان بالدموع! كان الرجل من أصحاب القلوب الخاشعة وقد هزّه أني التزمت الاحترام مع لفظ الجلالة كما علمني ورباني أبي. فلم أقل أنه مفعول أول ودمعت عيناه تأدبًا مع الله.
إنها الحياة وما أقصرها وسوف تمضي، فبين أن تحجز لنفسك مكانًا وموقفًا في قلوب وعلى ألسن الشرفاء في الدنيا وفي الملأ الأعلى في الآخرة، وبين أن يكون موقعك ليس إلا في خانة المفرّطين المقصرين. إنه العمر إذًا فأحسن استغلاله لتبني لك موقعًا كما قال أحمد شوقي:

دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثواني
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها فالذكر للانسان عمر ثاني

#اجعلوا بيوتكم منابر ولا تجعلوها مقابر
إنه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يرشدنا فيه المصطفى إلى ما فيه خيرنا وخير بيوتنا لمّا قال: “لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة” وفي الحديث الآخر قوله صلى الله عليه وسلم: “اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبورًا”.
إنها الإشارة واللفتة المباركة منه صلى الله عليه وسلم وهو الذي حبّب إلينا صلاة الجماعة في المسجد، وحثنا على المحافظة عليها لما فيها من عظيم الثواب، لكنه في نفس الوقت ،وهو المربي العظيم صلى الله عليه وسلم فإنه لفت انتباهنا إلى ضرورة ألّا نهمل أن يكون من صلاتنا نصيب في بيوتنا، ولذلك فقد ورد في الأحاديث في سيرته الشريفة صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي بعض السنن في بيته ثم يأتي المسجد لصلاة الفريضة، وأنه كان يصلي الفريضة في المسجد ويؤخر صلاة السنة ليصلّيها في البيت، والهدف واضح ألا تصبح البيوت مقابر لا حياة ولا عبادات فيها، ومن أجل أن يقرأ القرآن في البيت لأن في ذلك طرد للشيطان وشرّه من بيوتنا.
أما وأننا في ظرف وزمان وبتأثير من هذا الوباء الذي نزل بنا وبالإنسانية. فليس أننا لم نعد نصلي السنن والنوافل في المساجد، بل إنها الفرائض كلها والصلوات كلها، الجمعة والجماعة لم نعد نصليها في المساجد وإنما أصبحت كل صلواتنا في البيوت والمنازل.
أما وأن المساجد قد أصبحت مهجورة والمنابر صامتة، ونحن على يقين أن هذا حال لن يطول وأنه لحكمة يريدها الله سبحانه، أما وأن البيوت قد أصبحت تؤدى فيها كل صلواتنا فأصبحت البيوت مساجد ومصليات. فمن الضرورة أن تصبح البيوت كذلك منابر. نعم لم تعد هي مقابر والحمد لله ليس باختيارنا وإرادتنا ولكن أصبحت بيوتنا هي مساجدنا.
فالمطلوب بعد إذ لم تعد البيوت مقابر أن تصبح وتتحول البيوت إلى منابر ففي البيوت لابد أن تصبح لنا وخاصة في رمضان برامج دعوية وتربوية وفكرية، فما كنا نسمعه من منابر المساجد ولم نسمعه اليوم فلننقل المنابر إلى بيوتنا، وليجعل رب كل أسرة منا برنامجًا لعائلته، فليس فقط هي لصلاة الجماعة والتراويح تؤدى في البيوت، وإنما ليكن برنامجًا للأذكار وبرنامجًا لموعظة يومية يختار لها وقت ما بعد صلاة التراويح أو ما بعد صلاة الفجر.
ما أجمل أن تكون جلسة قراءة للقرآن الكريم بشكل جماعي بحيث يقرأ كل واحد من أفراد الأسرة عشرين آية أو أكثر ثم يكمل الآخر وهكذا. وما أجمل أن تكون جلسة للذكر فيقرأ الوالد ورد الذكر من المأثورات أو غيرها ويردد أفراد الأسرة خلفه، ويكون ورد للدعاء يدعو الوالد أو الوالدة أو أحد أفراد الأسرة ثم يؤمّن الباقون من بعده.
إنها بيوتنا بإذن الله وبإرادته وحكمته لم تعد مقابر وإنما أصبحت هي منابر، على أمل إن شاء الله تعالى أن يكشف الله عنا الوباء والبلاء فنعود إلى مساجدنا ومنابرنا، ونكون قد اعتدنا على استمرار أداء سنن وقراءة قرآن في بيوتنا، فلا تكون مقابر كما علمنا حبيبنا وهادينا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى