تكنولوجيامقالات

المطلوب رأس الاخوان المسلمين..

صالح لطفي .. باحث ومحلل سياسي

توطئة…
تتسارع اﻷحداث في منطقتنا العربية وتتجلى خيوطها بوضوح بحيث لا تخطئها عين مراقب ومتابع وقد تداخلت عناصر المفاجئة وأدارة اﻷزمة وفلسفة المصالح مع صبيانية سياسية يقودها كل من محمد بن زايد ومحمد بن سلمان في ظل صراعات داخل قصورهما على زعامة بلادهم وفي ظل صراعهم مع قيادات خليجية شابة وقيادات أقليمية يستثمرها العراب الجالس في واشنطن وربيبه في تل أبيب لصالح تعزيز مكتسباتهم السياسية والجيوسياسية والاقتصادية التي تحققت منذ زيارة ترامب الى المنطقة .
المتابع لسيل التصريحات الصادرة من الاروقة السعودية والاماراتية يدرك تماما أنّ المطلوب هو رأس جماعة الاخوان المسلمين وهو ما صرح به اللواء أنور عشقي اللواء السابق في المخابرات السعودية – زار إسرائيل في تموز من العام المنصرم والمقرب من صناعة القرار السعودية – لصحيفة الشروق المصرية الثلاثاء الماضي حيث حدد مجموعة من المطالب التي على قطر تنفيذها وبمقدمتها طرد قيادات الاخوان وحماس وقصقصة جناح الجزيرة والشبكات الإعلامية العالمية التي تدعمها قطر وقطع العلاقات مع إيران . وجاءت تصريحات وزير الخارجية الأمريكي الأربعاء المنصرم التي قال فيها أن إن تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كتنظيم بأكمله على لائحة الإرهاب سيعقد الأمور مبينا حجم تعقيدات مثل هذه الخطوة في السياسة الدولية ، ولكنه لم يخف مساعي بلاده لتفكيك هذه الجماعة وتصنيفها وفقا لقواعد جديدة توضع لمساتها الاخيرة هذه اللحظات في البيت الابيض وهو ما يعني أن الاخوان المسلمين على قائمة المطلوب تصفيتهم دوليا وهو ما قاله بصراحة في شهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، الأربعاء المنصرم ، حيث أشار في مستهل شهادته ألى ان اعضاء هذه الجماعة وعددهم خمسة ملايين يخضعون للمراقبة الدائمة والتقييم المستمر خاصة وأن عددا من الدول تفتح دائما ملف الاخوان أمامهم موضحا :” بإمكاني القول لكم إننا نراقبهم ونعيد النظر بهذه القضية على الدوام لأن دولاً أخرى تفتح هذا الموضوع معنا”.وأشار في شهادته الى معالم هذا التفكيك الذي يمضي فيه البيت الابيضحيتن قال في شهادته : “عدداً من منظماتهم مستمرة بارتكاب العنف والإرهاب، وتم تصنيفها على لائحة الإرهاب” ، ووفقا لهذه التصريحات فإن علاقات باتت تنسج بين دول عربية وأقليمية هدفها الإطاحة النهائية بجماعة الاخوان المسلمين ، وهو ما يفسر ملاحقاتهم في كافة بلدان العالم المنطقة وعلى أكثر من صعيد .
للوهلة الأولى قد نتعجل التساءولات حول أسباب محاربة الأنظمة العربية الملكية والاميرية والجمهورية للاخوان المسلمين سواء ارتبطت هذه الدول بواشنطن او موسكو او محور لندن-باريس-برلين ، والسبب ببساطة ان هذه الجماعة تملك مقومات ثلاثة لا تملكها باقي الجماعات سواء كانت جهادية او دعوية . انها تملك تصورا شاملا لمشروع دولية مدنية بمرجعية شرعية إسلامية يتعاطى مع الحداثة ويهضمها لصالح مشروع العدالة الاجتماعية ، وتملك مشروعا متماسكا لاخراج المجتمعات العربية والمسلمة من تيه الاستبداد وعبادة الطاغوت الى فضاء العدل والحرية والكرامة وتملك الأساس القوي الأخلاقي لمواجهة المشروع الصهيوني فضلا عن سياساتها الشرعية والمدنية المعتدلة والوسطية التي جعلت النخب الوسطى في المجتمعات العربية تهوى افئدتهم نحوها.
إدارة الازمة وفكاك الاخوان من مجزرة محتمة
من الواضح ان قطر تدير أزمة وان جيشا من الخبراء والعلماء يقف وراء الحكومة القطرية ويديرها بذكاء شديد وبأعصاب باردة جدا استحوذت على قلوب ملايين العرب والمسلمين دفعت بعض الامراء السعوديين للتشكيك بجدوى ما يقوم به محمد بن سلمان ومحمد بن زايد في ظل رفض واضح من محمد بن نايف ولي العهد والمعروف بعدائه للاخوان المسلمين لادارة الازمة بهذه الطريقة وقد ترددت انباء تشير الى انه هو من دفع امير الكويت للمسارعة باحتواء الازمة تحسبا لتداعياتها التي لم يكن كما يبدو طاقم المحمدين” مبن زايد ومحمد بن سلمان ” قد حسب لها الحساب ويعود تحسب بن نايف الى حجم ارتداد على هذه الخطوات – وهو رجل الامن المحنك داخل المملكة – وما سيحدثه من اثار وارتدادات خاصة بين القبائل المنتسبة لتيم والتي عززت قطر علاقاتها معها بشكل كبير منذ مطلع العشرية الفائتة في اطار إعادة هيكلة الدولة القطرية لصالح مشروع يجمع بين القبيلة –قبيلة بني تميم التي ينتمي اليها حكام قطر – والمشروع الإسلامي” أدوار التيميين في احداث اخر الزمان” .
نايف بحكم خبرته الأمنية الطويلة الدقيقة وبحكم مسؤولياته الأمنية مطلع وفقا للعديد من التقارير الخليجية على مدى وحجم تغلغل الاخوان في المملكة وهو ما سيعزز من مكانتهم في ربوعها خاصة وان حجة السعودية الظاهرة انهم يحاربون الإرهاب في وقت يشير كبار الباحثين الغربيين الى دور المملكة كحاضنة للفكر المعزز للارهاب وتزداد وعورة الموقف السعودي الذي ارتبط بالامارات في موقفهم من حركة حماس التي رفض وزير خارجيتها الراحل سعود الفيصل وصم حماس بالإرهاب وستظهر على انها مملكة مهترئة تحابي إسرائيل وترسل اليها الرسائل تترا تغازلها تارة وتتوددها أخرى ، لتصبح في اعين العالم السني دولة وضيعة وعميلة ، وهو ما يرفضه بن نايف الذي يؤمن بسياسات النفس الطويل والخنق البطيء لمن يعتقد أنهم أعداء مشروع السعودة في المنطقة .وهو ما سيجعل الاخوان يفلتون من مؤامرة دولية تستهدفهم بشرا وفكرا ومشروعا، خاصة وان تيلرسون قد حدد عددهم بخمسة ملايين وكشف عن متابعاتهم الدقيقة.
سر العداء للاخوان
الاخوان المسلمون بعد الربيع العريي والدور الطليعي الذي قاموا به عبر شبابهم في كثير من بلدان العرب استعدوا مجموعات أقليمية ودولية منها على سبيل المثال لا الحصر الصهيونية العالمية وفي القلب منها إسرائيل ، والولايات المتحدة المتأثرة جدا بما يقوله الخبراء من إسرائيل وباللوبي الصهيوني ، والسعودية التي ترى بالمذهب السلفي الجامي والمدخلي أساسا لاختراق المنطقة وترى به معراجا سيصل بها للسيادة والتأثير في عالم المسلمين وسيحول دون عودة موجة جديدة للارتداد العربي تهدد عرش آل سعود ، ويؤكد مجددا الولاء المطلق للحاكم و”إن جلد ظهرك” ، وكذلك الامارات التي اتخذت من الصوفية الحلاجية وفصوص ابن العربي والاشعرية المتأخرة مسارا لها تدفع بها كمشروع عالمي يستهدف تحقيق مكانة للامارات كواجهة للمشروع “الاخواني العالمي المنادي بالاستاذية ” من جهة والحفاظ على الولاية والكرسي بفضل الموروث الاشعري المتأخر في الولاء المطلق للحاكم كما هو حال السلفية السعودية الجامة والمدخلية المعاصرة ، ويؤسس لواقع إسلامي جديد بخطاب جديد يكون للامارات قصب السبق فيه وتستعين بذلك بجيش من العلماء والخبراء ومراكز الأبحاث هذا الى جانب ايران الساعية لاختراق عالم اهل السنة في ظل غياب المرجعيات حيث لعبت هذه الجماعة دور المنبه والمحذر من تغلغل التشيع وكان رئيسها المنتخب محمد مرسي قد رفض عروضا إيرانية وإغراءات هائلة لفتح المجال لبناء الحسينيات والمجاميع الشيعية في مصر، وانحاز بالمطلق لثورة الشعب السوري.
بناء على ما سبق فأن العداء للاخوان يكمن في مشروعهم النهضوي الحضاري الذي يطمح لتحقيق العدالة بين شعوب المنطقة وإعادة المكانة للشريعة الإسلامية بين عموم المسلمين ولذلك فأن الاخوان المسلمين في العالم عموما وفي قطر تحديدا سيخرجون من هذه الازمة بجروح لكن ستتعزز مكانتها السياسية والاجتماعية وتزيد من تعاطف الشعوب العربية والإسلامية معها ، وذلك عبر مزيد من الانكشاف على حقيقة هذه الجماعة وهو ما سيدفع لتجددها .
الاختراق القطري للمجال السعودي ،مسجد محمد بن عبد الوهاب والتدويرة الاخوانية ..
تعتبر السعودية وقطر من أكثر البلدان العربية تجانساً في التركيبة القبلية والعادات والتقاليد، ويتمتع البلدان بعلاقات عائلية وأواصر القربى فضلا عن علاقات اقتصادية وسياسية كبيرة ، وكانت قبائل تميم في نجد قد احتفت في نيسان الماضي من هذا العام بزيارة الأمير السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، لمنطقة “أشيقر” مسقط رأس قبيلته “بني تميم”.،وواضح ان حمد تخلى لابنه عن الامارة ليتفرغ لبناء مجد تليد لبلده عبر استغلال لمقدرات بلاده المالية والاقتصادية ومن خلال إعادة لحمة التيميين الموزعين على السعودية والخليج واليمن والعراق والشام ، وقد اشارت تقارير عديدة الى تغلغل حمد الى هذه العشائر التيمية ومدها بالمال والعتاد وبناء المدارس والجامعات خاصة في منطقة شقير في نجد ، بل وتجنيس من يرغب من أبناء هذه العشائر بالجنسية القطرية وتسكينهم في قطر ، وهو ما أدى الى اختراق قطري قوي في كافة المناطق التي تتواجد فيها القبائل من بني تميم ،وهو ما أزعج حكام السعودية والبحرين والامارات من جهة ودفع صناع القرار من الشباب فيها ليتنافسوا مع قيادة قطر الشابة للاستحواذ على المنطقة عبر ارتمائهم بحضن ترامب ظنا منهم انهم بذلك يحققوا حماية عالمية لطموحاتهم المحلية والإقليمية ضاربين بعرض الحائط طموحات شعوب دولهم ذات النسيج القبلي والنظام الرعوي رغم متلبسات الحداثة… وكان الأمير حمد قد افتتح في أواخر عام 2011 مسجد محمد بن عبد الوهاب ، وهو الأكبر في دول الخليج ودعا لخطبة الجعة فيه لفيف كبير من علماء السعودية ممن يحسبون على تيار الاخوان-السلفي ويعتقدون العقيدة السلفية، وهو ما شكلَّ عند بعض المحللين بدايات اختراق جادة من طرف الأمير الوالد للحيز الثقافي الديني السعودي خاصة وأنَّ هذا المسجد حلَّ محل مسجد عمر بن الخطاب المسجد الرسمي الذي يخطب فيه العلامة القرضاوي والذي كانت تبث خطبته القنوات القطرية، يضاف الى ذلك زعم الأمير الوالد انه يلتقي والامام محمد بن عبد الوهاب في الجد السادس إذ أنَّ الشيخ محمد بن عبد الوهاب نجدي تميمي.
هذا المسجد بما حمله من دلالات على مستوى الخليج والسعودية وما يعمل عليه من تجديد للفكر السلفي المعاصر الى جانب عديد من المعاهد العلمية القطرية التي تهتم بالمشروع الإسلامي وبسياقاته السلفية هدد وبشكل كبير التيارات السلفية التقليدية والتيارات الصوفية كذلك ولذلك اجتمعت الكلمة على الإجهاض على مشروع قطر “التوسعي” الذي يستغل الدين والقبيلة والحركية الإسلامية لطموحات العائلة ” الشخصية”.
لقد استفادت قطر رغم صغرها الجغرافي والبشري من عاملين أساسيين هما من ضمن أدوات القوة الناعمة التي تملكها أو تستفيد منها ، أولا عامل الحركات الإسلامية وتحديدا الاخوان المسلمين كجماعة عابرة للقارات وكذلك التيار السلفي الذي بات كل عالم فيه يمثل ماركة سلفية خاصة به ، الى جانب انفتاحها على اعداد من القوى الإسلامية التي نجحت قطر بضبطها وفق إيقاع تستفيد منه وهو ما أوجد حالة من الاختراقات القطرية عبر هذه الجماعات وغيرها لتحقيق مكاسب ميدانية تفيدها ، وهذا الذي تنبه اليه حكام الامارات فتبنوا الخط الصوفي-الاشعري المتشدد ومحاربة الاخوان في البلدان الكبرى فكان أن تبت صوفية-حلاجية- عرابية .
والعامل الثاني ، العامل الإنساني ومساعداتها وإغاثتها للعديد من الشعوب العربية والإسلامية وانحيازها الى جانب ثورات الربيع العربي ولعبها على حبل المتناقضات الدولية وهو ما جعل لها حظا ومكانة في نفوس الكثير من شعوب العالم العربي والإسلامي ومنحها قوة الى قوتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى