أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

الكورونا والاحتلال الإسرائيلي إلى زوال عن المسجد الأقصى

د. أنس سليمان أحمد
نسمع في هذه الأيام عن مواصلة الاحتلال الإسرائيلي إبعاد الدكتور سليمان أحمد والناشط أبو حمزة عن القدس والمسجد الأقصى المباركين، إلى جانب إبعاد المئات من الشباب المقدسيين عن المسجد الأقصى، ونسمع في هذه الأيام عن مواصلة الاحتلال الإسرائيلي إبعاد ومطاردة الناشطة مادلين عيسى من كفر قاسم والناشطات الفحماويات الحاجة ناهدة صلاح أبو شقرة، ومنتهى سليمان أبو شقرة، ونور محاميد، وسماح محاميد وإسلام محاميد، إلى جانب إبعاد ومطاردة الناشطات أم كامل وخديجة خويص وهنادي الحلواني وعايدة صيداوي، وأم إيهاب ونفيسة خويص ورائدة خليلي وسحر النتشة وسندس ومها ومعالي وسعاد، ونسمع في هذه الأيام عن مواصلة الاحتلال الإسرائيلي استدعاء المحامي خالد زبارقة إلى غرف التحقيق مع إبعاد له عن الأقصى المبارك، إلى جانب مواصلة التحقيق مع نخبة من الإعلاميين المقدسيين والإعلاميات المقدسيات، لماذا كل ذلك؟ وماذا يريد الاحتلال الإسرائيلي من وراء ذلك، ولماذا الآن؟ مع التذكير أن الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الذي يواصل فيه سلوك النهج القمعي ضد هؤلاء المرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى فإنه يواصل فتح أبواب المسجد الأقصى كي تواصل سوائب الاحتلال إقتحام المسجد الأقصى، ويواصل توفير الحماية المسلحة لها، لدرجة أن كل مقتحم للمسجد الأقصى من سوائب الاحتلال قد يجد حوله عشر جنود من قوات الاحتلال الإسرائيلي يحيطون به كإحاطة الإسور للمعصم، ومحاولة مني للإجابة على الأسئلة الواردة أعلاه فإنني أسجّل هذه الحزمة من الملاحظات التي تقول كل شيء لكل مراقب عاقل:
حاول الاحتلال الإسرائيلي ذات يوم أن يختلق تنظيما وهمياً سمّاه (شباب الأقصى) ثم اعتقل العشرات من الشباب المقدسيين وزجّ بهم في السجون بتهمة الانتماء إلى ذاك التنظيم الوهمي، وقد طمع الاحتلال من وراء ذلك ترهيب الشباب المقدسيين وتنفيرهم عن المسجد الأقصى، ولكنه فشل في ذلك، وهو ما يؤكده الواقع.
ثم حاول الاحتلال أن يختلق تنظيما وهميا آخر سمّاه تنظيم (المرابطين والمرابطات) ثم أعلن عن حظر ذاك التنظيم الوهمي، ثم أعتقل المئات من المقدسيين والمقدسيات بتهمة الانتماء إلى ذاك التنظيم الوهمي، وإلى جانب ذلك أعتقل مجموعة من العاملين على نصرة المسجد الأقصى من أم الفحم والناصرة وعرابة وكفركنا وزجّ بهم في السجون بتهمة الانتماء إلى ذاك التنظيم الوهمي، وهو الذين أطلق عليهم الإعلام (عشاق الأقصى) وقد سعى الاحتلال الإسرائيلي من وراء ذلك إلى قطع دابر الرباط التعبدي في المسجد الأقصى، ولكن الاحتلال الإسرائيلي فشل في ذلك، وهو ما يؤكده الواقع .
ثم قامت الأذرع الإسرائيلية المخابراتية باعتقال الشيخ رائد صلاح وحاكت له سلسلة تهم من نسيج خيالها، وكان ولا يزال هدفها من وراء ذلك ليس تجريم المرابطين والمرابطات بل تجريم أصل الرباط وإعتبار الدعوة إلى الرباط أو الكتابة عنه أو الإشادة به هي مخالفة قانونية صارخة في حسابات هذه الأذرع المخابراتية الإسرائيلية وهي دعم الإرهاب وإعلان التماهي مع تنظيمات محظورة، وهدفت هذه الأذرع المخابراتية من وراء ذلك إخماد أي نفس للرباط العبادي في المسجد الأقصى، ولكنها فشلت في ذلك، وهو ما يؤكده واقع الحال، حيث انقلب السحر على الاحتلال الإسرائيلي .
واقع الحال يؤكد أنه بعد كل هذه الممارسات القمعية التي لا يزال يمارسها الاحتلال الإسرائيلي والمخابرات الإسرائيلية فقد إشتد ساعد الرباط العبادي في المسجد الأقصى، وازداد عدد المرابطين والمرابطات يومياً في المسجد الأقصى، وازداد عدد الحافلات التي بدأت تنقل عشرات الآلاف كل ليلتي جمعة وسبت من الجليل والمثلث والنقب والساحل لأداء صلاة الفجر في المسجد الأقصى. ثم إزدادت صلوات الفجر العظيم في القدس والضفة الغربية وغزة والداخل الفلسطيني، وإزداد عدد حشود هذه الصلوات من الرجال والنساء لدرجة أنها بدأت تتغطي الشوارع الواسعة في نابلس وطولكرم والخليل وغزة، وباتت تتحول إلى أجواء عبادية إحتفالية توزع فيها القهوة والشاي والكعك المقدسي والكنافة النابلسية ومناقيش الزعتر.
كل ذلك أصاب الاحتلال الإسرائيلي بصداع الحمى قبل أن يصاب بصداع الكورونا وراح يخبط خبط عشواء، فراح تارة يغلق مصلى الرحمة في المسجد الأقصى ويمنع الصلاة فيه، وراح تارة أخرى يعتقل كل من يصلي أو كل من تصلي قرب مصلى الرحمة وهو مغلق وراح تارة ثالثة يعتقل من يوزع أو من توزع تشريفات سواء كانت طعاما أو شرابا أو حلوى بعد أية صلاة فجر عظيم في المسجد الأقصى، وراح تارة رابعة يهدد ويتوعد ويبعد ويطارد كل من يلقي أو تلقي درسا في المسجد الأقصى لا بل إنه اعتقل فضيلة الدكتور رائد فتحي لأنه ألقى درسا في أحد مساجد القدس، وراح تارة خامسة يضيّق الخناق على الصائمين الذين باتوا يتحلقون بعد غروب شمس كل يوم إثنين وخميس لتناول إفطارهم في المسجد الأقصى، وهكذا بات الاحتلال الإسرائيلي كالدب الهائج الذي بات يدوس على كل شيء .
وهكذا فشل الاحتلال الإسرائيلي في تفريغ المسجد الأقصى من المرابطين والمرابطات، وفشل بفرض سعيه الباطل لتجريم مبدأ الرباط العبادي، وفشل بالإستفراد بالمسجد الأقصى.
وفي نفس الوقت فشل الاحتلال الإسرائيلي بتحقيق أحلامه الوهمية الساعية إلى فرض التقسيم الزماني والمكاني على المسجد الأقصى، وفشل بنقل الإقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى من إقتحامات رذيلة منبوذة إلى واقع مقبول أو مسكوت عنه، وفشل بنقل هذه الإقتحامات الرذيلة المنبوذة من مرحلة مجرد الاقتحام إلى مرحلة أداء الطقوس التلمودية في المسجد الأقصى، وظل الوجود الإسرائيلي في المسجد الأقصى هو وجود احتلالي باطل بلا شرعية ولا سيادة في عيون كل الامة المسلمة والعالم العربي والشعب الفلسطيني، ولأنه كذلك فهو حتماً إلى زوال، وظل كل مقتحم إسرائيلي للمسجد الأقصى بحاجة إلى فرقة حراسة عسكرية تحرسه منذ أن تدوس قدمه المسجد الأقصى حتى يخرج منه وهكذا بات يشهد على نفسه – من حيث يعلم أو لا يعلم- أن دخوله إلى المسجد الأقصى، هو دخول إقتحام باطل بلا شرعية ولا سيادة، ولولا فرقة الحراسة العسكرية التي تلتف حوله في كل إقتحام للمسجد الأقصى لما سوّلت له نفسه يوما من الأيام مجرد التفكير باقتحام المسجد الأقصى، وهكذا انهارت أحلام الاحتلال الإسرائيلي أمام ناظريه وهو لا يدري ماذا يفعل.
وهكذا حافظت طائفة المرابطين من المقدسيين والمقدسيات ومن المرابطين من الداخل الفلسطيني، إلى جانب هيئة الأوقاف برئاسة فصيلة الشيخ عبد العظيم سلهب، والهيئة الإسلامية برئاسة فضيلة الشيخ الدكتورعكرمة صبري، هكذا حافظوا على قضية المسجد الأقصى قضية حيّة شامخة صامدة لا يضرها من خالفها أو خذلها ولا ما أصابها من لأولاء حتى يأتي أمر الله.
ولمّا أصابت جائحة الكورونا كل أهل الأرض ظن الاحتلال الإسرائيلي أن هذه الجائحة ستفعل فعلها وستحقق ما عجز عن تحقيقه الاحتلال الإسرائيلي، وستُبقي المسجد الأقصى فارغاً وحيداً لا صلاة فيه ولا رباط ولا مرابطاً ولا مرابطة ولا معتكفا ولا قارئُ قرآن، ولا داع، ولا مستغفراً، ولا قائماً، ولا راكعاً ولا ساجداً ولذلك تجرأ الاحتلال الإسرائيلي تحت ذريعة الكورونا وبات يحاول منع الجميع من الرباط العبادي في المسجد الأقصى ولو بالعشرات!
ولكن هيئة الأوقاف كانت بالمرصاد لأحلام هذا الاحتلال الغشوم حيث كانت ولا تزال تواصل تعقيم المسجد الأقصى، وتواصل إرشاد وفود المرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى كي يحافظوا على صحة أبدانهم لدى دخولهم المسجد الأقصى والصلاة فيه، وهو ما يلزمنا أن نؤدي التحية القلبية الخالصة لهيئة الأوقاف.
وحتى لو استشاط الاحتلال الإسرائيلي عضباً من حكمة هيئة الأوقاف وحتى لو فرض غرامة مالية على فضيلة الشيخ عبد العظيم سلهب، بعد أن فشل في فتل عضلاته الوهمية قبل أسابيع على فضيلة الشيخ الدكتور عكرمة صبري، فلا بد من التأكيد أن الكورونا إلى زوال عن المسجد الأقصى والاحتلال الإسرائيلي إلى زوال عن المسجد الأقصى.
هي دعوة لأنفسنا ولأمتنا المسلمة وعالمنا العربي وشعبنا الفلسطيني ولسائر الإنسانية بالشفاء العاجل من وباء كورونا وهي فرصة ندعو فيها أنفسنا وندعو فيها كل أهل الأرض للتوبة إلى الله، وتجديد الإيمان بالله تعالى، والإقلاع عن الظلم والاستغلال والفواحش والاستبداد والاستعمار، والتعاون الصادق لملأ الأرض قسطاً وعدلاً، وهي فرصة لا بد من التأكيد فيها لقيادة البشرية اليوم أنكم فشلتم في إسعاد البشرية وتحقيق العدل فيها وآن الأوان لخلافة على منهاج النبوة تنقذ أهل الأرض مما هم فيه من شقاء وضنك ونكد كما بشّر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، يسألونك متى هو؟! قل عسى أن يكون قريبا!! أليس الصبح بقريب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى