أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةعرب ودولي

محاكمة ترامب تنطلق اليوم… وترجيح كفة المحاكمة الصورية

يبدأ مجلس الشيوخ اليوم الثلاثاء، جلسات محاكمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في “أوكرانيا غيت”. وتترقب واشنطن المستنفرة إلى أقصى الحدود، هذا الحدث التاريخي بخليط من الغموض والشكوك والمناورات والتسريبات الملغومة في غالبيتها.
كلا الطرفين يسعى إلى كسب معركة العلاقات العامة، للتعويض عن فجوات معركته القانونية – السياسية التي لا تخلو من الأعطاب والنواقص، خصوصاً من جانب الدفاع، الذي يتحرك في إطار خطة مصمّمة للانتقال إلى الهجوم، عبر تجويف التهمتين ضد الرئيس (إساءة استخدام السلطة وعرقلة تحقيقات الكونغرس)، بهدف أن يؤدي ذلك إلى نسف أساس الادعاء واعتباره غير ذي موضوع.

فريق الرئيس القانوني المؤلف من 8 محامين من الصف الأول، يعمل في هذا الاتجاه، بقيادة المحامي ألين دورشويتز، أستاذ القانون الدستوري سابقاً في جامعة هارفارد، الذي يروج لنظرية أن ملف الاتهام لا يرقى إلى مستوى الشرط الدستوري لعزل الرئيس. حسب تفسيره، لا بد من أن تكون التهمة “موازية” بوزنها لخرق من عيار “الخيانة أو الرشوة” اللتين ذكرهما الدستور بالاسم، وهو ما لا يتوفر في حالة ترامب وفق رؤيته. وفي ذلك اجتهاد يسمح به غموض الشق الثاني من النص، الذي يشترط وقوع “جرائم أو مخالفات من الصنف الكبير” من دون تحديدها، كما تسمح به تجربتا العزل السابقتان (محاكمة الرئيسين أندرو جونسون وبيل كلينتون) اللتان رفض فيهما مجلس الشيوخ عزل الرئيس بحجة أن التهمة غير كافية، مع أن القرار في الحالتين جاء لاعتبارات سياسية لا قانونية. ويزمع دورشويتز على تقديم مداخلة دستورية يوم الجمعة المقبل على الأرجح، لدعم مقولته بأن تهمتي الإساءة والعرقلة لا تشكلان، “حتى لو ثبت حصولهما”، الجريمة التي ينطبق عليها معيار العزل. تسويغ تضعه مرجعيات دستورية وازنة مثل لورانس ترايب، أستاذ القانون الدستوري الشهير، في منزلة الهرطقة القانونية، لأنه “يتناقض مع ما ابتغاه واضعو الدستور من النص المتعلق بالعزل”، على حدّ تعبيره.

مع ذلك، وعلى الرغم من رجحان كفة مثل هذه القراءة في صفوف أهل القانون، إلا أنّ فريق الإدارة رسا على تفسير دورشويتز، ووضع الترتيبات لترجمته عبر المحاكمة. السناتور ميتش ماكونيل، بصفته زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، حدّد مساء الإثنين قواعد اللعبة، بما يضمن تمرير القضية بسرعة في “محكمة العزل”، ليس فقط من دون عزل الرئيس بل أيضاً بأقل الخسائر له. أعطى لكلا الفريقين في الدعوى 24 ساعة فقط، موزعة على يومين، ابتداءً من يوم الأربعاء، لتقديم مداخلته القانونية، ثمّ خصص 8 ساعات للادعاء ومثلها للدفاع، لاستجواب الآخر. تضاف إلى ذلك مدة 4 ساعات للطرفين لمناقشة مطلب استحضار الشهود قبل طرحه على التصويت. وحرص على أن تبدأ هذه الجولات بعد الظهر، بحيث تمتد إلى ساعة متأخرة من الليل، بما يكفل تقليص عدد المشاهدين. والاعتقاد أن ماكونيل ضمن مسبقاً تأييد 51 صوتاً على الأقل من الجمهوريين لإقرار هذه الاجراءات اليوم الثلاثاء، ضد الاعتراضات المتوقعة من الديمقراطيين.

وحده قرار استدعاء الشهود قد يراعي فيه ماكونيل موقف عدد من الجمهوريين المحبذين للشهود بسبب اعتبارات انتخابية، لكن بشرط أن يجري استجواب الكبار منهم مثل جون بولتون وراء الأبواب المغلقة، بحيث يتم حجب معلوماته أثناء المحاكمة، تماماً كما حصل السنة الماضية في قضية مرشح المحكمة العليا القاضي بريت كافانو، حيث وافق ماكونيل على فتح تحقيق إضافي محدود وسريع، يكون المدخل لضمان صوت سناتور جمهوري غير متحمس للقاضي. نفس الالتفاف لتمرير المطلوب بصورة ملتوية.
يعرف فريق الرئيس أن عامل الوقت ليس لصالحه، وكذلك نبش المزيد من المعلومات والوثائق، ولا ضمان لوقف تدفقها، إلا بالإسراع في طي الملف، ولو بمحاكمة مسلوقة يبدأ ماراثونها اليوم الثلاثاء، تحت راية ردّ الاعتداء على صلاحيات الرئاسة.

في المقابل، يرفع خصوم الرئيس شعار ردّ الاعتداء على الدستور. وفي الحالتين المعركة حزبية في المقام الأول، وحصيلتها في جيب ماكونيل، إلا إذا تكشف، أو حصل أثناء المحاكمة ما هو غير محسوب، الأمر الذي ما زال البيت الأبيض يخشى حدوثه، ولو أنه مستبعد وفق معظم التقديرات. ولذلك كان الرئيس يفضل لجوء مجلس الشيوخ إلى التصويت في بداية الجلسة الأولى على قرار “لردّ الادعاء” في الشكل لانتفاء مقومات الدعوى، وبالتالي إنهاء المحاكمة على الفور. اعتراض ونصائح قيادات الجمهوريين نجحت باستبعاد خيار الضربة القاضية هذا، خوفاً من كلفته السياسية – الانتخابية. فطموح معسكر الرئيس أن يقلّل الخسارة قدر الإمكان، مقابل طموح الديمقراطي في تحويل المحاكمة إلى عملية فاضحة قدر المستطاع للبيت الأبيض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى