أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

كيف تمّ تشويه شهادة الشيخ رائد صلاح؟ ولماذا؟

د. أنس سليمان أحمد
ذابت الحدود الرسمية بين المحققين من جهة وبين النيابة الإسرائيلية وشهودها من جهة ثانية وبين القاضي الإسرائيلي من جهة ثالثة والمخابرات الإسرائيلية من جهة رابعة، إذ أجمعوا أمرهم على ضرورة تشويه شهادة الشيخ رائد صلاح التي أدلى بها نصرة للقرآن والسنة، ونصرة للثوابت الإسلامية العروبية الفلسطينية، ونصرة للغة العربية، ونصرة للحق الفلسطيني وللثقافة الشعبية الفلسطينية وللفلكلور الفلسطيني، بغض النظر ماذا سيكون قرار الحكم، فكيف شوّهت هذه الأذرع الإسرائيلية هذه الشهادة الحجة الدامغة؟! وماذا كانت أهدافها من وراء ذلك؟! إليكم الجواب الموجز لأن التفصيل في هذا الجواب يحتاج إلى أكثر من دراسة وأكثر من تقرير، مع تأكيدي أن كل ذلك لن يغني عن ضرورة طباعة شهادة الشيخ رائد صلاح وترجمتها إلى أكثر من لغة، وتوزيعها محلياً وعالمياً، وعقد ندوات بحثية حولها:
بدأت شهادة الشيخ رائد صلاح خلال الأيام الأولى لاعتقاله أي قبل عامين ونصف، حيث أجاب المحقق رافي في مركز التحقيق (لاهف 433) في اللد، وما قاله هناك كرره مرة ثانية بتفصيل أكثر في قاعة محكمة الصلح في حيفا على مسمع القاضي الإسرائيلي (بينجو) والنيابة الإسرائيلية.
من الضروري أن نعلم أن كامل شهادة الشيخ رائد صلاح هو ما قاله في مكتب التحقيق وفي قاعة المحكمة، ولذلك لحق التشويه لكل شهادته بداية مما قاله في مكتب التحقيق ثم في قاعة المحكمة.
المحقق رافي لمن لا يعلم هو محقق إسرائيلي من أصول عراقية ويستطيع كتابة اللغة العربية والنطق بها وفهمها على ضعف شديد جدا، وهو الذي دوّن شهادة الشيخ رائد صلاح الأولى في مكتب التحقيق، ثم هو الذي ترجمها إلى العبرية وقدّمها فيما بعد إلى القاضي (بينجو) في حيفا، وهو الذي كان الشاهد الأول من شهود النيابة، ولذلك استغرقت شهادته أكثر من جلسة في قاعة المحكمة.
خلال الإدلاء بشهادته استجوبه المحامي رمزي كتيلات أحد أعضاء طاقم الدفاع عن الشيخ رائد صلاح، وخلال ذاك الاستجواب كشف له المحامي كتيلات عن مئات الأخطاء التي وقع بها المحقق رافي عندما ترجم شهادة الشيخ رائد صلاح، وكان سبب تلك الأخطاء في الظاهر: إما لأن رافي ترجم خطأ ” الكثير من الكلمات من العربية إلى العبرية “، وإما لأن رافي سمع بعض الكلمات خطأ بعيداً عمّا قاله الشيخ رائد صلاح، ولذلك فقد ترجمها رافي خطأ إلى العبرية، وإما لأن رافي بسب جهله التام بمصطلحات القرآن والسنة وفقه اللغة العربية والثقافة الشعبية الفلسطينية وفلكلورها فقد ترجم هذه المصطلحات خطأ إلى اللغة العبرية، وهذه الأخطاء بالمئات .
إعترف المحقق رافي أمام القاضي (بينجو) بكل هذه الأخطاء، واعترف أن هذه الأخطاء ليست شكلية بل تؤثر في مضمون التهم التي تم توجيهها إلى الشيخ رائد صلاح.
رغم أن هذه الأخطاء بالمئات ولا أستطيع سردها بالتفصيل ولكن على سبيل المثال: ترجم رافي كلمة ” في وجه ” إلى العبرية كأنها بمعنى ” يصادم”، ولمّا قال له المحامي رمزي إتيلات أن معناها هو ” في المقابل” وليس ” يصادم”!! أقرّ بذلك رافي على مسمع القاضي (بينجو).
ترجم رافي كلمة ” جهات عربية” إلى العبرية وكأنها بمعنى “جهاد عربي”، ولمّا قال له المحامي كتيلات: لقد سمعت خطأ ما قال الشيخ رائد صلاح، فهو لم يقل “جهاد عربي” بل قال “جهات عربية”!! أقرّ رافي بذلك على مسمع القاضي.
ترجم رافي ” تضحيات” إلى العربية وكأنها بمعنى ” ضحايا”، ولمّا قال له المحامي كتيلات: لقد أخطأت بترجمة مصطلح “تضحيات” إلى العبرية لأن معنى “تضحيات” ليس “ضحايا”، بل معناها هو كثرة البذل والعظاء!! أقرّ بذلك رافي على مسمع القاضي.
وعلى هذه الشاكلة كانت كل أخطاء رافي، فكان يقرّ بخطأه، وكان يقرّ بالتصحيح الذي كان يقترحه عليه المحامي كتيلات.
عندما سأله المحامي كتيلات: هل هذه الأخطاء التي وقعت بها تغيّر من مضمون الكلام؟! أجابه رافي وقال: نعم تغير من مضمون الكلام، على مسمع من القاضي.
مما يقول لكل عاقل: إن هذه الأخطاء إذا كانت تغير في مضمون الكلام فيجب أن ينعكس ذلك على مضمون التهم، إلا أن القاضي تجاهل كل ذلك وادّعى في سياق الحكم الذي أصدره في تاريخ 2019/11/24 أن الأخطاء التي وقع بها المحقق رافي أو شهود النيابة كانت مجرد أخطاء شكلية، فكيف وصل إلى ذلك بينجو؟! وهل بات خبير لغة عربية ونحن لا ندري.
لا بل إن القاضي بينجو عندما أصدر حكمه بتاريخ 2019/11/24 وخلال قراءته لذلك الحكم تبنى الترجمة الخاطئة التي تقول إن معنى ” تضحيات” وهو “ضحايا” جمع ضحية، بغية أن يساعده ذلك على فرض أجواء التحريض على أقوال وخطابات الشيخ رائد صلاح.
الملفت للانتباه أنه في الوقت الذي قدّم فيه رافي إلى القاضي (بينجو) ترجمته لأقوال الشيخ رائد صلاح وخطاباته، فقد قدّمت المخابرات ورقة رسمية إلى القاضي ترجمت فيها إلى العبرية أقوال وخطابات الشيخ رائد صلاح، وخلال استجواب المحامي كتيلات لرافي أثبت المحامي كتيلات على مسمع القاضي والنيابة وسائر الحضور أن الأخطاء التي وقع فيها رافي في ترجمته هي نفس الأخطاء التي وقعت فيها المخابرات في ترجمتها، مما يدل كل ذو لب أن رافي قد نقل ترجمته عن ترجمة المخابرات إلا أن القاضي (بينجو) كأنه قد جعل أصبعيه في أذنيه، وكأنه لم يسمع شيئاً، ولذلك لم يتطرق إلى هذا التشويه المعيب خلال قراءة حكمه لا من قريب ولا من بعيد.
ازدادت فضائح الترجمة لأقوال وخطابات الشيخ رائد صلاح إلى العبرية عندما أحضرت النيابة شهودها الذين قدّمتهم للمحكمة على اعتبار أنهم خبراء في الإسلام واللغة العربية!! ويا للمهزلة!
أحد شهود النيابة كانت تدعى (شيرلي) ويا لفضيحة ما وقعت به من أخطاء وكانت بالعشرات!! لا بل إنها اعترفت تحت وقع أسئلة طاقم الدفاع أنها تعتمد في ترجمتها على قاموس مصطلحات سري قد أعدّته المخابرات الإسرائيلية، وفي بعض الأحيان تعتمد على بعض صفحات التواصل والشبكة العنكبوتية، وهكذا تحول القرآن والسنة واللغة العربية والثوابت والحقوق والقدس والأقصى إلى رهينة (للخبيرة!!) شيرلي ولجهلها ولفضائح ترجماتها التي أقرّت بها على مسع القاضي (بينجو) عندما استجوبها طاقم الدفاع!! ولكن القاضي لم يتطرق إلى كل ذلك لا من قريب ولا من بعيد بل إن كل عاقل سمع قرار حكمه بتاريخ 2019/11/24 يخرج بانطباع أن القاضي تبنى ترجمات (الخبيرة!!) شيرلي رغم فضائح ترجماتها.
المضحك المبكي هو ما قدّمته الخبيرة (م) إلى القاضي بينجو، والتي لا أعرف اسمها، والتي أدلت بشهادتها في جلسه محكمة مغلقة لم يُسمح بالدخول إليها إلا طاقم النيابة وطاقم الدفاع والقاضي والشيخ رائد صلاح، ولكن ما سمعته بعد ذلك من الدفاع أن هذه الشاهدة كانت مرتبكة ومتلعثمة طوال الوقت، ولا تملك أية مؤهلات للترجمة سوى أنها امرأة عربية، ولذلك فقد وقعت بعشرات الأخطاء الفاضحة عندما ترجمت أقوال الشيخ رائد صلاح وخطاباته إلى العبرية، وتحت وقع أسئلة الدفاع اعترفت بهذه الأخطاء، ولكن كأنها لم تعترف في حسابات القاضي (بينجو) .
بل أبعد من ذلك، فإن هذه (الخبيرة!!) العربية (م) إعترفت أمام القاضي (بينجو) أن قول الشيخ رائد خلال كلمة ألقاها في في باقة الغربية في مهرجان أطفال صغار: ” سنفرح للشهادة من أجلكم” أن كلمة ” شهادة” في هذه الجملة يجوز أن تكون ” شهادة المدرسة” لأن الشيخ رائد يتحدث لأطفال صغار، واردفت وقالت: قد يكون معناها ” الشهادة” في سبيل الله، إلا أن القاضي شطب على هذه (الخبيرة!!) في هذه النقطة تحديداً وقال في سياق الحكم إن المعنى الوحيد الذي قصده المتهم رائد صلاح بكلمة شهادة هو ” الشهادة” في سبيل الله تعالى!! لماذا؟! لأن هذا المعنى هو المعنى الوحيد فقط قد يساعد القاضي على إضفاء جو من التحريض على العنف والإرهاب على أقوال وخطابات الشيخ رائد صلاح.
كان هناك شهود آخرون من قبل النيابة بادعاء أنهم خبراء!! إلا أن عشرات الأخطاء التي وقعوا بها أثبتت لكل عاقل أنهم من أجهل الجاهلين في القرآن والسنة وفي اللغة العربية ومصطلحات وأدبيات القرآن والسنة واللغة العربية.
مما يؤكد صدق ما قاله الشيخ رائد صلاح عندما قال في سياق شهادته أن هذه المحاكمة ليست ضدي شخصياً، بل هي ضد القرآن والسنة واللغة العربية، وضد الأمة الإسلامية العروبية الفلسطينية، وضد القدس والمسجد الأقصى المباركين، وضد الحق الفلسطيني والثقافة الشعبية الفلسطينية وفلكلورها.
عندما أصدر القاضي (بينجو) حكمه بتاريخ 2019/11/24، وخلال قراءته لذلك الحكم استدل كل عاقل سمعه أن القاضي (بينجو) اعتبر نفسه مفسرا للقرآن الكريم وهو ليس كذلك، واعتبر نفسه شارحاً للأحاديث النبوية وهو ليس كذلك، واعتبر نفسه خبيراً باللغة العربية وهو ليس كذلك، واعتبر نفسه خبيراً بالفلكلور الفلسطيني وهو ليس كذلك، وبذلك أصدر حكمه دون أن يملك صفة (خبير) التي تؤهله حتى يصدر ذلك الحكم، وهو يقول كل شيء لكل عاقل. لأن كل هذه المحاكمة دارت حول كل هذه الأصول: القرآن والسنة واللغة العربية والثقافة الشعبية الفلسطينية – فكيف لجاهل بهذه الأصول وكيف لجاهل بمصطلحاتها أن يصدر حكماً فيها ـ ولعلّ كل ذلك ما دفع الأستاذ محمد بركة رئيس لجنة المتابعة العليا أن يقول خلال كلمته التي ألقاها في مؤتمر صحفي: أنا محمد بركة رئيس لجنة المتابعة لا أعترف بهذا الحكم!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى