أخبار وتقاريرتكنولوجيامقالاتومضات

كيف نحفظ أنفسنا في زمن Ai

مارية محاجنة

في زمن التضخّم المعلوماتيّ والمعلومات المتاحة بين أيدي الجميع، من طلبة علم أو طلبة تصدّر أو جهَلة تتسلّق على العلوم والتخصصات سواء بسواء، أصبح الوصول إلى المعرفة سهلًا وسريعًا أكثر من أي وقت مضى. وبوجود إمكانية تتيح للذكاء الاصطناعي أن يُحضّر درسًا أو يُعدّ بحثًا، أو يُجري مناظرة، أو يمنح أفكارًا، بل ويستعرض لك معلومات لم يكن في مقدورك الوصول إليها سابقًا، يظن البعض أن كل المعرفة باتت في متناول اليد، وأن الجهد البشري لم يعد ضرورة.

لكن علينا أن لا ننسى في زحمة هذا التضخّم أن الذكاء الاصطناعي لن يكون في يوم ما بديلًا أصيلًا عن مُعلّم قدوة، أو مختصّ أمين، أو مؤثّر يُحسن تواصله مع الناس، أو مُلهم يُخاطب الأجيال ويكتب بمداد من قلبه وعقله؛ تنبض الكلمات بفكره ووعيه، وتذوّق وجدانه لفكرةٍ أسلم فيها نفسه لله، سهر الليالي ينقّح العلوم، ويعتني بأجودها وأوثقها، مُستعدًا لبذل الثمن في سبيل إعلائها، استعدادًا لمشهد: يوم تبيض وجوه وتسود وجوه.

لقد شهدت ميادين التعليم والعمل تأثير الذكاء الاصطناعي بشكل واضح؛ فالبعض صار يعتمد عليه لإعداد واجباته، أو كتابة مقالاته، أو حتى إدارة مناظراته. وصولا إلى المجال الطبي اذ تُستخدم روبوتات لإجراء جراحات دقيقة (بمساندة أطباء بشريين) أو تُدار عن بُعد عبر شبكات عالية السرعة، مثل الجراحات الروبوتية التي تُجرى من آلاف الكيلومترات بعيدًا باستخدام 5G، وهي تُطبَّق في مستشفيات حقيقية وليست خيالًا.

• توجد روبوتات جراحية تُستخدم في مستشفيات صينية في إجراءات مثل جراحة المناظير وتطبيقات متعددة التخصصات.

في ذات السياق يقول د. عبد الكريم بكار: “بعض الناس الآني يتكلمون مع روبوتات دردشة الذكاء الاصطناعي (AI) أكثر مما يتكلمون مع أصدقائهم الحقيقيين، مخيف أن نصبح غرباء ونحن مجتمعون”.

ومع كل هذا التطور ينبغي التذكير بالحقيقة الثابتة أن القيم، والقدوة، والخبرة الإنسانية، والضمير الأخلاقي لا يمكن لأي آلة أن تحل محلها. فالذكاء الاصطناعي يسهّل المهمات، لكنه لا يحضن التجربة، ولا يمنح القارئ أو المتعلّم شعورًا بالإلهام، أو القدرة على التأمل، أو إدراك قيمة العمل والاجتهاد.

لذلك، يبقى السؤال المحوري: كيف نحافظ على إنسانيتنا في عالم رقمي سريع؟ وكيف نستفيد من الذكاء الاصطناعي دون أن نفقد جوهرنا الإنساني؟ الجواب يكمن في التوازن؛ أن نكون متابعين للتقنية، متقنين لا متوهمين، وأن نحتفظ دومًا بقيمنا، وبقدوتنا، وبالتأثير الذي يزرعه الإنسان في إنسان آخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى