أخبار وتقاريردين ودنيامقالاتومضات

التسويق.. بين تغييب القُدوات وتصدير الإمعّات

مارية محاجنة

في إحدى ورشاتِ التَسويق في عالم الإعلام، التي مررتُ بها، تحدثَ المُحاضر عن آلياتٍ تسويقيّة تشويقية لكيفية جذب الجمهور للفكرة التي تؤمن بها. ثم توجّه بالسؤال عن المنظومة القيميّة لكل منّا، وكيف نربط قِيمنا التي نُؤمن بها بالتسويقِ إليها ودعوة الناس لاعتناقها.

هناك فكرة تسويقية غير قيمية فمثلا، كثيرا ما يُجريها عدد كبير من “أهل الفن”. أنه كُلما قلّت عدد المشاهدات عبر صفحاتهم، وقنواتهم، يُصدّرون للإعلام أخبارًا تستفز المُشاهد لتحفيزه للمتابعة، لعلمهم المُسبق أنّ الاخبار التي تمسّ الأعراض والسُمعة ويكثر فيها اللغط ويكثر فيها القيل والقال، انتشارها سريع جدا، كثيف جدا، فمثلا: يقومون بتسريب مَشاهد خادشة، أو أخبار طلاق، أو زواج مساكنة الخ الخ، و بالعموم أخبار قذرة سيئة عمدًا، بحيث تستفز المُشاهد للتعليق والتحليل ومشاركة الخبر، وما وراء الخبر، وصولا إلى ما خفيَ أعظم!

والهدف لديهم هو رفع نسبة المُشاهدات وبالتالي ارتفاع نسبة الأرباح فهم يترزقون بهذه الطريقة الوَضيعة، لأنّ الشُهرة أهمّ من السُمعة!

وهذا يُضاعف حجم الكارثة، فالمُشاهد العطّال البطّال يعمل موظفًا لصالح زيادة رصيد المائلات المُميلات، التي من الممكن أنها ستشتري به فستانا تكلفته تقدر بمعاشات حيّ بأكمله!! وربما في بلاد أخرى من قُطرنا المنكوب معاش مدينة بأكملها، أو بالإمكان اسهام ملايين تكلفة الفساتين أن تسهم بتنمية القطاعات المختلفة كالصناعة والزراعة والتعليم والأكاديمية والدراسات.

لذا، أتساءل أين ملايين ملايين ملايين ملايين الشعوب العربية والإسلامية.

فَأين ملايين الأفراد؟ أين ملايين الطاقات؟ أين ملايين القُدوات؟ أين ملايين الجمعيات؟ أين ملايين المؤسسات؟ أين ملايين المَكتبات؟ أين ملايين الأمنيات؟ أين ملايين الفعاليات؟ أين ملايين الأطروحات؟ أين ملايين الكِتابات؟ أين ملايين الدراسات؟ التي من الممكن أن تجابه: ملايين الفيديوهات الكليبات! ملايين فيديو التفاهات! ملايين فيديو المُضيّعات! ملايين فيديو المُلهيّات! ملايين فيديو المُشتتات!

ولتبسيط المهمة من العالمية والأستاذية فلنبدأ بالفردية، وهي صناعة الإنسان السويّ، فميدانكم أنفسكم إن قدرتم عليها، كنتم على ما سواها أقدر! لذا الأمانة المعرفية والقيميّة الآن، أحيلت إلى القارئ العربيّ، والنبيل العربي، والمثقف العربي، والإعلامي النبيل، والصحفيّ القدير، والتربوي الأمين، والطبيب الواعي، والمدرس الصادق وإلى كثيرين غيرهم من اهل الاختصاص: أحيلتْ أمانةَ: أن نُسمع الناس أنّ هذه الأمة ارتفعت وعزت بالقرآن والإيمان والإسلام.

أن نُسمع الناس: وما خلقتُ الإنسَ والجنَ إلا ليعبدون.

أن نُسمع الناس: إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق. وكلما سمت دائرة الأخلاق ازداد الإيمان، وصلح الإسلام.

أن نُسمع الناس: حديث النبي ﷺ: “ليبلغنَّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزًا يعز الله به الإسلام وذلًا يذل الله به الكفر”.

فقط ثقوا بالله، وتوجهوا إليه، واعملوا، واعملوا كل من ثغره، وفي ظني أن الدخول في دين الله في هذه المرحلة التاريخية، سيكون عبر منظومة الإعلام، الاعلام المسؤول، صاحب الرؤية التربوية والرسالة المحمدية، الاعلام الذي آمن بضرورة رفع صوت الحق والحرية في وجه كل من أراد أن يقدح بهما! الإعلام الواثق بمبادئه السامية، برسالته العالية، الممتثل لتعاليم دينه، ولا يألو جُهدا أن يرتقي بالناس ويسمو بهم إلى بحر إسلامنا العظيم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى