أخبار رئيسيةعرب ودوليمقالاتومضات

قلبي على غزة المحاصرة وعلى مصر المحروسة

الشيخ رائد صلاح

هكذا بات من المناسب أن يقال لبعض الإعلاميين في مصر المحروسة: أنهم سحرة الإعلام:

فهم الذين شاركوا في قتل الشرعية المصرية بعد أن قال الشعب المصري كلمته لأول مرة في تاريخه المعاصر واختار الأستاذ محمد مرسي رئيسا له.

فكان لهم الدور الضالع في قتل هذه الشرعية والانقلاب عليها، وهكذا كان ضلوعهم في قتل هذه الشرعية، ثم تباكيهم بعد ذلك على مصر المحروسة وعلى أمنها وسيادتها واستقلالها.

وهم الذين مهدوا بسحر إعلامهم لمجزرة رابعة العدوية ولسائر المجازر الأخرى التي وقعت في بعض مدن مصر المحروسة، والتي تزامن وقوعها مع هذه المجزرة الدموية غير المسبوقة في تاريخ مصر الحديث، ثم راحوا يتباكون بعد ذلك على حرمة الدم المصري ولقمة طعامه وشربة مائه.

وهم الذين سحروا أعين الشعب المصري بعد ذلك واسترهبوهم وزينوا له حملة الاعتقالات التي طالت الرئيس المنتخب محمد مرسي والكثير من وزراء حكومته والكثير من أعضاء مجلس الشعب المصري، بما في ذلك رئيس هذا المجلس، والتي طالت المرشد العام للإخوان المسلمين محمد بديع والكثير من رموز هذه الجماعة وقياداتها وأعضائها، والتي طالت الكثير من أحرار مصر وحرائرها الذين وقفوا في وجه ذلك الانقلاب المارق على الشرعية المصرية، والتي طالت الكثير من الطلاب والطالبات في الكثير من جامعات مصر، لدرجة أن سجون مصر اكتظت بأعداد هؤلاء الأسرى والأسيرات وما عادت تتسع هذه السجون الصماء لاستقبالهم، فجاء الدعم المالي من الخارج فور ، وراح رجال ذلك الانقلاب المشؤوم على الشرعية المصرية يبنون سجون جديدة عملاقة ذات بأس شديد لاستقبال المزيد ثم المزيد من معتقلي الرأي والكرامة والشرعية في مصر المحروسة.

ثم علا أنين هؤلاء الأسرى والأسيرات، وباتت تتسرب الأخبار المرعبة عما يقع عليهم من ظلم في كل سجون مصر، وراحت تتسرب الأخبار عن مقتل البعض منهم تحت التعذيب أو بسبب الإهمال الطبي أو بسبب التجويع الممنهج، وصُدم الجميع بمقتل الرئيس المنتخب محمد مرسي ومقتل الكثير من رموز مصر المحروسة، وظل هؤلاء البعض من سحرة الإعلام المصري يشرّعون كل هذه الممارسات القمعية الدموية ويصفونها بالإجراءات الضرورية لحماية الوطن المصري، وواصلوا حملة شيطنتهم لكل من قُتل في ميدان رابعة العدوية وفي سائر المجازر التي تزامن وقوعها في بعض المدن المصرية مع مجزرة رابعة العدوية.

ثم واصلوا حملة شيطنتهم لكل عشرات الآلاف من الأسرى والأسيرات الذين طالتهم يد الظلم والاعتقال والتعذيب، واندلقت شهية هؤلاء البعض من سحرة الإعلام المصري في ترويج التهم واستباحة فن التخوين والطعن بسكاكين التجريح غير المسبوق بتعابير نابية غير مسبوقة، والشتائم السوقية غير المسبوقة، وتحريض رخيص يدعو إلى إزهاق الأرواح وإراقة الدماء.

وكأن من اعتصموا في ميدان رابعة العدوية أو من غيبتهم سجون مصر المتحجرة، هم ليسوا من البشر وليسوا من الشعب المصري وليسوا من مواليد مدنها وأريافها وصعيدها، ولأنه ليس للحياء مكان في وجوه هؤلاء البعض من سحرة الإعلام المصري ولو بحجم ذرة تراب أو حبة خردل، فقد راحوا يصفون أصحاب الأخدود في مجزرة رابعة العدوية، وراحوا يصفون عشرات الآلاف من معتقلي الرأي والضمير في السجون المصرية، أنهم عملاء أمريكيون، أو عملاء إسرائيليون، أو إرهابيون أو مجرمون أو أبناء جماعة محظورة.

علم أن هؤلاء البعض من سحرة الإعلام المصري يعلمون جيد أن كل من المؤسسة الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية تنفست الصعداء وفركت أيديها فرح عندما شاع خبر الانقلاب البائس على الشرعية المصرية التي أفرزت الرئيس المنتخب محمد مرسي، وهكذا رضي هؤلاء البعض من سحرة الإعلام المصري لأنفسهم أن يقوموا بهذا الدور المرضي الذي لفت انتباهنا إليه القرآن الكريم في قوله تعالى: {َيُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُور} (الأنعام: 112).

وهكذا رضوا لأنفسهم أن يفتحوا أبواب مدرسة سحرة فرعون من جديد، حيث إن تلك المدرسة كانت قد أغلقت كل أبوابها بعد أن أسلم سحرة فرعون وقالوا يتحدون فرعون وملأه: {آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ} (الأعراف: 121-122)، فقام هؤلاء البعض من سحرة الإعلام المصري بفتح أبوابها من جديد مع فارق بارز لا يخفى.

وهو أن سحرة فرعون قبل إسلامهم كانوا يستخدمون الحبال لسحر أعين الناس، لدرجة أن الناس بعد أن كانت تُسحر أعينهم، كانوا يظنون أن حبال السحرة قد تحولت إلى أفاعٍ تسعى، وأما هؤلاء البعض من سحرة الإعلام المصري فهم يستخدمون اليوم الكلمة والصورة وشتى وسائل الإعلام، لسحر أعين الغلابى من شعب مصر المحروسة واسترهاب هؤلاء الغلابى ودفعهم تحت تأثير هذا السحر الإعلامي إلى تخوين الأمين وتأمين الخائن وتكذيب الصادق وتصديق الكاذب والتصفيق الحار لكل رويبضة مجهول النسب قد خرج من بيت غامض والهتاف المدوي لكل لكع ابن لكع بات يجاهر بالحديث في أمر العامة والرقص البهلواني على جراح شعبنا الفلسطيني والتسبيح باسم كل جبار عنيد سبق فرعون وهامان وقارون في جبروته وعناده.

وهاهم هؤلاء البعض من سحرة الإعلام المصري يسلقوننا اليوم بألسنتهم الحداد ويفترون علينا الكذب وينالون من أعراض حرائرنا عن سبق إصرار.

فنحن لا ننكر أننا شاركنا في اعتصام قرب مبنى السفارة المصرية في تل أبيب دعت إليه هيئة اتحاد الأئمة، وقد شاركنا في هذا الاعتصام كما شارك فيه المئات من أبناء مجتمعنا في الداخل رجال ونساء، وبدل أن يتحلى هؤلاء البعض من سحرة الإعلام المصري بالموضوعية، ويناقشوا مطالب هذا الاعتصام الذي دعت إليه هيئة اتحاد الأئمة، بدل من ذلك لجؤوا إلى أسلوب التهريج المعيب، وراحوا ينعتون هذه الهيئة أنها جماعة الإخوان الإرهابي.

وهذا التهريج المعيب هو بضاعة المفلس الذي لا يجد ما يقول سوى هذه الثرثرة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وإلا ليتهم لو ملكوا الشجاعة وقالوا للجميع إن هذه الهيئة قامت بهذا الاعتصام قرب مبنى السفارة المصرية تطالب بفتح معبر رفح الذي يربط بين مصر وغزة والذي هو من ضمن السيادة الكاملة المصرية.

وتملك مصر أن تغلقه متى تشاء وأن تفتحه متى تشاء، والذي لو تم فتحه ودخلت عبره المساعدات الإنسانية إلى غزة الجائعة المحاصرة لتم كسر هذا الحصار التجويعي عنها الذي لا تزال تفرضه السياسة الأمريكية وسياسة الاحتلال الإسرائيلي وسياسة بعض الدول الأوروبية، ولكن بدل من أن يختار لأنفسهم هؤلاء البعض من سحرة الإعلام المصري هذا المنهج السوي، راحوا يخوّنون ويجرحون ويشتمون.

وهذا ليس غريب عليهم، فقد خانوا من قبل رئيسهم الشهيد محمد مرسي وجرّحوه وشتموه، وهذا يعني أن أسهل ما يكون عليهم تخوين هيئة اتحاد الأئمة وتجريحها وشتمها، ثم راح هؤلاء البعض من سحرة الإعلام المصري يغمزون ويلمزون متسائلين: لماذا اختارت هيئة اتحاد الأئمة لنفسها أن تقيم هذا الاعتصام في تل أبيب؟ والجواب بسيط جد وواضح جد : لأن مبنى السفارة المصرية في تل أبيب، ولو كانوا صادقين مع أنفسهم ومع شعب مصر المحروسة، لسألوا علانية بشفافية: ما الذي أوجد مبنى السفارة المصرية في تل أبيب أصلا؟ ولماذا تفتح أبوابها في الوقت الذي أغلقت فيه كل الأبواب على غزة؟

ثم لا أدري، هل جهل هؤلاء البعض من سحرة الإعلام المصري أننا بعد أن مر علينا قرابة النصف ساعة على هذا الاعتصام قرب مبنى السفارة المصرية، فقد تعرضنا لهجوم من قبل بعض المتطرفين الإسرائيليين رجال ونساء، وخلال هجومهم علينا كانوا يرفعون الأعلام الإسرائيلية، فهل علم هؤلاء البعض من سحرة الإعلام المصري بهذه التفصيلات أم جهلوها أم أنهم علموها وتجاهلوها عن سبق إصرار بهدف أن يفتروا على شعب مصر المحروسة وأن يقولوا لهم زور وكذب وبهتان إن من شاركوا في هذا الاعتصام قرب مبنى السفارة المصرية في تل أبيب والذي دعت له هيئة اتحاد الأئمة، كانوا يرفعون الأعلام الإسرائيلية في هذا الاعتصام؟

فهل هناك تزييف أرخص من هذا التزييف؟ وعلى سبيل المثال، هذا ما كتبته جريدة الوطن: “حاملين أعلام إسرائيل ويهتفون لغزة.. مظاهرات بدعوات إخوانية أمام السفارة المصرية بتل أبيب”.

وهذا ما كتبته المصري اليوم: “بالعلم الإسرائيلي.. أنصار الحركة الإسلامية يتظاهرون أمام سفارة مصر في تل أبيب”.

وهذا ما كتبته أون تي في لايف: “رائد صلاح زعيم جماعة الإخوان الإرهابية في الأراضي المحتلة في تظاهرات ترفع الأعلام الإسرائيلية أمام السفارة المصرية عشان مصر ترفع الحصار عن غزة”.

فيا له من ترويج للأوهام بادعاء حرية الإعلام، ثم أقول لله ثم للتاريخ: عندما كنا متجهين بسيارتنا نحو موقع الاعتصام قرب مبنى السفارة المصرية في تل أبيب يوم الخميس القريب الموافق 31/7/2025، اتصل بنا أخ كريم أصيل من الأهل في الداخل الفلسطيني، وهو نجم إعلامي بارز، وقال لنا: خذوا حذركم، فإن بعض الأذرع المصرية الرسمية اتصلت ببعض القادة السياسيين في الداخل الفلسطيني وطلبت منهم أن يبادروا إلى إجراء مقابلات إعلامية وأن يهاجموا هذا الاعتصام خلال مقابلاتهم الإعلامية، ثم قال لنا هذا الأخ الكريم الأصيل: إن معظم هؤلاء القادة السياسيين قد رفضوا هذا العرض، وقد يستجيب له فلان منهم، ثم قال لنا هذا الأخ الكريم الأصيل: قد تلجأ هذه الأذرع المصرية الرسمية إلى بعض الإعلاميين منا لإجراء مقابلات إعلامية حول هذا الاعتصام بهدف التحريض عليه، فخذوا حذركم.

وفي الوقت الذي أشكر فيه هذا الأخ الكريم الأصيل من عميق قلبي، فإني أشكر الأخ الشيخ إبراهيم عبد الله من كفر قاسم من عميق قلبي، الذي قال قول فصل في هذا الاعتصام، حيث قال عنه إنه في الزمان المناسب والمكان المناسب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى