الأعمال الصالحة في ميزان الإسلام

يولي الإسلام أهمية عظيمة للأعمال الصالحة، ويجعلها طريقًا إلى رضا الله والفوز في الدنيا والآخرة. فالإيمان الصادق لا يكتمل إلا بعمل صالح يترجم هذا الإيمان إلى سلوك نافع، يعود أثره على الفرد والمجتمع.
وقد ربط القرآن الكريم بين الإيمان والعمل الصالح في مواضع كثيرة، مما يدل على تكاملهما وارتباطهما الوثيق.
الأساس القرآني للأعمال الصالحة
قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ (سورة النحل: 97).
تبيّن هذه الآية أن العمل الصالح سبب لنيل الحياة الطيبة في الدنيا، إلى جانب الأجر الجزيل في الآخرة. فالعمل الصالح لا يقتصر أثره على الآخرة فقط، بل ينعكس في سكينة النفس وراحة البال في الدنيا.
كما قال سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾ (سورة البينة: 7).
وفي هذه الآية إشادة عظيمة بمن جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح، ورفعة مقامهم بأنهم “خير البرية”، أي خير الخلق جميعًا.
السنة النبوية وتأكيد فضل الأعمال الصالحة
ورد في الحديث الشريف عن النبي ﷺ أنه قال:
“اتقِ اللهَ حيثما كنت، وأتبعِ السيئةَ الحسنةَ تمحُها، وخالقِ الناسَ بخلقٍ حسنٍ” (رواه الترمذي).
فالأعمال الصالحة تمحو السيئات، وتقرّب العبد إلى الله، كما تحسّن علاقته بالناس.
وقال النبي ﷺ أيضًا: “أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ”. (رواه الطبراني وحسنه الألباني).
في هذا الحديث دلالة عظيمة على أن قيمة العمل الصالح تكمن أيضًا في نفعه للناس وإدخال السرور على قلوبهم.
أشكال متنوعة من الأعمال الصالحة
الأعمال الصالحة في الإسلام ليست حكرًا على العبادات الظاهرة كالصلاة والصيام فحسب، بل تشمل أبوابًا كثيرة، منها:
الصدقة: قال ﷺ: “الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار” (رواه الترمذي).
بر الوالدين: وهو من أعظم القربات، حيث قرن الله برهما بعبادته، فقال: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ (سورة الإسراء: 23).
الإحسان إلى الجار: فقد قال ﷺ: “ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننتُ أنه سيورثه” (رواه البخاري).
طلب العلم: وهو من أجلّ الأعمال، إذ قال النبي ﷺ: “من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهل الله له به طريقًا إلى الجنة” (رواه مسلم).
خاتمة
إن الأعمال الصالحة ليست مجرد أفعال تؤدى، بل هي انعكاس لإيمانٍ حيّ، وعلامة على صدق العبد في سيره إلى الله. وهي زاد المؤمن في رحلته نحو الآخرة، ونور له في قبره، ورفعة في درجاته. فلنجعل من أعمارنا حقلاً نزرع فيه الخير، ونحتسب فيه كل معروفٍ عملاً صالحًا، تقرّ به أعيننا يوم نلقى الله.



