الحرب على غزة.. معاناة البحث عن حليب لأطفال غزة مستمرة
لم يشعر الفلسطيني محمد الزعنون، بالكلل أو الملل من البحث عن الاحتياجات الأساسية لطفله أحمد، من حليب وغذاء وحفاضات وغيرها من مستلزمات، في ظل عدم توفرها في الأسواق أو الصيدليات.
ويخرج الزعنون النازح من شمال قطاع غزة إلى محافظة رفح جنوبا، كل صباح إلى السوق المركزي، بحثًا عن ضالته، لعله يعود إلى منزله وطفله البكر المولود حديثًا بشيء من احتياجاته.
ويواجه قطاع غزة نقصاً حاداً في المواد الغذائية وخاصة الأساسية، بسبب استمرار الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كما فرضت إسرائيل حصارًا مطبقاً على القطاع، تمنع بموجبه دخول الشاحنات المحملة بالمساعدات إلا بموافقة، وبعد فحصها والتأكد من محتوياتها، ما يؤثر سلبا على كمية الشاحنات المدخلة.
وطالبت مؤسسات فلسطينية وأممية وإغاثية مرارا، بضرورة إيجاد ممرات آمنة لتدفق المساعدات إلى قطاع غزة، وتوزيعها على الفلسطينيين لا سيما في شمال غزة، مؤكدين أن الكميات المدخلة لا تلبي الاحتياجات الحقيقية لـ 2.3 مليون غزة.
كمية غير كافية
وقال الزعنون، إن مراكز الإيواء في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، قامت بتسليمه 3 مرات حفاضات أطفال، بما مجموعه 39 قطعة فقط، لكن هذا العدد غير كافٍ، بحسب الزعنون.
وأكد، أن إحدى المرات الثلاث التي استلم فيها حفاضات كان المقاس غير مناسب لطفله، فتبرع بها لإحدى العائلات التي تحتاجها، مشيرًا إلى الارتفاع الجنوني في أسعارها حال توفرها.
ويستغرب الزعنون من عدم توفر الحفاضات والحليب المخصص للأطفال ضمن المساعدات الإنسانية التي تصل قطاع غزة، مشددًا على أهمية وصولها وتوزيعها على الأسر، حفاظًا على سلامة الأطفال.
ويواجه الأطفال في غزة تهديدا ثلاثيا قاتلا، يتمثل في زيادة تفشي الأمراض، وسوء التغذية، وتصاعد الأعمال القتالية، بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونسيف”.
بدائل غير مناسبة
وتعيش الفلسطينية ساجدة الشواف، أزمة شديدة مماثلة لتلك التي يعيشها الزعنون، لكنها أزمتها أكبر حسب ما تقول، نظرًا للنقص الشديد في المقاسات الكبيرة من الحفاضات.
وتقول الشواف: “طفلي يبلغ من العمر عام ونصف، ووزنه يبلغ 14 كيلو جرام، ويحتاج الى حفاضات مقاس 6، وهذا المقاس غير متوفر البتة في الأسواق أو الصيدليات”.
وتضيف النازحة إلى دير البلح وسط قطاع غزة، أنها عانت كثيرًا بسبب نقص الحفاضات لفترة زمنية، حيث استخدمت بدائل من قطع القماش، إلا أنها لم تكن عملية في ظل شح المياه اللازم لغسلها من أجل إعادة استخدامها.
وتؤكد أن زوجها اضطر إلى شراء كمية محدودة من سوق رفح جنوب قطاع غزة وبأسعار مرتفعة، حيث بلغ سعر القطعة الواحدة 3.5 شيقل وهو ما يعادل دولارا أمريكيا، في حين أن سعرها كان سابقاً لا يتجاوز 0.5 شيقل.
وتواجه الشواف كذلك، مشكلة في توفير الحليب الخاص بطفلها، والذي وصفه الطبيب لاحتوائه على الفيتامينات والمواد الغذائية اللازمة.
وتقول: “حاولت استبدال الحليب المخصص للأطفال بنوعيات أخرى من حليب الكبار، ما سبب له مشكلة صحية، وأصابه بإسهال وتقيؤ شديد”.
وتبين أن “سعر عبوة الحليب كانت قبل الحرب 35 شيقل، أما الآن فلم نستطع توفيرها حتى اللحظة”.
أزمة حقيقية
أما الفلسطينية منى جاد الله، فتضطر في بعض المرات إلى الاعتماد على بعض الأطعمة أو المياه لتوفير الغذاء لأبنائها، في ظل عدم توفر الحليب وانعدام البدائل المناسبة.
وتقول إن “إن استمرار الحرب الإسرائيلية للشهر الرابع على التوالي، ومنع إسرائيل إدخال احتياجات سكان قطاع غزة الأساسية تسبب بأزمة حقيقة”.
وتضيف أن الحليب ليس متوفراً في الصيدليات أو المستشفيات أو عيادات “الأونروا”، وتضطر أحياناً إلى خلط الماء مع القليل من الحليب إذا توفر.
وتطالب جاد الله العالم أجمع بـ”الضغط على إسرائيل لإدخال المواد الأساسية والمساعدات الإنسانية، وفي مقدمتها احتياجات الأطفال من حليب وحفاضات”.
ولا تؤمن المساعدات الإنسانية المدخلة إلى قطاع غزة احتياجات الغزيين الأساسية، وخصوصاً الأطفال منهم، من حليب وحفاضات وغيرها.
ويعيش في غزة نحو 2.3 مليون فلسطيني يعانون من أوضاع معيشية متدهورة للغاية، جراء حصار إسرائيلي مستمر منذ العام 2006.
كما كشف تقرير لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أن الحصار المفروض على قطاع غزة منذ 17 عاما، جعل 80 بالمئة من سكانه يعتمدون على المساعدات الدولية.
المصدر: الأناضول