“ميزان” ترصد مجموعة من القرارات العنصرية للحكومة الجديدة مجتمعنا الضحية الأكبر.. والعمل الجماهيري من متطلبات المرحلة
منذ تنصيب الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي يُنظر إليها على أنها الأكثر يمينية وتطرفًا وعنصرية، كان واضحًا أن تنفيذ السياسات التي تستهدف الحريات المدنية وحقوق الفلسطينيين الأصلانيين على وجه الخصوص ستتواصل، بل ستزيد تطرفًا وعنصرية، لا سيّما وأن هذه الحالة السياسية مهيمنة على المشهد السياسي الإسرائيلي في السنوات الأخيرة، وهذا ما ينعكس تلقائيًا على المنحى القانوني القضائي بشكل خاص، بحيث غدت المنظومة القانونية القضائية الإسرائيلية منخرطة في تجاذبات الحالة السياسية وغير منعزلة عن إسقاطاتها وتأثيراتها.
هذه الحكومة، والتي بحسب الاتفاقيات الائتلافية، من المفترض أن يستجيب رئيسها، نتنياهو، لمطالب الأحزاب المشاركة في الائتلاف، وخاصة الصهيونية الدينية، بدأت عملها بجملة من القرارات والقوانين العنصرية ضد كل ما هو عربي وفلسطيني والتي تسعى لترسيخها كقيم رئيسية للنظام الإسرائيلي.
ومن جملة هذه القرارات والقوانين التي رصدتها مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان (الناصرة) ما يلي:
– وزير القضاء الإسرائيلي، ياريف ليفين يعتزم استهداف جهاز القضاء من خلال تعديل قانون أساس، ويعتزم إلغاء “حجة عدم المعقولية” التي تستخدمها المحكمة العليا من أجل إلغاء قرارات سلطات، وخاصة الحكومة، إثر تناقضها مع قوانين أساس تعتبر دستورية، من خلال تعديل “قانون أساس القضاء”، وبحيث ينص التعديل على أن “المحكمة لا تتدخل بقرارات الحكومة من خلال دوافع معقولية ترجيح الرأي”.
– دعوات صريحة من أعضاء الكنيست لقتل الفلسطينيين وعدم الاكتفاء بسجنهم، وقد بدأ هذه الدعوات الدموية عضو الكنيست من حزب الليكود حانوخ ميلبيتسكي، خلال النقاش حول قانون حرمان الأسرى من فلسطينيي 48 من الجنسية، والإقامة داخل البلاد.
– الكنيست تصادق بالقراءة التمهيدية، على مشاريع قوانين لسحب المواطنة أو الإقامة من أسرى فلسطيني 48 “تلقوا تعويضات من السلطة الفلسطينية مقابل تنفيذ عمل إرهابي”.
– وزير الثقافة والرياضة، ميكي زوهار، يشن هجومًا شرسًا على الرواية والثقافة الوطنية الفلسطينية ويُعلن مباشرة الإجراءات ضد الأفلام والأعمال الثقافية التي لا تتناسب مع الرواية الإسرائيلية.
– وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، يوعز للمفتش العام للشرطة الإسرائيلية، يعقوب شبتاي بمنع رفع العلم الفلسطيني واعتبار كل من يرفعه أنه “دعم لمنظمة إرهابية وتحريض ضد دولة إسرائيل”.
– وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، يوقع، أمرًا بمصادرة 139 مليون شيكل من عائدات الضرائب الفلسطينية (أموال المقاصة)، التي توازي، بحسب مزاعمه، قيمة الأموال التي تم تحويلها إلى الأسرى الفلسطينيين وعائلات الشهداء في العام 2022، وتحويلها، في المقابل، لعائلات قتلى إسرائيليين في عمليات فلسطينية.
– خلال جولة له في سجن نفحه، الوزير بن غفير يهدد بتشديد ظروف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، بزعم أن الأسرى يحصلون على حقوقا زائدة.
– الكنيست تصادق بالقراءة التمهيدية على تمديد سريان أنظمة الطوارئ التي تفرض القانون الإسرائيلي على المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، والمعروف بتسمية قانون الأبارتهايد.
من خلال هذه والقوانين والقرارات والتوجيهات، فإن مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان ترى أن الحكومة الجديدة هذه، تذهب بتطرفها أبعد بكثير من الحكومة اليمينة السابقة، لا سيّما وأنها تعكس الأجواء اليمينية السائدة في المجتمع الإسرائيلي الذي بنفسه أوصل بن غفير وسموتريتش ونتنياهو إلى سدة الحكم وغيرهم من أقطاب اليمين المتطرف الذين يُحرضون علينا كعرب وفلسطينيين صباحًا ومساءً ويريدون منا أن نعيش تحت سوط الخوف والإرهاب والقمع والاستبداد والانتهاكات لحقوق الإنسان والحريات الخاصة والأمور التي تتعلق في الخدمات الحياتية للمواطنين الفلسطينيين في أراضي الـ 48 الذين هم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني العام.
نجد أن الضحية الأكبر من السياسات الخشنة للحكومة الجديدة، هو مجتمعنا الفلسطيني في أراضي الـ 48، الذي يجد نفسه مستهدفًا في هويته وانتمائه وثوابته ورموزه الدينية والوطنية، غير أن ذلك لا يعني أن الحكومات السابقة كانت تمارس تجاهنا السياسات الناعمة، بالعكس تمامًا، والواقع يُظهر لنا بشكل جلي وواضح أن كل حكومة تأتي أسوأ من التي قبلها، تأتي بسياسات أكثر عنصرية وقمعية واستبدادية، وتأتي متسلحة بالنظرة التوراتية الدينية (نظرية الأسياد والعبيد) أكثر من التي قبلها، خاصة وأن الحكومة الجديدة هذه يطغى عليها بشكل كبير الوجه الديني اليهودي ويبرز فيها الدور الكبير والمؤثر لحاخامات اليهود في السياسة الإسرائيلية.
مؤسسة ميزان ترى أن من المتطلبات الضرورية لهذه المرحلة، اصطفاف جميع أبناء مجتمعنا الفلسطينيين في أراضي الـ 48 في خندق واحد لمواجه كافة التحديات على جميع الأصعدة، وأن لا ينشغل مجتمعنا في النزاعات الداخلية الحزبية والتراشقات الإعلامية، وخصوصًا بين أعضاء الكنيست العرب الذين أصبحوا بلا وزن ولا تأثير، خاصة في هذه المرحلة، وعليهم العودة إلى العمل تحت سقف لجنة المتابعة للجماهير العربية، لأنها هي الجسم الجامع الوحيد والممثل لكافة التيارات والأحزاب السياسية، وحتى لو أن “المتابعة” تمر بمرحلة ضعف وهوان، فيجب العمل على تقويتها وإعادة ثقة الجماهير إليها، حتى تستطيع أن تتحرك وتحرك أبناء المجتمع في العمل والنشاط الجماهيري والشعبي الذي أُثبت أنه قادر على مواجه التحديات والحد من السياسات العنصرية ضدنا والعمل على تغييرها قدر المستطاع.