أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

قراءة في مذكرة الدكتور محمود محارب (دور الحزب الشيوعي الإسرائيلي في النكبة) (3)

طه اغبارية

رهان الحزب الشيوعي الإسرائيلي على الحل العسكري
متابعة للمقالتين السابقتين وحول رهان الحزب الشيوعي الإسرائيلي على الحل العسكري بغية إقامة دولة لليهود على حساب نكبة فلسطين، فها أنذا أسجّل بعض أهم المعلومات التي كتبها د. محمود محارب في مذكرته:
(أعرب مئير فلنر في مقالة نشرها في كانون الثاني 1948 بعنوان “الأدوار السياسية والهاغاناة” عن قناعته بقوة الهاغاناة في فرض الدولة اليهودية بالقوة العسكرية. وادّعى فلنر أن الإمبريالية البريطانية والرجعية العربية في الدول العربية المجاورة و”عصابات المشاغبين العرب” كانت تحاول تقويض قرار التقسيم وإقامة الدولة اليهودية، وأنها كانت تقف وراء ما أطلق عليه فلنر الفوضى العامة وسفك الدماء والهجمات على اليهود من أجل اثبات استحالة تنفيذ قرار التقسيم للرأي العام العالمي، وأن الييشوف لا يستطيع إقامة الدولة اليهودية وحمايتها) – محارب-
(ودعا فلنر في هذه المقالة سالفة الذكر- إلى التمييز بين “المشاغبين العرب” وبين بقية الشعب العربي الفلسطيني، ليسهل عزلهم وضربهم بقوة للقضاء عليهم. واستخلص أن هذه المهمة تقع على كاهل “الهاغاناة” التي تقوم بدور جوهري ومهم، سواء في الدفاع عن الأرواح والممتلكات أو إلحاق الهزيمة بالمؤامرات الإمبريالية وعملائها العرب الذي يهدفون إلى تغيير قرار الأمم المتحدة وحرماننا من تحقيق استقلالنا السياسي) –محارب-
(… وانصبّ جل تفكير قيادة الحزب الشيوعي الإسرائيلي على التفكير في أفضل الوسائل لتحقيق المشروع الصهيوني الذي أجمع عليه مجتمع المستوطنين والمهاجرين اليهود في فلسطين، وهو إقامة الدولة اليهودية) –محارب-
(وفي هذا السياق دعا شموئيل ميكونس في اجتماع شعبي في تل أبيب في كانون الثاني 1948 إلى إقامة حكومة “وحدة وطنية يهودية” والتحالف مع المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفياتي من أجل إقامة الدولة اليهودية بقوة السلاح. ودعا ميكونيس إلى القيام بنشاط جماهيري يهودي في الييشوف وفي وسط اليهود في العالم من “أجل التزود باحتياجاتنا الأولية في اللحظة الراهنة وهي السلاح والعتاد ومنح الهاغاناة وضعا قانونيا، وفتح الميناء فورا من أجل استيعاب المهاجرين اليهود) –محارب-
(وفي كانون الثاني 1948 اتحد حزبا “هشومير هتسعير” و”أحدوت هعفوداه- بوعلي تسيون” في حزب واحد أطلق عليه حزب العمال الموحد “مبام”، ورغم معرفة الحزب الشيوعي الإسرائيلي أن حزب “أحدوت هعفوداه” ظل متمسكا بهدفه العلني وهو إقامة الدولة اليهودية في كل أرض فلسطين، أرسلت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الإسرائيلي رسالة بخصوص هذه المناسبة إلى حزب العمل الموحد “مبام” هنأته فيها على هذا التحالف) –محارب-
(ومن المهم الإشارة إلى أن أهمية تأسيس حزب العمال الموحد “مبام” لم تنبع فقط من أنه كان حزبا كبيرا فحسب، وإنما كان أيضا سياسيا، لان قادته وكوادره وفي مقدمتهم يغال ألون ويسرائيل غليلي شكّلوا أغلبية كبيرة جدا في صفوف البلماح، كان لها الدور الأهم في تنفيذ خطة “د” وطرد الفلسطينيين من ديارهم وارتكاب المجازر في حقهم) –محارب-
(في شباط 1948 أصدرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الإسرائيلي بيانا موسعا طالبت فيه (بالجلاء عن الميناء البحري في تل أبيب والجلاء أيضا عن مجال حوله كاف لتسهيل الهجرة اليهودية… وطالب البيان بإشراك الحزب الشيوعي في مؤسسات الأمن والجباية، وأكد أنه لا يمكن أن تكون جبهة “من أجل الاستقلال القومي للييشوف اليهودي، ولا يمكن أن تكون حربا مظفرة من أجل إقامة الدولة اليهودية” من دون إشراك الحزب الشيوعي الإسرائيلي فيها) –محارب-
(وفي 13 شباط 1948 عاد الأمين العام للحزب شموئيل ميكونس، وانتقد في مقالة له ما أطلق عليه تردد قيادة الحركة الصهيونية وارتداعها عن مواجهة بريطانيا وإحجامها عن القيام بدورها في تجنيد طاقات الييشوف اليهودي للحرب… وأكد في ذاك البيان أن الدولة اليهودية لن تقوم إلا بواسطة حرب تحرير قومية… ومن أجل إدارة “حرب التحرير” على نحو أفضل لتحقيق الهدف التاريخي الكبير وهو إقامة الدولة اليهودية، دعا ميكونيس إلى تشكيل الحكومة المؤقتة للدولة اليهودية فورا، جنبا إلى جنب مع إقامة الميليشيا اليهودية الشعبية المسلحة( -محارب-

من ارتدادات رهان الحزب
على الحل العسكري

وفق ما ورد أعلاه فإن القوى الغربية التي كانت تعرقل قيام دولة يهودية كانت في نظر الحزب الشيوعي الإسرائيلي إمبريالية، وأن القوى العربية التي كانت تعرقل قيام دولة يهودية في نظره كانت رجعية، وأمّا المقاومة الفلسطينية التي وقفت في وجه المشروع الصهيوني فكانت في نظره “عصابات المشاغبين”.
كما نلاحظ كما ورد أعلاه، فقد دعا فلنر للقضاء على المقاومة الفلسطينية، التي أطلق عليها “عصابات المشاغبين” بالقوة!! ودعا ميكونس للتزود بالسلاح والعتاد ومنح الهاغاناة وضعا قانونيا!! وأكد الحزب الشيوعي الإسرائيلي في بيانه الذي صدر في 5 شباط 1948 أنه لا يمكن أن تكون حربا مظفرة من أجل إقامة الدولة اليهودية من دون اشتراك الحزب الشيوعي الإسرائيلي. وأكد ميكونس في مقالة له نشرها في 13 شباط 1948 أنها لن تقوم دولة يهودية إلا بواسطة “حرب تحرير قومية”!! كل ذلك يؤكد أن الحزب الشيوعي الإسرائيلي كان ضالعا ضلوعا كبيرا في نكبة فلسطين.
لقد كان الحزب الشيوعي الإسرائيلي ضالعا ضلوعا فاحشا في نكبة فلسطين لدرجة أن ميكونس الأمين العام للحزب اعتبر في مقالته التي نشرها في 13 شباط 1948، أن ما حل على شعبنا الفلسطيني لم يكن “نكبة بل كان حرب تحرير قومية”.
لقد كان هدف الحزب الشيوعي الإسرائيلي من وراء التحالف مع المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفياتي هو دعم إقامة دولة يهودية، وليس كما حاول البعض أن يضللنا طوال الوقت مدعيا أن الهدف من وراء ذاك التحالف كان الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.
إذا كان ميكونس الأمين العام للحزب قد دعا في اجتماع شعبي في تل أبيب في 16 كانون الثاني 1948 إلى إقامة حكومة وحدة وطنية يهودية فمن الطبيعي أن يدعو الرفيق أيمن عودة في هذه الأيام إلى دعم حكومة صهيونية برئاسة الجنرال غانتس.
إذا كان الحزب الشيوعي الإسرائيلي قد أرسل رسالة هنأ فيها التحالف بين حزبي “هشومير هتسعير” و”أحدوت هعفوداه” حيث انخرطا في حزب واحد أطلقا عليه “مبام” فمن الطبيعي أن يعلن الرفيق أيمن عودة عن استعداده للتحالف مع اليسار الصهيوني.
وفق كل ما ورد أعلاه يمكن أن نقول إذا كانت بريطانيا قد أعلنت عن وعد بلفور عام 1917 فإن منظومة الدول الاشتراكية بقيادة الاتحاد السوفياتي هي التي أرست دعائم الدولة اليهودية، وهي التي تتحمل قسطا كبيرا من وزر نكبة فلسطين، وسنفصّل في ذلك في المقالة الرابعة التالية مباشرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى