أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

قراءة في مذكرة الدكتور محمود محارب.. (دور الحزب الشيوعي الاسرائيلي في النكبة) (2)

طه اغبارية
فرض الدولة اليهودية بقوة السلاح

متابعة للمقالة الأولى التي تحدثت عن الخلفية التاريخية للحزب الشيوعي الاسرائيلي نكتب في هذه الحلقة عن موقف هذا الحزب من فرض الدولة اليهودية بقوة السلاح عبر هذه النقاط:
1- (لم يكن دعم الحزب الشيوعي بقيادة ميكونس وفلنر لإقامة دولة للمستوطنين اليهود في فلسطين مفاجئًا تمامًا، بل جاء تتويجًا للتغيير الذي حدث في الحزب تدريجيًا، ولا سيّما منذ مؤتمره العام الثامن في سنة 1944. لقد ساهمت مجموعة من العوامل في وصول الحزب إلى ذلك وأهمها:
* الخلفية الصهيونية للحزب وواقع وجوده في فلسطين بوصفه جزءًا من حركة كولونيالية استيطانية إحلالية تسعى لإقامة دولة يهودية على حساب الشعب العربي الفلسطيني وعلى أنقاضه.
* إزدياد تأثير الأيديولوجيا الصهيونية في الحزب، ولا سيّما عشية الحرب العالمية الثانية وخلالها وبعدها.
* إدراك قيادة الحزب أنّ باستطاعة المنظمات العسكرية الصهيونية وخاصةً الهاغاناة، فرض الدولة اليهودية في فلسطين بالقوة العسكرية.
* موقف الإتحاد السوفياتي الداعم لإنشاء الدولة اليهودية.
* إصدار الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار التقسيم في 29 تشرين الثاني 1947) -محارب-
2- (وفي اليوم الذي صدر فيه قرار التقسيم أعلن الحزب الشيوعي تأييده هذا القرار، ودعا أمينه العام شموئيل ميكونيس إلى إجتماع عاجل مع إدارة اللجنة القومية لبحث قضايا الأمن. وأبلغ ميكونيس في هذا الاجتماع رئيس اللجنة القومية دافيد ريمز موقف الحزب الشيوعي الداعي إلى حشد القوى الشعبية المقاتلة وتعبئتها الميليشيا من أجل إقامة الدولة اليهودية المستقلة) -محارب-
3- (وضّح ميكونس في مقالة له في صحيفة “كول هعام” بعد هذا الإجتماع بأسبوع أنّ التحديات التي يواجهها الييشوف اليهودي توجب بذل جهد قومي شامل، وحشد كل ذرة قوة لتحقيق الهدف التاريخي وهو إقامة الدولة اليهودية) –محارب–
4- (ودعا ميكونس إلى إقامة جبهة وطنيّة مكوّنة من الحزب الشيوعي وحزبيّ: “هشومير هتسعير” و “أحدوت هعفوداه – بوعلي تسيون” لكي تتشكل القاعدة المتينة التي تكون قادرة على حشد جميع القوى لخوض حرب إقامة الدولة اليهودية المستقلة) –محارب–
5- (… وطالب بيان أصدرته اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في 10 كانون الأول 1947 سلطات الإنتداب البريطاني بمنح الهاغاناة وضعًا قانونيًا، كما طالب قيادة الييشوف بتوسيع عملية التجنيد لصفوف الهاغاناة لتشمل كل شخص يهودي بإستطاعته حمل السلاح، وطالب كذلك بإقامة لجان أمن في كل حارة وشارع يهودي للإنخراط في الجهد العسكري للييشوف) –محارب–
6- (وفي 25 كانون الأول 1947 طالبت سكرتاريا فرع الحزب الشيوعي في تل- أبيب لجنة الأمن في المدينة بإشراك الحزب الشيوعي في لجنة الأمن في تل_ أبيب) –محارب–
7- (منذ أن تبنّى الحزب الشيوعي إقامة الدولة اليهودية في فلسطين، أخذ يتخذ مواقف أكثر تشددًا من قادة الحركة الصهيونية في دعوته إلى إقامة الدولة اليهودية، وفي الإعراب عن قناعته بقدرة الييشوف على إقامتها بالقوة العسكرية وفي توجيه النقد إلى قيادة الحركة الصهيونية لتقصيرها في حشد كل الطاقات من أجل تحقيق هذا الهدف) –محارب–
8- (فقد إنتقد ميكونس في مقالة له سياسة قيادة الحركة الصهيونية وقيادة الييشوف في جملة من القضايا التي تؤثر سلبًا في قدراتها على حشد طاقات اليهود المختلفة لإقامة الدولة اليهودية. وإدّعى ميكونيس في مقالته أنّ عدم قيام القيادة الصهيونية بتفعيل الجماهير اليهودية الواسعة وتجنيدها في الإنخراط في الأمن، وحصر توجهها لإقامة الميليشيا الشعبية بالمسار القانوني، وعدم وقفها التعاون مع الإدارة البريطانية في فلسطين، وعدم توافر الإستعداد لديها لإقامة المؤسسات المؤقتة للدولة اليهودية، كل ذلك يشير إلى عدم وجود “مبادرة قومية ثورية” لدى القيادة الصهيونية في هذه اللحظات المصيرية، وإلى نمط تعاونها مع الإمبريالية) –محارب–
9- من ضمن ما قال ميكونس في هذه المقالة: (فلتقم هذه القوة ولتقف على قدميها ولتجنّد هذه القوة لخدمة الشعب والإستقلال، وليُضّخ دم جديد في عروق جيش التحرير الوطني من أجل إقامة الدولة اليهودية) –محارب–
10- (في 26 كانون الأول 1947 أرسلت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي رسالة إلى الدائرة السياسية للوكالة اليهودية جاء فيها أنّه رغم توجه الحزب الشيوعي إلى الوكالة اليهودية فيما يخص حشد جميع الطاقات اليهودية في الجهد الأمني، فإنّ الحزب الشيوعي لم يتلق ردًا … في ضوء ما وصفته بالخطر المتربص بالييشوف، ما يستدعي وحدة كل قوى الييشوف) –محارب–
11- (ودعا مئير فلنر أيضًا في محاضرة له في إجتماع شعبي في 3 كانون الثاني 1948 إلى تجنيد جميع قوى الييشوف في الجهد الأمني، وإلى “وجوب النظر الى حربنا كحرب معادية للإمبريالية ورؤية الإمبريالية عدوً رئيسًا، وإعتبار المشاغبين العرب عملاء للإمبريالية) -محارب–
12- دعا شموئيل ميكونس في مقالة له الطبقة العاملة اليهودية الى المطالبة بأن تكون الهاغاناة المنظمة العسكرية الوحيدة في صفوف اليهود، وذلك من أجل التصدي لـ ” المؤامرات الإمبريالية” وخدمها العصابات العربية التابعة للجنة العربية العليا…) –محارب–
13- (وفي 14 كانون الثاني 1948 نشرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي بيانًا وصفت فيه منظمة الهاغاناة بأنّها “جيش الشعب” ودعت إلى تزويدها بالسلاح) –محارب–
14- (ونفى البيان أي صفة وطنية للفلسطينيين الذين كانوا يدافعون عن وطنهم ومدنهم وقراهم وممتلكاتهم، والذين كانوا يناضلون ضد إقامة دولة يهودية على أنقاض وطنهم وشعبهم، ووصفهن بأنّهم “عصابات من المشاغبين” الذي يخدمون الإمبريالية البريطانية ويأتمرون بأوامرها. ودعا البيان إلى عزل “عصابات المشاغبين العربية” هذه عن بقية الشعب العربي الفلسطيني، وإلى ضربها بكل قوة) –محارب–
15- (وفي هذا السياق إنخرط أعضاء الحزب الشيوعي وأنصاره في القتال في صفوف الهاغاناة، وفضّلت غالبيتهم الإنضمام إلى قوات “البلماح” التابعة للهاغاناة) –محارب–
16- (… يمكننا أن نستشف عدد أعضاء الحزب الشيوعي وأنصاره الذين شاركوا في حرب 1948 من خلال معرفة عدد الأصوات التي حصل عليها الحزب الشيوعي الإسرائيلي في الجيش الإسرائيلي في إنتخابات الكنيست التي جرت في 25 كانون الثاني 1949. فقد حصل الحزب الشيوعي الإسرائيلي في هذه الإنتخابات على 3000 صوت من بين صفوف الجيش الإسرائيلي) –محارب–
17- (وقد دعا الحزب الشيوعي طوال أيام الحرب، منذ بدء الاشتباكات يوم صدور قرار التقسيم في 29 تشرين الثاني 1947 حتى بداية سنة 1949 في قرارات مؤسساته والبيانات التي اصدرها، ومن خلال صحيفته الرسمية “كول هعام” وصحفه ونشراته الأخرى التي اصدرها حينئذٍ مثل “كول هحيال” (صوت الجندي) و”كول هلوحيم” (صوت المقاتل) و”كول همجوياس” (صوت المجنّد) و”كول هنوعر” (صوت الشبيبة) إلى الإنخراط في صفوف الهاغاناة والبلماح) –محارب–
18- (وبعد تأسيس إسرائيل دعا الحزب في وسائل إعلامه المختلفة إلى الإنخراط في صفوف الجيش الإسرائيلي … ومن أمثلة ذلك: “أيّها الشباب العبري لك الغد تطوّع”… و”أيّها الشباب العبري للدفاع عن العَلَم تطوّع” و”أيّها الضباط والجنود قوموا بواجبكم تطوّعوا لخدمة الشعب”) –محارب–
19- (وإلى جانب ذلك دعا الحزب الشيوعي طوال تلك الفترة في مختلف صحفه ونشراته إلى التبرع بسخاء للجهد العسكري) –محارب–
20- بات الحزب يتقدّم الأحزاب الصهيونية الأخرى (في رفعه الشعارات والأقوال الصهيونية المأثورة، كنشره في صحيفته “كول هعام” قولًا مأثورًا لمؤسس المنظمة الصهيونية العالمية ثيودور هرتزل على نحو بارز “أنا سأقوم بتدبير قرض قومي لليهود، لقد كان هناك المال اليهودي الوفير جدًا من أجل سيناء، ومن أجل مد سكك حديدية للزنوج، ومن أجل أكثر المشاريع مغامرة، أوليس بالإمكان إيجاد المال من أجل الضرورة المباشرة الأشدّ عمقًا والأكثر حيوية لليهود؟ ثيودور هرتزل 1895) –محارب–

من إرتدادات دور الحزب في فرض الدولة اليهودية بقوة السلاح
1- بناء على ما ورد سابقًا يُعتبر الحزب الشيوعي من مؤسسي دولة إسرائيل على حساب نكبة فلسطين، فهو الذي دعا إلى حشد القوى الشعبية المقاتلة وتعبئتها، وهو الذي دعا إلى إقامة مؤسسات الدولة اليهودية السيادية، وهو الذي كان على تواصل حميمي مع الوكالة اليهودية، وهو الذي إنخرط بأعضائه وأنصاره في القتال في صفوف الهاغاناة، وهو الذي جنّد كل صحفه وبياناته لدعم قيام دولة إسرائيل، وهو الذي تطوّع للحث على التبرع بسخاء للجهد العسكري، وهو الذي تبنّى أقوال هرتزل وغيره مقولات موجهة له.
2- هو الذي دعا إلى إقامة دولة إسرائيل بقوة السلاح ودعا إلى ذلك وعمل على ذلك، وسنفصّل ذلك لاحقًا، وهو الذي دعا إلى عدم التقيّد بالمسار القانوني، وبذلك يكون الحزب قد ماثل إن لم يكن سبق الأحزاب الصهيونية في تأسيس دولة إسرائيل، ولذلك فيوم أن رفع شعار “دولتين لشعبين” فيما بعد كان من باب ذر الرماد في العيون، بغية أن يحصل من وراء ذلك الشعار على شرعية إعتراف الدول العربية والمسلمة وإعتراف الشعب الفلسطيني وسائر دول العالم بدولة إسرائيل، التي أصبحت في حساباته أمرًا واقعًا، وما ينقصه هو الإعتراف بها، وكان يدرك أن معنى الحصول على شرعية الإعتراف بدولة إسرائيل هو إغلاق الباب على حق العودة، وكان يدرك أنّه لا داعي للقلق من رفع شعار “دولتين لشعبين” لأنّ قيام دولة فلسطينية- وفق حساباته- ستبقى مجرد فرضية، وضريبة كلامية سياسية ليس إلّا.
3- إذا كان الحزب قد دعا إلى إقامة جبهة وطنية مكوّنة منه ومن حزبين صهيونيين هما “هشومير هتسعير” و”أحدوت هعفوداه- بوعلي تسيون” فمن نافلة القول أن يعلن أيمن عودة عن إستعداده اليوم للتحالف مع اليسار الصهيوني والوسط الصهيوني.
4- إذا كان الحزب من مؤسسي دولة إسرائيل فمن باب أولى وفق حساباته أن يشارك في لعبة الكنيست منذ عام 1949 مدعومًا بـ 3000 صوت من بين صفوف الجيش الإسرائيلي، لأنّها إنتخابات الدولة التي شارك في تأسيسها، وعلى هذا الأساس فلا يزال هذا الحزب يشارك في لعبة الكنيست حتى الآن.
5- لقد نظر الحزب إلى المقاومة الفلسطينية منذ الأربعينات على إعتبار أنّها من “المشاغبين العرب” و”عملاء الإمبريالية” و”عصابات عربية تابعة للجنة العربية العليا” و”عصابات من المشاغبين”، ودعا إلى ضرب هذه المقاومة بكل قوة، وبذلك تقدّم هذا الحزب على سائر الأحزاب الصهيونية في موقفه من المقاومة الفلسطينية، وهذا يدّل على أنّ الحزب عندما قام فقد قام على إعتبار أنّه حزب صهيوني بإمتياز.
6- لقد درج هذا الحزب منذ أيام ميكونس على إستغلال الطبقة العاملة من أجل الحصول بواسطتها على أهدافه.
7- إذا عرفنا أنّ هذا الحزب قد إنخرط في القتال في صفوف “البلماح”، وإذا عرفنا أنّ “البلماح” كانت القوة العسكرية الضاربة في “الهاغاناة” وإذا عرفنا أنّها هي التي إرتكبت معظم المجازر في حق شعبنا الفلسطيني في حرب 1948، وكان من أبرز قادتها يغال ألون وموشيه ديان وحاييم بارليف وإسحاق رابين، فهذا يعني أنّ الحزب الشيوعي قد شارك في إرتكاب هذه المجازر. –يتبع-

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى