أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

الجندر، والجنسوية، والأخلاق الفاضلة

توفيق محمد
أما الاخلاق الفاضلة والحميدة، فهي كل ما تربينا عليه من قيم العفة، والشرف، والطهارة، والإخلاص، والعفاف، وحسن الخلق، والفضيلة، وقد لخصت هند بنت عتبة الحد الفاصل بين الحرة والأمة، عندما جاءت تبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ضَمَّنَ الرسول صلى الله عليه وسلم البيعة بند النهي عن الزنا، فقالت مستغربة متعجبة ومستنكرة، وهي التي ما تزال على عروبتها الخالية من الإسلام قالت: “أوَتَزني الحرة ؟!”، وهذا يعني أن الزنا والخنا كانا من فعل الإماء (أي العبيد) وليس من فعل الحرائر، فالحرة لا تزني، بل تأنف هذا الفعل الدنيء السيء، فماذا ستقول هند بنت عتبة العربية قبل أن تسلم لو أطلت على بعض أبناء العروبة وهم يدعون إلى ما هو أسوأ من الزنا وأفحش وأي عروبة ستقبل بهم، ومن ضمن الأخلاق الفاضلة التي تربينا ونشأنا عليها الزواج الحلال الذي يجمع بين الرجل والمرأة والذي به تستمر الحياة وتستقيم.
أما الجندرية والجنسوية وما يسمونه كذبا المُثْلِية الجنسية، وهي ليست سوى الشذوذ الجنسي، فمنها ما استُحْدِثَ في زماننا، ومنه ما هو قديم، كالشذوذ الجنسي لدى الرجال، وهو عمل قوم لوط، أما المُسْتَحْدًثُ منها، فهي هذه المصطلحات الجديدة المسماة “الجندر” و “الجنسوية” و “المثلية” وهي ليست سوى أسماء متعددة لشذوذ واحد يسعى لترسيخ الرذيلة والفسوق والدنية والعهر في المجتمعات، وقد أقيمت لها في كل بقاع الأرض الجمعيات والمؤسسات التي تعنى بها وبتسويقها، وهي تسعى لإلغاء الوظائف الأسرة، وبالتالي تفكيك المجتمع وإطلاق العنان للشهوات تسيح كما تشتهي، وتحويلها من غرائز مضبوطة وفق قانون الفضيلة والخلق الى غرائز حيوانية تستبيح كل شيء لا تمنعها موانع، ولا تحدها حدود، ولا تضبطها شريعة ولا دين ولا خلق، ولذلك اخترعت لهذا الجنوح نظرية جديدة وهاكم بعض التعريفات للجندر:
“فرَّقت منظمة الصحة العالمية بين مصطلحي الجنس والجندر، فالأول يشير إلى السمات البيولوجية التي تحدد من هو الرجل، ومن هي المرأة، بينما يشير الثاني إلى الأدوار، والأنشطة، والخصائص التي يراها مجتمع ما مناسبة لكل من الرجل والمرأة، ومن زاوية أخرى هناك (الذكر والأنثى)، وهي تقسيمات تخص الجنس، وهناك (الذكورة والانوثة)، وهي تقسيمات تخص النوع، وليست هناك اختلافات جوهرية في مظاهر الجنس بين المجتمعات المتعددة، ولكن هناك اختلافات كبيرة بين هذه المجتمعات في مظاهر النوع”.
تعرفه منظمة “الصحة العالمية” على أنه “المصطلح الذي يفيد استعماله في وصف الخصائص التي يحملها الرجل والمرأة كصفات مركبة اجتماعيًّا، لا علاقة لها بالاختلافات العضوية”.
تعرف الموسوعة البريطانية الهوية الجندرية”Gender Identity” بأنها: شعور الإنسان بنفسه كذكر أو أنثى، وتقول: “إن الهوية الجندرية ليست ثابتة بالولادة -كذكر أو أنثى -بل تؤثر فيها العوامل النفسية والاجتماعية بتشكيل نواة الهوية الجندرية، وهي تتغير وتتوسع بتأثير العوامل الاجتماعية كلما نما الطفل.
تقول عالمة الاجتماع “أوكلى”: إن الأمومة خُرافة، ولا يوجد هناك غريزة للأمومة، وإنما ثقافة المجتمع هي التي تصنع هذه الغريزة؛ ولهذا نجد أن الأمومة تعتبر وظيفةً إجتماعية”.
التعريفات أعلاه كلها تدور في ذات الفلك وهي تعتبر أن الذكر والأنثى عضويا ليسوا بالضرورة ذكرا أو أنثى نوعا، بمعنى أنه قد يخلق إنسان ما ذكرا بالمعنى العضوي (الجنسوي) لكنه يشعر بذاته أنه أنثى، وليس ذكرا، وهذا ما يسمونه النوع، وقد تخلق إنسانة أنثى بالمعنى العضوي (الجنسوي) لكنها تشعر بنفسها ذكرا بالنوع، بل ذهب أولئك أبعد من ذلك عندما قال منظروهم إن الأمومة خرافة، وهي ليست سوى المكتسبات التي تعلمنا إياها المجتمعات، ويقول منظرو الجندرية إنه لو أن امرأة معينة حملت فولدت، فانه ليس بالضرورة أن تكون عندها عاطفة الأمومة والحنان والعطف على هذا المولود، والأصل أن تلقيه في زاوية، أو غابة، أو حاوية نفايات، بالضبط مثل فتى الأدغال “موكلي” وما تلك العواطف والحنان و”الغريزة” الوالدية سوى مكتسبات علمنا إياها المجتمع المتخلف الذي نحيا به، وهو من أتلف هؤلاء النسوة –عضويا- طبعا وعلمهن عاطفة الأمومة، وما كان عليه أن يفعل ذلك، بل كان يجب أن يترك هذه المخلوقات، وهؤلاء المواليد تهيم على وجوهها، وتحيا في هذه الغابة البشرية التي ستتحول مع الزمن إلى غابة حيوانية غرائزية ينمو ويعيش كل فرد فيها وفق التعريف الجندري الذي يراه لنفسه، ومن أمثلة هذه الحديقة الحيوانية ليس أقل من وزيرة العدل الفرنسية السابقة ذات الأصول المغربية رشيدة داتي التي تمثل أمام القضاء حتى تثبت حملها لواحد من ثمانية رجال عاشرتهم بالحرام، والمصيبة أن الرئيس الفرنسي يقول: إنه قلق على حرية المرأة العربية والمسلمة؟؟؟!!!
ويعتقد دعاة الجندرية أيضا أنه “لا يولد الإنسان امرأة إنما يصبح كذلك” وهي مقولة الفيلسوفة الوجودية “سيمون ديبو فواغ” التي بنيت عليها فلسفة الجندر، وعليه فان يمكن للأنثى ان تقضي وطرها مع مثيلتها وكذلك الذكر، وذلك وفقما يشعر كل منهما نفسه بغض النظر عن نوعه الجنسي.
وحتى يُثَبِّتَ أولئك هذا الشذوذ في المجتمعات، فقد انتقلوا الى مربع خطير في تعريف الجندرية، بحيث باتوا يدعون الى إجراء دراسات عنها، ونزعوا عنها مسمى النظرية، لأن النظرية قابلة للنقض والنقد، أما الدراسة، فتتم حول ثابت من ثوابت الكون، وحول حقيقة كونية متعارف عليها، وهذا من أخطر ما في الأمر.
كانت الجمعيات التي تعنى بهذا الفساد في مجتمعنا العربي قبل فترة قصيرة تعمل على استحياء، وفي الخفاء، أما اليوم فإنها باتت تنظم المظاهرات المناصرة للشواذ في مجتمعنا كما حدث قبل شهرين أو أكثر في مدينة حيفا، ويمشي على رأس مثل هذه المظاهرات أعضاء عرب (المصطلح صالح للذكر والأنثى) في الكنيست الإسرائيلي، وبات صوت هؤلاء يعلو ويجد له تعبيرا في بعض وسائل الإعلام العربية.
لست أدري لماذا كثير من هذه الجمعيات أو الدعاة لهذه الجمعيات، ولهذا الشذوذ هم من الماركسيين والشيوعيين؟ هل لأن الجندرية تلتقي مع الماركسية بدعوتهما إلى هدم الأسرة وهدم الدين لادعائهم الباطل أنهما أهم المعوقات التي تقف أمام تطور المجتمعات؟
ربما يكون هذا الأمر صحيحا، لكن ما يتوجب علينا فعله، هو الحفاظ على مجتمعنا من هذه الآفة الخطيرة التي لا تقل عن آفة العنف الذي بات يضرب كل مفاصل حياتنا، بل إنها إحدى أكبر دعاة الجريمة والفساد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى