أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

نصيحة للشيخ رائد بدير حول فتواه الشاذة

د. أنس سليمان أحمد
إنّ هذه اللعاعة الفتّانة التي أطلّت بقرني فتنتها خلال الشهور السابقة، فخاض فيها من خاض، وتعثّر فيها من تعثّر، وتاه فيها من تاه، وكاد البعض مع شديد حزني وأسفي أن يفقد بوصلة ثوابتنا التي تربينا عليها في حاضنة المشروع الإسلامي، وكم كنت أتمنى أن يكون النقاش بين مؤيدي ومعارضي لعاعة الكنيست نقاشاً سياسياً، يتسع فيه النقاش لأن يدلي كل برأيه وفق أصول الرؤية الأصولية التي فقهناها في هذه الحاضنة، ويتسع فيه النقاش لأكثر من رأي، ويتسع فيه النقاش أن أقول لغيري لقد أخطأت، وأن يقال لي بل أنت من أخطأت، عبر حوار يضبطه أدب الاختلاف، ولكن أبى البعض سامحهم الله تعالى إلا أن يقحموا الفتوى الشرعية إقحاماً غير مسبوق، ولم يقل به أحد في قضية لعاعة الكنيست، فهذا الشيخ رائد بدير -غفر الله لنا وله – خرج علينا بفتوى قال فيها: إنّ التصويت في انتخابات لعاعة الكنيست هو واجب شرعي!! وهو ما لم يقل به أحد من علماء المسلمين على وجه الأرض!! بل إن الشيخ الريسوني الذي لمّا سُئل عن قصده عندما تحدث عن لعاعة الكنيست قال بوضوح: أهل مكة أدرى بشعابها، والله حسيب كل من نقل عني غير ذلك!! أي أنه لم يجزم بجواز المشاركة بانتخابات لعاعة الكنيست، وهذا يعني من باب أولى أنه لم يقل بوجوب التصويت في انتخابات الكنيست!! وإلى جانب ذلك فإن كل العلماء الذين أفتوا بجواز المشاركة في انتخابات برلمانات الدول العربية والمسلمة، لم يقل أحدهم إطلاقاً بوجوب المشاركة في هذه الانتخابات، بل قالوا بجواز المشاركة فيها، والفرق شاسع واسع بين الجواز والوجوب!! فلا أدري كيف مال الشيخ رائد بدير – غفر الله تعالى لنا وله- إلى القول بوجوب التصويت في انتخابات لعاعة الكنيست، وأنا أعلم وهو يعلم والجميع يعلم أنّ الشيخ عبدالله نمر درويش – رحمه الله تعالى- الذي كان من المتحمسين للمشاركة في انتخابات لعاعة الكنيست قال بجواز ذلك ولم يقل بوجوبه، وأرجو رجاء حاراً ألا يحاول البعض الآن التقول على الشيخ عبدالله نمر درويش- رحمه الله تعالى- والادعاء على لسانه – وهو في دار الحق الآن- أنه قال بوجوب المشاركة في انتخابات لعاعة الكنيست، ولذلك يحزنني أن أقول: أنني لا أدري من أين جاء الشيخ رائد بدير بفتواه هذه الشخصية الشاذة التي قال فيه بوجوب التصويت في انتخابات لعاعة الكنيست!! ثمّ يحزنني أن أقول: إنني أعلم والشيخ رائد بدير يعلم أنه لمّا قال بوجوب التصويت في انتخابات لعاعة الكنيست، فهذا يؤدي شرعاً وفق ظاهر هذه الفتوى إلى تأثيم كل من قاطع انتخابات لعاعة الكنيست، فإن قصد ذلك الشيخ رائد بدير فهي مصيبة لا تمحوها قادمات الأيام، وإن لم يقصد ذلك ومع ذلك أصدر هذه الفتوى، فالمصيبة أعظم!! ثم يحزنني أن تُكتب هذه الفتوى في قادمات الأيام في تاريخ مسيرة المشروع الإسلامي في الداخل الفلسطيني، وإن كانت فردية شخصية شاذة، فسيكتبها قلم المؤرخين في قادمات الأيام، وسيقولون حائرين أو ساخرين أو طاعنين إن بعض دعاة المشروع الإسلامي كانوا قد أفتوا بوجوب التصويت في انتخابات لعاعة الكنيست!! وكم أنا مشفق منذ الآن على أبناء المشروع الإسلامي في تلك القادمات من الأيام، كيف سيردون على قلم أولئك النفر من المؤرخين، وماذا سيقولون لهم!! لذلك كم أتمنى على الشيخ رائد بدير أن يعيد النظر في هذه الفتوى الفردية الشخصية الشاذة التي سيُعيّر بها كل أبناء المشروع الإسلامي، سواء كان البعض منهم مع لعاعة الكنيست أو ضدها!! ثمّ يحزنني أن أقول إن بعض الأخوة الذين أحبهم من قادة الحركة الإسلامية الجنوبية تسرّع وراح يفشي هذه الفتوى الفردية الشخصية الشاذة مثل الأخ صفوت فريج صاحب الدور المعتبر في الحركة الإسلامية الجنوبية، فليت هؤلاء الأخوة تمهلوا قليلاً، ونظروا في هذه الفتوى في العمق واجتهدوا أن يحيطوا بالآثار التي سترتب على كل فرد من أبناء المشروع الإسلامي بسببها، سواء كانت هذه الآثار عاجلة أو آجلة، وسواء كان هذا الفرد من أبناء المشروع الإسلامي مع لعاعة الكنيست أو ضدها، ولم يفت الوقت، لذلك أرجو بكل لغة رجاء أخويّ من قادة الحركة الإسلامية الجنوبية أن يعيدوا النظر في هذه الفتوى الفردية الشخصية الشاذة، وأن يستروا عورة المشروع الإسلامي، ستر الله تعالى عورتنا وعورتهم في الدين والدنيا والآخرة!! ثم يحزنني أن أقول: إلى مثل هذه الفتوى الفردية الشخصية الشاذة جرّتنا لعاعة الكنيست يا أبناء المشروع الإسلامي، فهل يرضيكم ذلك؟! موجهاً حديثي لجميعكم سواء كان أحدكم مع لعاعة الكنيست أو ضدها؟! هل يُرضيكم أن يُسجّل على المشروع الإسلامي عاقبة وتبعات هذه الفتوى المؤذية، وإن صدرت بحسن نية من الشيخ رائد بدير!!
يا أبناء المشروع الإسلامي إن من الواجب الشرعي أن نبرأ إلى الله تعالى من هذه الفتوى الفردية الشخصية الشاذة بكل أدب ونحن نحمل الحب للشيخ رائد بدير في صدورنا!! ومن الأدب أن نقول للشيخ رائد بدير: نحن نحبك، ولكننا نحب المشروع الإسلامي أكثر من حبنا لأنفسنا، لذلك وجب علينا أن نبرق لك بهذه النصيحة، مؤكدين أبدية عقد الأخوة الذي يجمع بيننا وبينك، وجزاك الله خيراً على سعة صدرك سلفا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى