عبد الناصر كما لا تعرفونه- الحلقة الرابعة

أحمد هاني مصطفى كيوان
(الوجهُ الآخرُ للخطيبِ المُـصْــقِـــعِ للأمّةِ العربيّةِ)
حين كان عبد الناصر يخرج في خطاباته الجماهيرية الشهيرة، كان يظهر رجلًا يسحر الناس بلسانه، ويذيب القلوب في نبراته، ويتوغل في عقولهم، ويلج في حيازمهم، بما كان يُلهبه من مشاعر الوطنية والقومية، والشخصية المصرية التي تستطيع تحدّي الأعداء، وتقهر كلّ دخيل وهجين.
فإذا ما فهمنا هذا الرجل كظاهرة تاريخية من هذا الجانب؛ وهو الذي كان مسيطرا فيها على وسائل الإعلام كلها، والوظائف كلها، والصحف كلها؛ فإنّ فهمنا وإدراكنا يمكن اعتباره قاصرًا إلى حدّ كبير، فهناك في بطون الكتب، ومذكرات من عاشوا تلك الحقبة، ومن خرجوا يدلون برواياتهم للإعلام بعد زمن عبد الناصر، تتكشّف أجزاء واسعة من صورة أخرى “للزعيم المُلهَمِ والمُلهِمِ”، هي صورة مظلمة تحتاجُ فقط إلى من ينفض عنها غبار النسيان والإهمال، ويُلملم حلقاتها المتباعدة، وشتاتها المقصود والمنشود.
والآن، وبعد تسعة وأربعين عاما على وفاة ما تصفه الرواية الرسمية المصرية بـ “الزعيم الخالد”. هل كان هذا الرجل يستحق الزعامة؟ ولماذا تغيرت صورته لدى الأجيال الحالية؟
ممّا لا شك فيه، أنّ وسائل التواصل الاجتماعي اليوم، قد أظهرت ما أخفاه الناصريون، ومؤرخو الدولة القومية في مصر على مدار عقود طويلة، كانوا ولا يزال أكثرهم يحتكر مناصب الثقافة والفكر ومفاصلها في مصر، غير قابلين إعطاء الفرصة للمنافسين التقليديين لهم، من الكُتّاب الإسلاميين أو الأكاديميين غير الموالين للحكم الناصري، فلما ظهرت منصّات جديدة للنشر ليس للدولة المصرية، أو على الأصح جمهورية عبد الناصر، ولم يكن لجمهوريّة عبد النّاصر كبير سيطرة عليها، بانت الحقيقة، وانكشفت الأسرار، وانجلت بواطن الأمور؛ فضلا عن سهولة الوصول إلى كتب التاريخ، ومذكرات القادة والعسكريين والمدنيين الذين كانوا شاهدين على ذلك العصر وأسراره.
والحق أنَّ عبد الناصر نفسه، حرص على أن يستولي على هذه المناصب الثقافية المشكّلة لوعي الناس المؤيدين لتوجهاته قبل غيرهم؛ أهل الثقة قبل أهل الكفاءة، ولأول مرة في تاريخ مصر يتقلد منصب رئيس تحرير مجلة التحرير عقب انقلاب يوليو 1952م مباشرة، ثم وزارة الثقافة لأربع سنوات متوالية ضابط عسكري من الضباط الضالعين في الانقلاب، وهو ثروت عكاشة، وقد استمر توزيع المناصب المفصلية بما فيها وزارة الثقافة على الموالين للحكم العسكري في مصر آنذاك وحتى اليوم، وكان على رأس هؤلاء المنظرين للناصرية عرابها الأول محمد حسنين هيكل، الذي تشير بعض الروايات إلى أنه المؤلف الحقيقي لكتاب “فلسفة الثورة” المنسوب لعبد الناصر.
الانقلاب على الثورة ومبادئها
كانت الصدمة الأولى في مجلس قيادة الثورة، انقلاب عبد النّاصر على أهدافه التي جاء معلنا لها، وعلى رأسها القضاء على الفساد والمحسوبية، والعودة إلى الشعب ليحكم نفسه بنفسه، لكنّ الأمر كان بعكس ذلك، كما يعترف محمـد نجيب الرئيس الأول لجمهورية مصر العربية، والضحية التي أكلها الضباط الأشرار لحمًا، وعلى رأسهم عبد الناصر، ورموها عظما كما يصف هو في مذكراته، يقول محمّد نجيب في كتابة: “كنت رئيسًا لمصر”:
“تولّد في داخلي إحساس بأننا فتحنا بابا أمام باقي الضباط ليخرجوا منه إلى المناصب المدنية، ذات النفوذ القوي والدخل الكبير، وحاولت قدر استطاعتي إغلاق هذا الباب، وابتعاد الجيش عن الحياة المدنية، وعودته إلى الثكنات وترك البلد للسياسيين، لكن كان الوقت على ما أعتقدُ قد فات؛ فقد اخترق العسكريون كل المجالات وصبغوا كل المصالح المدنية باللون الكاكي”.
ويلحظ جلال كشك في كتابه “ثورة يوليو الأمريكيّة”، انقلاب عبد الناصر ورفاقه على مبادئ الديمقراطية، وأولها اعتقال محمـد نجيب أول رئيس للجمهورية، الذي أتى به الشعب رغما عن مجلس قيادة الثورة، فيؤكّد أنّ هذه الردة على الديموقراطية كانت عاقبتها خسرانًا على مستوى المجتمع المصري سياسيا واقتصاديا، على الرغم من المنجزات الظاهرة حينذاك مثل تأميم القناة وبناء السد العالي وإنشاء القطاع العام وقانون الإصلاح الزراعي “المصادرات” وغيرها.
يقول: “كان انقلاب يوليو تعبيرا عن إرادة القهر الاستعماري لسحق هذه الثورة، سحق الرأسمالية الوطنية في مصر والوطن العربي كله، تسليم مصر والوطن العربي مرة أخرى للإنتاج الأجنبي سوقا مفتوحة بلا مقاومة أو قوة قادرة وصاحبة مصلحة في المقاومة، وقد حقق عبد الناصر ذلك بالتأميم والمصادرات التي كانت صريحة في استهدافها القضاء المبرم على الرأسمالية المصرية، ووأد محاولتها إقامة اقتصاد عربي موحد، كما دمّر عبد الناصر القيادة الفكرية والسياسية بالاستبداد والإرهاب وإفساد التعليم على نحو لم ينجح استعمار بربري في إلحاقه بعدو لدود تمكن منه”.
كانت هذه الحقيقة التي أشار إليها جلال كشك ماثلة أمام الرئيس محمـد نجيب، من أجل ذلك كان الرجل من جملة المعترضين على قانون الإصلاح الزراعي لضرره المترتب على تفتيت الأرض الزراعية، وعلى رأسها انخفاض الإنتاج الزراعي، وتأثيره السلبي المباشر على الاقتصاد الوطني، لكنّ الموافقين وعلى رأسهم ناصر وبقية رفاقه من صغار الضباط ردوا على نجيب قائلين: “أنت تنظر إلى المشروع من الزاوية الاقتصادية، ونحن ننظر إليه من الزاوية السياسة، إننا نرى أن سرعة الاستيلاء على الأراضي سيدعم مركزنا، فنحن سنجرد ملاك الأراضي من ثروتهم ونفوذهم، وسنحولهم من خانة المعارضة لنا إلى خانة الإهمال”.
هكذا رأى ضباط يوليو قانون الإصلاح الزراعي مجرد قضاء على طبقة من رجال الرأسمالية الوطنية، والذين ربما سيكونون من كبار المنافسين لطبقة الحكم الجديدة من صغار الضباط، ممن أرادوا الساحة خالية من أي منافس كان، رغم أن هؤلاء الرأسماليين -بعكس الرواية الرسمية التقليدية- كانوا على الدوام من أهم داعمي الاقتصاد المصري من خلال إنتاجهم الزراعي القوي والفعال من المحاصيل المهمة وعلى رأسها القطن المصري طويل التيلة الذي أخذ شهرة عالمية بمجهودات هؤلاء، لذا علّق نجيب في مذكراته على ذلك قائلا: “وكسبت السياسة وخسر الاقتصاد وأقر مشروع الإصلاح الزراعي”.
حين أُقيل محمد نجيب بالمظاهرات الوهمية التي دفع أجرها عبد الناصر ورفاقه، والتي خرجت بشعار “لا أحزاب.. ولا برلمان” فقد جاء القرار بالزج بنجيب في الإقامة الجبرية بالمرج شمال القاهرة، وتم القضاء على فلول النظام الملكي من سياسيين واقتصاديين، وخلت الساحة لعبد الناصر ومجلس قيادته، وكانت الخطوة التالية لترسيخ الانقلاب العسكري القضاء على حركة “الإخوان المسلمون”.
قائد أوركسترا العذاب، وصاحب النّوتة
كان القضاء على الإخوان فيما يبدو مخططا ومدروسا بعناية، فقد تم ذلك على مرحلتين: الأولى، كانت بتجريد الإخوان من قوتهم العسكرية التي كانوا قد أنشأوها في مقاومة الاحتلال الأجنبي الإنجليزي واليهود في حرب 48، وذلك بتوسيع شقة الخلاف بين المؤيدين لفك النظام الخاص بعد ثورة يوليو، وبين المتمسكين ببقائه حفاظا على الجماعة وقوتها، وقد ثَــبُــــتَ أنَّ عبد الناصر قرّب منه زعيم التنظيم الخاص عبد الرحمن السندي، ولعب الشيخ الباقوري على توسيع الشقة بدعم من مجلس قيادة الثورة وأمينها العام.
ثم تلا ذلك إعدام قادتهم، وعلى رأسهم عبد القادر عودة بحجة أحداث الاغتيال الفاشل في “المنشية” بالإسكندرية في سنة 1954م والتي اتهم فيها عبد الناصر الإخوان بارتكاب هذه الجريمة، وقد تمكّن ناصر من الزج بهم في السجون والمعتقلات، على الدوام طوال الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، بالرغم من أنَّ عبد الناصر قد استغلَّ الإخوان حين انضم إلى “تنظيمهم السري” ثم في حمايتهم لثورة يوليو، ومنهم من كان من كبار رجالات تنظيم الضباط الأحرار، مثل عبد المنعم عبد الرؤوف وأبو المكارم عبد الحي.
يقول محمود الصباغ أحد الخمسة المؤسسين للنظام العسكري الخاص للإخوان المسلمين، عن دورهم في ليلة 23 يوليو، وكيف جعلهم عبد الناصر في فوهة المدفع: “كلف جمال عبد الناصر أكبر ضابطين من ضباط تنظيم الإخوان بالجيش، وهما الضابط أبو المكارم عبد الحي، والضابط عبد المنعم عبد الرؤوف بأخطر عمليتين في الثورة في حالة فشلها، فكلف أبو المكارم عبد الحي بقيادة القوة التي حاصرت قصر عابدين، وكلف الأخ عبد المنعم عبد الرؤوف بقيادة القوة التي حاصرت قصر رأس التين، حيث كان يعيش الملك فاروق بقصد الحصول منه على التنازل عن العرش. فلو قدّر الله وفشلت الثّورة، لكان هذان الأخَوَانِ هما دليل الحكومة على أنّ الإخوان المسلمين هم قادة الانقلاب ضد الملك، رغم براءتهم التامة من مسؤولية قيادة الانقلاب، ولأُعدم هذان الأخَوَانِ، وتم إعدام كلّ قيادات الإخوان”.
ولمّا جاء النصف الثاني من عام 1954، أصبح عبد الناصر يسيطر تماما على مصر، ولم يكن من المستغرب أن يؤمن الرجل ظهره في ذات العام حين قرر إنشاء جهاز المخابرات العامة الذي خرج من رحم جهاز المخابرات الحربية، وهذا الجهاز كان قد بدأ يأخذ منحى شديد القساوة مع اعتلاء صلاح نصر الذراع الأمنية السرية الباطشة لعبد الناصر، والذي للغرابة كان يتلاعب به أيضا بحسب مذكرات “اعتماد خورشيد” التي كانت شاهدة على دوامة من السواد الحالك في ذلك العصر، وهي التي طلّقها صلاح نصر مدير المخابرات من زوجها أحمد خورشيد رغما عنه وعنها، وتزوجها زواجا باطلا دون اعتداد بفترة العدة فضلا عن الحمل، وكانت المخابرات وقد وصلت إلى درجة خطيرة من الانحراف في عصره، حتى اضطر عبد الناصر للتضحية بصلاح نصر ومعاونيه ككبش فداء بعد هزيمة 67 في سلسلة المحاكمات العسكرية الشهيرة وقتها.
تقول وقد أفضى إليها نصر بالعديد من الأسرار في مذكراتها: “أمر عبد الناصر بأن يتولى تصفية الإخوان كل من شمس بدران وصلاح نصر، وتولى عمليات التعذيب مجموعة من القُساة أمثال حمزة البسيوني وسعد زغلول ورياض إبراهيم وصفوت الروبي وغيرهم، كانوا يسوقون المعتقلين والسياط تنهال عليهم حتى يصلوا إلى الساحة الرئيسية بالسجن الحربي فيتم تجريدهم من الثياب ويوقفونهم على شكل دائرة ثم يطلبون منهم الانبطاح على الأرض ليبدأ الجلد بالكرابيج”.
بل وصلت أساليب التعذيب في ذلك العصر مبلغا قاسيا حين “اعتقل الزبانية أعدادا كبيرة من النساء الرهائن حتى يسلم الرجال أنفسهم فلقوا التعذيب هن الأخريات، وكانوا ينادون الرجال بأسماء النساء ثم يحضرون الكلاب لتنهش لحمهم، وقد تولى صلاح نصر تعذيب الإخوان المسلمين في غلاية الموت، فكان يأمر أعوانه بتعليقهم كالذبائح أو يرميهم في المغطس المغلي فإذا قُضي نحبهم دُفنوا في الأرض خلف الفيلا”، وتسرد اعتماد خورشيد في مذكراتها أساليب مروّعة من التعذيب الوحشي الذي لم يكن يفرق بين الكبار والصغار، والأمهات والزوجات ممن وجد فيهم نظام عبد الناصر عناصر معارضة لحكمه.
تسجّل اعتماد خورشيد في مذكّراتها مشاهد مروّعة عن صور التعذيب للإخوان المسلمين، في المعتقلات الناصريّة، ودور صلاح نصر الذي أمره الزعيم الملهم أن يتولّى تصفية الإخوان، في هذه الجرائم التي يصعب وصفها، فتؤكّد في مذكّراتها واصفة وحشيّة وشذوذ صلاح نصر قائلة: “قدّر لي أن أكون بالقرب من صلاح نصر أربع سنوات كاملة، لمست خلالها قوّة الانحراف الذي ساد مصر، والذي أشار إليه الكاتب الكبير مصطفى أمين؛ الانحراف الذي غطّى الفترة السوداء التي انتهت بالهزيمة… كان صلاح نصر يستطيع فيها أن يفعل أيّ شيء دون حساب أو قانون، فقد كان هو القانون. نصّب نفسه ملكًا، ففاقت تصرّفاته كلّ سلطة، وعرف الشعب في عهده الظلم والإرهاب والعذاب والتعذيب. كان واجبه حماية النظام من المؤامرات، فوضع رأس النظام تحت سيطرته، يرعبه بمؤامرات الاغتيال الوهميّة، ويحوّله إلى دمية بأزرار يحرّكها كما يشاء. فرض نفسه على حياة النّاس، فعاث فيها فسادًا، صادر حرّياتهم وتفنّن في ظلمهم واستباحة حرماتهم، وتحوّلت مصر في عهده إلى سجن كبير.
كانت هوايته التلذذ بتعذيب النّاس، فامتلأت السجون بالضّحايا والأبرياء، وزادت استراحات السموّ الروحانيّ وتجنيد العملاء والعميلات. وكان أسلوبه فرض وصايته على كبار المسؤولين، فامتلأت أدراج مكتبه بملفّات الأسرار والفضائح يستخدمها في الوقت المناسب. وكانت خطّته تسجيل الهمسات، فزاد استيراد أجهزة التّنصّت والرقابة والتصوير الخفيّ لكلّ الناس. كان متعدّد الشخصيّات والطّباع، يختلف سلوكه وفقًا لظروف الزمان والمكان، فكان حاكمًا طاغيًا في الصّباح، خادمًا ذليلًا في المساء، شاذًّا ضعيفًا باقي الليل.” (اعتماد خورشيد: شاهدة على انحرافات صلاح نصر. ص9-10)
لقد كان التعذيب زمن عبد الناصر يفوق الوصف البشريّ، وكان التعذيب المنتشر في المعتقلات ينضح بهتك الأعراض؛ الزوجة أمام زوجها، والبنت أمام أبيها، وغيرها من الأمور التي يندى لها الجبين. ويعلّق أنيس منصور على مظاهر التعذيب الناصريّ، فيقول: “إنّ هتلر لم يفعل ذلك… إنّه أحرق الجميع، ولو خيّرنا أبًا أو أمًّا بين الهوان والتعذيب والحريق، لاختار الموت بيد هتلر على الحياة على يديّ صلاح نصر ورجاله” (أنيس منصور: عبد الناصر المفترى عليه والمفتري علينا. ص205).
لقد كان صلاح نصر مدير المخابرات المصريّة يتباهى أمام نسائه بأنّه وحده الذي يستطيع أن يجعل عبد الناصر يغيّر سريره وينام في المكان الذي يختاره له، فقد تحوّل الأمن القومي عند صلاح نصر “أمن الرئيس” فقط، ولذلك كان يعتمد عليه، وكان صلاح نصر يخيفه أيضًا.
“في إحدى المرّات، وهي حادثة معروفة الأسماء عند الكثير، كان صلاح نصر يجلس في إحدى بيوت الضّيافة، أو “بيوت الأمان” بلغة المخابرات، فقال لإحدى الممثّلات: سوف تسمعين صوت الرئيس، وسوف أجعله ينام في مكان آخر غير بيته”. وجاء صوت الرئيس في التيلفون، ثمّ في التسجيل وهو يقول: يا أخي قرفتني في عيشتي… عاوزني أنام فين الليلة…فحدّد له صلاح نصر مكان المبيت البديل. وطلبت إحدى الممثّلات من صلاح نصر إن كان جدعًا أن يرجع في كلامه، ويدع الرئيس ينام في بيته، فعاد صلاح نصر مخاطبًا عبد الناصر: لا مؤاخذة يا أفندم… انتهى كلّ شيء، يمكنكم البقاء في البيت”. وأغلق جمال عبد الناصر التلفون في وجه صلاح نصر، بينما تضاحكت الفتيات، وأكملن السهرة الحمراء في أحد قصور مصر الجديدة”. (أنيس منصور. ص205).
لقد كان هذا المزاج الشاذّ المرضي، هو الذي يدفع بصلاح نصر إلى تعذيب وهتك أعراض البنات الأبكار والزوجات المحصنات، ويتضاعف العذاب واللذة حينما يكون هذا التعذيب، أمام الآباء والأبناء. ولم يكن صلاح نصر هو الذي ينفرد بالقرار؛ فهو لم يكن إلّا قائد أوركسترا العذاب، أمّا مؤلّف ومبتكر النّوتة الموسيقيّة التعذيبيّة؛ فلم يكن إلّا “فخامة وسيادة الرئيس الـمـُلـهَم” جمال- هذا ما أكّده صلاح نصر وآخرون عند محاكمتهم.
يتبع في الحلقة القادمة



