أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

لعبة الكنيست واتجاه الريح

عبد الإله وليد معلواني
لم يعد خافيا على أحد أن الإشارات التي بات يرسلها المرشحون العرب للعبة الكنيست في دورتها الثانية والعشرين والتي باتت على الأبواب إن هذه الإشارات التي تحملها تصريحات أو بيانات هؤلاء المرشحين بما في ذلك بيانات قوائمهم الكنسيتية تشير صراحة أن هناك اتجاها للريح جديدا في مسيرة من سَيُكتب له أن يكون عضو كنيست من بين هؤلاء المرشحين، ويبدو انه سيتم التنازل عند هؤلاء الذين سيكونون أعضاء كنيست عن مقولة: (الوقوف شوكة في حلق الصهيونية) إلى مقولة (الانخراط مع معسكر من الأحزاب الصهيونية للوقوف شوكة في حلق المعسكر الآخر من الأحزاب الصهيونية) وأنا لا أتندر على أحد ولا أهزأ بأحد وأعوذ بالله أن أكون من الظالمين. فيوم أن شارك أيمن عودة في مظاهرة المعارضة الصهيونية الإسرائيلية التي نُظمت بتاريخ 25/5/2019 برر مشاركته في تلك المظاهرة الصهيونية إلى جانب ثلاثة من أركان الجيش الإسرائيلي السابقين على الأقل، والتي حملت اسم (حومات مغين) تَشَبُّها بالحملة العسكرية التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة عام 2002، والتي قتل فيها المئات وجرح واعتقل الآلاف من شعبنا الفلسطيني، برر مشاركته في تلك المظاهرة الصهيونية حتى النخاع بقوله: (إننا هُناك لنقول كلمة جوهرية، إن التغيير لا يمكن أن يتم دون الأقلية العربية) وهي إشارة واضحة إلى قناعة أيمن عودة بضرورة الانخراط مع معسكر من الأحزاب الصهيونية في مواجهة المعسكر الآخر منها بهدف التغيير الذي لن يتم وفق حسابات أيمن عودة (دون الأقلية العربية) ونسي عودة أو تناسى أنه مضى على كل الأحزاب الصهيونية سبعون عاما وهي تدير التغيير تحت سقف الكنيست سواء كانت من معسكر اليمين الصهيوني أو يساره دون أن تسأل عن أي عضو كنيست عربي!! ولكن يبدو أنه منذ اليوم وصاعدا وبعد أن دخل “عودة” إلى حلبة لعبة الكنيست فستحسب الأحزاب الصهيونية ألف حساب لأعضاء الكنيست العرب، وسترتعد فرائصها منهم وفق حسابات “عودة”، وما على جمهورنا المطحون في الداخل الفلسطيني إلا أن يغمض عينيه ويتنازل عن عقله ويقول: صدقت يا “عودة”!! ولم يقف “عودة” عند ذاك التصريح الملغوم بل قال بالفم الملآن: (لا شك أن الكثير من المظاهر التي رافقت المظاهرة لا تعجبني، ولم أكن أعرف عنها مسبقا، وفي عملنا البرلماني هناك الكثير من نقاط الضعف التي لا تعجبني، مثلا وجود علم إسرائيل ورائي يظهر في الخلفية عندما أخطب في الكنيست، أو صورة هرتسل يراقبني وينظر إلي) وكأن عودة يريد أن يقول لهذا الجمهور المطحون: لا زلت وطنيا فلا تسيؤوا الظن بي، وسامحوني على ما فعلت وعلى ما سأفعل في قادمات الأيام تحت سقف الكنيست، فأن للضرورة أحكاماً. وبناء على طلب هذا الاعتذار المبطن يواصل “عودة” تصريحاته ويقول: (السؤال الأساسي الذي يجب أن يطرح في هذه المرحلة هو هل يلقي 20% من مواطني هذه الدولة وهم المواطنون العرب بوزنهم السياسي ليكونوا جزءاً من التغيير أم نختار الانعزال) !! ولا أدري هل هناك أصرح من هذا التصريح الذي يشير إلى استعداد “عودة” سلفا للانخراط مع معسكر من الأحزاب الصهيونية في مواجهة المعسكر الآخر منها، وهذا يشير إلى أن الأمور لن تقف عند “عودة” عند حد المشاركة في تلك المظاهرة الصهيونية فقط، وكأنه يقول سلفا لا تتفاجؤوا إذا انخرطت في إئتلاف مع أحزاب ميرتس والعمل وأزرق-أبيض في مواجهة الليكود وإسرائيل بيتنا وسائر الزبانية!! ثم خطا “عودة” خطوة أخرى وقطع الشك باليقين وصرح خلال لقاء مع الاذاعة الاسرائيلية (جلي تساهل) أنه على استعداد للتحالف مع ميرتس إحدى الاحزاب المؤسسة للمشروع الصهيوني .!! ولا أدري هل هناك إشارات أوضح من هذه الإشارات في تصريحات “عودة”؟! ثم كان من الواضح أن الطيبي تماهى في تصريحاته حتى الآن مع تصريحات “عودة”، وأما منصور عباس فقد تماهى معها في البداية ثم تراجع، وأما إمطانس شحادة فهو الذي رفضها علانية منذ البداية، وهذا يشير إلى أن اتجاه الريح عند “عودة” ليس عنده لوحده فقط، بل ستكون ظاهرة جديده لم يعهدها جمهورنا المطحون في الداخل الفلسطيني من قبل، وستكون موجهة ليس لعودة فقط، بل للكثير ممن سيكتب لهم أن يكونوا أعضاء كنيست عرب بعد شهر ويزيد!! ويبدو أن الأيام حبالى بالمفاجآت، ويبدو أننا قد نرى وزيرا عربيا إلى جانب وزير من ميرتس أو العمل أو أزرق-أبيض أو حتى إسرائيل-بيتنا يجلسون في مجلس وزاري مصغر للعمل على القضاء على الإرهاب الفلسطيني في غزة العزة المحاصرة!! وقد يقول قائل هذا تشاؤم، وأنا بدوري أرد على هذا القائل: ستبدي لي ولك الأيام ما كنا به جاهلين، وأفوض أمري إلى الله تعالى!! وها هو د. منصور عباس يتحدث بالفم الملان عن وجود فرع صهيوني اسمه (صهيوني لايت) وها هو يصف ذرية المشروع الصهيوني بأبناء العمومة وها هو يكشف انه كان له لقاء مع حاخامات المستوطنات السرطانية في الضفة الغربية المحتلة، وها هو يكشف عن وجود نشاط له مع الحاخام لمكيئور هذا الاخير الذي كان أحد المحرضين على الشيخ رائد صلاح قبل اعتقاله الأخير.
والعجب كل العجب أن الأشخاص أو القوائم الذين باتوا يطرحون أنفسهم كبديل عن: الجبهة والطيبي والجنوبية والتجمع ليسوا بعيدين عن اتجاه الريح التي باتت توجه “عودة” والكثير من أتباع هذه القوائم الأربع التقليدية، فهذا حزب “الوحدة الشعبية” الذي بات يطرح نفسه بديلا عن تلك القوائم التقليدية، ها هو يقول في بيانه علانية: (في هذا الإطار فأننا نسعى إلى تطوير تجربة الجبهة والحزب العربي في الأعوام 1993-1996 (حكومة رابين) وتشكيلهم لأئتلاف برلماني (وليس في الحكومة) مما يعرف “بالكتلة المانعة” مما أتاح الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية وساهم في تغييرات جدية، لكن ليست كافية في تعامل الدولة والحكومة مع قضايا مجتمعنا، مع التزامنا الواضح بالوقوف بحزم ضد حكومة اليمين المتطرف، فإننا سنقوم بالدفع بقضايا مجتمعنا وحلها من خلال إئتلافات عينية في الكنيست)!! وكم يصدق في حزب (الوحدة الشعبية) المثل القائل: (من أول غزواته كسر عصاته) فها هم يعترفون عبر هذا التصريح أنهم على استعداد لعقد (إئتلافات عينية) مع أحزاب صهيونية في مواجهة أحزاب صهيونية يمينية متطرفة، كأنهم هم و”عودة” شربوا من كأس واحدة!! إذ لا فرق بين اتجاه الريح عند كليهما!! ويحاولون تبرير ذلك بتجربة انخراط الجبهة والحزب العربي في حكومة رابين تحت مسمى (الكتلة المانعة) التي أنتجت اتفاقية أوسلو، والتي أثبتت الأيام فيما بعد أنها ذبحت الثوابت الفلسطينية من الوريد إلى الوريد، ولم تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية إلا بعد أن حذفت منظمة التحرير الفلسطينية من الميثاق الوطني الفلسطيني البنود التي فرضت عليها أمريكا والمؤسسة الإسرائيلية حذفها، وهذا يقول إنه تم الاعتراف بمنظمة تحرير فلسطينية جديدة وفق المقاس الأمريكي-الإسرائيلي، وليس وفق مقاس الثوابت الفلسطينية!! وإلى جانب كانت قد رشحت أخبار تقول: إن المهندس سليمان أبو أحمد يحاول إقامة قائمة عربية -يهودية مع طلب الصانع!! وحول هذا الموضوع قالت صحيفة هآرتس: (إن السلطة الفلسطينية تجري مداولات ومحادثات مع بعض الناشطين ورؤساء الحكم المحلي من فلسطينيي الداخل ضمن معاينتها إمكانية تشكيل تحالف عربي-يهودي جديد أو زيادة تعزيز ميرتس) !! وها هو حزب الإصلاح الذي عقد مؤتمرا في الطيبة قبل أيام يؤكد في تلخيصات مؤتمره ما يلي: (أمام حزب الإصلاح وقد تراوحت المواقف بين: أولا استمرار الشراكة مع ميرتس… ثانيا: الالتحام من خلال قائمة مشتركة جامعة تشمل الأحزاب العربية الأربعة وأحزاب أخرى جديدة…) !! فيا جماهيرنا المطحونة في الداخل الفلسطيني هذه حقيقة ما يجري الآن، فاحذروا أن يخدعكم أحد، وتذكروا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين). ثم جاءت تصريحات مرشح القائمة المشتركة وليد طه عن الحركة الجنوبية التي أكد فيها خلال مهرجان انتخابي للعبة الكنيست في كفر قاسم أنه لن يدعم أي ائتلاف يميني مجانا!! مما يعني أنه على استعداد أن يخوض تحالفات عينيه مع اليمين الصهيوني وليس مع ميرتس فقط !! والدليل على ذلك انه قال بالفم الملان خلال لقاء اعلامي له مع رمزي حكيم على قناة: (احنا -تي في) أنه على استعداد لدعم ميزانية الحكومة الاسرائيلية حتى لو كانت يمينية!! مقابل بعض المصالح الموهومة!! ولما قال له المذيع رمزي حكيم: أنت بذلك تدعم ميزانيات الحرب والمستوطنات؟! انتهت المقابلة الاعلامية، ولم نسمع منه جوابا على ذلك؟! أو بعد كل ذلك تقول القائمة المشتركة إن برنامج عملها يقوم على التصدي لنتنياهو واليمين الاسرائيلي والمعسكر الصهيوني الاسرائيلي؟! اصح يا نائم؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى