أخبار عاجلةمقالات

ما بين منهج التغيير عند الرئيس الشهيد مرسي وعند السيسي

عبد الإله وليد معلواني

منهج التغيير عند الرئيس الشهيد مرسي وُلِدَ مع ميلاد حركة تجديد المشروع الإسلامي المعاصرة، والتي من أبرز من وضع معالم الطريق فيها هو الأمام الشهيد حسن البنا. ومنهج التغيير عند شقيّ مصر السيسي وُلِدَ مع ميلاد “الدولة العميقة” في مصر بخاصة وفي العالم العربي بعامة، والتي تعود إلى الوراء ما قبل مرحلة الملك فاروق ثم فيما بعد مرحلة عبد الناصر والسادات ومبارك ووصولا إلى السيسي، ولو أمعنا النظر في منهج التغيير عند السيسي ومن سبقه من اولئك الأتباع للدولة العميقة في مصر، وفي أدوات هذا المنهج المشؤوم وآثارها على مصر لوجدنا ما يلي:
1- تبنى هذا المنهج أسلوب إراقة الدماء، فأسترخص دماء المواطن المصري، وبات دمه أرخص من دم الدجاج، وبات من السهل إراقة دمه في ساحات المظاهرات أو في الزنازين تحت التعذيب أو قتله اغتيالا عن سبق إصرار ثم الإعلان عن اختفائه، أو أن القاتل مجهول، فهكذا اغتالوا الشهيد حسن البنا وغيره من أحرار مصر، وهكذا أراقوا دماء الآلاف في سجون عبد الناصر والسادات ومبارك ثم السيسي، وهكذا أراقوا دماء المتظاهرين والمعتصمين منذ فاروق حتى السيسي في كل من ميادين رمسيس والتحرير والنهضة ورابعة العدوية وغيرها.
2- أبدع هذا المنهج ببناء السجون في مصر، وأبدع ببناء طواقم متوحشة من المحققين لمع فيهم نجم حمزة البسيوني وصلاح نصر، وأبدع باقتناء أحدث أساليب التعذيب، وأبدع بتجنيد كم كبير من ممثلات السينما وممثليها في مصر كي يكونوا عيونا على الشعب المصري، ومن أراد التوسع في ذلك فأنصحه بقراءة مذكرات اعتماد خورشيد، وهكذا شدد الخناق على الشعب المصري، وبات الواحد في هذا الشعب المطحون يقول: (لا تنطقوا إن الجدار له أذن)، وهكذا بات الشعب المصري فريسة في كل لحظة لطواقم هؤلاء المحققين المتوحشين، لدرجة أن هذه الطواقم باتت تقتحم حرمة بيوت الشعب المصري –عن سبق إصرار- عند الفجر، فكان أن أطلق الصحفي محمد حسنين هيكل – الأمريكي مشرباً – على مثل هذه الطواقم المتسللة عند الفجر اسم (زوار الفجر)، فراج هذا الاسم ودخل في أدبيات الكشف عن عورة أي من أزلام الدولة العميقة.
3- أبدع هذا المنهج في فن الإذدناب، طوال الوقت، لأنه منهج لا يستطيع أن يعيش حرا ولو بضع سويعات، لذلك حرص طوال الوقت أن يكون ذنبا لبريطانيا ثم لأمريكا ثم لروسيا ثم لأمريكا ثم لكل هؤلاء على عهد السيسي إلى جانب الإذدناب للمؤسسة الإسرائيلية.
4- لأن هذا المنهج حرص على الإذدناب لغيره، فقد أحال الكثير من مقومات مصر إلى رهينة، فها هي بعض الجزر المصرية صارت رهينة لابن سلمان، وها هو الغاز المصري صار رهينا للمؤسسة الإسرائيلية، وها هي قناة السويس صارت رهينة لدول الاستكبار العالمي، وها هي سيناء صارت رهينة للاحتلال الإسرائيلي، وها هو الاقتصاد المصري صار رهينا للبنك الدولي ولبنك النقد الدولي، وها هي مناهج التعليم في مصر صارت رهينة للجان رقابة خارجية باتت تشطب ما تشاء من فقرات هذه المناهج التعليمية.
5- أبدع هذا المنهج رويدا رويدا بتحويل الجيش المصري العظيم إلى شركات اقتصادية ربحية أو رهينة للمنح الأمريكية التافهة، وهكذا تحول هذا الجيش العظيم من جيش القائد عمرو بن العاص والسلطان صلاح الدين الأيوبي والسلطان قطز وجيش حرب رمضان إلى الجيش الواقع بين إغراءات الشركات الاقتصادية الربحية وفتنة المنح الأمريكية التافهة، وهكذا بات منحازا إلى الدولة العميقة وليس إلى مصر، وهكذا بات عرضة أن يُستخدم لإراقة دماء الشعب المصري أو لإراقة دماء الشعوب العربية، تماما كما هو عليه الآن، فهو الذي يريق الآن دماء الشعب المصري من أسوان حتى سيناء، وهو الذي يريق الآن دماء الشعب الليبي ويدعم الجزّار حفتر.
6- حرص هذا المنهج على تأميم الأزهر الشريف، وتأميم دوره ودور علمائه وطلابه، وتأميم أوقافه، ولذلك وجدنا الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر يقف على منصة انقلاب السيسي إلى جانب البابا تواضروس في لحظات انقلاب السيسي الأولى، إلى جانب ذلك فقد حرص هذا المنهج على تأميم المساجد وتأميم الصلاة بعامة فيها، وتأميم صلاة التراويح بخاصة فيها وتأميم خطب الجمعة وسنة الاعتكاف فيها، وحرص على تأميم الفتوى حتى تكون على مقاسه.
7- لكل ذلك فقد دمّر ذاتية الشعب المصري، ودمّر مكانة مصر الإسلامية العروبية والعالمية، ودمّر ذاتية شخصية مصر بكل أبعادها الممتدة عبر الحضارة الإسلامية العربية والتاريخ الإسلامي العربي والهوية الاسلامية العربية، وكأن هذا ما كان مطلوبا من هذا المنهج التدميري.
8- ولكل ذلك أغرق هذا المنهج مصر في بحر من الهزائم أضاعت على إثرها سيناء وقناة السويس والغاز المصري وبعض الجزر المصرية، وأضاعت إلى جانب ذلك فلسطين والقدس والمسجد الأقصى المباركين على مراحل، وها هي تتآمر على إضاعة بقاع مباركة من الوطن العربي.
وفي المقابل هناك منهج التغيير عند الرئيس الشهيد مرسي الذي نَظَّر له الإمام الشهيد حسن البنا عندما قال لأتباع المشروع الاسلامي: (كونوا كالشجر يرميه الناس بالحجر ويرميهم بالثمر)، والذي عززه المرشد الأسير المخطوف محمد بديع – فرَّج الله كربه- عندما قال لكل أهل الأرض من على منصة رابعة العدوية: (سلميتنا أقوى من الرصاص)، وهو المنهج الذي حدد معالمه الفكرية المرحوم المرشد حسن الهضيبي في كتابه: (دعاة لا قضاة) ثم جاء من بعده المرحوم المستشار على جريشي وعزز تلك المعالم الفكرية في كتابه (دعاة لا بغاة).
وهكذا بات واضحا للقاصي والداني المتحري للحق والمشافى من داء الجهل والحقد والتعصب، أن هذا المنهج هو منهج تغيير وسطي يحرّم إراقة الدماء ويحفظ أعراض الناس ويرفض مبدأ الانقلابات العسكرية العمياء ويأبى على نفسه تكفير الناس أو تخوينهم أو تفسيقهم ويحفظ الوفاء للأوطان المسلمة والعربية وللأمة الإسلامية والعالم العربي والشعب الفلسطيني، ولا يتعجل النتائج وإن طالت الطريق وكثرت التضحيات، ولا يرتد عن مشروعه الإسلامي وإن تكالبت عليه المحن والفتن، ولا تزيده البأساء والضراء إلا يقينا باقتراب فجر سيادة المشروع الإسلامي كي يملأ الأرض كل الأرض قسطاً وعدلا بعد أن ملئت ظلما وجورا، متسلحاً بالإيمان بالله تعالى والإخلاص له والتوكل عليه والسير إليه وإفراده بالولاء حتى يأتي أمر الله تعالى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى