أخبار رئيسية إضافيةمقالات

العنصرية الاسرائيلية وضرورة الوقوف بوجهها

الباحث صالح لطفي

أطلقت صحيفة يسرائيل هيوم الناطقة بلسان نتنياهو، وحكومته، مساء الثلاثاء ويوم الأربعاء الماضيين حملة هوجاء على مدينة ام الفحم لاستضافتها مهرجانا خطابيا منددا باعتقال فضيلة الشيخ رائد صلاح الذي اعتقل فجر الثلاثاء في الخامس عشر من اب\ اغسطس الماضي وهو رئيس سابق لبلدية ام الفحم ومجدد دورتها العمرانية خلال سنوات وجوده رئيسا للبلدية فقد تولى رئاستها عام 1989 وقدم استقالته منها في عام 2001 متفرغا بشكل نهائي للعمل الاسلامي ومناصرة القدس والمسجد الاقصى ، وتحدثت الصحيفة اليوم الأربعاء، عن توجه ما تسمى مؤسسة “ألمغور” لدعم “ضحايا الإرهاب” إلى وزيرة “العدل” أيليت شكيد ووزير الأمن الداخلي جلعاد أردان، بفتح تحقيق ضد لجنة المتابعة للجماهير العربية واتهامها بتشكيل غطاء سياسي لشخصيات وجماعات محظورة و”خارج القانون – راجع موطني 48- ، ورغم ان الكاتب والصحيفة يعلمون كذب مقالتهم –وهذا هو ديدنهم اليوم في تعميق الفاشية والعنصرية في المجتمع الاسرائيلي لخلق حالة دائمة من الكراهية تشرعن أي عمل مستقبلي ضدنا كفلسطينيين نعيش على ارضنا ولنا حق المواطنة على هذه الارض- وان من قام على هذا الامر لجنة المتابعة وان لا وجود للحركة الاسلامية وان اعتقال الشيخ رائد صلاح هو في اعتقال على ذمة تهم موجهة اليه لَّما تنجح النيابة العامة بأثباتها وصار معروفا للقاسي والداني ان الشيخ مطلوب سياسيا وهو معتقل على هذا الاساس ليس اكثر ولا اقل.
الجديد هذه المرة في الحملة العنصرية الهجوم على بلدية ام الفحم وتخويفها من خلال عصا الحكومة والتوجه الى اطراف حكومية للنيل من مواقفها الايجابية اتجاه قضايا الداخل عموما ورفضها الملاحقات التي يتعرض لها الشيخ ومن معه من اخوانه عموما ومن ابناء مدينتنا تحديدا ، وهذا التخويف في ظل حملات التهويش والتحريش من المفترض ان لا تفت من موقف وعزيمة البلدية بكافة اعضائها واستقبال هذا المهرجان التضامني السياسي هو اقل الواجب الذي تقدمه بلدية لرئيس سابق حكمها عدد سنين بعدل وشفافية اضحت مضربا للمثل في داخلنا الفلسطيني ، وكلي امل ان تكون هذه البلدية ان لا يتأثر القائمون على البلدية برسائل قد تأتيهم من هنا وهناك تدعوهم لوقف التضامن مع قضايانا المحلية والاقليمية والدولية ، ولقد عشنا قبل اقل من شهرين”20-8-2017″ كيف حاولت شرطة اسرائيل منع ندوة في قلنسوة تناولت الاعتقالات السياسية في الداخل الفلسطيني “فقد تلقى رئيس بلدية قلنسوة اتصالا من الشرطة وطالبته فيه بمنع انعقاد ندوة في المركز الجماهيري حول الاعتقالات والملاحقات السياسية في الداخل الفلسطيني، بزعم أنها تابعة للحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا، وأكد أنه رفض طلب الشرطة، مبينا أن الندوة قانونية ودعت إليها اللجنة الشعبية في المدينة، ولا يوجد في مضامينها ما يخالف القانون : راجع ، موقع عرب48” . ومن قبل خضعت سلطة محلية للضغوطات الاسرائيلية ولم يتم في احد مؤسساتها البلدية مناقشة كتاب للشيخ رائد صلاح “مطارد مع سبق الاصرار ، لذلك كلي امل ان لا تخضع بلديتنا لتلكم المهاترات السلطوية التي تقوم بها الاجهزة السلطوية لتكميم افواه الناس خاصة وان حلقات التحريض على قياداتنا في الداخل الفلسطيني عموما وعلى مدينتنا وقياداتها لن تتوقف ، علما ان عديد الناشطات ذات الطابع العنصري في الوسط اليهودي تجري في مراكز تابعة للبلديات وللمستوطنات التي تبنى من اموال المواطنين عربا ويهودا.
هذه الصحيفة تعلم ان ما تقوله هو مجرد اطلاق عنان لنفسيات واقلام مريضة اعياها مرض الكراهية والحقد والعنصرية ، وأعماها حجم الحقد المعتمل في نفوسها ازاء الفلسطيني ، وهو ما يذكرنا بما حصل مع اليهود قبيل الجرائم التي ارتكبت بحقهم في روسيا القيصرية وبولونيا ومن بعد في المانيا الهتلرية ، فهل نحن امام عملية تهيئة اعلامية – سياسية لجريمة بحقنا نحن ابناء الداخل الفلسطيني وبحق مدينتنا ام الفحم في ظل صفقات تواطئ فيها حكام العرب على القضية الفلسطينية ، وفي ظل تصريحات اكاديمة تتحدث عن انه في مراحل معينة من التاريخ يمكن تبرير جرائم الحرب والابادة بحق بعض الشعوب- هذه تصريحات منسوبة للمؤرخ الاسرائيلي بيني موريس-.
اللافت في الامر ان هذه الحملة جاءت بعد اسبوعين تقريبا من انتهاء هذا المهرجان التضامني أي انه جاء بعد ان اطلع من اطلع من جمعيات تتابع نشاطات ابناء الداخل الفلسطيني السياسية والاجتماعية من خلال صفحات الفيسبوك والمواقع الالكترونية ومختلف مواقع التواصل وتعمل على ترجمتها-عادة ما تكون الترجمات مبتذلة- او اعداد تقارير ذات طابع عنصري تحريضي وترفعه الى المؤسسات الحكومية الرسمية او الى شخصيات داخل الائتلاف او نافذة سلطويا لتحقيق الملاحقات القضائية فهل نحن امام حملات غوبلزية يمارسها دهاقنة حاقدون قوامها تنويم اليهود وتخديرهم تقوم على اعطني اعلاما بلا ضمير اعطك شعبا بلا وعي ليسهل من بعد ذلك جر هذا الشعب الى متاهات ومقاتل لا يتحمل مسؤوليتها الا هذا اليمين الفاشي، فهل سنكون ضحايا غسيل الادمغة التي يتعرض لها المجتمع الاسرائيلي صباح مساء من هذا الاعلام المريض سواء كان رقميا او اذاعيا او مكتوبا او مرئيا.
ليست هذه المرة الاولى التي تستهدف وسائل اعلام اسرائيلية مدعومة حكوميا مدينة ام الفحم ورموزها ومنذ احداث المسجد الاقصى لا يكاد يمر اسبوع الا وتحريض من هنا وهناك على المدينة واهلها ، وكنا قد طرحنا في مقالات سابقة عبر هذه الصحيفة الكريمة مقالات تناولت هذا الموضوع وتحدثنا عن ضرورة وقوفنا كأبناء لهذه البلد امام السياسات الانتقامية والعنصرية..
المجموعات العنصرية على اختلاف مسمياتها ومستوياتها السياسية ومدى عمق علاقاتها مع الحكومة التي يقودها نتنياهو تضرب عن قوس واحدة تستهدفنا كأصحاب حق واصحاب ارض واصحاب مطالب عاملة على نزع شرعيتنا وحقوقنا عن هذه الارض.
قوننة وشرعنة العنصرية ..
اصبح معلوما لكل مراقب للمسارات السياسية –الاعلامية في هذه الدولة اننا في هذه المرحلة نتعاطى مع حكومة هي الاكثر عنصرية في تاريخ الحكومات الاسرائيلية وتعمل جاهدة على احكام سيطرتها المطلقة على الدولة بكل تفاصيلها كبيرة وصغيرة ولا تترك شاردة ولا واردة الا وتعمل لضبطها وملاحقتها مستغلة الكنيست كأداة تشريع لضمان سيطرتها يحركها في ذلك عنصريتها البغيضة وفلسفتها التبريرية المستمدة من تصوراتهم التوراتية والتلمودية وفقا لتصوراتها اليمينية ذات المنطلقات الدينية التوراتية والتلمودية.
تعج مواقع التواصل الاجتماعي الرسمية وغير الرسمية بفيض من التفوهات والتصريحات العنصرية بحيث اصبحت العنصرية خبز المجتمع الاسرائيلي في تعامله معنا نحن الفلسطينيون اصحاب هذه البلاد سواء كنا في الداخل الفلسطيني او في القدس او في الضفة الغربية ، ولعل اطلاع بسيط على السيل الجرار من القوانين والتشريعات والقوانين التي هي في طور التشريع ذات العلاقة بنا كفلسطينيين لذُهِلَ من حجم العنصرية الناضحة في هذه القوانين ويكفينا هنا الاشارة مثلا الى قوانين ذات طابع عنصري واضح تستهدف الانسان الفلسطيني كقوانين الميزانية ، الاطعام القسري للمضربين عن الطعام ، قانون رفع العقوبات على قاذفي الحجارة تصل الى 20 عام ، قانون التفتيش الجسدي ، قانون مكافحة الارهاب ، قانون منع لم شمل العائلات الفلسطينية ، قانون الجمعيات ، قانون الشفافية ، قانون يستهدف النواب العرب في الكنيست ، قانون تسريع هدم البيوت للفلسطينيين في الداخل الفلسطيني ، قانون مصادرة الاملاك الخاصة للفلسطينيين في الضفة والقدس ، قانون منع الاذان ، قانون ملاحقة من يؤيد فرض العقوبات الدولية على اسرائيل ، قانون منع احداث أي تغيير في مدينة القدس ،قانون توسيع صلاحيات شعبة الاستيطان في الهستدروت الصهيونية، قانون الامتيازات الضريبية للمستوطنين ، قانون ملاحقة من يلاحق عسكريين اسرائيليين متهمين بجرائم ضد الفلسطينيين ، قانون ديختر او ما يعرف بقانون القومية”اسرائيل دولة الشعب اليهودي “، قانون خصم اموال السلطة ، قانون النكبة ، وغيرها من عشرات القوانين التي تعمل المجموعات اليمينة الاسرائيلية سواء كانت داخل الحكومة او خارجها على سنها لتحقيق مآربها القومية والدينية والمادية واحكام سيطرتها على شرايين الحياة داخل هذه الدولة ، وهذه العملية التي تجري في اسرائيل بوتيرة متصاعدة منذ عام 2009 هي الوصفة الدقيقة للفاشية ونحن امام خطوات فقط لنقف امام حكومة عنصرية تمارس الابرتهايد –الفصل العنصري- ضدنا كمواطنين وكفلسطيين.
أوضح ما تتجلى العنصرية الاسرائيلية في الممارسات وتنفيذ السياسات اليومية التي تنفذها الحكومة اتجاهنا هي سياسات هدم البيوت وما يجري هذه الايام على اراضي النقب وممارسات الشرطة اليومية اتجاهنا كمواطنين ينظر الينا اننا اقل درجة من اليهود الذي هم ايضا مقسمون الى درجات تمييزية عند هذه الشرطة وعند الكثير من السياسيين الاسرائيليين .
العراقيب ، ام الحيران ، مخططات تهويد النقب ، منح اراضي بمساحات هائلة لعدد ضئيل من المستوطنين اليهود في النقب ، سحب اكثر من 2000 هوية زرقاء “مواطنة ” من فلسطينيين من اهلنا في النقب ..كل ذلك غيض من فيض عنصريتهم اتجاه العربي الفلسطيني ولعل ما يتعرض له النقب هذه الايام هو اكبر عملية سرقة وتضييق على البدو في النقب باسم القانون وتنفيذه ، ولعل اسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي أنشات وحدة خاصة أسمتها وحدة الدورية الخضراء التي أسسها شارون عام 1974 هدفها الاساس ملاحقة البدو ومنعهم من الرعي ودخول اراضي تعتبر اراضي دولة وقد قتلت بدم بارد العديد منهم وتم التغطية على هذه الجرائم ولا يخفى على المتجول في النقب المقارنة بين البدو واليهود إن في السكن او المعاش او العمل وكله محمل بخلفيات عنصرية لا تخطئها عين الانسان العادي .
الاعمال والممارسات العنصرية رافقت وما تزال الانسان الاسرائيلي العادي الذي يتم أدلجته من لحظة دخوله البلاد او من بدايات تعليمه فهو يرضع لبان احتقار وامتهان العربي والفلسطيني والملم بتاء على منظور رؤيوي عنصري اشرنا الى بعضه في هذا المتن، ومؤخرا وفي ظل تزايد اعمال العنف ضد المواطنين العرب على خلفيات عنصرية ووقوف الشرطة موقف المتفرج وإغلاق معظم الملفات التي تصل اليهم فقد طالب الائتلاف لمناهضة العنصرية “المؤسسة الأمنية” بالعمل الجدي والسريع لوقف جرائم مجموعة تدفيع الثمن التي تجوب البلاد طولا وعرضا وتمارس اعمال عنف ضد ممتلكات المواطنين العرب لا لسبب الا لكونهم عربا فلسطينيون ولكنَّ هذه المطالبات تذهب ادراج الرياح وما مقتل وحرق الشاب محمد ابو خضير وحرق عائلة الوابشة الا تجل فاضح وخبيث لحجم العنصرية والكراهية التي يبثها الاعلام الاسرائيلي ويؤدلجها ويجعلها عقيدة يثاب على فعلها حاخامات قسم كبير منهم يتلقى اجره من الحكومات الاسرائيلية ولهم تمثيل في الكنيست والحكومة وهناك من داخل الشرطة وجهاز الشاباك من يغطي على جرائمهم … في هذا السياق من الضرورة الاشارة الى دور القيادة السياسية الاسرائيلية في نشر الكراهية والعنف والعنصرية ضد الفلسطينيين وهي ما تعزز اعمال العنف العنصرية ضد هذه المجموعة السكانية .فتصريحات وزير الامن الداخلي بأن النواب العرب في الكنيست الاسرائيلي متعاونين مع النازية تصب في هذا الاتجاه وتصريحات نتنياهو التاريخية ابان انتخابات 2015 للكنيست بعد تخوفه الشديد من الهزيمة بان العرب يتدفقون الى صناديق الاقتراع ،وتصريح نائب وزير الدفاع الاسرائيلي الحاخام إيلي بن دهان بأنَّ الفلسطينيين حيوانات” بالنسبة لي، إنهم كالحيوان، إنهم ليسوا بشر- : [تايمز اوف اسرائيل،تامار بيليجي 12 مايو 2015 ]
قبل ان نقول “اكلت يوم اكل الثور الابيض”..
كنت قد اشرت في مقالة سابقة الى ضرورة ان تكون قيادات الداخل الفلسطيني على قدر المسؤولية في هذه اللحظات الفارقة من تاريخ المنطقة عموما وقضيتنا خصوصا ، واشرت الى ضرورة العمل على رصد كافة التصريحات العنصرية الصادرة عن الاسرائيليين سواء في مواقعهم الخاصة او الرسمية ومتابعة دقيقة لكل التصريحات الصادرة عن اعضاء الكنيست من اليمين المتدين والصهيوني ومن والاهم وملاحقتهم سياسيا وإعلاميا وفضحهم دوليا .
الوقوف بوجه التوجهات والممارسات العنصرية اضحى واجب الوقت ومهمة تتجاوز الحركات والاحزاب الى الكل الفلسطيني وصار التداعي لاتخاذ موقف واضح مبني على سيسات وخطط عمل ضرورة المرحلة إذ تسعى هذه الحكومة ومعها جمع كبير من اليمين الاسرائيلي الغوغائي والفاشي استهداف وجودنا وحتى لايقال فينا المثل “اكلت يوم اكل الثور الابيض” تستفرد بنا الواحد تلو الاخر
سياسات التخويف والعربدة والبلطجة التي يمارسها اليمين الفاشي هي في نهاية المطاف سترتد على من يمارسها هكذا علمنا التاريخ الا انه الى حين حصول هذا الارتداد”القدري” هناك من يراهن على عامل الزمن لخلق تغيير جوهري واساسي في الجغرافيا والديموغرافيا ويبدو ان هذا الانفلات يصب في مصلحة من يسعى لتحقيق هذه اللحظة وتصويب الخطأ التاريخي الذي ارتكبه عام 1948 لما فشل في طرد من تبقى من الفلسطينيين.
مشكلة هؤلاء انهم لا يقرأون حركة التاريخ وان الامم التي تريد الحياة تحقق

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى