أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

لا تعتذروا …

د. أنس سليمان أحمد

من عالم السيرة النبوية العطرة هناك مشهد مفاده بإيجاز أن جماعة من المنافقين كانوا يستهزئون بالله وآياته ورسوله لدى عودة رسول الله صلى الله عليه وسلم من معركة تبوك، فلما وصل خبرهم إلى رسول الله سألهم عن قبيح فعلتهم فأدّعوا أنهم ما قاموا بذلك إلا من باب الهزل والمزاح، فنزل قول الله تعالى ( قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم)، فكشفت هذه الكلمات القرآنية المزلزلة عن قبيح فعلتهم وشنيع ادعائهم وبيّنت حُكماً أبدياً ماضياً حتى يوم الدين يؤكد لكل أهل الأرض أن من تجرأ واستهزأ بالله وآياته ورسوله فقد كفر، حتى لو ادّعى أنه قام بذلك من باب الهزل والمزاح!!
لقد رأيت من الواجب أن أورد هذا المشهد وأن أبيّن حكم الاستهزاء بالله وآياته ورسوله أو بأي شعيرة من شعائر الإسلام حتى لا يتجرأ البعض منا جهلاً بالاستهزاء بليلة القدر ومتى تكون في رمضان، أو بالاستهزاء برؤية هلال رمضان الذي يحدد لنا بداية صوم رمضان المبارك، أو بالاستهزاء برؤية هلال شوال الذي يحدد لنا بداية عيد الفطر السعيد، أو بالاستهزاء بالجهود المباركة التي تقوم بها لجنة الزكاة أو لجنة حفظ النعمة، ولا أقول ذلك من فراغ، فقد حدث مثل هذا الاستهزاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تحوّلت إلى فتنة علينا، يوم أن حدث الاختلاف بين علماء المسلمين حول رؤية هلال شوال وتحديد بداية عيد الفطر، فليس سراً أن بعض هؤلاء العلماء قضى أن يكون يوم الثلاثاء الموافق 2019/6/4 هو أول أيام عيد الفطر وأن البعض الآخر منهم قضى أن يكون يوم الأربعاء الموافق 2019/6/5 هو أول أيام عيد الفطر، وكان من الواجب علينا والأليق بنا أن نتأدب مع كِلا هذين الاجتهادين، وأن يسعنا كِلا هذين الاجتهادين، بمعنى أن يُعيّد الناس يوم الثلاثاء في البلد الذي قضى فيه علماؤه أن يكون يوم الثلاثاء هو أول أيام عيد الفطر السعيد، وأن يعيّد الناس يوم الأربعاء في البلد الذي قضى فيه علماؤنا أن يكون يوم الأربعاء هو أول أيام عيد الفطر السعيد، وأن يحترم كِلا الطرفين اجتهاد الآخر وألاّ يعيب أحد منهما على الآخر اجتهاده، ولكن الذي صدر من البعض منا كان بخلاف ذلك مع شديد الأسف، فقد سمح البعض منا لنفسه أن يحوّل اجتهاد علماء المسلمين حول بداية يوم عيد الفطر إلى مادة للتندر والنكات والفكاهة والهزل والمزاح عبر مواقع التواصل المختلفة، وقد كان ذلك عن جهل منهم، وغفلوا عن خطورة هذا الفعل القبيح الذي اقترفته أقلامهم وألسنتهم عبر صفحات تواصلهم، فكان حال هؤلاء كما قال الله تعالى: { أتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم}!! ولذلك كم زلّت أقدام أولئك الذين ادّعوا على مفتي فلسطين الذي كان قد أفتى أن يوم الأربعاء 2019/6/5 هو أول أيام عيد الفطر فراحوا يكذبون على لسانه ويقولون عبر صفحات التواصل أن مفتي فلسطين قد تراجع عن فتواه، وأنه أفتى أن يوم الثلاثاء 2019/6/4 هو أول أيام عيد الفطر!! ثم بعد أن أشاعوا هذا الافتراء على لسان مفتي فلسطين أعلنوا مرة ثانية وقالوا: {إنما كنّا نخوض ونلعب}!! سامحهم الله تعالى!! ألا يعلمون خطورة ما جنت أقلامهم!! ألا يعلمون أنه لولا جهلهم بأحكام الإسلام لأنطبق عليهم قول الله تعالى: {قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم}!! ولكن العذر الذي ألتمسه لهؤلاء الذين أشاعوا هذا الافتراء على لسان مفتي فلسطين مدّعين أنه من باب التسلية والنكات والمزاح هو جهلهم بأحكام الإسلام!! وإلا كان حالهم خطيراً في ميزان الإسلام!!
وكم أتمنى عليهم ولهم أن يتوبوا إلى الله تعالى توبة نصوحا عما اقترفت أقلامهم!! ويمكن أن نقيس عليهم من راح يسأل مازحاً أو ساخراً عبر صفحات التواصل: هل هناك خلاف بين آلـ سعود وآلـ ميير؟! ويقصد بذلك الشيخ الدكتور مشهور فواز ميير، رئيس مجلس الإفتاء في الداخل الفلسطيني، الذي أفتى بخلاف فتوى علماء السعودية حول تحديد أو أيام عيد الفطر.. ثم يمكن أن نقيس عليهم من خرج علينا بصوته عبر مواقع التواصل قائلاً: إن جهاز التلسكوب الذي اجتهد مجلس الإفتاء في الداخل الفلسطيني رصد رؤية هلال شوال بواسطته، لا يساوي أكثر من عشرين شاقل، وكأنه يطعن بذلك بمصداقية اجتهاد مجلس الإفتاء بتحديد أول أيام عيد الفطر!! وكأنه قام بذلك من باب الهزل والمزاح!! ثم يمكن أن نقيس عليهم عشرات التعليقات الساخرة المستهزئة عبر مواقع التواصل حول ما وقع بين علماء المسلمين حول تحديد بداية عيد الفطر!! لكل هؤلاء أقول ناصحاً، توبوا إلى الله تعالى وتذّكروا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “رب كلمة يتكلم بها المرء من سخط الله لا يلقي لها بالاً تهوي به في جهنم سبعين خريفاً”!.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى