أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

حتى نلتقي يا رمضان

أم البراء جبارين

ها أنت يا رمضان على وشك أن تودعنا وتغيب عنا حتى عام قابل لتتركنا على حالِ وأي حال!! واحسرتاه! إنه حال بئيس تعيس لا يفرح له إلا كل عدو، وكم يحزن له كل صديق، وكم يبكي عليه كل حر كريم، كيف لا وها نحن أمة المليارين في ميزان العدد، ولكننا لا زلنا كقصعة الطعام تتداعى علينا الأمم من كل حدب وصوب، تصيب من أرواحنا تارةً، وتصيب من أعراضنا تارةً ثانية، وتصيب من أوطاننا تارة ثالثة، وتصيب من مقدساتنا تارة رابعة، وتصيب من كرامتنا وحريتنا وسيادتنا تارة خامسة، وكم بات يَصْدق فينا قول أمير المؤمنين علي بن ابي طالب رضي الله عنه: ما غُزيَ قوم في عقر دارهم إلا ذلّوا!! فيا لذلنا الطويل المرير الذي ينخر فينا حتى عظامنا متى ينتهي؟!
هل من صِّديق يقمع عاصفة الردة التي هبت تصفع وجوهنا؟! وهل من فاروق ينصر حقنا ويطمس كل باطل لا زال يُفَتل عضلاته علينا؟! وهل من ذي نورين يقيم فينا وازع السلطان الراشد مهتديا بوازع القرآن؟! وهل من حيدرة أبي تراب يخلع حواجز القهر التي انتصبت كرؤوس الشياطين في طريقنا؟! وهل من أسد الله؟! وهل من أمين الأمة؟! وهل من شهيد طيار؟! وهل من غسيل الملائكة؟! وهل من موسى ابن نصير عابر للبحار؟! وهل من طارق يضحك للأخطار؟! وهل من صلاح مظفر رغم الحصار؟! وهل من قطز قاهر للتتار؟! وهل من محمد فاتح لا يخاف إلا الواحد الجبار؟! وهل من فجر صادق بعد ليل العار؟!
ثم ها نحن على صعيد عالمنا العربي عدنا قبائل كما كنا في جاهليتنا الجهلاء قبل الإسلام!! وها هي قد اشتغلت فينا من جديد حرب البسوس وداحس والغبراء وتغريبة بني هلال!! وها هو اليمن السعيد ما عاد سعيدا، وها هي مصر أم الدنيا عادت تحملها أُغَيْلمة الخيانة من جديد، وها هي ليبيا المختار تحتضر، وها هي السودان لا ترقى جراحها، وها هي الجزائر لا تزال تنبت الشهداء والجرحى والأسرى، وها هي سوريا لا يزال يحرقها باطنيُ عميل جهول، وها هي السعودية قد استبد بها أبو منشار وبات يطارد علماءها وأحرارها وحرائرها، وها هي الإمارات بنت فيها قرنا الشيطان، وها هي البحرين وعُمان قد فتحت أبوابها للعلو الإسرائيلي، وها هي العراق بحر من الفراق والشقاق وقد تسلطت عليها الرافضة قتلة الحسين رضي الله عنه، وها هي لبنان تتناوشها أنياب طائفية وأنياب باطنية وأنياب لصوص وقطط سمان، وها هي الأردن بات حاضرها ومستقبلها في مهب ريح العم سام، وها هي سائر الدول العربية باتت مُزقا بين مطرقة العدو الإسرائيلي والتربص الفارسي والجشع القيصري وثارات الصليبية وعربدات البيت الأبيض، وكأنه بات كل عربي وعربية يعانون ويبكون ويولولون على صعيد كبارهم وصغارهم، وباتوا يرددون: ( ولولا كثرة الباكين حولي على إخوانهم لقتلت نفسي).
ثم ها نحن على صعيد شعبنا الفلسطيني لا زلنا نعيش نكبة فلسطين التي بدأت ولما تنته بعد، فلا زلنا مشردين ولا زلنا ننصب الخيام، ولا زلنا نقيم المخيمات، ولا زلنا نوزع دموعنا على قوافل الشهداء والجرحى والأسرى والغارقين في البحار، ولا زالت تعلو أرضنا نياحة الأرامل وحسرات الأيتام وأنين المعذبين وأوجاع المحاصرين، ولا زالت القدس محتلة ولا زال المسجد الأقصى أسيرا، ولا زال حقنا الفلسطيني محكوما عليه بالإعدام.
آه يا رمضان، هكذا عم قريب ستودعنا ونحن على هذا الحال الذي انتفخ فينا كالجبال، ولكن سنبقى يا رمضان مؤمنين بالله تعالى موقنين بنصره، متوكلين عليه، وسنبقى على انتظار لا ريب فيه، أننا على أبواب ميلاد إسلامي عروبي فلسطيني يملأ الأرض قسطا وعدلا بعد أن مُلئت ظلما وجورا.
آه يا رمضان، سنبقى على أمل طاهر قوي أصيل أن تُهل علينا في قادمات الأيام بلسما ومهنئا لنا لا مُعَزيا وباكيا على بحر مآسيك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى